إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 29 أبريل 2016

150 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ثم دخلت سنة ست وتسعين


150

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ثم دخلت سنة ست وتسعين

وتشمل الاحداث الاتية ذكرها

== ذكر فتح قتيبة مدينة كاشغر
== ذكر موت الوليد بن عبد الملك
== ذكر بعض سيرة الوليد
== ذكر مقتل قتيبة
== ذكر عدة حوادث


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




149 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر عدة حوادث


149

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر عدة حوادث


في هذه السنة غزا العباس بن الوليد الروم ففتح هرقلة وغيرها‏.‏

وفيها فتح آخر الهند إلا الكيرج والمندل‏.‏

وفي هذه السنة افتتح العباس بن الوليد قنسرين‏.‏

وفيها قتل الوضاحي بأرض الروم ونحو ألف رجل معه‏.‏

وفيها ولد المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس‏.‏

وفيها مات أبو عثمان النهدي اسمه عبد الرحمن بن مل وكان عمره مائة وثلاثين سنة وقيل في موته غير ذلك‏.‏

وفيها مات سعد بن أياس أبو عمرو الشيباني وله مائة وعشرون سنة‏.‏

وفي إمارة الحجاج مات سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وفي هذه السنة مات سالم بن أبي الجعد‏.‏

وفيها مات جعفر بن عمرو بن أمية الضمري وهو أخو عبد الله بن مروان من الرضاعة‏.‏

وفي إمارة الحجاج قتل أبو الأحوص عوف بن مالك بن نضلة الجشمي الكوفي قتله الخوارج‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

148 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر ما فعله محمد بن القاسم بعد موت الحجاج وقتله


148

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر ما فعله محمد بن القاسم بعد موت الحجاج وقتله

لما مات الحجاج بن يوسف كان محمد بن القاسم بالملتان فأتاه خبر وفاته فرجع إلى الرور والبغرور وكان قد فتحهما فأعطى الناس ووجه إلى البيلمان جيشًا فلم يقاتلوا وأعطوا الطاعة وسأله أهل سرشت وهي مغزى أهل البصرة وأهلها يقطعون في البحر ثم أتى محمد الكيرج فخرج إليه دوهر فقاتله فانهزم دوهر وهرب وقيل‏:‏ بل قتل ونزل أهل المدينة على حكم محمد فقتل وسبى قال الشاعر‏:‏

نحن قتلنا ذاهرًا ودوهرًا ** والخيل تردي منسرًا فمنسرا

ومات الوليد بن عبد الملك وولي سليمان بن عبد الملك فولى يويد بن أبي كبشة السكسكي السند فأخذ محمدًا وقيده وحمله إلى العراق فقال محمد متمثلًا‏:‏ أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوخمٍ كريهةٍ وسداد ثغر فبكى أهل السند على محمد فلما وصل إلى العراق حبسه صالح بن عبد الرحمن بواسط فقال‏:‏ فلئن ثويت باسطٍ وبأرضها رهن الحديد مكبلًا مغلولا فلرب قينة فارسٍ قد رعتها ولرب قرنٍ قد تركت قتيلًا ولو كنت أجمعت الفرار لوطئت إناث أعدت للوغى وذكور وما دخلت خيل السكاسك أرضنا ولا كان من عكٍ علي أمير وما كنت للعبد المزوني تابعًا فيا لك دهر بالكرام عثور فعذبه صالح في رجال من آل أبي عقيل حتى قتلهم وكان الحجاج قتل آدم أخا صالح وكان يرى رأي الخوارج وقال حمزة بن بيض الحنفي يرثي محمدًا‏:‏ إن المروءة والسماحة والندى لمحمد بن قاسم بن محمد ساس الجيوش لسبع عشرة حجةً ياقرب ذلك سؤددًا من مولد وقال آخر‏:‏ ساس الرجال لسبع عشرة حجةً ولداته إذ ذاك في أشغال ومات يزيد بن أبي كبشة بعد قدومه أرض السند بثمانية عشر يومًا واستعمل سليمان بن عبد الملك على السند حبيب بن المهلب فقدمها وقد رجع ملوك السند إلى ممالكهم ورجع جيشبه بن ذاهر إلى برهمناباذ فنزل حبيب على شاطئ مهران فأعطاه أهل الور الطاعة وحارب قومًا فظفر بهم‏.‏

ثم مات سليمان واستخلف عمر بن عبد العزيز فكتب إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام

والطاعة على أن يملكهم ولهم ما للمسلمين وعليهم‏.‏

فأسلم جيشبه والملوك وتسموا بأسماء العرب‏.‏

وكان عمرو بن مسلم الباهلي عامل على ذلك الثغر فغزا بعض الهند فظفر‏.‏

ثم إن الجنيد بن عبد الرحمن ولي السن أيام هشام بن عبد الملك فأتى الجنيد شط مهران فمنعه جيشبه بن ذاهر العبور أرسل إليه‏:‏ إني قد أسلمت وولاني الرجل الصالح بلادي ولست آمنك‏.‏

فأعطاه رهنًا وأخذ منه رهنًا على خراج بلاده ثم ترادا وكفر جيشبه وحارب وقيل‏:‏ إنه لم يحارب ولكن الجنيد تجنى عليه فأتى الهند فجمع جموعًا وأعد السفن واستعد للحرب فسار إليه الجنيد بالسفن فالتقوا في بطيحة فأخذ جيشبه أسيرًا وقد جنحت سفينته فقتله الجنيد وهرب صصه بن ذاهر وهو يريد أن يمضي إلى العراق فيشكو غدر الجنيد فلم يزل الجنيد يؤنسه حتى وضع يده في يده فقتله‏.‏

وغزا الجنيد الكيرج وكانوا قد نقضوا فاتخذوا كبشًا وصك بها سور المدينة فثلمه ودخلها فقتل وسبى ووجه العمال إلى المرمذ والمندل ودهنج وبرونج‏.‏

وكان الجنيد يقول‏:‏ القتل في الجزع أكبر منه في الصبر‏.‏

ووجه جيشًا إلى أزين فأغاروا عليها وحرقوا ربضها وفتح البيلمان وحصل عنده سوى ما حمل أربعون ألف ألف وحمل مقلها وولى الجنيد تميم بن زيد القيني فضعف وفي أيامه خرج المسلمون عن بلاد الهند ورفضوا مراكزهم ثم ولي الحكم بن عوام الملبي وقد كفر أهل الهند إلا أهل قصة فبنى مدينةً سماها المحفوظة وجعلها مأوى للمسلمين وكان معه عمرو بن محمد بن القاسم وكان يفوض إليه عظيم الأمور فأغزاه من المحفوظة فلما قدم عليه وقد ظفر أمره فبنى مدينة وسماها المنصورة فهي التي نزلها الأمراء واستخلص ما كان قد غلب عليه العدو ورضي الناس بولايته وكان خالد القسري يقول‏:‏ واعجبا‏!‏ وليت فتى العرب يعني تميمًا فرفض وترك ووليت أبخل العرب فرضي به‏.‏

ثم قتل الحكم وكان العمال يقتلون العدو فكانوا يفتتحون ناحيةً ويأخذون ما تيسر لهم لضعف الدولة الأموية بعد ذلك إلى أن جاءت الدولة المباركة العباسية ونحن نذكر إن ساء الله أيام المأمون بقية أخبار السند‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

147 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر نسبة وشيء من سيرته ذكر وفاة الحجاج بن يوسف


147

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر نسبة وشيء من سيرته

ذكر وفاة الحجاج بن يوسف

قيل‏:‏ إن عمر بن عبد العزيز ذكر عنده ظلم الحجاج وغيره من

ولاة الأمصار أيام الوليد بن عبد الملك فقال‏:‏ الحجاج بالعراق والوليد بالشام وقرة بمصر وعثمان بالمدينة وخالد بمكة اللهم قد امتلأت الدنيا ظلمًا وجورًا فأرح الناس‏!‏ فلم يمض غير قليل حتى توفي الحجاج وقرة بن شريك في شهر واحد ثم تبعهما الوليد وعزل عثمان وخالد واستجاب الله لعمر‏.‏

وما أشبه هذه القصة بقصة ابن عمر مع زياد بن أبيه حيث كتب إلى معاوية يقول له‏:‏ قد ضبطت العراق بشمالي ويميمني فارغة‏.‏

يعرض بإمارة الحجاز‏.‏

فقال ابن عمر لما بلغه ذلك‏:‏ اللهم أرحنا من يمين زياد وأرح أهل العراق من شماله‏.‏

فكان أول خبر جاءه موت زياد‏.‏

وكانت وفاة الحجاج في شوال سنة خمس وتسعين وقيل‏:‏ كانت وفاته لخمس بقين من شهر رمضان وله من العمر أربع وخمسون سنة وقيل‏:‏ ثلاث وخمسون سنة وكانت ولايته العراق عشرين سنة ولما حضرته الوفاة استخلف على الصلاة ابنه عبد الله بن الحجاج واستخلف على حرب الكوفة والبصرة يزيد بن أبي كبشة وعلى خراجهما يزيد بن أبي مسلم فأقرهما الوليد بعد موته ولم يغير أحدًا من عمال الحجاج‏.‏

يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

146 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر وفاة الحجاج بن يوسف


146

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر وفاة الحجاج بن يوسف
 

قيل‏:‏ إن عمر بن عبد العزيز ذكر عنده ظلم الحجاج وغيره من

ولاة الأمصار أيام الوليد بن عبد الملك فقال‏:‏ الحجاج بالعراق والوليد بالشام وقرة بمصر وعثمان بالمدينة وخالد بمكة اللهم قد امتلأت الدنيا ظلمًا وجورًا فأرح الناس‏!‏ فلم يمض غير قليل حتى توفي الحجاج وقرة بن شريك في شهر واحد ثم تبعهما الوليد وعزل عثمان وخالد واستجاب الله لعمر‏.‏

وما أشبه هذه القصة بقصة ابن عمر مع زياد بن أبيه حيث كتب إلى معاوية يقول له‏:‏ قد ضبطت العراق بشمالي ويميمني فارغة‏.‏

يعرض بإمارة الحجاز‏.‏

فقال ابن عمر لما بلغه ذلك‏:‏ اللهم أرحنا من يمين زياد وأرح أهل العراق من شماله‏.‏

فكان أول خبر جاءه موت زياد‏.‏

وكانت وفاة الحجاج في شوال سنة خمس وتسعين وقيل‏:‏ كانت وفاته لخمس بقين من شهر رمضان وله من العمر أربع وخمسون سنة وقيل‏:‏ ثلاث وخمسون سنة وكانت ولايته العراق عشرين سنة ولما حضرته الوفاة استخلف على الصلاة ابنه عبد الله بن الحجاج واستخلف على حرب الكوفة والبصرة يزيد بن أبي كبشة وعلى خراجهما يزيد بن أبي مسلم فأقرهما الوليد بعد موته ولم يغير أحدًا من عمال الحجاج‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

145 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر غزوة الشاش


145

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر غزوة الشاش
 

قيل‏:‏ وفي هذه السنة بعث الحجاج جيشًا من العراق إلى قتيبة فغزا بهم فلما كان بالشاش أو بكشماهان أتاه موت الحجاج في شوال منها فغمه ذلك وتمثل يقول‏:‏ لعمري لنعم المرء من آل جعفرٍ بحوران أمسى أعلقته الحبائل فإن نحي لي أملك حياتي وإن تمت فما في حياةٍ بعد موتك طائل ورجع إلى مرو وتفرق الناس فأتاه كتاب الوليد‏:‏ قد عرف أمير المؤمنين بلاءك وجدك واجتهادك في جهاد أعداء المسلمين وأمير المؤمنين رافعك وصانع بك الذي يجب لك فالمم مغازيك وانتظر ثواب ربك ولا تغب عن أمير المؤمنين كتبك حتى كأني أنظر إلى بلائك والثغر الذي أنت فيه‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

144 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ثم دخلت سنة خمس وتسعين



144


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ثم دخلت سنة خمس وتسعين

وتشمل الاحداث الاتية ذكرها

== ذكر غزوة الشاش
== ذكر وفاة الحجاج بن يوسف
== ذكر نسبة وشيء من سيرته
== ذكر ما فعله محمد بن القاسم بعد موت الحجاج وقتله
== ذكر عدة حوادث



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

143 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر قتل سعيد بن جبير ذكر عدة حوادث


143

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر قتل سعيد بن جبير

ذكر عدة حوادث


في هذه السنة غزا العباس بن الوليد الروم ففتح سبسطية والمرزبانين وطرسوس‏.‏

وفيها غزا مروان بن الوليد فبلغ خنجرة‏.‏

وفيها غزا مسلمة الروم أيضًا ففتح ماسيسة وحصن الحديد وغزالة من ناحية ملطية‏.‏

وفيها أجدب أهل إفريقية فاستسقى موسى بن نصير فسقوا‏.‏

وفيها كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز قبل أن يعزله يأمره بضرب خبيب بن عبد الله بن الزبير ويصب على رأسه ماءً باردًا فضربه خمسين سوطًا وصب عليه ماءً باردًا في يوم شاتٍ ووقفه على باب المسجد فمات من يومه‏.‏

خبيب بضم الخاء المعجمة وبائين موحدتين بينهما ياء تحتها نقطتان‏.‏

وحج بالناس هذه السنة عبد العزيز بن الوليد‏.‏

وكان على الأمصار من تقدم ذكرهم إلا المدينة فإن عاملها عثمان بن حيان قدمها في شوال لليلتين بقيتا منه وقد تقدم ذكر ولاية خالد بن عبد الله مكة في سنة تسع وثمانين وفي سنة إحدى وتسعين قد ذكرنا أنه وليها هذه السنة‏.‏

وفيها مات أبو الشعثاء جابر بن زبد‏.‏

وألو العالية البراء واسمه زيدا بن فيروز وكان مولى لأعرابية من بني رياح وليس بأبي العالية الرياحي ذاك كان موته سنة تسعين‏.‏

وفيها مات بلال بن أبي الدرداء الأنصاري قاضي دمشق‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

142 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر عدة حوادث


142

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة غزا العباس بن الوليد الروم ففتح سبسطية والمرزبانين وطرسوس‏.‏

وفيها غزا مروان بن الوليد فبلغ خنجرة‏.‏

وفيها غزا مسلمة الروم أيضًا ففتح ماسيسة وحصن الحديد وغزالة من ناحية ملطية‏.‏

وفيها أجدب أهل إفريقية فاستسقى موسى بن نصير فسقوا‏.‏

وفيها كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز قبل أن يعزله يأمره بضرب خبيب بن عبد الله بن الزبير ويصب على رأسه ماءً باردًا فضربه خمسين سوطًا وصب عليه ماءً باردًا في يوم شاتٍ ووقفه على باب المسجد فمات من يومه‏.‏

خبيب بضم الخاء المعجمة وبائين موحدتين بينهما ياء تحتها نقطتان‏.‏

وحج بالناس هذه السنة عبد العزيز بن الوليد‏.‏

وكان على الأمصار من تقدم ذكرهم إلا المدينة فإن عاملها عثمان بن حيان قدمها في شوال لليلتين بقيتا منه وقد تقدم ذكر ولاية خالد بن عبد الله مكة في سنة تسع وثمانين وفي سنة إحدى وتسعين قد ذكرنا أنه وليها هذه السنة‏.‏

وفيها مات أبو الشعثاء جابر بن زبد‏.‏

وألو العالية البراء واسمه زيدا بن فيروز وكان مولى لأعرابية من بني رياح وليس بأبي العالية الرياحي ذاك كان موته سنة تسعين‏.‏

وفيها مات بلال بن أبي الدرداء الأنصاري قاضي دمشق‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

141 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر عزل عمر بن عبد العزيز عن الحجاز


141

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر عزل عمر بن عبد العزيز عن الحجاز
 

وكان سبب ذلك أن عمر كتب إلى الوليد يخبره بعسف الحجاج أهل العراق واعتدائه عليهم وظلمه لهم بغير حق فبلغ ذلك الحجاج فكتب إلى الوليد‏:‏ إن من عندي من المراق وأهل الشقاق قد جلوا عن العراق ولحقوا بالمدينة ومكة وإن ذلك وهن‏.‏

فكتب إليه الوليد يستشيره فيمن يوليه المدينة ومكة فأشار عليه بخالد بن بد الله وعثمان بن حيان فولى خالدًا مكة وعثمان المدينة وعزل عمر عنهما‏.‏

فلما خرج عمر من المدينة قال‏:‏ إني أخاف أن أكون ممن نفته المدينة يعني بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ تنفي خبثها‏.‏

وكان عزله في شعبان ولما قدم خالد مكة أخرج من بها من أهل العراق كرهًا وتهدد من أنزل عراقيًا أو أجره دارًا واشتد على أهل المدينة وعسفهم وجار فيهم ومنعهم من إنزال عراقي وكانوا أيام عمر بن عبد لعزيز كل من خاف الحجاج لجأ إلى مكة والمدينة‏.‏

وقيل‏:‏ إنما استعمل على المدينة عثمان بن حيان وقد تقدم سنة إحدى وتسعين ولاية خالد مكة في قول بعضهم‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

140 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر فتح طليطلة من الأندلس


140

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر فتح طليطلة من الأندلس
 

قال أبو جعفر‏:‏ وفي هذه السنة غضب موسى بن نصير على مولاه طارق فسار إليه في رجب منها واستخلف على إفريقية ابنه عبد الله بن موسى وعبر موسى إلى طارق في عشرة آلاف فتلقاه وترضاه فرضي عنه وقبل عذره وسيره إلى طليطلة وهي من عظام بلاد الأندلس وهي من قرطبة على عشرين يوماً ففتحها وأصاب فها مائدة سليمان بن داود عليه السلام وما فيها من الذهب والجوهر والله أعلم به‏.‏

قلت‏:‏ لم يزد على هذا وقد ذكرت في سنة اثنتين وتسعين من فتح الأندلس ودخول موسى بن نصير إلى طارق ما فيه كفاية فلا حاجة إلى إعادته إلا أن أبا جعفر قد ذكر أن موسى هو الذي سير طارقاً وهو بالأندلس ففتح مدينة طليطلة والذي ذكره أهل الأندلس في تواريخهم ما تقدم ذكره‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

139 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر فتح سمرقند


139

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر فتح سمرقند


فلما قبض قتيبة صلح خوارز مشاه قال إليه المجشر بن مزاحم السلمي‏.‏

فقال له سراً‏:‏ إن أردت الصغد يوماً من الدهر فالآن فإنهم آمنون من أن يأتيهم عامل هذا وإنما بينك وبينهم عشرة أيام‏.‏

قال‏:‏ أشار عليك بهذا أحد قال‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ فسمعه منك أحد قال‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ والله لئن تكلم به أحد لأضربن عنقك‏.‏

فلما كان الغد أمر أخاه عبد الرحمن فسار في الفرسان والرماة وقدم الأثقال إلى مرو فسار يومه فلما أمسى كتب إليه قتيبة‏:‏ إذا أصبحت فوجه الأثقال إلى مرو وسر بالفرسان والرماة نحو الصغد واكتم الأخبار فإني في الأثر‏.‏

ففعل عبد الرحمن ما أمره وخطب قتيبة الناس وقال لهم‏:‏ إن الصغد شاغره برجلها وقد نقضوا العهد الذي بيننا وصنعوا ما بلغكم وإني أرجو أن يكون خوارزم والصغد كقريظة والنضير‏.‏

ثم سار فأتى الصغد فبلغها بعد عبد الرحمن بثلاث أو أربع وقدم معه أهل خوارزم وبخارى فقاتلوه شهراً من وجه واحد وهم محصورون‏.‏

وخاف أهل الصغد طوال الحصار فكتبوا إلى ملك الشاش وخاقان واخشاد فرغانة‏:‏ إن العرب إن ظفروا بنا أتوكم بمثل ما أتونا به فانظروا لأنفسكم ومعهما كان عندك من قوة فابذلوها‏.‏

فنظروا وقالوا‏:‏ إنما نؤتى من سفلتنا فإنهم لا يجدون كوجدنا‏.‏

فانتخبوا من أولاد الملوك وأهل النجدة من أبناء المرازبة والأساورة والأبطال وأمروهم أن يأتوا عسكر قتيبة فيبيتوه فإنه مشغول عنه بحصار سمر قند وولوا عليه ابناً لخاقان فساروا‏.‏

وبلغ قتيبة الخبر فانتخب من عسكره أربعمائة وقيل‏:‏ ستمائة من أهل النجدة والشجاعة وأعلمهم الخبر وأمرهم بالمسير إلى عدوهم فساروا وعليهم صالح بن مسلم فنزلوا على فرسخين من العسكر على طريق القوم فجعل صالح له كمينين فلما مضى نصف الليل جاءهم عدوهم فلما رأوا صالحاً حملوا عليه فلما اقتتلوا شد الكمينان عن يمين وشمال فلم ير قوم كانوا أشد من أولئك‏.‏

قال بعضهم‏:‏ إنا لنقاتلهم إذ رأيت تحت الليل قتيبة وقد جاء سراً فضربت ضربةً أعجبتني‏.‏

فقلت‏:‏ كيف نرى بأمي وأبي قال‏:‏ اسكت فض الله فاك‏.‏

قال‏:‏ فقتلناهم فلم يفلت منهم إلا الشريد وحوينا أسلابهم وسلاحهم فاحتززنا رؤوسهم وأسرنا منهم أسرى فسألناهم عمن قتلنا فقالوا‏:‏ ما قتلتم إلا ابن ملك أو عظيماً أو بطلاً كان الرجل يعد بمائة رجل وكتبنا أسماءهم على آذانهم ثم دخلنا العسكر حين أصبحنا فلم يأت أحد بمثل ما جئنا به من القتلى والأسرى والخيل ومناطق الذهب والسلاح قال‏:‏ وأكرمني قتيبة وأكرم معي جماعة وظننت أنه رأى منهم مثل الذي رأى مني‏.‏

ولما رأى الصغد ذلك انكسروا ونصب قتيبة عليهم المجانيق فرماهم وثلم ثلمةً فقام عليها رجل شتم قتيبة فرماه بعض الرماة فقتله فأعطاه قتيبة عشرة آلاف‏.‏

وسمع بعض المسلمين قتيبة وهو يقول كأنما يناجي نفسه‏:‏ حتى متى يا سمرقند يعشش فيك الشيطان أما والله لئن أصبحت لأحاولن من أهلك أقصى غاية‏.‏

فانصرف ذلك الرجل فقال لأصحابه‏:‏ كم من نفس تموت غداً‏!‏ وأخبر الخبر‏.‏

فلما أصبح قتيبة أمر الناس بالجد في القتال فقاتلوهم واشتد القتال وأمرهم قتيبة أن يبلغوا ثلمة المدينة فجعلوا الترسة على وجوههم وحملوا فبلغوها ووقفوا عليها ورماهم الصغد بالنشاب فلم يبرحوا‏.‏

فأرسل الصغد إلى قتيبة فقالوا له‏:‏ انصرف عنا اليوم حتى نصالحك غداً‏.‏

فقال قتيبة‏:‏ لا نصالحهم إلا ورجالنا على الثملة وقيل‏:‏ بل قال قتيبة‏:‏ جزع العبيد انصرفوا على ظفركم فانصرفوا فصالحهم من الغد على ألفي ألف ومائتي ألف مثقال في كل عام وأن يعطوه تلك السنة ثلاثين ألف فارس وأن يخلوا المدينة لقتيبة فلا يكون لهم فيها مقاتل فيبني فيها مسجداً ويدخل ويصلي ويخطب ويتغدى ويخرج‏.‏فلما تم الصلح وأخلوا المدينة وبنوا المجد دخلها قتيبة في أربعة آلاف انتخبهم فدخل المسجد

فصلى فيه وخطب وأكل طعاماً ثم أرسل إلى الصغد‏:‏ من أراد منكم أن يأخذ متاعه فليأخذ فإني لست خارجاً منها ولست آخذ منكم إلا ما صالحتكم عليه غير أن الجند يقيمون فها‏.‏

وقيل‏:‏ إنه شرط عليهم في الصلح مائة ألف فارس وبيوت النيران وحلية الأصنام فقبض ذلك وأتي بالأصنام فكانت كالقصر العظيم وأخذ ما عليها وأمر بها فأحرقت‏.‏فجاءه غوزك فقال‏:‏ إن شكرك علي واجب لا تتعرض لهذه الأصنام فإن منها أصناماً من أحرقها هلك‏.‏

فقال قتيبة‏:‏ أنا أحرقها بيدي فدعا بالنار فكبر ثم أشعلها فاحترقت فوجدوا من بقايا مسامير الذهب خمسين ألف مثقال‏.‏

وأصاب بالصغد جارية من ولد يزدجرد فأرسلها إلى الحجاج فأرسلها الحجاج إلى الوليد فولدت له يزيد بن الوليد‏.‏

وأمر غوزك بالانتقال عنها فانتقل‏.‏

وقيل‏:‏ إن أهل سمرقند خرجوا على المسلمين وهم يقاتلونهم يوم فتحها وقد أمر قتيبة يومئذٍ بسرير فأبرز وقعد عليه فطاعنوهم حتى جازوا قتيبة وإنه لمحتبٍ بسيفه ما حل حبوته وانطوت مجنبتا المسلمين على الذين هزموا القلب فهزموهم حتى ردوهم إلى عسكرهم وقتل من المشركين عدد كثير ودخلوا المدينة فصالهم وصنع غوزك طعاماً ودعا قتيبة فأتاه في عدة من

أصحابه فلما بعد استوهب منه سمرقند وقال للملك‏:‏ انتقل عنها فلم نجد بداً من طاعته ولا قتيبة قوله تعالى‏:‏ ‏ «‏ وأنه أهلك عاداً الأولى وثمود فما أبقى ‏» ‏ النجم‏:‏ 50 - 51‏.‏

وحكي عن الذي أرسله قتيبة إلى الحجاج بفتح سمرقند قال‏:‏ فأرسلني الحجاج إلى الوليد فقدمت دمشق قبل طلوع الفجر فدخلت المسجد فإذا إلى جنبي رجل ضرير فسألني‏:‏ من أين أنت فقلت‏:‏ من خراسان وأخبرت خبر سمرقند‏.‏

فقال‏:‏ والذي بعث محمداً بالحق ما افتتحتموها إلا غدراً‏!‏ وإنكم يا أهل خراسان الذين تسلبون بني أمية ملكهم ثم تنقضون دمشق حجراً حجراً‏.‏

فلما فتح قتيبة سمرقند قيل‏:‏ إن هذا لأعدى العيرين لأنه فتح سمرقند وخوارزم في عام واحد وذلك أن الفارس إذا صرع في طلق واحد عيرين قيل‏:‏ عادى عيرين فلما فتحها قتيبة دعا نهار بن توسعة فقال‏:‏ يا نهار أين قولك‏.‏

ألا ذهب الغزو المقرب للغنى ومات الندى والجود بعد المهلب أقاما بمرو الروذ رهن ضريحه وقد غيبا عن كل شرقٍ ومغرب أفغزو هذا قال‏:‏ لا هذا أحسن وأنا الذي أقول‏:‏ وما كان مذ كنا ولا كان قبلنا ومات الندى والجود بعد المهلب أعم لأهل الشرك قتلاً بسيفه وأكثر فينا مقسماً بعد مقسم كانت سمرقند أحقاباً يمانيةً فاليوم تنسبها قيسيةً مضر وقال كعب الأشقري وقيل رجل من جعفى‏:‏ كل يوم يحوي قتيبة نهباً ويزيد الأموال مالاً جديدا باهلي قد ألبس التاج حتى شاب منه مفارق كن سودا دوخ الصغد بالكتائب حتى ترك الصغد بالعراء قعودا فوليد يبكي لفقد أبيه وأب موجع يبكي الوليدا ثم رجع قتيبة إلى مرو وكان أهل خراسان يقولون‏:‏ إن قتيبة غدر بأهل سمرقند فملكها غدراً‏.‏

وكان عمله على خوارزم إياس بن عبد الله على حربها وكان ضعيفاً وكان على خراجها عبيد الله بن أبي عبيد الله مولى مسلم‏.‏

فاستضعف أهل خوارزم إياساً فجمعوا له فكتب عبيد الله إلى قتيبة فبعث قتيبة أخاه عبد الله عاملاً وأمره أن يضرب إياساً وحيان النبطي مائةً مائةً ويحلقهما‏.‏

فلما قرب عبد الله من خوارزم أرسل إلى إياس فأنذره فتنحى وقدم عبد الله وأخذ حيان فضربه وحلقه‏.‏

ثم وجه قتيبة الجنود إلى خوارزم مع المغيرة بن عبد الله فبلغها ذلك فلما قدم المغيرة اعتزل أبناء الذين قتلهم خوارزمشاه وقالوا‏:‏ لا نعينك فهرب إلى بلاد الترك وقدم المغيرة فقتل وسبى فصالحه الباقون على الجزية وقدم على قتيبة فاستعمله على نيسابور‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

138 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر صلح خوارز مشاه وفتح خام جرد


138

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر صلح خوارز مشاه وفتح خام جرد

وفي هذه السنة صالح قتيبة خوارز مشاه‏.‏

وكان سبب ذلك أن ملك خوارزم كان ضعيفاً فغلبه أخوه خرزاد على أمره وكان أصغر منه وكان إذا بلغه أن عند أحد ممن هو منقطع إلى الملك جارية أو مالاً أو دابة أو بنتاً أو أختاً أو

امرأة جميلة أرسل إليه وأخذه منه وكان لا يمتنع عليه أحد ولا الملك فإذا قيل للملك قال‏:‏ لا أوى به وهو مغتاظ عليه‏.‏

فلما طال ذلك عليه كتب إلى قتيبة يدعوه إلى أرضه ليسلمها إليه واشترط عليه أن يدفع إليه أخاه وكل من يضاده ليحكم فيهم بما يرى ولم يطلع أحد من مرازبته على ذلك فأجابه قتيبة إلى ما طلب وتجهز للغزو وأظهر قتيبة أنه يريد الصغد وسار من مرو وجمع خوارز مشاه أجناده ودهاقنته فقال‏:‏ إن قتيبة يريد الصغد وليس يغازيكم فهلموا نتنعم في ربيعنا هذا‏.‏

فأقبلوا على الشرب والتنعم فلم يشعروا حتى نزل قتيبة في هزار سب فقال خوارز مشاه لأصحابه‏:‏ ما ترون قالوا‏:‏ نرى أن نقاتله‏.‏

قال‏:‏ لكني لا أرى ذلك لأنه قد عجز عنه من هو أقوى منا وأشد شوكة ولكن أصرفه بشيء أؤديه إليه‏.‏

فأجابوه إلى ذلك‏.‏

فسار خوارز مشاه فنزل بمدينة الفيل من وراء النهر وهي أحصن بلاده وقتيبة لم يعبر النهر فأرسل إليه خوارز مشاه فصالحه على عشرة آلاف رأس وعين ومتاع وعلى أن يعينه على خام جرد فقبل قتيبة ذلك‏.‏

وقيل‏:‏ صالحه على مائة ألف رأس ثم بعث قتيبة أخاه عبد الرحمن إلى خام جرد وكان يغازي خوارز مشاه فقاتله فقتله عبد الرحمن وغلب على أرضه وقدم منهم بأربعة آلاف

أسير فقتلهم قتيبة وسلم قتيبة إلى خوارز مشاه أخاه ومن كان يخالفه فقتلهم ودفع أموالهم إلى قتيبة ودخل قتيبة إلى فيل فقبل بن خوارزم شاه ما صالحه عليه ثم رجع إلى هزار سب‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

137 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين


137

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين

وتشمل الاحداث الاتية ذكرها

== ذكر صلح خوارز مشاه وفتح خام جرد
== ذكر فتح سمرقند
== ذكر فتح طليطلة من الأندلس
== ذكر عزل عمر بن عبد العزيز عن الحجاز
== ذكر عدة حوادث
== ذكر قتل سعيد بن جبير



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




136 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر غزوة جزيرة سردانية


136

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر غزوة جزيرة سردانية
 

هذه الجزيرة في بحر الروم وهي من أكبر الجزائر ما عدا جزيرة صقلية وأقريطش وهي كثيرة الفواكه ولما فتح موسى بلاد الأندلس سير طائفة من عسكره في البحر إلى هذه الجزيرة سنة اثنتين وتسعين فدخلوها وعمد النصارى إلى ما لهم من آنية ذهب وفضة فألقوا الجميع في الميناء الذي لهم وجعلوا أموالهم في سقف بنوه للبيعة العظمى التي لهم تحت السقف الأول وغنم المسلمون فيها ما لا يحد ولا يوصف وأكثروا الغلول‏.‏

فاتفق أن رجلاً من المسلمين اغتسل في الميناء فعلقت رجله في شيء فأخرجه فإذا صفحة من فضة وفإذا المسلمون جميع ما فيه ثم دخل رجل من المسلمين إلى تلك الكنيسة فنظر إلى حمام فرماه بسهم فأخطأ ووقع في السقف وانكسر لوح فنزل منه شيء من الدنانير وأخذوا الجميع وازداد المسلمون غلولاً فكان بعضهم يذبح الهرة ويرمي ما في جوفها فيملأه دنانير ويخيط عليها ويلقيها في الطريق فإذا خرج أخذها وكان يضع قائم سيفه على الجفن ويملأه ذهباً‏.‏

فلما ركبوا في البحر سمعوا قائلاً يقول‏:‏ اللهم غرقهم فغرقوا عن آخرهم فوجدوا أكثر الغرقى والدنانير على أوساطهم‏.‏

وفي سنة خمس وثلاثين ومائة غزاها عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة الفهري فقتل من بها قتلاً ذريعاً ثم صالحوه على الجزية فأخذت منهم وبقيت ولم يغزها بعده أحد فعمرها الروم‏.‏

فلما كانت سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة أخرج إليها المنصور بن القائم العلوي صاحب إفريقية أسطولاً من المهدية فمروا بجنوة ففتحوا المدينة وأوقعوا بأهل سردانية وسبوا فيها وأحرقوا مراكب كثيرة وأخربوا جنوة وغنموا ما فيها‏.‏

وفي سنة ست وأربعمائة غزاها مجاهد العامري من دانية وكان صاحبها في البحر في مائة وعشرين مركباً ففتحها وقتل فأكثر وسبى النساء والذرية فسمع بذلك ملوك الروم فجمعوا إليه وساروا إليه من البر الكبير في جمع عظيم فاقتتلوا وانهزم المسلمون وأخرجوا من جزيرة سردانية وأخذت بعض مراكبهم وأسر أخو مجاه وابنه علي بن مجاهد ورجع بمن بقي إلى دانية ولم تغز بعد ذلك‏.‏

وإنما ذكرنا جميع أخبارها هاهنا لقتلتها وإذا تفرقت لم تعرف كما يجب‏.‏

في هذه السنة غزا مسلمة بن عبد الملك أرض الروم ففتح حصوناً ثلاثة وجلا أهل سوسنة إلى بلاد الروم‏.‏

وفي هذه السنة غزا قتيبة سجستان في قول بعضهم وأراد قصد رتبيل الأعظم فلما نزل قتيبة سجستان أرسل رتبيل إليه رسلاً بالصلح فقبل ذلك وانصرف واستعمل عليهم عبد ربه بن عبد الله الليثي‏.‏

وحج بالناس هذه السنة عمر بن عبد العزيز وهو على المدينة وكان عمال الأمصار من تقدم ذكرهم‏.‏

وفيها مات مالك بن أوس بن الحدثان البصري من ولد نصر بن معاوية بالمدينة وله أربع وتسعون سنة‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



135 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر فتح الأندلس


135

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر فتح الأندلس
 

وفيها غزا طارق بن زياد مولى موسى بن نصير الأندلس في اثني عشر ألفاً فلقي ملك الأندلس واسمه اذرينوق وكان من أهل أصبهان وهم ملوك عجم الأندلس فزحف له طارق بجميع من معه وزحف الأذرينوق وفتح الأندلس سنة اثنتين وتسعين‏.‏

هذا جميعه ذكره أبو جعفر في فتح الأندلس وبمثل ذلك الإقليم العظيم والفتح المبين لا يقتصر فيه على هذا القدر وأنا أذكر فتحها على وجه أتم من هذا إن شاء الله تعالى من تصانيف أهلها إذ هم أعلم ببلادهم‏.‏

قالوا‏:‏ أول من سكنها قوم يعرفون بالأندلش بشين معجمه فسمي البلد بهم ثم عرب بعد ذلك

بسين مهملة والنصارى يسمون الأندلس اشبانية باسم رجل صلب فيها يقال له اشبانس وقيل‏:‏ باسم ملك كان بها في الزمان الأول اسمه إشبان بن طيطس وهذا هو اسمها عند بطلميوس‏.‏

وقيل‏:‏ سميت بأندلس بن يافث بن نوح وهو أول من عمرها قيل‏:‏ أول من سكن الأندلس بعد الطوفان قوم يعرفون بالأندلس فعمروها وتداولوا ملكها دهراً طويلاً وكانوا مجوساً ثم حبس الله عنهم المطر وتوالى عليهم القحط فهلك أكثرهم وفر منها من أطاق الفرار فخلت الأندلس مائة سنة ثم ابتعث الله لعمارتها الأفارقة فدخل إليها قوم منهم أجلاهم ملك إفريقية تخففاً منهم لقحط توالى على بلاده حتى كاد يفنى أهلها فحملها في السفن مع أمير من عنده فأرسوا بجزيرة قاس ورأوا الأندلس قد أخصبت بلادها وجرت أنهارها فسكنوها وعمروها ونصبوا لهم ملوكاً يضبطون أمرهم وهم على دين من قبلهم وكانت دار مملكتهم طالقة الخراب من أرض إشبيلية بنوها وسكنوها وأقاموا مدة تزيد على مائة وخمسين سنة ملك منهم فيها أحد عشر ملكاً‏.‏

ثم أرسل الله عليهم عجم رومة وملكهم إشبان بن طيطس فغزاهم ومزقهم وقتل فيهم وحاصرهم بطالقة وقد تحصنوا فيها فابتنى عليهم إشبانية وهي إشبيلية واتخذها درا مملكته وكثرت جموعه وعتا وتجبر وغزا بين المقدس فغنم ما فيه وقتل فيه مائة ألف ونقل المرمر منه إلى إشبيلية وغيرها وغنم أيضاً مائدة سليمان بن داود عليه السلام وهي التي غنمها طارق من طيطلة لما افتتحها وغنم أيضاً قليلة الذهب والحجر الذي لقي بماردة‏.‏

وكان هذا إشبان قد وقف عليه الخضر وهو يحرث الأرض فقال له‏:‏ يا إشبان سوف تحظى وتملك وتعلو فإذا ملكت إيلياء فارفق بذرية الأنبياء‏.‏

فقال‏:‏ أتسخر مني كيف ينال مثلي الملك فقال‏:‏ قد جعله فيك من جعل عصاك هذه كما ترى‏.‏

فنظر إليه فإذا هي قد أورقت فارتاع وذهب عنه الخضر وقد وثق إشبان بقوله فداخل الناس فارتقى حتى ملك ملكاً عظيماً وكان ملكه عشرين سنة ودام ملك الإشبانيين بعده إلى أن ملك منهم خمسة وخمسون ملكاً‏.‏

ثم دخل عليهم من عجم رومة أمة يدعون البشنوليات وملكهم طويش بن نيطة وذلك حين بعث الله المسيح فغلبوا عليها واسترلوا على ملكها وكانت مدينة ماردة دار مملكتهم وملك منهم سبعة وعشرون ملكاً‏.‏

ثم دخلت عليهم أمة القوط مع ملك لهم فغلبوا على الأندلس فاقتطعوها من يومئذٍ عن صاحب رومة وكان ابتداء ظهورهم من ناحية إيطالية شرق الأندلس فأغارت على بلاد مدونية من تلك الناحية وذلك في أيام قليوذيوس قيصر ثالث القياصرة فخرج إليهم وهزمهم

وقتل فيهم ولم يظهروا بعدها إلى أيام قسطنطين الأكبر وأعادوا الغارة فسير إليهم جيشاً فلم يثبتوا له وانقطع خبرهم إلى ثلث دولة قيصر فإنهم قدموا على أنفسهم أمير اسمه لذريق وكان يعبد الأوثان فسار إلى رومة ليحمل النصارى على السجود لأوثانه فظهر منه سوء سيرته فتخاذل أصحابه عنه ومالوا إلى أخيه وحاربوه فاستعان بصاحب رومة فبعث إليه جيشاً فهزم أخاه ودان بدين النصارى وكانت ولايته ثلاث عشرة سنة ثم ولي بعده اقريط وبعده املريق وبعده وغديش وكانوا قد عادوا إلى عبادة الأوثان فجمع من أصحابه مائة ألف وسار إلى رومة فسير إليه ملك الروم جيشاً فهزموه وقتلوه‏.‏

ثم بعده اطلوف ست سنين وخرج عن بلد إيطالية وأقام ببلد غاليس مجاوراً أقصى الأندلس ثم انتقل منها إلى برشلونة‏.‏

ثم بعده أخوه ثلاث سنين ثم بعده والياً ثم بوردزاريش ثلاثاً وثلاثين سنة ثم ابنه طرشمند ثم بعده أخوه لذريق ثلاث عشرة سنة ثم بعده أوريق سبع عشرة سنة ثم بعده الريق بطلوشة ثلاثاً وعشرين سنة ثم عشليق ثم امليق سنتين ثم توذيوش سبع عشرة سنة وخمسة أشهر ثم بعده ليوبا ثلاث أشهر ثم بعده اثله خمس سنين ثم بعده اطلنجة خمس عشرة سنة ثم بعده ليوبا ثلاث أشهر ثم بعده اثله خمس سنين ثم بعده اطلنجة خمس عشرة سنة ثم بعده طودتقليس سنة وثلاث أشهر ثم بعده اثله خمس سنين ثم بعده اطلنجة خمس عشرة سنة ثم بعده ليوبا ثلاث سنين ثم بعده أخوه لويلد وهو أولمن اتخذ طليطلة دار ملك ونزلها ليكون متوسطاً لملكه ليحارب من خرج عن طاعته عن قريب فلم يزل يحارب من خرج عن طاعته حتى احتوى على جميع الأندلس وبنى مدينة رقوبل وأتقنها وأكثر بساتينها وهو على القرب من طليطلة وسماها باسم ولده وغزا بلاد البشقنس حتى أذلهم وخطب إلى ملك الفرنج ابنته لولده ارمنجلد فزوجه وأسكنه إشبيلية فحسنت له عصيان والده ففعل فسار إليه أبوه وحصرهما وضيق عليه وطال مقامه إلى أن أخذه عنوة وسجنه إلى أن مات‏.‏

ثم ملك بعد لويلد ابنه ركرد وكان حسن السيرة فجمع الأساقفة وغير سيرة أبيه وسلم البلاد إليهم وكانوا نحو ثمانين أسقفاً وكان تقياً عفيفاً قد لبس ثياب الرهبان وهو الذي بنى الكنيسة المعروفة بالوزقة بإزاء مدينة وادي آش‏.‏

ثم بعده ابنه ليوبا فسار كسيرة أبيه فاغتاله رجل من القوط يقال له بتريق فقتله وملك بعده بتريق رضا أهل الأندلس وكان مجرماً طاغياً فاسقاً فثار عليه رجل من خاصته فقتله‏.‏

ثم ملك من بعده غندمار سنتين ثم ملك بعده سيسيفوط وكانت ولايته تسع سنين وكان حسن السيرة ثم بعده ابنه ركريد وكان صغيراً عمره ثلاثة أشهر ومات ثم ملك شنتله وكان ملكه عند البعث وكان مشكوراً ثم بعده سشنند خمس سنين ثم بعده خنتلة ستة أعوام ثم بعده خندس أربعة أعوام ثم بعده بنبان ثمانية أعوام ثم بعده أروى سبع سنين‏.‏

وكان في دولته قحط شديد حتى كادت بلاد الأندلس تخرب لشدة الجوع‏.‏

ثم بعده ابقه خمس عشرة سنة وكان جائراً مذموماً ثم ملك بعده ابنه غيطشه وكانت ولايته سنة سبع وسبعين للهجرة وكان حسن السيرة لين العريكة وأطلق كل محبوس كان في سجن أبيه وأدى الأموال إلى أربابها‏.‏

ثم توفي وخلف ولدين فلم يرض بهما أهل الأندلس وتراضوا برجل يقال له رذريق وكان شجاعاً وليس من بيت الملك وكانت عادة ملوك الأندلس إنهم يبعثون أولادهم الذكور والإناث إلى مدينة طليطلة يكونون في خدمة الملك لا يخدمه غيرهم يتأدبون بذلك فإذا بلغوا الحلم أنكح بعضهم بعضاً وتولى تجهيزهم فلما ولي رذريق أرسل إليه يوليان وهو صاحب الجزيرة الخضراء وسبتة وغيرهما ابنةً له فاستحسنها رذريق وافتضها فكتبت إلى أبيها فأغضبه ذلك فكتب إلى موسى بن نصير عامل الوليد بن عبد الملك على إفريقية بالطاعة واستدعاه إليه فسار إليه فأدخله يوليان مدائنه وأخذ عليه العهود له ولأصحابه بما يرض به ثم وصف له الأندلس ودعاه إليها وذلك آخر سنة تسعين‏.‏

فكتب موسى إلى الوليد بما فتح الله عليه وما دعاه إليه يوليان‏.‏

فكتب إليه الوليد‏:‏ خضها بالسرايا ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال‏.‏

فكتب إليه موسى‏:‏ إنه ليس ببحر متسع وإنما هو خليج يبين ما وراءه‏.‏

فكتب إليه الوليد أن اختبرها بالسرايا وإن كان الأمر على ما حكيت‏.‏

فبعث رجلاً من مواليه يقال له طريف في أربعمائة رجل ومعهم مائة فرس فسار في أربع سفائن فخرج في جزيرة بالأندلس فسميت جزيرة طريف لنزوله فيها ثم أغار على الجزيرة الخضراء فأصاب غنيمةً كثيرة ورجع سالماً في رمضان سنة إحدى وتسعين‏.‏

فلما رأى الناس ذلك تسرعوا إلى الغزو‏.‏

ثم إن موسى دعا مولى له كان على مقدمات جيوشه يقال له طارق بن زياد فبعثه في سبعة آلاف من المسلمين أكثرهم البربر والموالي وأقلهم العرب فساروا في البحر وقصد إلى جبل منيف وهو متصل بالبر فنزله فسمي الجبل جبل طارق إلى اليوم ولما ملك عبد المؤمن البلاد أمر ببناء مدينة على هذا الجبل وسماه جبل الفتح فلم يثبت له هذا الاسم وجرت الألسنة على الأول‏.‏

وكان حلول طارق فيه في رجب سنة اثنتين وتسعين من الهجرة‏.‏

ولما ركب طارق البحر غلبته عينه فرأى النبي ومعه المهاجرون والأنصار قد تقلدوا السيوف ونكبوا القسي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا طارق تقدم لشأنك‏.‏

وأمره بالرفق بالمسلمين والوفاء بالعهد فنظر طارق فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد دخلوا الأنلدلس أمامه فاستيقظ من نومه مستبشراً وبشر أصحابه وقويت نفسه ولم يشك في الظفر‏.‏

فلما تكامل أصحاب طارق بالجبل نزل إلى الصحراء وفتح الجزيرة الخضراء فأصاب بها عجوزاً فقالت له‏:‏ إني كان لي زوج وكان عالماً بالحوادث وكان يحدثهم عن أمير يدخل بلدهم فيغلب عليه ووصف من نعته أنه ضخم الهامة وان في كتفه اليسرى شامة عليها شعر فكشف طارق ثوبه فإذا الشامة كما ذكرت فاستبشر طارق أيضاً هو ومن معه‏.‏

ونزل من الجبل إلى الصحراء وافتتح الجزيرة الخضراء وغيرها وفارق الحصن الذي في الجبل‏.‏

ولما بلغ ذريق غزو طارق بلاده عظم ذلك عليه وكان غائباً في غزاته فرجع منها طارق قد دخل بلاده فجمع له جمعاً يقال بلغ مائة ألف فلما بلغ طارقاً الخبر كتب إلى موسى يستمده ويخبره بما فتح وأنه زحف إليه ملك الأندلس بما لا طاقة له به‏.‏

فبعث إليه بخمسة آلاف فتكامل المسلمون اثني عسر ألفاً ومعهم يوليان يدلهم على عورة البلاد ويتجسس لهم الأخبار‏.‏

فأتاهم رذريق في جنده فالتقوا على نهر لكة من أعمال شذونة لليلتين بقيتا من رمضان سنة اثنتين وتسعين واتصلت الحرب ثمانية أيام وكان على ميمنته وميسرته ولدا الملك الذي كان قبله وغيرهما من أبناء الملوك وافتقوا على الهزيمة بغضاً لرذريق وقالوا‏:‏ إن المسلمين إذا امتلأت أيديهم من الغنيمة عادوا إلى بلادهم وبقي الملك لنا‏.‏

فانهزموا وهزم الله رذريق ومن معه وغرق رذريق في النهر وسار طارق إلى مدينة إستجة متبعاً لهم فلقيه أهلها ومعهم من المنهزمين خلق كثير فقاتلوه قتالاً شديداً ثم انهزم أهل الأندلس ولم يلق المسلمون بعدها حرباً مثلها‏.‏

ونزل طارق على عين بينها وبين مدينة إسجة أربعة أميال فسميت عين طارق إلى الآن‏.‏

ولما سمعت القوط بهاتين الهزيمتين قذف الله في قلوبهم الرعب وكانوا يظنون أنه يفعل فعل طريف فهربوا إلى طليطلة وكان طريف قد أوهمهم أنه يأكلهم هو ومن معه‏.‏

فلما دخلوا لطيلطلة وأخلوا مدائن الأندلس قال له يوليان‏:‏ قد فرغت من الأندلس ففرق جيوشك وسر أنت إلى طيطلة‏.‏

ففرق جيوشه من مدينة إستجة وبعث جيشاً إلى قرطبة وجيشاً إلى غرناطة وجيشاً إلى مالقة وجيشاً إلى تدمير وسار إلى قرطبة فإنهم دلهم راعٍ على ثغرة في سورها فدخلوا منها البلد وملكوه‏.‏

وأما الذين قصدوا تدمير فلقيهم صاحبها واسمه تدمير وبه سميت وكان اسمها أرويولة وكان معه جيش كثيف فقاتلهم قتالاً شديداً ثم انهزم فقتل من أصحابه خلق كثير فأمر تدمير النساء فلبسن السلاح ثم صالح المسلمين عليها وفتح سائر الجيوش ما قصدوا إليه من البلاد‏.‏وأما طارق فلما رأى طليطلة فازغة ضم إليها اليهود وترك معهم رجالاً من أصحابه وسار

هو إلى وادي الحجارة فقطع الجبل من فج فيه فسمي بفج طارق إلى اليوم‏.‏

وانتهى إلى مدينة خلف الجبل تسمى مدينة المائدة وفيها وجد مائدة سليمان بن داود عليه السلام وهي من زبرجد خضر حافاتها وأرجلها منها مكللة باللؤلؤ والمرجان والياقوت وغير ذلك وكان لها ثلاثمائة وستون رجلاً‏.‏

ثم مضى إلى مدينة ماية فغنم منها ورجع إلى طليطلة في سنة ثلاث وتسعين‏.‏

وقيل‏:‏ اقتحم أرض جليقية فخرقها حتى انتهى إلى مدينة استرقة وانصرف إلى طليطلة ووافته جيوشه التي وجهها من إستجة بعد فراغهم من فتح تلك المدن التي سيرهم إليها‏.‏

ودخل موسى بن نصير الأندلس في رمضان سنة ثلاث وتسعين في جمع كثير وكان قد بلغه ما صنعه طارق فحسده فلما عبر إلى الأندلس ونزل الجزيرة الخضراء قيل له‏:‏ تسلك طريق طارق فأبى فقال له الأدلاء‏:‏ نحن ندلك على طريق اشرفن طريقه ومدائن لم تفتح بعد ووعده يوليان بفتح عظيم فسر بذلك وكان قد غمه‏.‏

فساروا به إلى مدينة ابن السليم فافتتحها عنوة ثم سار إلى مدينة قرمونة وهي أحصن مدن الأندلس فقدم إليها يوليان وخاصته فأتوهم على الحال المنهزمين معهم السلاح فأدخلوهم مدينتهم فأرسل موسى إليهم الخيل ففتحوها لهم ليلاً فدخلها المسلمون وملكوها ثم سار موسى إلى إشبيلية وهي من أعظم مدائن الأندلس بنياناً وأعزها آثاراً فحصرها أشهراً وفتحها وهرب من بها فأنزلها موسى اليهود وسار إلى مدينة ماردة فحصرها وقد كان أهلها خرجوا إليه فقاتلوه قتالاً شديداً فكمن لهم موسى ليلاً في مقاطع الصخر فلم يرهم الكفار فلما أصبحوا زحف إليهم فخرجوا إلى المسلمين على عادتهم فخرجوا عليهم من الكمين وأحدقوا بهم وحالوا بينهم وبين البلد وقتلوهم قتلاً ذريعاً ونجا من نجا منهم فدخل المدينة وكانت حصينة فحصرهم بها شهراً وقاتلهم وزحف إليهم بدبابة عملها ونقبوا سورها فخرج أهلها على المسلمين فقتلوهم عند البرج فسمي برج الشهداء إلى اليوم ثم افتتحها آخر رمضان سنة أربع وتسعين يوم الفطر صلحاً على جميع أموال القتلى يوم الكمين وأموال الهاربين إلى جليقية وأموال الكنائس وحيلها للمسلمين‏.‏

ثم إن أهل إشبيلية اجتمعوا وقصدوها فقتلوا من بها من المسلمين فسير موسى إليها ابنه عبد العزيز بجيش فحصرها وملكها عنوةً وقتل من بها من أهلها وسار عنها إلى لبلة وباجة فملكها وعاد إلى إشبيلية‏.‏

وسار موسى من مدينة ماردة في شوان يريد طليطلة فخرج إليه طارق فلقيه فلما أبصره نزل إليه فضربه موسى بالسوط على رأسه ووبخه على ما كان من خلافه ثم سار به إلى مدينة

طليطلة فطلب منه ما غنم والمائدة أيضاً فأتاه بها وقد انتزع رجلاً من أرجلها فسأله عنها فقال‏:‏ لا علم لي كذلك وجدتها فعمل عوضها من ذهب‏.‏

وسار موسى إلى سرقسطة ومدائنها فافتتحها وأوغل في بلاد الفرنج فانتهى إلى مفازة كبيرة وأرض سهلة ذات آثار فأصاب فيها صنماً قائماً فيه مكتوب بالنقر‏:‏ يا بني إسماعيل هاهنا منتهاكم فارجعوا وإن سألتم إلى ماذا ترجعون أخبرتكم أنكم ترجعون إلى الإختلاف فيما بينكم حتى يضرب بعضكم أعناق بعض وقد فعلتم‏.‏فرجع ووافاه رسول الوليد في أثناء ذلك يأمره بالخروج عن الأندلس والقفول إليه فساءه ذلك ومطل الرسول وهو يقصد بلاد العدو في غير ناحية الصنم يقتل ويسبي ويهدم الكنائس ويكسر النواقيس حتى بلغ صخرة بلاي على البحر الأخضر وهو في قوة وظهور فقدم عليه رسول آخر للوليد يستحثه وأجذ بعنان بغلته وأخرجه وكان موافاة الرسول بمدينة لك بجليقية وخرج على الفج المعروف بفج موسى ووافاه طارق من الثغر الأعلى معه ومضيا جميعاً‏.‏

واستخلف موسى على الأندلس ابنه عبد العزيز بن موسى فلما عبر البحر إلى سبتة استخلف عليها وعلى طنجة وما والاهما ابنه عبد الملك واستخلف على إفريقية وأعمالها ابنه الكبير عبد الله وسار إلى الشام وحمل الأموال التي غنمت من الأندلس والذخائر والمائدة ومعه ثلاثون ألف بكر من بنات ملوك القوط وأعيانهم ومن نفيس الجوهر والأمتعة ما لا يحصى فورد الشام وقد مات الوليد بن عبد الملك واستخلف سليمان بن عبد الملك وكان منحرفاً عن موسى بن نصير فعزله عن جميع أعماله وأقصاه وحبسه وأغرمه حتى احتاج أن يسأل العرب في معونته‏.‏

وقيل‏:‏ إنه قدم الشام والوليد حي وكان قد كتب إليه وادعى أنه هو الذي فتح الأندلس وأخبره خبر المائدة فلما حضر عنده عرض عليه ما معه وعرض المائدة ومعه طارق فقال طارق‏:‏ أنا غنمتها‏.‏ فكذبه موسى‏.‏

فقال طارق للوليد‏:‏ سله عن رجلها المعدومة‏.‏

فسأله عنها فلم يكن عنده علم فأظهرها طارق وذكر أنه أخفاها لهذا السبب‏.‏

فعلم الوليد صدق طارق وإنما فعل هذا لأنه كان حبسه وضربه حتى أرسل الوليد فأخرجه وقيل لم يحبسه‏.‏

قالوا‏:‏ ولما دخلت الروم بلاد الأندلس كان في مملكتهم بيت إذا ولي ملك منهم أقفل عليه قفلاً فلما ملكت القوط فعلوا كفعلهم فلما ملك رذريق أراد فتح الأقفال فنهاه أكابر أهل البلاد عن ذلك فلم يقبل منهم وفتح الأقفال فرأى في البيت صور العرب وعليهم العمائم الحمر على خيول شهب وفيه كتاب‏:‏ إذا فتح هذا البيت دخل هؤلاء القوم هذا البلد‏.‏

ففتحت الأندلس تلك السنة‏.‏

فهذا القدر كاف في فتح الأندلس ونذكر باقي أخبار الأندلس عنه أوقات حدوثها على ما شرطنا إن شاء الله تعالى‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



134 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين


134

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين
 

وتشمل الاحداث الاتية ذكرها

== ذكر فتح الأندلس
== ذكر غزوة جزيرة سردانية

في هذه السنة غزا مسلمة بن عبد الملك أرض الروم ففتح حصونًا ثلاثة وجلا أهل سوسنة إلى بلاد الروم‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

133 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر عدة حوادث


133

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر عدة حوادث


قيل‏:‏ في هذه السنة استعمل الوليد خالد بن عبد الله القسري على مكة فلم يزل واليًا عليها حتى مات الوليد وكان قد تقدم سنة تسع وثمانين ذكره أيضًا فلما ولي مكة خطبهم وعظم أمر الخلافة وحثهم على الطاعة فقال‏:‏ لو أني أعلم أن هذه الوحش التي تأمن في الحرم لو نطقت لم تقر بالطاعة لأخرجتها منه فعليكم بالطاعة ولزوم الجماعة فإني والله لا أوتى بأحد يطعن على إمامه إلا صلبته في الحرم إني لا أرى فيما كتب به الخليفة أو رآه إلا إمضاءه‏.‏

واشتد عليهم‏.‏

وحج بالناس هذه السنة الوليد بن عبد الملك فلما دخل المدينة غدا إلى المسجد ينظر إلى بنائه وأخرج الناس منه ولم يبق غير سعيد بن المسيب لم يجرؤ أحد من الحرس أن يخرجه فقيل له‏:‏ لو قمت‏.‏

قال‏:‏ لا أقوم حتى يأتي الوقت الذي كنت أقوم فيه‏.‏

فقيل‏:‏ لو سلمت على أمير المؤمنين‏.‏

قال‏:‏ والله لا أقوم إليه‏.‏

قال عمر بن عبد العزيز‏:‏ فجعلت أعدل بالوليد في ناحية المسجد لئلا يراه فالتفت الوليد إلى القبلة فقال‏:‏ من ذلك الشيخ أهو سعيد قال عمر‏:‏ نعم ومن حاله كذا وكذا فلو علم بمكانك لقام فسلم عليك وهو ضعيف البصر‏.‏

قال الوليد‏:‏ قد علمت حاله ونحن نأتيه‏.‏

فدار في المسجد حتى أتاه فقال‏:‏ كيف أنت أيها الشيخ فوالله ما تحرك سعيد بل قال‏:‏ بخير والحمد الله فكيف أمير المؤمنين وكف حاله فانصرف وهو يقول لعمر‏:‏ هذا بقية الناس‏!‏ وقسم بالمدينة دقيقًا كثيرًا وآنيةً من ذهب وفضة وأموالًا وصلى بالمدينة الجمعة فخطب الخطبة الأولى جالسًا ثم قام فخطب الخطبة الثانية قائمًا‏.‏

قال إسحاق بن يحيى‏:‏ فقلت لرجاء بن حيوة وهو معه‏:‏ أهكذا تصنعون قال‏:‏ نعم مكررًا وهكذا صنع معاوية وهلم جرًا‏.‏

قال فقلت له‏:‏ هلا تكلمه قال‏:‏ أخبرني قبيصة بن ذؤيب أنه كلم عبد الملك ولم يترك القعود وقال‏:‏ هكذا خطب عثمان‏.‏

قال فقلت‏:‏ والله ما خطب إلا قائمًا‏.‏

قال رجاء‏:‏ روي لهم شيء فاقتدوا به‏.‏

قال إسحاق‏:‏ ولم نر منهم أشد تجبرًا منه‏.‏

وكان العمال على البلاد من تقدم ذكرهم غير مكة فإن خالدًا كان عاملها وقيل‏:‏ إن عاملها هذه السنة كان عمر بن عبد العزيز بن مروان‏.‏

وفي هذه السنة غزا عبد العزيز بن الوليد الصائفة وكان على ذلك الجيش مسلمة بن عبد الملك وفيها عزل الوليد عمه محمد بن مروان عن الجزيرة وأرمينية واستعمل عليها أخاه مسلمة بن عبد الملك فغزا مسلمة الترك من ناحية أذربيجان حتى بلغ البال وفتح مدائن وحصونًا ونصب عليها المجانيق‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

132 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر تتمة خبر قتيبة مع نيزك


132

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر تتمة خبر قتيبة مع نيزك
 

قد ذكرنا مسير قتيبة إلى نيزك وما جرى له بالطالقان وقتل بها فلما فتح الطالقان استعمل أخاه عمر بن مسلم وقيل‏:‏ إن ملكها لم يحارب قتيبة فكف عنه وكان بها لصوص فتلهم قتيبة وصلبهم ثم سار قتيبة إلى الفارياب فخرج إليه ملكها مقرًا مذعنًا فقبل منه ولم يقتل بها أحدًا واستعمل عليها رجلًا من أهله‏.‏

وبلغ ملك الجوزجان خبرهم فهرب إلى الجبال وسار قتيبة إلى الجوزجان فلقيه أهلها سامعين مطيعين فقبل منهم ولم يقتل بها أحدًا واستعمل عليها عامر بن مالك الحماني‏.‏

ثم أتى بلخ فلقيه أهلها فلم يقم بها إلا يومًا واحدًا وسار يتبع أخاه عبد الرحمن إلى شعب خلم ومضى نيزك إلى بغلان وخلف مقاتلة على فم الشعب ومضايقه ليمنعوه ووضع مقاتلته في قلعة حصينة من وراء الشعب‏.‏

فأقام قتيبة أيامًا يقاتلهم على مضيق الشعب لا يقدر على دخوله ولا يعرف طريقًا يسلكه إلى نيزك إلا الشعب‏.‏

فأقام قتيبة أيامًا يقاتلهم على مضيق الشعب لا يقدر على دخوله ولا يعرف طريقًا يسلكه إلى نيزك إلا الشعب أو مفازة لا تحتملها العساكر فبقي متحيرًا فقدم إنسان فاستأمنه على أن يدله على مدخل القلعة التي من وراء الشعب فآمنه قتيبة وبعث معه رجالًا فانتهى بهم إلى القلعة من وراء شعب خلم فطرقوهم وهم آمنون فقتلوهم وهرب من بقي منهم ومن كان في الشعب فدخل قتيبة الشعب فأتى القلعة ومضى فارتحل نيزك من منزله فقطع وادي فرغانة ووجه ثقله وأمواله إلى كابل شاه ومضى حتى نزل الكرز وعبد الرحمن يتبعه فنزل عبد الرحمن حذاء الكرز ونزل قتيبة بمنزل بينه وبين عبد الرحمن فرسخان فتحصن نيزك في الكرز وليس إليه مسلك إلا من وجه واحد وهو صعب لا تطيقه الدواب فحصره قتيبة شهرين حتى قل ما في يد نيزك من الطعام وأصابهم الجدري وجدر جبغويه‏.‏

وخاف قتيبة الشتاء فدعا سليمًا الناصح فقال‏:‏ انطلق إلى نيزك واحتل لتأتيني به بغير أمان فإن احتال وأبى فآمنه واعلم أني إن عاينتك وليس هو معك صلبتك‏.‏

قال‏:‏ فاكتب إلى عبد الرحمن لا يخالفني فكتب إليه فقدم عليه فقال له‏:‏ ابعث رجالًا ليكونوا على فم الشعب فإذا خرجت أنا ونيزك فليعطفوا من ورائنا فيحولوا بيننا وبين الشعب‏.‏

فبعث عبد الرحمن خيلًا فكانت هناك وحمل سليم مع أطعمة وأخبصة أوقارًا وأتى نيزك فقال له‏:‏ إنك أسأت إلى قتيبة وغردت‏.‏

قال نيزك‏:‏ فما الرأي قال‏:‏ أرى أن تأتيه فإنه ليس ببارح وقد عزم على أن يشتو مكانه هلك أو سلم‏.‏

قال نيزك‏:‏ فكيف آتيه على غير أمان قال‏:‏ ما أظنه يؤمنك لما في نفسه عليك لأنك قد ملأته غيظًا ولكني أرى أن لا يعلم بك حتى تضع يدك في يده فإني أرجو أن يستحي ويعفو عنك قال‏:‏ إني أرى نفسي تأبى هذا وهو إن رآني قتلني‏.‏

فقال سليم‏:‏ ما أتيتك إلا لأشير عليك بهذا ولو فعلت لرجوت أن تسلم وعود حالك عنده فإذا أبيت فإني منصرف‏.‏

وقدم سليم الطعام الذي معه ولا عهد لهم بمثله فانتهبه أصحاب نيزك فساءه ذلك فقال له سليم‏:‏ إني لك من الناصحين أرى أصحابك قد جهدوا وإن طال بهم لحصار لم آمنهم أن يستأمنوا بك فأت قتيبة‏.‏

فقال‏:‏ لا آمنه على نفسي ولا آتيه إلا بأمان وإن ظني أن يقتلني وإن آمنني ولكن الأمان أعذر إلي‏.‏

فقال سليم‏:‏ قد آمنك أفتتهمني قال‏:‏ لا‏.‏

وقال له أصحابه‏:‏ اقبل قول سليم فلا يقول إلا حقًا‏.‏

فخرج معه ومع جبغويه وصول طرخان خليفة جبغويه وحبس طرخان صاحب شرطته وشقران ابن أخي نيزك فلما خرجوا من الشعب عطفت الخيل التي خلفها سليم فحالوا بين الأتراك أصحاب نيزك والخروج فقال نيزك‏:‏ هذا أول الغدر‏.‏

قال سليم‏:‏ تخلف هؤلاء عنك خير لك‏.‏

وأقبل سليم ونيزك ومن معه حتى دخلوا إلى قتيبة فحبسهم وكتب إلى الحجاج يستأذنه في قتل نيزك‏.‏

واستخرج قتيبة ما كان في الكرز من متناع ومن كان فيه فقدم به على قتيبة‏.‏

فانتظر بهم كتاب الحجاج فاتاه كتاب الحجاج بعد أربعين يومًا يأمره بقتل نيزك فدعا قتيبة الناس واستشارهم في قتله واخلفوا فقال ضرار بن حصين‏:‏ إني سمعتك تقول‏:‏ أعطيت الله

فدعا نيزك فضرب رقبته بيده وأمر بقتل صول وابن أخي نيزك وقتل من أصحابه سبعمائة وقيل‏:‏ اثني عشر ألفًا وصلب نيزك وابن أخيه وبعث برأسه إلى الحجاج وقال نهار بن توسعة في قتل نيزك‏:‏ لعمري نعمت غزوة الجند غزوةً قضت نحبها من نيزكٍ وتعلت وأخذ الزنير مولى عباس الباهلي حقًا لنيزك فيه جوهر وكان أكثر من في بلاده مالًا وعقارًا من ذلك الجوهر وأطلق قتيبة جبغويه ومن عليه وبعث به إلى الوليد فلم يزل بالشام حتى مات الوليد‏.‏

كان الناس يقولون‏:‏ غدر قتيبة بنيزك فقال بعضهم‏:‏ فلا تحسبن الغدر حرمًا فربما ترقت بك الأقدام يومًا فزلت فلما قتل قتيبة نيزك رجع إلى مرو وأرسل ملك الجوزجان يطلب الأمان فآمنه على أن يأتيه فطلب رهنًا ويعطي رهائن فأعطاه قتيبة حبيب بن عبد الله بن حبيب الباهلي وأعطى ملك الجوزجان رهائن من أهل بيته وقدم على قتيبة فصالحه ثم رجع فمات بالطالقان فقال أهل الجوزجان‏:‏ إنهم سموه فقتلوا حبيبًا وقتل قتيبة الرهائن الذين كانوا عنده‏.‏

وفي هذه السنة سار قتيبة إلى شومان فحصرها‏.‏

وكان سبب ذلك أن ملكها طرد عامل قتيبة من عنده فأرسل إليه قتيبة رسولين أحدهما من العرب اسمه عياش والآخر من أهل خراسان يدعوان ملك شومان أن يؤدي ما كان صالح عليه‏.‏فقدما شومان فخرج أهلها إليهما فرموهما فانصرف الخراساني وقاتلهم عياش فقتلوه ووجدوا به ستين جراحة‏.‏

وبلغ قتله قتيبة فسار إليهم بنفسه فلما أتاها أرسل صالح بن مسلم أخو قتيبة إلى ملكها وكان صديقًا له يأمره بالطاعة ويضمن له رضا قتيبة إن رجع إلى الصلح‏.‏

فأبى وقال لرسول صالح‏:‏ أتخوفني من قتيبة وأنا أمنع الملوك حصنًا فأتاه قتيبة وقد تحصن ببلده فوضع عليه المجانيق ورمى الحصن من مال وجوهر ورمى به في بئر بالقلعة لا يدرك قعرها ثم فتح القلعة وخرج إليهم فقاتلهم حتى قتل وأخذ قتيبة القلعة عنوةً فقتل المقاتلة وسبى الذرية‏.‏

ثم سار إلى كش ونسف ففتحهما‏.‏

وامتنعت عليه فارياب فأحرقها فسميت المحترقة وسير من كش ونسف أخاه عبد الرحمن إلى الصغد وملكها طرخون فقبض عبد الرحمن من طرخون ما كان صالحه عليه قتيبة ودفع إليه رهنًا كانوا معه ورجع إلى قتيبة ببخارى وكان قد سار إليها من كش ونسف فرجعوا إلى مرو‏.‏

ولما كان قتيبة ببخارى ملك بخاراخذاه وكان غلامًا

وقيل‏:‏ إن قتيبة سار بنفسه إلى الصغد فلما رجع عنهم قالت الصغد لطرخون‏:‏ إنك قد رضيت بالذل واستطبت الجزية وأنت شيخ كبير فلا حاجة لنما فيك فحبسوه وولوا غوزك فقتل طرخون نفسه‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



 

131 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ثم دخلت سنة إحدى وتسعين


131

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ثم دخلت سنة إحدى وتسعين

وتشمل الاحداث الاتية ذكرها

== ذكر تتمة خبر قتيبة مع نيزك
== ذكر عدة حوادث



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

130 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر عدة حوادث


130

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر عدة حوادث
 

في هذه السنة غزا مسلمة بن عبد الملك أرض الروم ففتح الحصون الخمسة التي بسورية وغزا عباس بن الوليد حتى بلغ أرزن وبلغ سورية‏.‏

وفيها استعمل الوليد بن عبد الملك قرة بن شريك على مصر وعزل أخاه عبد الله بن عبد الملك‏.‏

وفيها أسرت الروم خالد بن كيسان صاحب البحر فأهداه ملكهم إلى الوليد‏.‏

وحج بالناس هذه السنة عمر بن عبد العزيز وكان أميرًا على مكة والمدينة والطائف‏.‏

وكان على العراق والمشرق كله الحجاج بن يوسف وعامله على البصرة الجراح بن عبد الله الحكمي وعلى قضائها عبد الرحمن بن أذينة وعلى خراسان قتيبة بن مسلم وعلى مصر قرة بن شريك‏.‏

وفيها مات أنس بن مالك الأنصاري وقيل‏:‏ سنة اثنتين وتسعين وقيل‏:‏ ثلاث وتسعين وكان عمره ستًا وتسعين سنة وقيل‏:‏ مائة وست سنين وقيل‏:‏ وسبع وقيل وثلاث‏.‏

وفيها مات أبو العالية الرياحي في شوال‏.‏

وفيها توفي نصر بن عاصم الليثي النحوي وأخذ النحو عن أبي الأسود الدؤلي وقيل‏:‏ مات سنة تسعين‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




129 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر هرب يزيد بن المهلب وإخوته من سجن الحجاج


129

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر هرب يزيد بن المهلب وإخوته من سجن الحجاج
 

قيل‏:‏ وفي هذه السنة هرب يزيد بن المهلب وإخوته الذين كانوا معه في سجن الحجاج وكان الحجاج قد خرج إلى رستقاباذ للبعث لأن الأكراد كانوا قد غلبوا على فارس وخرج معه يزيد بن المهلب وإخوته عبد الملك والمفضل في عسكره وجعل عليهم كهيئة الخندق وجعلهم في

فسطاط قريب منه وجعل عليهم الحرس من أهل الشام وطلب منهم ستة آلاف ألف وأخذ يعذبهم فكان يزيد يصبر صبرًا حسنًا وكان ذلك مما يغيظ الحجاج منه‏.‏

فقيل للحجاج إنه رمي في ساقه بنشابة فثبت نصلها فيه فهو لا يمسها إلا صاح فأمر أن يعذب في ساقه فلما فعلوا به ذلك صاح وأخته هند بنت المهلب عند الحجاج‏.‏

فلما سمعت صوته صاحت وناحت فطلقها الحجاج ثم إنه كف عنهم وأقبل يستأديهم وهم يعملون في التخلص فبعثوا إلى أخيهم مروان وكان بالبصرة أن يضمن لهم خيلًا ويري الناس أنه يريد بيعها لتكون عدة‏.‏

ففعل ذلك وكان أخوه حبيب يعذب بالبصرة أيضًا‏.‏

فصنع يزيد للحرس طعامًا كثيرًا وأمر لهم بشراب فسقوا واشتغلوا به ولبس يزيد ثياب طباخه وخرج وقد جعل له لحيةً بيضاء فرآه بعض الحرس فقال‏:‏ كانت هذه مشية يزيد فجاء إليه فرأى لحيته بيضاء في الليل فتركه وعاد فخرج المفضل ولم يفطن له فجاؤوا إلى سفن معدة فركبوها يزيد والمفضل وعبد الملك وساروا ليلتهم حتى أصبحوا فلما أصبحوا علم بهم الحرس فرفعوا خبرهم إلى الحجاج ففزع وظن أنهم يفسدون خراسان لفتنوا بها فبعث البريد إلى قتيبة بخبرهم ويأمره بالحذر‏.‏

ولما دنا يزيد من البطائح استقبلته الخيل فخرجوا عليها ومعهم دليل من كلب فاخذوا طريق الشام على طريق السماوة وأتى الحجاج بعد يومين فقيل له‏:‏ إنهم أخذوا طريق الشام فبعث إلى الوليد بن عبد الملك يعلمه‏.‏

ثم سار يزيد فقدم فلسطين فنزل على وهيب بن عبد الرحمن الأزدي وكان كريمًا على سليمان بن عبد الملك فجاء وهيب إلى سليمان فأعلمه بحال يزيد وإخوته وأنهم قد استعاذوا به من الحجاج قال‏:‏ فأتني بهم فهم آمنون لا يوصل إليهم أبد وأنا حي‏.‏

فجاء بهم إليه وكانوا في مكان آمن‏.‏

وكتب الحجاج إلى الوليد‏:‏ إن آل المهلب خانوا أمان الله وهربوا مني ولحقوا بسليمان‏.‏

وكان الوليد قد حذرهم وظن أنهم يأتون خراسان للفتنة بها فلما علم أنهم عند أخيه سليمان سكن بعض ما به وطار غضبًا للمال الذي ذهب به فكتب سليمان إلى الوليد‏:‏ إن يزيد عندي وقد آمنته وإنما عليه ثلاثة آلاف ألف لأن الحجاج أغرمه ستة آلاف ألف فأدى ثلاثة آلاف ألف والذي بقي عليه أنا أؤديه‏.‏

فكتب الوليد‏:‏ والله لا أؤمنه حتى تبعث به إلي‏.‏

فكتب‏:‏ لئن أنا بعثت به إليك لاجئين معه‏.‏

فكتب الوليد‏:‏ والله لئن جئتني لا أؤمنه‏.‏

فقال يزيد‏:‏ أرسلني إليه فوالله ما أحب أن أوقع بينه وبينك عداوةً ولا أن يتشأم الناس بي لكما واكتب معي بألطف ما قدرت عليه‏.‏

فأرسله وأرسل معه ابنه أيوب وكان الوليد قد أمره أن يبعث به مقيدًا‏.‏

فقال سليمان لابنه‏:‏ إذا دخلت على أمير المؤمنين فادخل أنت ويزيد في سلسلة‏.‏

ففعل ذلك‏.‏

فلما رأى الوليد ابن أخيه في سلسلة قال‏:‏ لقد بلغنا من سليمان‏.‏

ودفع أيوب كتاب أبيه إلى عمه وقال له‏:‏ يا أمير المؤمنين نفسي فداؤك لا تخفر ذمة أبي وأنت أحق من منعها ولا تقطع ما رجاء من رجا السلامة في جوارنا لمكاننا منك ولا تذل من رجا العز في الانقطاع إلينا لعز بابك‏.‏

فقرأ الوليد كتاب سليمان فإذا هو يستعطفه ويشفع إليه ويضمن إيصال المال فلما قرأ المتاب قال‏:‏ لقد شققنا على سليمان‏.‏

وتكلم يزيد واعتذر فآمنه الوليد فرجع إلى سليمان وكتب الوليد إلى الحجاج‏:‏ إني لم أصل إلى يزيد وأهله مع سليمان فاكفف عنهم فكف عنهم‏.‏

وكان أبو عيينة بن المهلب عند الحجاج عليه ألف ألف فتركها وكف عن حبيب بن المهلب‏.‏

وأقام يزيد بن المهلب عند سليمان يهدي إليه الهدايا ويصنع له الأطعمة وكان لا يأتي يزيد هيدة إلا بعث بها إلى سليمان ولا يأتي سليمان هدية إلا بعث بنصفها إلى يزيد وكان لا تعجبه جارية إلا بعث بها إلى يزيد‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



128 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر غدر نيزك وفتح الطالقان


128

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر غدر نيزك وفتح الطالقان
 

قيل‏:‏ لما رجع قتيبة من بخارى ومعه نيزك وقد خاف لما يرى من الفتوح فقال لأصحابه‏:‏ أنامع هذا ولست آمنه فلو استأذنته ورجعت كان الرأي‏.‏

قالوا‏:‏ افعل‏.‏

فاستأذن قتيبة فأذن له وهو بآمل فرجع يريد طخارستان وأسرع السير حتى أتى النوبهار فنزل يصلي فيه ويتبرك به وقال لأصحابه‏:‏ لا أشك أن قتيبة قد ندم على إذنه لي وسيبعث إلى المغيرة بن عبد الله يأمره بحبسي‏.‏

وندم قتيبة على إذنه له فأرسل إلى المغيرة يأمره بحبس نيزك وسار نيزك وتبعه المغيرة فوجده قد دخل شعب خلم فرجع المغيرة وأظهر نيزك الخلع وكتب إلى أصبهبذ بلخ وإلى باذان ملك مرو الوذ وإلى ملك الكالقان وإلى ملك الفارياب وإلى ملك الجوزجان أن يدعوهم إلى خلع قتيبة فأجابوه فواعدهم الربيع أن يجتمعوا ويغزو قتيبة وكتب إلى كابل شاه يستظهر به وبعث إليه بثقله وماله وسأله أن يأذن له إن اضطر إليه أن يأتيه فأجابه إلى ذلك‏.‏

وكان جبغويه ملك طخارستان ضعيفًا فأخذه نيزك فقيده بقيد من ذهب لئلا يخالف عليه وكان جبغويه هو الملك ونيزك عبده فاستوثق منه وأخرج عامل قتيبة من بلاد جبغويه‏.‏

وبلغ قتيبة خلعه قبل الشتاء وقد تفرق الجند فبعث أخاه عبد الرحمن بن مسلم في اثني عشر ألفًا إلى البورقان وقال‏:‏ أقم بها ولا تحدث شيئًا فإذا انقضى الشتاء سر نحو طخارستان واعلم أني قريب منك‏.‏

فسار فلما كان آخر الشتاء كتب قتيبة إلى نيسابور وغيرها من البلاد ليقدم عليه الجنود فقدموا قبل أوانهم فسار نحو الطالقان وكان ملكها قد خلع وطابق نيزك على الخلع فاتاه قتيبة فأوقع بأهل الطالقان فقتل من أهلها مقتلةً عظيمةً وصلب منهم سماطين أربعة فراسخ في نظام واحد ثم انقضت السنة قبل محاربة نيزك وسنذكر تمام خبره سنة إحدى وتسعين إن شاء الله‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



127 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر صلح قتيبة مع الصغد ذكر فتح بخارى


127

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر صلح قتيبة مع الصغد

ذكر فتح بخارى


قد ذكرنا ورود كتاب الحجاج إلى قتيبة بأمره بالتوبة عن انصرافه عن وردان خذاه ملك بخارى ويعرفه الموضع الذي يأتي بلده منه فلما ورد الكتاب على قتيبة خرج غازيًا إلى بخارى سنة تسعين فاستجاش وردان خذاه بالصغد والترك من حوله فأتوه وقد سبق إليها قتيبة فحصرها فلما جاءتهم أمدادهم خرجوا إلى المسلمين يقاتلونهم فقالت الأزد‏:‏ اجعلونا ناحيةً وخلوا بيننا وبين قتلاهم‏.‏

فقال قتيبة‏:‏ تقدموا وقاتلوهم قتالًا شديدًا ثم إن الأزد انهزموا حتى دخلوا العسكر وركبهم المشركون فحطموهم حتى أدخلوهم عسكرهم وجازوه حتى ضرب النساء وجوه الخيل وبكين فكروا راجعين فانطوت مجنبتا المسلمين على الترك فقاتلوهم حتى ردوهم إلى مواقفهم فوقف الترك على نشز فقال قتيبة‏:‏ من يزيلهم عن هذا الموضع فلم يقدم عليهم أحد من العرب فأتى بني تميم فقال لهم‏:‏ يوم كأيامكم فأخذ وكيع اللواء وقال‏:‏ يا بني تميم أتسلمونني اليوم قالوا‏:‏ لا يا أبا مطرف‏.‏

وكان هريم بن أبي طحمة على خيل تميم ووكيع رأسهم فقال وكيع‏:‏ يا هريم قدم خيلك‏.‏

ودفع إليه الراية فتقدم هريم وتقدم وكيع في الرجالة فانتهى هريم إلى نهر بينهم وبين الترك فوقف فقال وكيع‏:‏ تقدم يا هريم فنظر هريم نظر الجمل الهائج الصائل وقال‏:‏ أأقحم الخيل هذا النهر فإن انكشفت كان هلاكها يا أحمق‏.‏

فقال وكيع‏:‏ يا بن اللخناء ترد أمير‏!‏ فحذفه بعمود كان معه فعبر هريم في الخيل وانتهى وكيع إلى النهر فعمل عليه جسرًا من خشب وقال لأصحابه‏:‏ من وطن نفسه على الموت فليعبر وإلا فليثبت مكانه‏.‏

فما عبر معه إلا ثمانمائة رجل فلما عبر بهم ودنا من العدو قال لهريم‏:‏ غني مطاعنهم فاشغلهم عنا بالخيل فحمل عليهم حتى خالطهم وحمل هريم في الخيل فطاعنوهم ولم يزالوا يقاتلونهم حتى حدروهم من التل ونادى قتيبة‏:‏ ما ترون العدو منهزمين فلم يعبر أحد النهر حتى انهزموا وعبر الناس ونادى قتيبة‏:‏ من أتى برأس فله مائة فأتي برؤوس كثيرة فجاء يومئذٍ أحد عشر رجلًا من بني قريع كل رجل برأس فيال له‏:‏ من أنت فيقول‏:‏ قريعي‏.‏

فجاء رجل من الأزد برأس فيل له‏:‏ من أنت فقال‏:‏ قريعي فعرفه جهم بن زحر فقال‏:‏ كذب والله إنه أزدي‏.‏

فقال له قتيبة‏:‏ ما دعاك إلى هذا فقال‏:‏ رأيت كل من جاء يقول قريعي فظننت أنه ينبغي لكل من جاء برأس يقوله‏.‏ فضحك قتيبة‏.‏

وجرح خاقان وابنه وفتح الله عليهم وكتب قتيبة بالفتح إلى الحجاج‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




126 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر فتح بخارى


126

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر فتح بخارى


قد ذكرنا ورود كتاب الحجاج إلى قتيبة بأمره بالتوبة عن انصرافه عن وردان خذاه ملك بخارى ويعرفه الموضع الذي يأتي بلده منه فلما ورد الكتاب على قتيبة خرج غازيًا إلى بخارى سنة تسعين فاستجاش وردان خذاه بالصغد والترك من حوله فأتوه وقد سبق إليها قتيبة فحصرها فلما جاءتهم أمدادهم خرجوا إلى المسلمين يقاتلونهم فقالت الأزد‏:‏ اجعلونا ناحيةً وخلوا بيننا وبين قتلاهم‏.‏

فقال قتيبة‏:‏ تقدموا وقاتلوهم قتالًا شديدًا ثم إن الأزد انهزموا حتى دخلوا العسكر وركبهم المشركون فحطموهم حتى أدخلوهم عسكرهم وجازوه حتى ضرب النساء وجوه الخيل وبكين فكروا راجعين فانطوت مجنبتا المسلمين على الترك فقاتلوهم حتى ردوهم إلى مواقفهم فوقف الترك على نشز فقال قتيبة‏:‏ من يزيلهم عن هذا الموضع فلم يقدم عليهم أحد من العرب فأتى بني تميم فقال لهم‏:‏ يوم كأيامكم فأخذ وكيع اللواء وقال‏:‏ يا بني تميم أتسلمونني اليوم قالوا‏:‏ لا يا أبا مطرف‏.‏

وكان هريم بن أبي طحمة على خيل تميم ووكيع رأسهم فقال وكيع‏:‏ يا هريم قدم خيلك‏.‏

ودفع إليه الراية فتقدم هريم وتقدم وكيع في الرجالة فانتهى هريم إلى نهر بينهم وبين الترك فوقف فقال وكيع‏:‏ تقدم يا هريم فنظر هريم نظر الجمل الهائج الصائل وقال‏:‏ أأقحم الخيل هذا النهر فإن انكشفت كان هلاكها يا أحمق‏.‏

فقال وكيع‏:‏ يا بن اللخناء ترد أمير‏!‏ فحذفه بعمود كان معه فعبر هريم في الخيل وانتهى وكيع إلى النهر فعمل عليه جسرًا من خشب وقال لأصحابه‏:‏ من وطن نفسه على الموت فليعبر وإلا فليثبت مكانه‏.‏

فما عبر معه إلا ثمانمائة رجل فلما عبر بهم ودنا من العدو قال لهريم‏:‏ غني مطاعنهم فاشغلهم عنا بالخيل فحمل عليهم حتى خالطهم وحمل هريم في الخيل فطاعنوهم ولم يزالوا يقاتلونهم حتى حدروهم من التل ونادى قتيبة‏:‏ ما ترون العدو منهزمين فلم يعبر أحد النهر حتى انهزموا وعبر الناس ونادى قتيبة‏:‏ من أتى برأس فله مائة فأتي برؤوس كثيرة فجاء يومئذٍ أحد عشر رجلًا من بني قريع كل رجل برأس فيال له‏:‏ من أنت فيقول‏:‏ قريعي‏.‏

فجاء رجل من الأزد برأس فيل له‏:‏ من أنت فقال‏:‏ قريعي فعرفه جهم بن زحر فقال‏:‏ كذب والله إنه أزدي‏.‏

فقال له قتيبة‏:‏ ما دعاك إلى هذا فقال‏:‏ رأيت كل من جاء يقول قريعي فظننت أنه ينبغي لكل من جاء برأس يقوله‏.‏ فضحك قتيبة‏.‏

وجرح خاقان وابنه وفتح الله عليهم وكتب قتيبة بالفتح إلى الحجاج‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



125 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ثم دخلت سنة تسعين


125

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ثم دخلت سنة تسعين

وتشمل الاحداث الاتية ذكرها

== ذكر فتح بخارى
== ذكر صلح قتيبة مع الصغد
== ذكر غدر نيزك وفتح الطالقان
== ذكر هرب يزيد بن المهلب وإخوته من سجن الحجاج
== ذكر عدة حوادث



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





124 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر عدة حوادث


124

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر عدة حوادث
 

في هذه السنة غزا مسلمة بن عبد الملك الترك من ناحية أذربيجان ففتح حصونًا ومدائن هناك‏.‏

وحج بالناس عمر بن عبد العزيز وكان العمال من تقدم ذكرهم‏.‏

وفي هذه السنة مات عبد الله بن ثعلبة بن صغير العذري حليف بني زهرة وكان مولده قبل الهجرة بأربع سنين وقيل‏:‏ ولد سنة ست من الهجرة‏.‏

صعير بضم الصاد وفتح العين المهملتين‏.‏

وفيها مات ظليم مولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح بإفريقية‏.‏

ظليم بفتح الظاء المعجمة وكسر اللام‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

123 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر استعمال موسى بن نصير على إفريقية


123

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر استعمال موسى بن نصير على إفريقية

في هذه السنة استعمل الوليد بن عبد الملك موسى بن نصير على إفريقية وكان نصير والده على حرس معاوية فلما سار معاوية إلى صفين لم يسر معه فقال له‏:‏ ما يمنعك من المسير معي إلى قتل علي ويدي عنك معروفة فقال‏:‏ لا أشركك بكفر من هو أولى بالشكر منك وهو الله عز وجل‏.‏ فسكت عنه معاوية‏.‏

فوصل موسى إلى إفريقية وبها صالح الذي استخلفه حسان على إفريقية وكان البربر قد طمعوا في البلاد بعد مسير حسان فلما وصل موسى عزل صالحًا وبلغه أن بأطراف البلاد قومًا خارجين عن الطاعة فوجه إليه ابنه عبد الله فقاتلهم فظفر بهم وسبى منهم ألف رأس وسيره في البحر إلى جزيرة ميورقة فنهبها وغنم منها مالا يحصى وعاد سالمًا فوجه ابنه هارون إلى طائفة أخرى فظفر بهم وسبى منهم نحو ذلك وتوجه هو بنفسه إلى طائفة أخرى فغنم نحو ذلك فبلغ الخمس ستين ألف رأس من السبي ولم يذكر أحد أنه سمع بسبي أعظم من هذا‏.‏

ثم إن إفريقية قحطت واشتد بها الغلاء فاستسقى بالناس وخطبهم ولم يذمر الوليد وقيل له في ذلك فقال‏:‏ هذا مقام لا يدعى فيه لأحد ولا يذكر إلا الله عز وجل فسقى الناس ورخصت الأسعار ثم خرج غازيًا إلى طنجة يريد من بقي من البربر وقد هربوا خوفًا منه فتبعهم وقتلهم قتلًا ذريعًا حتى بلغ السوس الأدنى لا يدافعه أحد فاستأمن البربر إليه وأطاعوه واستعمل على طنجة مولاه طارق بن زياد ويقال‏:‏ إنه صدفي‏.‏

وجعل معه جيشًا كثيفًا جلهم من البربر وجعل معهم من يعلمهم القرآن والفرائض وعاد إلى إفريقية‏.‏

فمر بقلعة مجانة فتحصن أهلها منه وترك عليها من يحاصرها مع بشر بن فلان ففتحها فسميت قلعة بشر إلى الآن وحينئذٍ لم يبق له في إفريقية من ينازعه‏.‏

وقيل‏:‏ كانت ولاية موسى سنة ثمان وسبعين استعمله عليها عبد العزيز بن مروان وهو حينئذٍ على مصر لأخيه عبد الملك‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

122 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر قتل ذاهر ملك السند


122


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر قتل ذاهر ملك السند


في هذه السنة قتل محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي يجتمع هو والحجاج في الحكم ذاهر بن صعصعة ملك السند وملك بلاده وكان الحجاج بن يوسف استعمله على ذلك الثغر وسير معه ستة آلاف مقاتل وجهزه بكل ما يحتاج إليه حتى المسال والإبر والخيوط فسار محمد إلى مكران فأقام بها أيامًا ثم أتى قنزبور ففتحها ثم سار إلى ارمائيل ففتحها ثم سار إلى الديبل فقدمها يوم جمعة ووافته سفن كان حمل فيها الرجال والسلاح والأداة فخندق حين نزل الديبل بد عظيم عليه دقل عظيم وعلى الدقل راية حمراء إذا هبت الريح أطافت بالمدينة وكانت تدور والبد صنم في بناء عظيم تحت منارة عظيمة مرتفعة وفي رأس المنارة هذا الدقل وكل ما يعبد فهو عندهم بد‏.‏

فحصرها وطال حصارها فرمى الدقل بحجر العروس فكسره فتطير الكفار بذلك ثم إن محمد أتى وناهضهم وقد خرجوا إليه فهزمهم حتى ردهم إلى البلد وأمر بالسلاليم فنصبت وصعد عليها الرجال وكان أولهم صعودًا رجل من مراد من أهل الكوفة ففتحت عنوة وقتل فيها ثلاثة أيام وهرب عامل ذاهر عنها وأنزلها محمد أربعة آلاف من المسلمين وبنى جامعها وسار عنها إلى البيرون وكان أهلها بعثوا إلى الحجاج فصالحوه فلقوا محمدًا بالميرة وأدخلوه مدينتهم وسار عنها وجعل لا يمر بمدينة إلا فتحها حتى عبر نهرًا دون مهران فأتاه أهل سربيدس فصالحوه ووظف عليهم الخراج وسار عنهم إلى سهبان ففتحها ثم سار إلى نهر مهران فنزل في وسطه‏.‏

وبلغ خبره ذاهر فاستعد لمحاربته وبعث جيشًا إلى سدوستان فطلب أهلها الأمان والصلح فآمنهم ووظف عليهم الخراج ثم عبر محمد مهران مما يلي بلاد راسل الملك على جسر عقده وذاهر مستخف به فلقيه محمد والمسلمون وهو على فيل وحوله الفيلة ومعه التكاكرة فاقتتلوا قتالًا شديدًا لم يسمع بمثله وترجل ذاهر فقتل عند المساء ثم انهزم الكفار وقتلهم الملمون كيف

الخيل تشهد يوم ذاهر والقنا ومحمد بن القاسم بن محمد أني فرجت الجمع غير معردٍ حتى علوت عظيمهم بمهند فتركته تحت العجاج مجندلًا متعفر الخدين غير موسد فلما قتل ذاهر غلب محمد على بلاد السند وفتح مدينة راور عنوةً وكان بها امرأة لذاهر فخافت أن تؤخذ فأحرقت نفسها وجواريها وجميع مالها‏.‏

ثم سار إلى برهمناباذ العتيقة وهي على فرسخين من المنصورة ولم تكن المنصورة يومئذٍ كان موضعها غيضة وكان المنهزمون من الكفار بها فقاتلوه ففتحها محمد عنوةً وقتل بها بشرًا كثيرًا وخربت‏.‏

وسار يريد الرور وبغرور فلقيه أهل ساوندرى فطلبوا الأمان فأعطاهم إياه واشترط عليهم ضيافة المسلمين ثم أسلم أهلها بعد ذلك‏.‏

ثم تقدم إلى بسمد وصالح أهلها ووصل إلى الرور وهي من مدائن السند على جبل فحصرهم شهورًا فصالحوه وسار إلى السكة ففتحها ثم قطع نهر بياس إلى الملتان فقاتله أهلها وانهزموا فحصرهم محمد فجاءه إنسان ودله على قطع الماء الذي يدخل المدينة فقطعه فعطشوا فألقوا بأيديهم ونزلوا على حكمه فقتل المقاتلة وسبى الذرية وسدنة البد وهم ستة آلاف وأصابوا ذهبًا كثيرًا فجمع في بيت طوله عشرة أذرع وعرضه ثمانية أذرع يلقى إليه من كوة في وسطه فسميت الملتان فرج بيت الذهب والفرج الثغر وكان بد الملتان تهدى إليه من كوة في وسطه فسميت الملتان فرج بيت الذهب والفرج الثغر وكان بد الملتان تهدى إليه الأموال ويحج من البلاد ويحلقون رؤوسهم ولحاهم عنده ويزعمون أن صنمه هو أيوب النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وعظمت فتوحه ونظر الحجاج في النفقة على ذلك الثغر فكانت ستين ألف ألف درهم ونظر في الذي حمل فكان مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف فقال‏:‏ ربحنا ستين ألفًا وأدركنا ثأرنا ورأس ذاهر‏.‏

ثم مات الحجاج ونذكر أمر محمد عند موت الحجاج إن شاء الله تعالى‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



 

121 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر ولاية خالد بن عبد الله القسري مكة


121

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر ولاية خالد بن عبد الله القسري مكة
 

قيل‏:‏ وفي هذه السنة ولي خالد بن عبد الله القسري مكة فخطب أهلها فقال‏:‏ أيها الناس أيهما أعظم خليفة الرجل على أهله أو رسوله إليهم والله لو مل تعلموا فضل الخليفة إلا أن إبراهيم خليل الرحمن استسقاه فسقاه ملحًا أجاجًا واستسقاه الخليفة فسقاه عذبًا فراتًا يعني بالملح زمزم وبالماء الفرات بئرًا حفرها الوليد بثينة طوىً في ثنية الحجون وكان ماؤها عذبًا وكان ينقل ماءها ويضعه في حوض إلى جنب زمزم ليعرف فضله على زمزم فغارت البئر وذهب ماؤها فلا يدرى أين هو اليوم‏.‏

وقيل‏:‏ وليها سنة إحدى وتسعين وقيل‏:‏ سنة أربع وتسعين وقد ذكرناه هناك‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

120 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر غزو قتيبة بخارى


120

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر غزو قتيبة بخارى
 

في هذه السنة أتى قتيبة كتاب الحجاج يأمره بقصد وردان خذاه فعبر النهر من زم فلقي الصغد وأهل كش ونسف في طريق المفازة فقاتلوه فظفر بهم ومضى إلى بخارى فنزل خرقانة السفلى عن يمين وردان فلقوه في جمع كثير فقاتلهم يومين وليلتين فظفر بهم وغزا وردان خذاه ملك بخارى فلم يظفر بشيء فرجع إلى مرو وكتب إلى الحجاج بخبره فكتب إليه الحجاج أن صورها لي فبعث إليه بصورتها فكتب إليه الحجاج أن تب إلى الله جل ثناؤه مما كان منك وأتها من مكان كذا وكذا وكتب إليه‏:‏ أن كس بكش وانسف نسف ورد وردان وإياك والتحويط ودعنب من ثنيات الطريق‏.‏

وقيل‏:‏ إنما كان فتح بخارى سنة تسعين على ما نذكره‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

119 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر غزو الروم


119

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر غزو الروم


قيل‏:‏ في هذه السنة غزا مسلمة بن عبد الملك والعباس بن الوليد بن عبد الملك الروم فافتتح

وقيل‏:‏ إن ملسمة قصد عمورية فلقي بها جمعًا من الروم كثيرًا فهزمهم وافتتح هرقلة وقمونية وغزظا العباس الصائفة من ناحية البذندون‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

118 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ثم دخلت سنة تسع وثمانين


118


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ثم دخلت سنة تسع وثمانين


وتشمل الاحداث الاتية ذكرها

== ذكر غزو الروم
== ذكر غزو قتيبة بخارى
== ذكر ولاية خالد بن عبد الله القسري مكة
== ذكر قتل ذاهر ملك السند
== ذكر استعمال موسى بن نصير على إفريقية
== ذكر عدة حوادث


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




117 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر ما عمل الوليد من المعروف


117

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر ما عمل الوليد من المعروف
 

وفي هذه السنة كتب الوليد إلى عمر بن عبد العزيز في تسهيل الثنايا وحفر الآبار وأمره أن يعمل الفوارة بالمدينة فعملها وأجرى ماءها فلما حج الوليد ورآها أعجبته فأمر لها بقوام يقومون عليها وأمر أهل المسجد أن يستقوا منها وكتب إلى البلدان جميعها فإصلاح الطرق وعمل الآبار ومنع المجذمين من الخروج على الناس وأجرى لهم الأرزاق‏.‏

وحج الناس هذه السنة عمر بن عبد العزيز ووثل جماعةً من قريش وساق معه بدنًا وأحرم من ذي الحيلفة فلما كان بالتنعيم أخبر أن مكة قليلة الماء وأنهم يخافون على الحاج العطس فقال عمر‏:‏ تعالوا ندع الله تعالى فدعا ودعا معه الناس فما وصلوا البيت إلا مع المطر وسال الوادي فخاف أهل مكة من شدته ومطرت عرفة ومكة وكثر الخصب‏.‏

وقيل‏:‏ إنما حج هذه السنة عمر بن الوليد بن عبد الملك‏.‏

وكان العمال من تقدم ذكرهم‏.‏

وفيها مات سهل بن سعد الساعدي وقيل‏:‏ بل سنة إحدى وتسعين وله مائة سنة‏.‏

وعبد الله بن بسر المازني من مازن بن منصور وكان ممن صلى القبلتين وهو آخر من مات بالشام من الصحابة‏.‏

بسر بضم الباء الموحدة وبالسين المهملة‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

116 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر غزو نومشكث ورامثنة


116

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر غزو نومشكث ورامثنة
 

قيل‏:‏ وفي هذه السنة غزا قتيبة بن مسلم نومشكث واستخلف على مرو أخاه يسار بن مسلم فتلقاه أهلها فصالحهم ثم سار إلى رامثنة فصالحه أهلها وانصرف عنهم‏.‏

وزحف إليه الترك ومعهم الصغد وأهل فرغانة في مائتي ألف وملكهم كور نعابون ابن أخت ملك الصين فاعترضوا المسلمين فلحقوا عبد الرحمن بن مسلم أخا قتيبة وهو على الساقة وبينه وبين قتيبة وأوائل العسكر ميل فلما قربوا منه أرسل إلى قتيبة بخيره وأدركه الترك فقاتلوه ورجع قتيبة فانتهى إلى عبد الرحمن وهو يقاتل الترك وقد كاد الترك يظهرون فلما رأى المسلمون قتيبة طابت نفوسهم وقاتلوا إلى الظهر وأبلى يومئذٍ نيزك وهو مع قتيبة فانهزم الترك ورجع قتيبة فقطع النهر عند ترمذ وأتى مرو‏.‏

يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

115 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر عمارة مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ


115

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر عمارة مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
 

قيل‏:‏ وفي هذه السنة كتب الوليد إلى عمر بن عبد العزيز في ربيع الأول يأمره بإدخال حجر

أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن يشتري ما في نواحيه حتى يكون مائتي ذراع في مائتي ذراع ويقول له‏:‏ قدم القبلة إن قدرت وأنت تقدر لمكان أخوالك وإنهم لا يخالفونك فمن أبى منهم فقوموا ملكه قيمة عدل واهدم عليهم وادفع الأثمان إليهم فإن لك في عمر وعثمان أسوة‏.‏

فأحضرهم عمر وأقرأهم الكتاب فأجابوه إلى الثمن فأعطاهم إياه وأخذوا في هدم بيون أزواج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبنى المسجد وقدم عليهم الفعلة من الشام أرسلهم الوليد وبعث الوليد إلى ملك الروم يعلمه أنه قد هدم مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليعمره فبعث إليه ملك الروم مائة ألف مثقال ذهب ومائة عامل وبعث إليه من الفسيفساء بأربعين جملًا فبعث الوليد بذلك إلى عمر بن عبد العزيز وحضر عمر ومعه الناس فوضعوا أساسه وابتدأوا بعمارته‏.‏

قيل‏:‏ وفي هذه السنة غزا مسلمة بن عبد الملك الروم أيضًا ففتح ثلاثة حصون‏:‏ أحدها حصن قسطنطين وغزالة وحصن الأخرم وقتل من المستعربة نحوًا من ألف وأخذ الأموال‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

114 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر فتح طوانة من بلد الروم


114

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر فتح طوانة من بلد الروم

في هذه السنة غزا مسلمة بن عبد الملك والعباس بن الوليد بن عبد الملك بلد الروم وكان الوليد قد كتب إلى صاحب أرمينية يأمره أن يكتب إلى ملك الروم يعرفه أن الخزر وغيرهم من ملوك جبال أرمينية قد اجتمعوا على قصد بلاده ففعل ذلك وقطع الوليد البعث على أهل الشام إلى أرمينية وأكثر وأعظم جهازه وساروا نحو الجزيرة قم عطفوا منها إلى بلد الروم فاقتتلوا هم والروم فانهزم الروم ثم رجعوا فانهزم المسلمون فبقي العباس في نفر منهم ابن محيريز الجمحي فقال العباس‏:‏ أين أهل القرآن الذين يريدون الجنة فقال ابن محيريز‏:‏ نادهم يأتوك‏.‏

فنادى العباس‏:‏ يا أهل القرآن‏!‏ فأقبلوا جميعًا فهزم الله الروم حتى دخلوا طوانة وحصرهم المسلمون وفتحوها في جمادى الأولى‏.‏

قيل‏:‏ وفيها ولد الوليد بن يزيد بن عبد الملك‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

113 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ثم دخلت سنة ثمان وثمانين


113

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ثم دخلت سنة ثمان وثمانين

وتشمل الاحداث الاتية ذكرها

== ذكر فتح طوانة من بلد الروم
== ذكر عمارة مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
== ذكر غزو نومشكث ورامثنة
== ذكر ما عمل الوليد من المعروف


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

112 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر عدة حوادث


112

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر عدة حوادث
 

حج بالناس هذه السنة عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة‏.‏

وكان على قضاء المدينة أبو بكر بن عمرو بن حزم‏.‏

وكان على العراق وخراسان الحجاج وكان خليفته على البصرة هذه السنة الجراح بن عبد الله الحكمي وعلى قضائها عبد الله بن أذينة وكان على قضاء الكوفة أبو بكر بن موسى الأشعري‏.‏

وفيها مات عبيد الله بن عباس بالمدينة وقيل باليمن وكان أصغر من عبد الله بسنة وفيها مات مطرف بن عبد الله بن الشخير في طاعون الجارف بالبصرة‏.‏

وفيها مات المقدام بن معدي كرب الكندي له صحبة وقيل مات سنة إحدى وتسعين‏.‏

وفيها مات أمية بن عبد الله بن أسيد‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

111 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر غزو قتيبة بيكند


111

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر غزو قتيبة بيكند

ولما صالح قتيبة نيزك أقام إلى وقت الغزو فغزا بي كند سنة سبع وثمانين وهي أدنى مدائن بخاري إلى النهر فلما نزل بهم استنصروا السعد واستمدوا من حولهم فأتوهم في جمع كثير وأخذوا الطرق على قتيبة فلم ينفذ لقتيبة رسول ولم يصل إليه خبر شهرين وأبطأ خبره على الحجاج فأشفق على الجند فأمر الناس بالدعاء لهم في المساجد وهم يقتلون كل يوم‏.‏

وكان لقتيبة عين من العجم يقال له تندر فأعطاه أهل بخارى مالًا ليرد عنهم قتيبة فأتاه فقال له سرًا من الناس‏:‏ إن الحجاج قد عزل وقد أتى عامل إلى خراسان فلو رجعت بالناس كان أصلح‏.‏

فأمر به فقتل خوفًا من أن يظهر الخبر فيهلك الناس ثم أمر أصحابه بالجد في القتال فقاتلهم قتالًا شديدًا فانهزم الكفار يريدون المدينة وتبعهم المسلمون قتلًا وأسرًا كيف شاؤوا وتحصن من دخل المدينة بها فوضع قتيبة الفعلة ليهدم سورها فسألوه الصلح وقتلوا العامل ومن معه فرجع قتيبة فنقب سورهم فسقط فسألوه الصلح فلم يقبل ودخلها عنوةً وقتل من كان بها من المقاتلة‏.‏

وكان فيمن أخذوا في المدينة رجل أعور هو الذي استجاش الترك على المسلمين فقال لقتية‏:‏ أنا أفدي نفسي بخمسة آلاف حريرة قيمتها ألف ألف‏.‏

فاستشار قتيبة الناس فقالوا‏:‏ هذه زيادة في الغنائم وما عسى أن يبلغ كيد هذا‏!‏ قال‏:‏ لا والله لا يروع بك مسلم أبدًا‏!‏ فأمر به فقتل‏.‏

وأصابوا فيها من الغنائم والسلاح وآنية الذهب والفضة ما لا يحصى ولا أصابوا بخراسان مثله فقوي المسلمون وولي قسم الغنائم عبد الله بن وألان العدوي أحد بني نلكان وكان قتيبة يسميه الأمين ابن الأمين فإنه كان أمينًا‏.‏

وكان من حديث أمانة أبيه أن مسلمًا الباهلي أبا قتيبة قال لو ألان‏:‏ إن عندي مالًا أحب أن أستودعكه ولا يعلم به أحد‏.‏

قال وألان‏:‏ ابعث به مع رجل تثق به إلى موضع كذا وكذا ومره إذا رأى في ذلك الموضع رجلًا أن يضع المال إلى موضع كذا وكذا فإذا رأيت رجلًا جالسًا فخل البغل وانصرف‏.‏

ففعل المولى ما أمره وأتى المكان وكان وألان قد سبقه إليه وانتظر وأبطأ عليه رسول مسلم فظن أنه قد بدا له البغل ورجع فأخذ التغلبي البغل والمال ورجع إلى منزله وظن مسلم أن المال قد أخذه وألان فلم يسأله حتى احتاج إليه فلقيه فقال‏:‏ مالي‏!‏ فقال‏:‏ ما قبضت شيئًا ولا لك عندي مال فكان مسلم يشكوه إلى الناس فشكاه يومًا والتغلبي جالس فخلا به التغلبي وسأله عن المال فأخبره فانطلق به إلى منزله وسلم المال إليه وأخبره الخبر فكان مسلم يأتي الناس والقبائل فيذكر لهم عذر وألان ويخبرهم الخبر‏.‏

قال‏:‏ فلما فرغ قتيبة من فتح بيكند رجع إلى مرو‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



 

110 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر غزو الروم


110

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر غزو الروم
 

قيل‏:‏ وفي هذه السنة غزا مسلمة بن عبد الملك الروم فقتل منهم عددًا كبيرًا بسوسنة من ناحية

المصيصة وفتح حصونًا‏.‏

وقيل‏:‏ إن الذي غزا في هذه السنة هشام بن عبد الملك ففتح حصن بولق وحصن الأخرم وحصن بولس وقمقم وقتل من المتعربة نحوًا من ألف مقاتل وسبى ذريتهم ونساءهم‏.‏




يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

109 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر صلح قتيبة ونيزك

         
109


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر صلح قتيبة ونيزك
 

ولما صالح قتيبة ملك شومان كتب إلى نيزك طرخان صاحب باذغيس في إطلاق من عنده من أسراء المسلمين وكتب إليه يتهدده فخافه نيزك فأطلق الأسرى وبعث بهم إليه وكتب إليه قتيبة مع سليم الناصح مولى عبيد الله بن أبي بكرة يدعوه إلى الصلح وإلى أن يؤمنه وكتب إليه بحلف بالله لئن لم يقدم عليه ليغزونه ثم ليطلبنه حيث كان حتى يظفر به أو يموت دونه‏.‏

فقدم سليم بالكتاب فقال له نيزك وكان يستنصحه‏:‏ يا سليم ما أظن عند صاحبك خيرًا كتب إلي كتابًا لا يكتب إلى مثلي‏.‏

فقال له سليم‏:‏ إنه رجل شديد في سلطانه سهل إذا سوهل صعب إذا عوسر فلا يمنعك منه غلظة كتابه إليك فأحسن حالك عنده‏.‏

فقام نيزك مع سليم فصالحه أهل باذعيس على أن لا يدخلها قتيبة‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

108 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر إمارة عمر بن عبد العزيز بالمدينة


108

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر إمارة عمر بن عبد العزيز بالمدينة
 

وفي هذه السنة عزل الوليد هشام بن إسماعيل عن المدينة لسبع ليال خلون من ربيع الأول وكانت إمارته عليها أربع سنين غير شهر أو نحوه وولى عمر بن عبد العزيز المدينة فقدمها واليًا في ربيع الأول وثقله على ثلاثين بعيرًا فنزل دار مروان وجعل يدخل عليه الناس فيسلمون فلما وصل الظهر دعا عشرةً من الفقهاء الذين في المدينة‏:‏ عروة بن الزبير وأبا بكر بن سليمان بن أبي خيثمة وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وسليمان بن يسار والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عبيد الله بن عمر وعبد الله بن عامر بن ربيعة وخارجة بن زيد فدخلوا عليه فقال لهم‏:‏ إنما دعوتكم لأمر تؤجرون عليه وتكونون فيه أعوانًا على الحق ولا أريد أن أقطع أمرًا إلا برأيكم أو بر أيمن حضر منكم فإن رأيتم أحدًا يتعدى أو بلغكم عن عامل لي ظلام فأحرج الله على من بلغه ذلك إلا بلغني‏.‏

فخرجوا يجزونه خيرًا وافترقوا‏.‏

وكتب الوليد إلى عمر بن عبد العزيز يأمره أن يقف هشام بن إسماعيل للناس وكان سيء الرأي فيه وكان هشام بن إسماعيل يسيء جوار علي بن الحسين فخافه هشام فتقدم علي بن

الحسين إلى خاصته ألا يعرض له أحد بكلمة ومر به علي وقد وقف للناس ولم يعرض له فناداه هشام‏:‏ ‏ «‏الله أعلم حيث يجعل رسالته‏» ‏ ‏ «‏الأنعام‏:‏ 124‏» ‏‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

107 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر عدة حوادث


107

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر عدة حوادث
 

وفي هذه السنة غزا مسلمة بن عبد الملك أرض الروم‏.‏

وفيها حبس الحجاج يزيد بن المهلب وعزل حبيب بن المهلب عن كرمان وبعد الملك عن شرطته‏.‏

وحج بالناس هشام بن إسماعيل المخزومي‏.‏

وكان الأمير على العراق والمشرق كله الحجاج بن يوسف‏.‏

وفي أيام عبد الملك مات أسيد بن ظهير الأنصاري‏.‏

أسيد بضم الهمزة‏.‏

وظهير بضم الظاء المعجمة‏.‏

وفيها مات عمر بن أبي سلمة وهو ابن أم سلمة‏.‏

وفي أيامه مات علقمة بن وقاص الليثي وله صحبة‏.‏

وفي هذه السنة مات قبيصة بن ذؤيب الخزاعي وولد أول سنة من الهجرة وحنكه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان على خاتم عبد الملك بن مروان وكان فيهًا‏.‏

وفي أيامه مات سعد بن زيد الأنصاري وولد على عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي أيامه مات سلمة ابن أبي أم سلمة ربيب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي هذه السنة مات عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي وقيل سنة سبع وثمانين شهد الحديبية وخيبر‏.‏

وفي آخر أيامه مات الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري وولد في آخر زمن النبي‏.‏

وفي هذه السنة توفي لاحق بن حميد أبو مجلز السدوسي‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ