( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي
صفحة : 614
المعتز وولاة العهد
ونمي إلى المعتز أن المؤيد يدبر عليه، وأنه قد استمال جماعة من الموالي، فحبس المؤيد وأبا أحمد- وهما لأب وأم- وطولب المؤيد بأن يخلع نفسه من ولاية العهد، فضُرِبَ أربعين عصا إلى أن أجاب، وأشهد على نفسه بذلك، ثم اتصل بالمعتز أن جماعة من الأتراك اجتمع رأيهم على إخراج المؤيد من حبسه، فلما كان يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة اثنتين وخمسين ومائتين أخرج المؤيد ميتاً، وأحضر القضاة والفقهاء حتى رأوه ولا أثر فيه، فيقال: إنه أدرج في لحاف مسموم وشد طرفاه حتى مات فيه، وضيق حبس أبي أحمد، فكان بين دخوله سر من رأى وما لقي بها من الِإكرام وبين حبسه ستة أشهر وثلاثة أيام، ثم أشخص إلى البصرة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان بعد قتل المؤيد بخمسيِن يوماً، ورتب إسماعيل بن قبيحة- وهو أخو المعتز لأبيه وأمه- مكان المؤيد في ولاية العهد- واجتمع قواد الموالي إلى المعتز فسألوه الرضا عن وصيف وبُغَا، فأجابهم إلى ذلك.
وفي هذه السنة مات زرافة صاحب دار المتوكل بمصر.
وقد كان يوسف بن إسماعيل العلوي غلب على مكة فمات في هذه السنة فخلفه بعد وفاته أخوه محمد بن يوسف، وكان أسن منه بعشرين سنة، فنال الناس في هذه السنة بسببه جَهْدٌ شديد، فبعث المعتز بأبي الساج الأشروسي إلى الحجاز؛ فهرب محمد بن يوسف، وقتل خلق من أصحابه.
وفيها أوقع الحسن بن زيد الحسيني بسليمان بن عبد اللّه بن طاهر، فأخرجه عن طبرستان.
وفي هذه السنة قدم إلى سامرا عيسى بن الشيخ الشيباني من مصر، ومعه مال كثير، وستة وسبعون رجلاً من سائر والد أبي طالب من ولد علي وجعفر وعَقيل كانوا قد خرجوا من الحجاز خَوْفَ الفتنة والجهد النازل بالحجاز إلى مصر، فحملوا منها، فأمر المعتز بتكفيلهم، والتخلية عنهم؛ لما وقف عليه من أمرهم.
وولي عيسى ابن الشيخ فلسطين.
وفي هذه السنة- وهي سنة ثلاث وخمسين ومائتين- مات صفوان العقيلي صاحب ديار مُضرَ في حبس سامرا.
وفي هذه السنة كان قتل أهل كَرْحٍ سامرا من الفراغنة والأتراك لوصيف التركي، وتخلّص بُغَا منهم، واشتد أمر مساور الشاري؛ ورتب صالح بن وصيف في موضع وصيف.
موت بُغَا الصغير
في سنة أربع وخمسين ومائتين خرج من سامرا إلى ناحية الموصل، فانتهبت الموالي داره، وانفضِّ من كان معه من الجيش، وانحدر في زَوْرَق متنكراً فوقع به بعض المغاربة بجسر سامرا، فقتل ونصب رأسه بسامرا، وهو بُغَا الصغير، ثم أخذ الرأس إلى مدينة السلام فنصب على الجسر.
وكان المعتز في حياة بُغَا لا يلتذُّ بالنوم، ولا يخلع سلاحه، لا في ليل ولا في نهار، خوفاً من بُغَا، وقال: لا أزال على هذه الحالة حتى أعلم لبغا رأسي أو رأسه لي، وكان يقول: إني لأخاف أن ينزل عليَّ بغَا من السماء أو يخرج عليَّ من الأرض، وقد كان بُغَا عزم على أن ينحدر سراً فيصل إلى سامرا في الليل، ويصرف الأتراك عن المعتز، ويفيض فيهم الأموال فكان من أمره ما وصفنا.
الأتراك والمعتز
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق