إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 28 أبريل 2016

83 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر وقعة دير الجماجم


83

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر وقعة دير الجماجم
 

وكانت وقعة دير الجماجم في شعبان من هذه السنة وقيل‏:‏ كانت سنة ثلاث وثمانين‏.‏

وكان سببها أن الحجاج سار من البصرة إلى الكوفة لقتال عبد الرحمن بن محمد فنزل دير قوة وخرج عبد الرحمن من الكوفة فنزل دير الجماجم‏.‏

فقال الحجاج‏:‏ إن عبد الرحمن نزل دير الجماجم ونزلت دير القرة أما تزجر الطير واجتمع إلى عبد الرحمن أهل الكوفة وأهل البصرة والقراء وأهل الثغور والمسالح بدير الجماجم فاجتمعوا على حرب الحجاج لبغضه وكانوا مائة ألف ممن يأخذ العطاء ومعهم مثلهم وجاءت الحجاج أيضًا أمداد من الشام قبل نزوله بدير قرة وخندق كل منهما على نفسه فكان الناس يقتلون كل يوم ولا يزال أحدهما يدني خندقه من الآخر‏.‏

ثم إن عبد الملك وأهل الشام قالوا‏:‏ إن كان يراضي أهل العراق بنزع الحجاج عنهم نزعناه فإن عزله أيسر من حربهم ونحقن بذلك الدماء‏.‏

فبعث عبد الملك ابنه عبد الله وأخاه محمد بن مروان وكان محمد بأرض الموصل إلى الحجاج في جند كثيف وأمرهما أن يعرضا على أهل العراق عزل الحجاج وأن يجريا عليهم أعطياتهم كما يجرى على أهل الشام وأن ينزل عبد الرحمن بن محمد أي بلد شاء من بلد العراق فإذا نزله كان واليًا عليه ما دام حيًا وعبد الملك خليفةً فغن أجاب أهل العراق إلى ذلك عزلا الحجاج عنها وصار محمد بن مروان أمير العراق وإن أبى أهل العراق قبول ذلك فالحجاج أمي الجماعة ووالي القتال ومحمد بن مروان وعبد الله بن عبد الملك في طاعته‏.‏

فلم يأت الحجاج أمر قط كان أشد عليه ولا أوجع لقلبه من ذلك فخاف أن يقبل أهل العراق عزله فيعزل عنهم فكتب إلى عبد الملك‏:‏ والله لو أعطيت أهل العراق نزعي لم يلبثوا إلا قليلًا حتى يخالفوك ويسيروا إليك ولا يزيدهم ذلك إلا جرأة عليك أم تر ويبلغك وثوب أهل العراق مع الأشتر على ابن عفان وسؤالهم نزع سعيد بن العاص فلما نزعه لم تتم لهم السنة حتى ساروا إلى عثمان فقتلوه وإن الحديد بالحديد يفلح‏.‏

فأبى عبد الملك إلا عرض عزله على أهل العراق‏.‏

فلما اجتمع عبد الله ومحمد مع الحجاج خرج عبد الله بن عبد الملك وقال‏:‏ يا أهل العراق أنا ابن أمير المؤمنين وهو يعطيكم كذا وكذا‏.‏

وخرج محمد بن مروان وقال‏:‏ أنا رسول أمير المؤمنين وهو يعرض عليكم كذا وكذا فذكر هذه الخصال‏.‏

فقالوا‏:‏ نرجع العشية فرجعوا واجتمع أهل العراق عند ابن الأشعث فقال لهم‏:‏ قد أعطيتم أمرًا انتهازكم اليوم إياه فرصة وإنكم اليوم على النصف فإن كان اعتدوا عليكم بيوم الزاوية فأنتم تعتدون عليهم بيوم تستر فاقبلوا ما عرضوا عليكم وأنتم أعزاء أقوياء لقوم هم لكم هائبون وأنتم منتقصون فوالله لا زلتم عليهم جرآء وعندهم أعزاء أبدًا ما بقيتم إن أنتم قبلتم‏.‏

فوثب الناس من كل جانب فقالوا‏:‏ إن الله قد أهلكهم فأصبحوا في الضنك والمجاعة والقلة والذلة ونحن ذوو العدد الكثير والسعر الرخيص والمادة القريبة لا والله لا نقبل‏!‏ وأعادوا خلعه ثانية‏.‏

وكان أول من قام بخلعه بدير الجماجمع عبد الله بن ذؤاب السلمي وعمير بن تيجان وكان اجتماعهم على خلعه بالجماجم أجمع من خلعهم إياه بفارس‏.‏

فقال عبد الله بن عبد الملك ومحمد بن مروان للحجاج‏:‏ شأنك بعسكرك وجندك واعمل برأيك فإنا قد أمرنا أن نسمع لك ونطيع‏.‏

فقال‏:‏ قد قلت‏:‏ إنه لا يراد بهذا الأمر غيركم فكانا يسلمان عليه بالإمرة ويسلم عليهما بالإمرة‏.‏

فلما اجتمع أهل العراق بالجماجم على خلع عبد الملك قال عبد الرحمن‏:‏ ألا إن بني مروان يعيرون بالزرقاء والله ما لهم نسب أصح منه إلا أن بني أبي العاص أعلاج من أهل صفورية فإن يكن هذا الأمر من قريش فمني تقويت بيضة قريش وإن يك في العرب فأنا ابن الأشعث ومد بها صوته يسمع الناس وبرزوا للقتال‏.‏

فجعل الحجاج على ميمنته عبد الرحمن بن سليم الكلبي وعلى ميسرته عمارة بن تميم اللخمي وعلى خيله سفيان بن الأبرد الملبي وعلى رجاله عبد الله بن خبيب الحكمي وجعل عبد الرحمن بن محمد على ميمنته الحجاج بن حارثة الخثعمي وعلى ميسرته الأبرد بن قرة التميمي وعلى خيله عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة الهاشمي وعلى رجاله محمد بن سعد بن أبي وقاص وعلى مجنبته عبد الله بن رزام الحارثي وجعل على القراء جبلة بن زحر بن قيس الجعفي وفيهم سعيد بن جبير وعامر الشعبي وأبو البختري الطائي وعبد الرحمن بن أبي ليلى‏.‏

ثم أخذوا يتزاحفون كل يوم ويقتتلون وأهل العراق تأتيهم موادهم من الكوفة وسادها وهم في خصب وأهل الشام في ضنك شديد قد غلت عليهم الأسعار وفقد عندهم اللحم كأنهم في

حصار وهم على ذلك يغادون القتال ويراوحون‏.‏

فلما كان اليوم الذي قتل فيه جبلة بن زحر بن قيس وكانت كتيبته تدعى القراء تحمل عليهم فلا يبرحون وكانوا قد عرفوا بذلك وكان فيهم كميل بن زياد وكان رجلًا ركينًا‏.‏

فخرجوا ذات يوم كما كانوا يخرجون وعبأ الحجاج صفوفه وعبأ عبد الرحمن أصحابه وعبأ الحجاج لكتيبة القراء ثلاث كتائب وبعث عليها الجراح بن عبد الله الحكمي فأقبلوا نحوهم فحملوا على القراء ثلاث حملات كل كتيبة تحمل حملة فلم يبرحوا وصبروا‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق