إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 30 مايو 2015

[ 130 ] والاخيرة صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 130 ] والاخيرة

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


صرف أبو عثمان أحمد بن إبراهيم بن حماد عن القضاء بمصر وقلد القضاء بها عبد الله ابن أحمد بن زيد * وفى ذى القعدة من هذه السنة ورد الخبر بمصر بقتل المقتدر فاضطربت الاحوال بها وشغب الجند ووكل التجار وطولبوا بالاموال وشغب الجند على تكين وطالبوه بمال البيعة فجمع التجار بمصر واستسلف منهم الاموال بسبب البيعة على أن يطالب يدم المقتدر (وحج بالناس) في هذه السنة أبو حفص عمر بن حسن الهاشمي وهذا ما انتهى إلينا من هذا التاريخ والحمد لله رب العالمين وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى وآله الطاهرين الطيبين وسلم تسليما فرغ من نسخه الفقير المشكر المعترف بذنبه يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور ابن المعمر بن عبد السلام الزريرانى في شهر ربيع الآخر من سنة 627


انتهى نقل الكتاب  ( تاريخ الطبري )

واتمنى من الله العلى القدير ان ينفعنا بما علمنا 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

[ 129 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 129 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



وفتح السجن وحورب الموكلون عليه وأيدتهم العامة على ذلك فخرج يمن الاعور وأخذ رجلا من العامة وضربه بالسياط وصلبه فتفرق العوام وزاد أمر الجند شغبا وجدا فأرسل القاهر إليهم ليس عندي مال والمال عند يلبق وأوصى القاهر إلى مونس إما أن يرضى يلبق الرجال ويكفهم عنى وإلا اعتزلت فليس على هذا الشرط تقلدت * وقدم ابن مقلة بغداد لتسع خلون من ذى الحجة وخلع عليه وقعد ودفع إلى الجيش الذى بالحضرة عن البيعة لكل واحد منهم رزقا واحدا وللجند أصحاب مونس ثلاثة أرزاق لكل واحد ثم ان ابن مقلة بسط يده على الناس فأخذ أموالهم وقبض على عيسى الطبيب فأخذ أملاكه ثم بدأ في بيع أملاك السلطان وأخذ المال من حيث لاح له وابتدأ بانشاء داره وأدخل فيها من بستان الزاهر نحو عشرين جريبا ونقض دور بنى المقتدر واستولى ابن يلبق وحاشية مونس على القاهر حتى صار لا يجوز له أمر ولانهى الا على أهل بيته وأولاد المقتدر المحبوسين عنده قال وكان القاهر مستهترا بالشراب لا يكاد يفيق منه فإذا شرب اقبل إلى أولاد المقتدر والى الراضي وإخوة وكان قد أخذهم وضمهم إلى دار تعرف بالفاخر وأحضر أبا أحمد بن المكتفى واعتقله معهم فكان القاهر يدخل عليهم بالليل ويتخلق لاولاد المقتدر ولابي أحمد بن المكتفى ويسقيهم بيده وكان يقول للراضي أنت المرشح للامر والمسمى له ثم يومى إليه بحربة كانت في يده وربما قفع أصابعه بقضيب كان معه والراضي في كل ذلك لا يخضع له ولا يقبل يده والمقادير تدفعه عنه وأقام على بن يلبق وهو الحاجب يفتش جميع ما يدخل الدار على القاهر في كل ذلك يزداد غضبا وكمدا ثم ان الراضي دس إلى يلبق وابنه وأهدى اليهما جوهرا وعرفهما أنه وإخوته خائفون على أنفسهم من القاهر وسألهما تخليص هؤلاء المحبوسين من يده فأجمع رأى يلبق وابنه على تخليصهم وقعد يلبق في بعض العشايا في بعض مجالس الدار وأخرجهم على غيبة وأخرج الجدة معهم وكان القاهر قدسامها سوء العذب وطالبها بالاموال فوجه بهم إلى داره وأفرد لهم موضعا في دار حرمه وماتت الجدة بها فكفنها في أحسن كفن ودفنها بشارع الرصافة (وفيها)


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 128 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 128 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



من الجد وبعد الهمة والاختصار والقناعة ما هابه به الناس وأراد قطع ثوب يلبسه فحمل إليه من داره فقيل له لو أخذلك ثوب من خرانة الكسوة فقال لا تمسوا لهم شيئا وعرضت عليه صنوف الالوان والحلواء والفواكه التى كانت توضع بين أيدى الخلفاء في كل يوم فاستكثرها وقال في الفاكهة بكم تبتاع هذه كل يوم فقيل له بثلاثين دينارا فقال نقتصر من ذلك على دينار واحد من الطعام على اثنى عشر لونا وكان يصلح لغيره كل يوم ثلاثون لونا من حلواء فاقتصر على الكافي له * وفى يوم الخميس لخمس خلون من ذى القعدة حمل أبو العباس وأبو عبد الله ابنا المقتدر مع أمهما إلى دار عبد الله بن طاهر بعد عتمة * وفيه طولبت أم المقتدر بالاموال وضربت وعلقت * قال الفرغانى حدثنى أبو الحسين بن العجمي قال حدثنا ذلفاء المنجمة التى كانت مع المقتدر قالت لما أراد المقتدر الخروج لمحاربة مونس قال لامه قد ترين ما وقعت فيه وليس معى دينار ولا درهم ولابد من مال يكون معى فأعينيني بما معك فقالت له قد أخذت منى يوم سار القرمطى إلى بغداد ثلاثة آلاف ألف دينار وما بقيت لى بعدها ذخيرة إلا ما ترى وأحضرته خمسين ألف دينار فقال المقتدر وأى شئ تغنى عنى هذه الدنانير وأى مقام تقوم لى في عظيم ما أستقبله ثم قال لها أما أنا فخارج كيف كنت وعلى ما استطعت ولعلى أقتل فأستريح ولكن الشأن فيمن يبقى بعدى ويقبض عليها ويعذب ويعلق في هذه الشجرة دراجية فقالت ذلفاء وكانت في بعض دور الخلافة شجرة فوالله لقد قبض على أم المقتدر وعلقت في تلك الشجرة بعينها * وفيه ضرب شفيع وطولب بمال وصير بيع أملاكه إلى بشرى الخادم فضاع أكثر ذلك وقبض أيضا على أسباب خالة المقتدر وقبض على شفيع المقتدرى وسلم المطبخ والبساتين إلى رشيق الايسر الحرمى وسلم البريد والاصطبل إلى على بن يلبق وصرف أحمد بن خاقان عن الشرطة في الجانبين وقلدها يمن الاعور وقبض الاعور وقبض على يانس الخادم ولم تزل الامور مضطربة بقلة المال ومطالبة الجند بالارزاق ومطالبتهم بمال البيعة حتى أنهم شغبوا واجتمعوا إلى باب الخليفة ودخلوا إلى الدهليز الشعيبى من باب العامة


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 127 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 127 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



والشروط متخذة على القاهر إلى أن اجاب إلى جميعها إلا النفقة التى كلفوه للجند على البيعة فانه ذكر ألا مال فعذروه * قال ولم يكن عليه يوم أحضر للبيعة إلا قميصان ورداء فطلب ما يلبس من الثياب التى تشاكله للجلوس للعامة وسيف ومنطقة فلم يوجد ما يصلح لذلك فنزع جعفر بن ورقاء ثيابه التى كان يلبسها ولبسها القاهر وهى عطاف وعمامة ومنطقة وسيف بحمائل ثم قعد في الخيمة وسلموا عليه بالخلافة وبويع له على ما سيأتي ذكره ذكر البيعة لمحمد القاهر بالله وهو محمد بن أحمد المعتضد بن طلحة الموفق بن جعفر المتوكل وكنية محمد القاهر أبو منصور وكانت أمه تسمى بقبول وبويع بالخلافة يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال سنة 320 وهو ابن خمس وثلاثين سنة وذلك أنه لما أحضر من دار عبد الله بن طاهر التى كان فيها مع أولاد الخلفاء ودار بينه وبين مونس المظفر ما تقدم ذكره من الشروط وتم الامر بينهم انحدروا به إلى دار الخلافة في اليوم المؤرخ فلما دخلها دعا بحصير فصلى أربع ركعات وجلس على سرير الملك ولقب القاهر بالله وحضر عبيدالله بن محمد الكلواذى فاستخلفه على الوزارة لمحمد بن على بن مقلة إذ كان غائبا بفارس وأمر بأن تكتب الكتب إلى العمال باسم ابن مقلة وولى الحجابة على بن يلبق ولم يمكنه الحضور لجراح كانت به فخلف على الحجابة بدر الخرشنى وقلد أحمد بن خاقان شرطة الجانبين ولما كان يوم الاثنين لليلتين خلتا من ذى القعدة بعث القاهر في أولاد المتوكل على الله وغيرهم من أبناء الخلفاء وأبناء أبنائهم فأوصلهم إليه واستدناهم وأمرهم بالجلوس وأخذ عليهم الكلواذى البيعة وخاطبه هارون بن عبد العزيز بن المعتمد بعد أن صافحه وهنأه ودعا له فقال قد نالت يا أمير المؤمنين أهلك جفوة أضرت بهم وآثرت في أحوالهم وليس يسألون اقطاعا ورد ضيعة وأحوالهم تصلح بادرار أرزاقهم فقال أنا آمر بإدرارها ولا أقنع لكم بها وقد كان يتصل بى من أمركم ما يغمنى فشكرته العامة على هذا القول وتكلم منهم أبو عبد الله محمد بن المنتصر ودعوا له جميعا ثم إن القاهر أظهر في أول قعوده في الخلافة


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 126 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 126 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



وكانت ولايته الخلافة أربعا وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وولد أبا العباس الراضي محمدا والعباس أبا أحمد وهارون أبا عبد الله و عبد الواحد أبا على وابراهيم أبا اسحاق المتقى والفضل أبا القاسم المطيع وعليا أبا الحسن واسحاق أبا يعقوب و عبد الملك أبا محمد و عبد الصمد ولم يذكر الفرغانى جميعهم وإنما ذكر ستة منهم وبقى مونس في مضاربه بباب الشماسية ولم يدخل بغداد حتى أقام القاهر للخلافة واستأمن إليه القواد المنهزمون عن المقتدر فآمنهم وانقطع الطلب عن جميعهم وسكن الناس وهدنهم وأظهر الاسف لما دار في أمر المقتدر وجمع القواد للمشورة في الخليفة بعده ودار الرأى بينهم في ذلك وأمر مونس باحضار بلال بواب دار ابن طاهر التى كان فيها أولاد الخلفاء وسأله عمن فيها من أولاد الخلفاء فذكر جماعة فيهم محمد القاهر فمال هواهم إليه وكان مونس قد كرهه ونهاهم عنه فقالوا هو كهل ولا أم له ونرجو أن تستقيم أمورنا معه فأطاعهم فيه وأجابهم إليه وأحضروه على ما سيقع بعد هذا ذكره * قال وحدثني أبو الفهم ذكى أن رشيقا الايسر وكان الذى أقبل بالقاهر من دار ابن طاهر لولاية الخلافة وكان مقدما على الحرم حكى له بأن رأيهم اجتمع بعد مخاوضة طويلة على القاهر وعلى أبى أحمد بن المكتفى * قال ذكى ووجهوني فيهما ليتكلم مونس مع كل واحد منهما خاليا فمن ظهر لهم تقديمه منهما قدم فتوجه ذكى فيهما فلما صاربهما ؟ ؟ في بعض الطريق قال القاهر لابي أحمد بن المكتفى لست أشك في أنا انما دعينا التعرض على كل واحد منا الخلافة فعرفني بما عندك فان كنت راغبا فيها أبيت أنا منها إذا دعيت إليها ثم كنت أول من يبايعك فقال له أبو أحمد ما كنت بالذى أتقدمك وأنت عمى وكبيري وشيخي بل أنا أول من يبايعك فلما تحقق عند القاهر مذهبه بنى أمره عليه ثم لما صار إلى مونس وحاشيته بدؤا بمخاطبة أبى أحمد لفضل كان فيه وعرضوا الامر عليه فأبى من تقلده ولم تكن رغبتهم فيه ثابتة إذ كانت له والدة وقد علموا ما كانت تحدثه والدة المقتدر في الخلافة فعقدوا الامر للقاهر بالله * قال وذكر لي ابن زعفران انه حضر ذلك وأن القاهر أجلس في خيمة بإزاء خيمة مونس ولم تزل المراسلات بينهما


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 125 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 125 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



عنه ولم يزل ابن ياقوت في ذلك اليوم ثابتا بعد أن انهزم ابن الخال وأبلى بلاء حسنا فلما لم يجد ابن ياقوت مساعدا انهزم وانهزم عبد الواحد بن المقتدر وبقى المقتدر وحده وحوله جماعة من العامة وهو يحض الناس على القتال ويسألهم الثبات معه ويتوسل إليهم بالله وبنبيه وببردته ويمسح المصحف على وجهه إلى أن أقبل موكب على بن يلبق وكان قد أصابته جراح في الحرب فلم يهن لها وأقبل معه فارس تحته فرس أدهم وعليه درع على رأسه زردية فضرب المقتدر ضربة بالسيف في عاتقه الايمن فقطعت الضربة طاقا من حمائل السيف وأثخنته الضربة وكان السيف بيد المقتدر مجردا وقد كان نافع صاحب ركاب مونس ضرب بيده إلى عنان دابة المقتدر ليسيربه إلى مونس فلما ضربه الفارس خلى نافع عنانه ومضى الفارس بعد أن ضربه ولم يقف عليه ووافى بعد هذا الفارس ثلاثة فوارس يقال لاحدهم بهلول وللثاني سيمجور ورفيق لهما لم أحفظ اسمه فوقفوا بالمقتدر يخاطبونه ويسمعون منه منه فأخذ أحدهم السيف من يده وانترع الآخر البردة والخفتان منه وطالب الثالث بخاتمه فدفعه إليه وكان الخاتم ياقوتا أحمر مربعا فضربه أحد الثلاثة بالسيف على جبينه فألمه فأخرج المقتدر كم قميصه ليمسح الدم عن وجهه فضربه الآخر ضربة ثالثة فتلقاها المقتدر بيده اليسرى فقطعت إبهامه وانقلبت الابهام إلى ذراعه وسقط إلى الارض واجتمعت عليه جماعة رجالة فاحتزوا رأسه وحمل إلى مونس وذلك يوم الاربعاء لليلتين بقيتا من شوال سنة 320 وكان الذى حمله سراج البكتمرى فلما نظر إليه مونس اشتد جزعه وغمه وناله عليه أمر عظيم وقيل إن الذى قتل المقتدر نقيط غلام مونس وأن جثته بقيت مجردة فطرح بعض المطوعة على سوأته خرقة ثم أخذها رجل من العجم وألقى عليها حشيشا إلى أن حملت الجثة إلى مونس فأضاف إليها الرأس وسلمه إلى ابن أبى الشوارب القاضى ليتولى أمره فقيل إنه دفن مع أبيه وقيل إنه دفن في رقة الشماسية وقيل أيضا انه طرح في دجلة ولم تزل الرعية يصلون في مصرعه ويدعون على قاتله وبنى في الموضع مسجد وحظيرة كبيرة وكان عمر المقتدر يوم قتل ثمانية وثلاثين سنة وشهرا وستة أيام


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 124 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 124 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



ابن الفرات وقدامه لواء أبيض وراية سوداء يحملها ابن نصر اللابى واللواء يحمله أحمد بن خفيف السمرقندى وعلمان أبيضان وعلمان أصفران يحملها الانصار ومعهم رماح في رؤسها مصاحف وسار المقتدر على حاله هذه حتى وافى الرقة بالشماسية وقد وقعت الحرب بين العسكرين وكان الظهور أول النهار لعسكر المقتدر ثم عادت بعد ساعة لاصحاب مونس عليهم فأسر أبو الوليد بن حمدان وأحمد بن كيغلغ وكانا في ميمنة المقتدر في جماعة من قواد بغداد فثبتا بأنفسهما لما خان المقتدر من كان حوله حتى أخذا أسيرين وكان في القلب من عسكر مونس بدر الخرشنى وعلى ابن يلبق ويمن الاعور وبإزائهم المقتدر و عبد الواحد ابنه ومفلح الاسود وشفيع المقتدرى وابنا رائق وهارون بن غريب الخال ومحمد بن ياقوت والحجرية وكان في ميمنة مونس يلبق ويانس المونسى وغلمان يلبق ومن استأمن إليهم من عسكر بغداد فلما اشتدت الحرب انكشف ابن يلبق قليلا فراسله أبوه بالتوقف والانحياز إليه وأرسل يلبق إلى ميمنته بأن يحملوا فحملوا وأخذوا على شط دجلة ليخرجوا في ظهر عسكر المقتدر فتشوش العسكر وحمل يلبق وابنه ومن كان معهما حملة واحدة فانهزم جميع من كان مع المقتدر حتى لم يبق إلا هو وحده ولم يقتل بين يديه من غلمانه وأوليائه أحد إلا رجل من خلفاء الحجاب يقال له رشيد الهروي وقد كان المقتدر لما رأى الحرب قد وقعت بين على بن يلبق وبين ابن الخال وابن ياقوت أراد العدول إلى المضرب أو إلى الحراقة فلقيه سعيد بن حمدان فقال له يا أمير المؤمنين قد وقعت العين على العين فإن رآك من حولك قد زلت انهزموا وانفلوا فرجع إلى المصاف وذلك وقت صلاة الظهر ولم يكن في موكبه أحد من أهله إلا هارون بن عبد العزيز بن المعتمد على الله و عبد العزيز ابن على بن المنتصر بالله وإبراهيم بن قصى بن المؤيد بالله وإبراهيم بن عيسى ابن موسى بن المتوكل على الله وكان أول من انهزم من أصحابه الحجرية ثم سائر الناس وحمل عبد الواحد بن المقتدر في جماعة من الرجالة عدة حملات فاسر من رجال مونس يلبق النعماني الصفعان وكان فارسا جيدا فأرادوا قتله فنهاهم المقتدر


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 123 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 123 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



لك وحمل على اخراج مضاربه إلى باب الشماسية والعزم على قتاله وقالوا له لو قد رآك كل من مع مونس لانصرفوا عنه وتركوه وحده وأخذوه في ذلك بالوعيد والترهيب فأخرج المقتدر مضاربه إلى الشماسية يوم الثلاثاء لاربع بقين من شوال وخرج بنفسه يوم الاربعاء لثلاث بقين منه بعد أن توضأ للصلاة وبرز إلى دار العامة فصلى بها وكان كارها للخروج ومتثبطا فيه وإنما خرج مكرها حتى لقد حدثت بأنهم قالوا له إن خرجت معنا إلى حرب مونس والا تقربنا بك إليه وحدث ذكى عن المقتدر أنه رأى في الليلة التى خرج في صبيحتها إلى مونس كأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول له يا جعفر اجعل افطارك الليلة عندي ففزع له وحدث به والدته فجهدت به ألا يخرج وكشفت عن ثدييها وبكت فغلب القضاء ونزل البلاء قال فحدثني أحد خلفاء الحجاب ممن أثق به قال رأيت المقتدر قبل خروجه إلى مونس في دار العامة وابن رائق يستحثه ويقول له عجل يا سيدى ليراك الناس فقال له إلى أين أعجل يا وجه الشؤم * قال وحدثني ابن زعفران عن تكين الخادم أن المقتدر لما عمل على الخروج إلى مونس لبس ثيابه وجلس على مسورة وقال لامه يا أمه أستودعك الله هذا يوم الحسين بن على ثم تمثل بقول على بن الرومي طأمن حشاك فإن دهرك موقع * بك ما تحب من الامور وتكره وإذا حذرت من الامور مقدرا * فهربت منه فنحوه تتوجه قال وأخبرني جماعة من أهل بغداد ممن عاين المقتدر خارجا من داره وقد شق المدينة يريد رقعة الشماسية فقالوا كان عليه خفتان ديباج فضى تسترى وعليه عمامة سوداء مصمت والبردة التى كانت للنبى صلى الله عليه وسلم على كتفيه وصدره وظهره وهو متقلد بذى الفقار سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمائله أدم أحمر وفى يده اليمنى الخاتم والقضيب وتحته الفرس المعروف بالاقبال ويعرف بالقابوس لان أباقا وس أهداه إليه وعلى الفرس سرج مغربي أحمر بحلية جديدة وتحت فخذه الايسر سيف للركاب وبين يديه ابنه أبو أحمد عبد الواحد عليه خفتان ديباج رومى منقوش وعمامة بيضاء وخلفه وزيره الفضل بن جعفر


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 122 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 122 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



الدار وقتل منهم نفر فركب أحمد بن خاقان وتوسط أمرهم وضمن لهم ما يصلحهم * وفى ثمان خلون من رجب نقب الحسين بن القاسم في الدار الحاجبين نقبا أخرج منه غلمانه وأراد الخروج بنفسه ففطن به وقبض عليه وحدر إلى البصرة ذكر مسير مونس إلى بغداد وقتل المقتدر ولما كثر عند مونس من استأمن إليه من قواد العراق ورجال الخليفة وبلغه الاضطراب بها وأنس إلى الوزير الفضل بن جعفر لما كان عليه من ترك المطالبة للناس ودارت بين مونس وبين الوزير مكاتبات ورجا الوزير أن يصلح الاحوال بمجئ مونس ويتأيد به على قمع المفسدين ويتمكن بحضوره من صلاح أمور الخليفة التى قد اضطربت فراسل مونسا في القدوم ورغبه في الصلاح وجنح مونس إلى ذلك ورغب فيه ورجا ما لم يعنه المقدار عليه فخرج مونس من الموصل يوم الاحد لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال بعد أن ضم إلى نفسه قواده ورجاله وقلد من وثق به الموصل ونصيبين وبعربايا وسائر الاعمال في تلك الناحية فلما انتهى مونس إلى البردان خرج إليه القواد وغيرهم مستأمنين إليه مثل مفلح وبدر الحمال وأبو علي كاتب بشر الافشينى وابن هود وجماعة وبقى الغلمان الحجرية على الوزير وابن الخال في الشعيبى يطالبونهما بالمال والزيادة لما علموا به من إقبال مونس وكتب مونس إلى المقتدر كتبا يقول فيها لست بعاص لامير المؤمنين ولاشققت عصاه وإنما تنحيت عنه لمطالبة أعدائي لى عنده وقد جئت إلى بابه برجاله وليس مذهبي الفتن ولا إراقة الدماء وقد بلغني أن مولاى يحمل على محاربتي ولا حظ في ذلك للفريقين بل فيه الشتات والفرقة وذهاب العدد وحدوث البلاء وفناء الرجال فيأمره مولاى للجند الذين معى بأرزاقهم فتدفع إليهم ثم يصيرون إليه وتطيب نفوسهم عليه فأصغى المقتدر إلى قوله وسر به وقيل انه اصطبح في داره واصطبح مفلح وابن الخال في دورهما سرورا بذلك ثم قال للمقتدر ابنا رائق وياقوت ومفلح وغيرهم ممن كان يكره مونسا ولا يريد رجوعه هذا عجز منك ونقص بك ولعلها حيلة عليك وخدعة


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 121 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 121 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



مونس من بغداد وان قد تم له ما أراد وقع فيما تكره فكثر عليه الشغب واشتدت مطالبة الجند له بالاموال وخيب الله ظنه فيما أراد ولازمه الحشم في دار الخليفة ملازمة قبيحة وأهانوه وأهانوا الخليفة بسببه فثقل على قلب المقتدر ولم يزل يقاسى منه كل صعب وذلول فأمر بالقبيض عليه في عقب ربيع الآخر وولى الفضل بن جعفر بن الفرات مكانه وقد كان مشهورا عند الخاص والعام بالفضل والعلم والكتابة وترك الهزل واللهو وكان هو وأبو الخطاب من خيار آل الفرات فلما صارت إليه الوزارة أظهر الحب له والرغبة فيها فعجب الناس من ذلك وقال فيه بعض الشعراء أتطمع في الذى أعيا ابن مقله * وقد أعيا على الوزراء قبله وأدبر أمر من ولاك حتى * لما نرجو مع الادبار مهله كأنك بالحوادث قد توالت * عليك وجاءك المكروه جمله ولما خلع على الفضل بن جعفر سار في خلعه إلى الدار التى بسوق العطش فعطش في الطريق واستسقى ماء فشربه فأنكر ذلك عليه إذ لم يكن في رسم من تقدمه. وفى مستهل جمادى الاولى اجتمع أهل الثغور والجبال إلى دار السلطان واستنفروا الناس ببغداد وذكروا ما ينالهم من الديلم والروم وأن الخراج إنما يؤخذ منهم ومن غيرهم ليصان به عامة الناس ويدفع عدوهم عنهم وأنهم قد ضاعوا وضاعت ثغورهم واستطال عليهم عدوهم ورققوا القلوب بهذا وأشباهه فثار الناس معهم وساروا إلى الجامع بمدينة المنصور وكسرو ادرابزين المقصورة وأعواد المنبر ومنعوا من الخطبة ووثبوا بحمرة الخطيب ورجموه حتى أدموه وسلخوا وجهه وجروا برجله وقالوا يا فاجر تدعو لرجل لا ينظر في أمور المسلمين قد اشتغل بالغناء والزناعن النظر في أمور الحرمين والثغور يفرق مال الله في أعداء الله ولا يخاف عقابا ولا ينتظر معادا فلم يزالوا في هذه الحال إلى وقت صلاة العصر وفعلوا بعد ذلك مثل فعلهم الاول في أول جمادى الآخرة ونهضوا إلى باب الوزير الفضل بن جعفر وراموا كسره فرموا بالسهام من أعلى


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 120 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 120 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



فهزمه وفرق جمعه وعبر الحسين إلى الجانب الغربي هاربا مفلولا وقلد يلبق ابنه نصيبين وما والاها وانصرف هو إلى موضع يلبق وقلدها يمنا الاعور وقلد يا نسا جزيرة بنى عمر وأبا عبيد الله بن خفيف الحديثة وبلغ أهل بغداد أخبار مونس وغلبته وفتوحاته فأخذ كل من زال عنه في الرجوع إليه واتصل بمونس أن جيوشا اجتمعت للروم وفيها بنو ابن نفيس وكانوا قد هربوا إلى بلاد الروم عند خلع المقتدر أولا وأنهم قاصدون ملطية للغارة على المسلمين فكتب مونس إلى بلد الروم يستدعى بنى بن نفيس ويعده ويمنيه ويسأله صرف الروم عن ملطية فأقبل بنى إلى الموصل وصرف الجيش عن ملطية فسربه مونس سرورا شديدا وخلع عليه وأكرمه وأنس به فكان يعاشره ويشار به ووافاه أيضا بدر الخرشنى من أرزن في نحو ثلاثمائة رجل فسر به مونس ويلبق ومن كان معهما وقدم عليهم طريف السبكرى من حلب في نحو أربعمائة فارس فسروا به أيضا وتوالت الفتوحات على مونس ويلبق فلما طال مقام مونس بالموصل ودامت فتوحه وعظمت هيبته ابتدأ رجال السلطان الذين كانوا بالحضرة بالهرب إليه وتأكدت محبتهم له فكان أحد من جاءه بالدوا غلام ابن أبى الساج وكان بطلا شجاعا في نحو مائتي فارس ولقى بالدوا في طريقه عسكرا للسلطان فكسره وأخذ أحمال مال كانت معهم يريدون بها بغداد فجاء بها بالدوا إلى مونس ووهبها له ولرجاله ثم استأمنه الحسين بن عبد الله بن حمدان لما ضاقت به الارض وانقطع رجاؤه من أمداد السلطان وآمنه مونس وقدم عليه ففرح مونس بقدومه وقال له نحن في ضيافتك منذ سبعة أشهر على كره لك فشكره الحسين ولم يزل يخدم واقفا بين يدى مونس في دراعة وعمامة بغير سيف مدة مقام مونس بالموصل ذكر عزل الوزير الحسين بن القاسم وتقديم الفضل بن جعفر مكانه والتياث الاحوال ببغداد ولما ظن الوزير أبو الجمال الحسين بن القاسم أن الامر قد صفا له بخروج


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 119 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 119 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



مونس قل لهم عنى قد كنت ظننت بكم غير هذا وما أخذت نحوكم إلا لثقتي بكم وطمعي في شكركم فإذا خالفتم الظن فليس إلى العدول عنكم سبيل ونحن سائرون نحوكم بالغد كائنا ما كان منكم وأرجو أن إحساني اليكم سيكون من أنصارى عليكم وخذلانكم لى غير صارف لفضل الله عنى وبات مونس بقصور مرج جهينة وكان عسكر بنى حمدان بحصباء الموصل وبات المحسن زعفران في الطلائع على المضيق الذى منه المدخل إلى الموصل وباكر مونس المسير في الماء على رسمه قبل ذلك وسار أهل العسكر على الظهر ووقع أبو على المحسن زعفران في آخر الليل على مقدمة بنى حمدان التى كانوا أنفذوها نحو المضيق فقتل منهم جماعة وأسر نحو ثلاثين رجلا وملك المضيق وأمده يلبق برجال زيادة على من كان معه وصبح الناس القتال يوم الاحد لثلاث خلون من صفر وما كان جميع من يضمه عسكر مونس إلا ثمانمائة وثلاثة وأربعون فارسا وستمائة وثلاثين راجلا بين أسود وأبيض هكذا حكى الفرغانى عن أحمد بن المحسن زعفران وكان شاهدا مع أبيه في عسكر مونس وعنه ينقل أكثر الحكايات وكان بنو حمدان في عساكر عظيمة قد حشدوها من العرب والعجم وقبائل الاعراب وغيرهم فتلاقى الفريقان على تعبية وأخذ مونس ويلبق وابنه ومن كان معهم من القواد في حربهم أحزم مأخذ وتوزعوا على مقدمة وميمنة وميسرة وقلب وجعلوا في كل مصاف منها ثقاتهم وأكابر قوادهم ثم حملت مقدمتهم على مقدمة بنى حمدان فضرب داود بن حمدان بنبلة دخلت من كم درعه فصرعته وحملت ميمنة يلبق على ميسرة بنى حمدان فقلعتها وطحنتها وغرق أكثرهم في دجلة ثم حمل يلبق بنفسه ورجاله الذين كانوا في القلب على قلب عسكر بنى حمدان فهزموا من كان فيه واتصل القتل فيهم وأسر ابن لابي السرايا ابن حمدان وغنم عسكرهم وتفرق جميعهم ودخل مونس الموصل لاربع خلون من صفر وأعطى أصحابه الصلات التى كان وعدهم بها مع الزيادة وصار في عكسره خلق كثير من غلمان ابن حمدان ورجاله وتوجه أبو العلاء بن حمدان وأبو السرايا إلى بغداد مستنجدين للسلطان وانحاز الحسين بن عبد الله بن حمدان إلى جبال معلثايا واجتمع إليه بها بعض غلمانه وغلمان أهله فسار إليه يلبق


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 118 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 118 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



فتعذر ذلك عليه ثم سار وهو مغموم لما دار من الحريق في القصر يريد الموصل ونفذت كتب الوزير ابن القاسم عن المقتدر إلى جميع من في الغرب من القواد كبنى حمدان وابن طغج صاحب دمشق وإلى تكين صاحب مصر وإلى ولاة ديار ربيعة والجزيرة وآذربيجان وملوك أرمينية والثغور الجزرية والشامية يأمرهم بأخذ الطرق على مونس ويلبق وولده وزعفران ومن كان معهم ومحاربتهم والقبض عليهم وبلغ ذلك مونسا فغمه الامر وكتمه عن جميع من كان معه وسار إلى تكريت وقد انصرف عنه أكثر من كان معه ثم إن مونسا فكر في أمره والى أين تكون توجهه فلم يجد في نفسه أوثق عنده ولا أشكر ليده من بنى حمدان فانه كان عند ذكره إياهم يقول هم أولادي وأنا أظهرتهم وكانت له عند حسين ابن حمدان وديعة فأراد أن يجتاز به ويأخذها ويسير بها إلى الرقة وقد كان بلغه تجمع بنى حمدان وحشدهم لمحاربته فلم يصدق ذلك ثقة منه بهم فرحل عن تكريت إلى بنى حمدان بعد أن شاور من حضره في الطرق التى يأخذ عليها فأشارت عليه طائفة بقطع البرية والخروج إلى هيت ثم المسير إلى شط الفرات وقال يلبق وزعفران لمونس الصواب مسيرك إلى الموصل كيف تصرفت الحال لوجوه من المصالح أما واحدة فلعجزك عن ركوب البرية فتتعجل الرفاهية في الماء وأخرى لئلا يقال جزع لما بلغه خبر بنى حمدان وتجمعهم وثالثة أنك إن بليت بقتالهم كانوا أسهل عليك من غيرهم فوقع هذا الرأى من مونس بالموافقة وسار يريد بنى حمدان فلم يلق لهم في طريقه رسولا ولاسمع لهم خبرا إلى أن وافى عليه بشرى النصراني كاتب أبى سليمان داود بن حمدان فاستأذن عليه يوم السبت لليلة بقيت من المحرم وخلا بمونس وأدى إليه رسالة صاحبه ورسالة الحسين بن حمدان وأبى العلاء وأبى السرايا بأنهم على شكره ومعرفة حق يده ولكنهم لا يدرون كيف الخلاص مما وقعوا فيه فان أطاعوا سلطانهم كانوا قد كفروا نعمة مونس إليهم وان أطاعوا مونسا وعصوا سلطانهم نسبوا إلى الخلعان وسألوه أن يعدل عن بلدهم لئلا يلتقوا به ولا يمتحنوا بحربه فقال له


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 117 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 117 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



القاسم بن دلف ومحمد بن القاسم بن سيما وغيرهم من قواده ودخل هارون بن غريب الخال إلى بغداد للنصف من المحرم ونزل في النجمى ودخل ابن عمرويه قافلا من البصرة ودخل نسيم الشرابى من الثغر وخلع على سرور وجمعت له الشرطتان ثم دخل محمد بن ياقوت لثمان بقين من المحرم فتجمع للمقتدر قواده وقوى أمره وخلع على الوزير أبى الجمال ولقب عميد الدولة وكنى ونفذت الكتب بذلك إلى العمال من الوزير أبى على عميد الدولة ابن ولى الدولة القاسم بن عبيد الله وكتب اسمه على السكك وخلع على ابنه لكتابة الامير أبى العباس بن المقتدر وهو الراضي ولما اجتمع الجيش ببغداد واتفقت كلمة أصحاب المقتدر وانتقل عن مونس كثير من أصحابه إلى دار السلطان قلع مونس عن البردان في الماء مضطرا ومعه نحو مائة أكابر وأصاغر من غلمانه وأربعمائة غلام سودان كانوا له وسار يلبق وابنه وباقى غلمان مونس على الظهر في نحو ألف وخمسمائة رجل وكان معه من وجوه القرامطة نحو سبعين رجلا منهم خطا أخو هند وزيد ابن صدام وأسد بن جهور وكلهم أنجاد مبرزون في البأس لايرد أحدهم وجها عن عدو فسار مونس إلى سر من رأى وعسكر بالجانب الشرقي واجتمع الناس بقصر الجص إلى مونس فكلمهم ووعدهم وقال لهم ما أنا بعاص لمولاي ولا هارب عنه وإنما هذه طبقة عادتني وغلبت على مولاى فآثرت التباعد إلى أن يفيقوا من سكرتهم وأتأمل أمرى معهم ولست مع هذا أتجاوز الموصل اللهم إلا أن يختار مولاى مسيرى إلى الشأم فأسير إليها وقال لهم في خلال ذلك من أراد الرجوع إلى باب الخليفة فليرجع ومن أراد المسير معى فليسر فردوا عليه أحسن مرد وقالوا له نحن في طاعتك إن سرت سرنا وإن عدت عدنا وبعث مونس أبا على المعروف بزعفران مع عشرة من القرامطة في مال كان له مودعا عند بعض وكلائه بعكبراء فأتاه منها بخمسين ألف دينار فدفع منها مونس أرزاق من كان معه وزادهم خمسة دنانير وأقام مونس يومه ذلك بقصر الجص فاحترق سقف من سقوف القصر فشق ذلك على مونس واجتهد في إطفاء النار


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 116 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 116 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



يلبق فالتاثا على مونس واستوحشا منه وباطنا عليه من كان بحضرة الخليفة مثل مفلح والوزير ابن القاسم وغيرهما وراسلا ياقوتا وولده وابن الخال وغيرهم واتصل ذلك بمونس وصح عنده فأوحشه ذلك من المقتدر وممن كان معه ثم سألت الحجرية والساجية المقتدر بما أحكمه لها ابنا رائق بأن يصلوا إليه كما جلس للسلام واستعفوه من يبلق وطعنوا على مونس في ضمهم إليه فلما كان يوم الاثنين لخمس خلون من المحرم جلس المقتدر للسلام ووصل إليه الناس ووصلت إليه الحجرية والساجية وصرف عنهم يلبق ولم يخلع عليه وأظهر المقتدر الانفراد بأمره والاستبداد برأيه فانكشف لمونس الامر وصح عنده ما دبر عليه وعلم أنه مطلوب ولما كان يوم الخميس لثمان خلون من الشهر جلس المقتدر أيضا للسلام فخرج مونس إلى باب الشماسية وعسكر بها ونهب أصحابه دار الوزير الحسين بن القاسم وبلغ ذلك المقتدر فأمر بشحن القصر بالرجال ونودى فيمن سخط عليه من الرجالة بالرضا عنهم فظفروا ووعدوا بزيادة دينار على النوبة ووعد الفرسان بزيادة خمسة دنانير على الرزق فظهر الرجالة وقوى أمر الخليفة واستتر أصحاب مونس ولحق به خاصته وخرج إليه يلبق فلما كان يوم الجمعة لتسع خلون من الشهر وتمت صلاة الناس في الجامع ركب المقتدربين الظهر والعصر في قباء تاختج وعمامة سوداء وعلى رأسه شمسة تظله وبين يديه أولاده الكبار ركبانا وهم سبعة وجميع الامراء والقواد معه وبين يديه فسار من باب الخاصة إلى المجلس الذى في طرف الميدان وقد ضرب له قبة شراع ديباج فدخلها ثم انصرف وظهر للعامة ودعا الناس له وبعث مونس بشرى خليفته إلى المقتدر يوم السبت مترضيا له ومعتذرا إليه بأنه لم يخرج خالعا ولا عاصيا وإنما خرج فارا من المطالبة له فقبض على بشرى وصفع وقيد فلما اتصل الخبر بمونس زاد في إيحاشه ونفاره وأمر بوضع العطاء في أصحابه ودخلوا السوق ليبتاعوا السلاح وما يحتاجون إليه فمنعوا من ذلك حتى وجه مونس من قواده إلى المدينة من حضر ابتياعهم لما أرادوا ثم انتقل مونس إلى البردان وزال عنه كثير من جيشه إلى دار السلطان وكان ممن رجع عنه أبو دلف


يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 115 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 115 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



الناس قال هذا شئ تتبرك به عجائزنا فتجعله في ثيابنا من حيث لا نعلم تقربا إليهم بهذا وشبهه يعنى إلى مونس وأصحابه وقلد الوزارة يوم السبت سلخ شهر رمضان وخلع عليه في هذا اليوم وركب في خلعه وسائر القواد والناس على طبقاتهم معه وأخذه بوله في الطريق فنزل وهو في خلع الخليفة إلى دار محمد بن فتح السعدى فبال عنده وأمر له بزيادة في رزقه ونزله وركب منها إلى داره * ولسبع بقين من شوال أخرج على بن عيسى إلى ديرقنا * وفيه قرئت كتب في جامع الرصافة بما فتحه الله لثمل بطرسوس في البر والبحر * وفيه خلع على أبى العباس أحمد بن كيغلغ وطوق وسور وعقد لابن الخال على أعمال فارس ولياقوت على أصبهان ولابنه محمد على الجبل وأخرجت اليهما الخلع للولاية * وفى شوال من هذه السنة خلع على الوزير عميد الدولة وابن ولى الدولة الحسين بن القاسم لمنادمة المقتدر * وفى يوم الجمعة لخمس بقين منه ظهرت في السماء فيما يلى القبلة من مدينة السلام حمرة نارية شديدة لم ير مثلها وصلى في هذا النهار الوزير عميد الدولة وابن ولى الدولة الحسين بن القاسم في مسجد الرصافة وعليه شاشية وسيف بحمائل فعجب الناس منه. وحج بالناس في هذه السنة جعفر بن على الهاشمي من أهل مكة المعروف برقطة خليفة لابي حفص عمر بن الحسن بن عبد العزيز ثم دخلت سنة 320 ذكر ما دار في هذه السنة من أخبار بنى العباس فيها خالف مونس المظفر على المقتدر وخرج من بغداد إلى الموصل ثم خلعه بعد ذلك وقتله وكان السبب في ذلك أن مونسا لما أبعد ياقوتا وولده عن الحجابة وأخرجهما عن مدينة السلام واختار ابني رائق لملازمة المقتدر وحجابته ورجا طوعهما له وقلة مخالفتهما إياه وكان مونس عليلا من النقرس قاعدا في منزله كالمقعد وكان يلبق غلامه الذى صيره مقام نفسه وعقد له على الجيش وضمه إليه ينوب عنه في لقاء الخليفة وإقامة أسباب الجند والامر والنهى فقوى أمر ابني رائق وتمكنا من الخليفة لقربهما منه وقيل لهما إن مونسا يريد أن يصير الحجابة إلى


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 114 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 114 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



صدورهم وضمائرهم وهو كان بعد ذلك السبب لهلاكهم وفنائهم على ما يأتي ذكره في الوقت الذى دار فيه ذلك * وفى هذه السنة انحدر ياقوت وابنه من مدينة السلام في الماء ومن تبعه من جيشه من الجانب الشرقي يريدان أعمالهما من بلد فارس وكان على بن يلبق بواسط متقلدا لها ومعه من الغلمان الذين أشخصهم مونس إليه جملة مثل سيما المنخلى وكانجور وشفيع وتكين الخاقانى وغيرهم فحملت هذه الطبقة ابن يلبق على تلقى ياقوت ومحاربته واتصل الخبر بيلبق أبيه فأنكر الامر أشد الانكار وكاتب ابنه يخوفه ركوب هذه الحال ويأمره بأن يتقدم إلى خلفائه بواسط أن يتلقوا ياقوتا ويخدموه ويكونوا بين يديه إلى أن يخرج عن واسط وكاتب القواد الايطاوعوا ابنه على مكروه إن هم به وكاتب ياقوتا يسأله العبور إلى الجانب الغربي خوفا من اجتماع العسكرين ثم تحمل يلبق المصير إلى ابنه وملازمته أياما إلى أن جاز ياقوت وخرج عن واسط * وفى شعبان من هذا العام شغب الرجالة ببغداد فحاربهم يلبق وسائر الجيش ولم تزل الحرب بينهم من غدوة إلى صلاة العصر وجرح من الفرسان جماعة وقتل من الرجالة عدد كثير ثم تمزق الفريقان في الازقة والدروب وانصرفوا ذكر صرف الكلواذى عن الوزارة وتقليدها الحسين بن القاسم وكان عبيد الله بن محمد الكلواذى أحد الكتاب الكبار وجليلا في نفوس الناس فقدروا أن فيه كفاية وقياما بالامر فأقام على الوزارة شهرين وهو متبرم بها لضيق الاموال وكثرة الاعتراضات واتصال الشغب وقعود العمال عن حمل المال فاستعفي وقال ما أصلح أن أكون وزيرا فصرف عنها ولم يعنف ولا نكب ولاتعرض أحد من حاشيته وانصرف إلى داره واستقر فيها فأمر الخليفة بحفظها وصيانتها وكان أبو الجمال الحسين بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب يسعى دهره في طلب الوزارة ويتقرب إلى مونس وحاشيته ويصانعهم حتى جاز عندهم وملا عيونهم وكان يتقرب إلى النصارى الكتاب بأن يقول لهم إن أهلى منكم وأجداداى من كباركم وأن صليبا سقط من يد عبيد الله بن سليمان جده في أيام المعتضد فلما رآه


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 113 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 113 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



فلما نظر إليهم ابن كيغلغ قال لمن حوله أوقعوا عينى على الاشكرى فأروه إياه فقصده وحده وكان الديلمى شديد الخلق فلما نظر إليه مقبلا سأل عنه فقيل له هذا ابن كيغلغ فبرز كل واحد منهما لصاحبه ورمى الديلمى أبا العباس بن كيغلغ بمزراق كان في يده فأنفذ ما كان يلبسه ووصل إلى خفه فأنفذ عضلة ساقه وأثبتها في نداد سرجه فحمل عليه ابن كيغلغ وضربه بسيفه على أم رأسه فانصرع عن دابته وأخذ رأسه وتوجه به بين يديه فتفرق أصحاب الديلمى وتراجع أصحاب ابن كيغلغ ودخل أصبهان والرأس قدامه فوضع أهل المدينة سيوفهم ورماحهم في الديالمة الذين حصلوا بها فقتلوا عن آخرهم ونزل ابن كيغلغ في داره واستقام أمره وحسن أثره عند المقتدر وأعجب الناس ما ظهر من شجاعته وبأسه مع كبر سنه * ولعشر بقين من شعبان ورد الخبر بأن القرامطة صاروا إلى الكوفة ونزلوا المصلى العتيق وعسكروا به وأقاموا وسارت قطعة منهم في مائتي فارس فدخلوا الكوفة وأقاموا بها خمسة وعشرين يوما مطمئنين يقضون حوائجهم وقتلوا بها خلقا كثيرا من بنى نمير خاصة واستبقوا بنى أسد ونهبوا اهراء فيها غلات كثيرة للسلطان وغيره * وفى هذه السنة وصل زكرى الخراساني إلى عسكر سليمان بن أبى سعيد الجنابي فجاز له عليهم من الحيلة والمخرقة ما افتضحوا به وعبدوه ودانوا له بكل ما أمرهم به من تحليل المحارم وسفك الرجل دم أخيه وولده وذوى قرابته وغيرهم وكان السبب في وصوله إليهم أن القرامطة لما انتشروا في سواد الكوفة وانتهوا إلى قصر ابن هبيرة فأسروا جماعة من الناس كانوا يستعبدون من يأسرونه ويستخدمونهم وكان له عرفاء على كل طائفة منهم فأسر زكرى هذا فيمن أسر وملكه بعض العرفاء المترأسين عليهم فلما أراد الاستخدام به تمنع عليه وأسمعه ما كره فلما نظر إلى قوة كلامه وجرأته هابه وأمسك عنه وأنهى خبره إلى الجنابي سليمان فأحضره من وقته وخلابه وسمع كلامه ففتنه ودان له وأمر أصحابه بأن يدينوا له ويتبعوا أمره وحمله في قبة وستره عن الناس وشغل خبره القرامطة وانصرفوا به راجعين إلى بلادهم وهم يعتقدون أنه يعلم الغيب ويطلع على ما في


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 112 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 112 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



محملة مالا وسلاحا وسروجا وسيوفا ومناطق وغير ذلك وثمانية طيارات وشذاة فخلى مونس سبيل على بن عيسى ومن اعتقله معه ورجع مونس إلى داره وأحرقت دار ياقوت وابنه ونودى بمدينة السلام ألا يظهر أحد ممن أثبت ابن ياقوت وأظهر من سائر الناس ونظر مونس فيمن يرد إليه الحجابة فوقع اختياره على ابني رائق للمهانة التى كانت فيهما وأنهما كانا يلقبان بخديجة وأم الحسين فبعث فيهما وقلدهما الحجابة فقبلا يده ورجله وقالا له نحن عبدا الاستاذ وأبونا من قبلنا وانصرفا وغلمان مونس بين أيديهما حتى بلغا منازلهما * وفى يوم الاثنين لعشر بقين من رجب أدخل مفرج بن مضر الشارى مع رجلين وجه بهم ابن ورقاء من طريق خراسان فشهروا على فيل وجملين ذكر القبض على سليمان بن الحسن الوزير وتقليد الكلواذى الوزارة وفى يوم السبت لست بقين من رجب قبض على الوزير سليمان بن الحسن وذلك أن المال ضاق في أيامه واتصل شغب الجند وظهر من سليمان في وزارته ما كان مستورا من سخف الكلام وضرب الامثال المضحكة وإظهار اللفظ القبيح بين يدى الخليفة مما يجل الوزراء عنه فاستنقصه الخلق وهجاه الشعراء واستعظموا الوزارة لمثله وكانت لابن ياقوت فيه أبيات ضمن في آخرها هذا البيت يا سليمان غننى * ومن الراح فاسقني ولابن دريد فيه سليمان الوزير يزيد نقصا * فأحر بأن يعود بغير شخص أعم مضرة من أبى خلاط * وأعيا من أبى الفرج بن حفص وولى الوزارة أبو القاسم عبيد الله بن محمد الكلواذى وأحضر الدار وخلع عليه وذلك يوم الاحد لاربع بقين من رجب من هذه السنة * وفى شعبان من هذه السنة ورد الخبر بأن أبا العباس أحمد بن كيغلغ لقى الاشكرى صاحب الديلم فهزمه الديلم وتفرق عنه أصحابه حتى بقى في نحو من عشرين ومضى الديلم في آثار من انهزم من أصحابه ودخلوا أصبهان وملكوا دورها وصاروا فيها ووافى الاشكرى على أثرهم في نفر من الديلم


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 111 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 111 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



هذه السنة أزدادت وحشة مونس المظفر من ياقوت وولده ودارت بينهم مدافعات فصرف ابن ياقوت عن الشرطة ورد أمرها بالجانب الشرقي إلى أحمد ابن خاقان وبالجانب الغربي إلى سرور مولى المقتدر * وفى هذا الشهر قلد أبو بكر محمد بن طغج مدينة دمشق وأعمالها وصرف الراشدي عنها ورد إليه عمل الرملة ونفذ كتاب الخليفة إلى ابن طغج بالولاية فلما وصل إليه الكتاب سار من وقته إلى دمشق وخرج الراشدي إلى الرملة فسر أهل دمشق بقدوم ابن طغج ودخلها أحسن دخول. وفى مستهل رجب من هذه السنة راسل مونس الخليفة وسأله إخراج ياقوت وابنه عن مدينة السلام فلم يجبه إلى ذلك فأوحشه فعله واستأذن هو في الخروج فلم يمنع فخرج إلى مضاربه برقة الشماسية مغاضبا واتصل به أن ياقوتا وابنه أمرا بقصده والفتك به فاستجلب مونس الرجالة المصافية إلى نفسه فلحقوا به بالشماسية وصاروا معه ثم طالب الاولياء ابن ياقوت ببقايا أرزاقهم فتهددهم فلحق جميعهم بمونس بعد أن قطعوا خيامهم التى كانت حوالى دار الخليفة بالسيوف فقوى أمر مونس وانضم عسكره على قريب من ستة آلاف فارس وسبعة آلاف راجل فتقدم ابن ياقوت إلى أصحاب السلاح ألا يبيعوا منهم سلاحا ووجه إليهم مونس قواده يحذرهم أن يمنعوا أحدا من أصحابه بيع ما يلنمس من السلاح وحمل يلبق وبشر واصطفن وابن الطبري إلى مونس مالا كثيرا وقالوا له هذا المال أفدناه معك وهذا وقت حاجتك إليه وحاجتنا فشكرهم على ذلك وفرقه في أصحابه وعلى من قصده ولما قوى أمر مونس وانحاز الجيش إليه ركب إليه الوزير سليمان بن الحسن وعلى بن عيسى وشفيع ومفلح فلما حصلوا في مضربه بباب الشماسية شغب عليهم حاشية مونس وضربوا وجوه دوابهم وقبضوا عليهم وأظهرت حاشية مونس أنهم يريدون الفتك بهم فأهمتهم نفوسهم واعتقلوا يومهم وبلغ المقتدر الخبر فأقلقه وجرى الامر بينهما على اخراج ياقوت وابنيه عن بغداد ووجه الخليفة إلى ياقوت وولده اخرجوا حيث شئتم فخرجوا في الغلس يوم الاربعاء لثمان خلون من الشهر وجميع حاشيتهم في الماء مع نيف وأربعين سفينة


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 110 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 110 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



ثم شغبوا بعد ذلك وقصدوا دار أبى العلاء سعيد بن حمدان فحوربوا منها وقتل منهم رجل فانصرفوا وبكروا إليها من الغد وقد كان أو العلاء وضع حرمه وجميع ما يملكه في الزوارق داخل الماء فلم يصلوا إلى ما أملوه منه فأحرقوا بابه وصاروا إلى السجون والمطبق ففتحت بعد محاربتهم لمن كان يمنع منها وقتل من طلاب الفتن من العامة خلق كثير وقعدوا بعد ذلك في مجلس الشرطة وقتلوا رجلا يعرف بالذباح قيل إنه ذبح ابن النامى فلما أصبح الناس ركب ابن ياقوت إليهم زورقا وبعث بأصحابه وغلمانه على الظهر ثم وضع السيف والنشاب في أهل الذعارة من العامة فلم يزل القتل يأخذهم من رحبة الحسين إلى سوق الصاغة بباب الطاق فارتدع الناس وكفوا وفى آخر صفر خرج طريف السبكرى إلى الثغر غازيا وخرج في ربيع الاول نسيم الخادم الشرابى إلى الثغر أيضا وشيعه مونس المظفر وخرج من الفسطاط بمصر أحد عشر مركبا للغزو في البحر إلى بلاد الروم وعليها أبو على يوسف الحجرى وفى هذه السنة اجتمع نوروز الفرس والشعانين في يوم واحد وذلك يوم الاحد لاحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الاول وقل ما يجتمعان * ولثمان بقين منه خلع على أبى العلاء بن حمدان وقلد ديار ربيعة وما والاها وتقدم إليه بالغزو وفيه تقلد أعمال البصرة أبو إسحاق وأبو بكر ابنا رائق * وفى شهر ربيع الآخر من هذه السنة ورد الخبر بأن الاعراب صاروا في جمع كثير إلى الانبار فأفسدوا وقتلوا فجرد إليهم على بن يلبق في جيش كثيف وخرج يلبق أبوه في أثره فلحقوهم وواقعوهم يوم الاحد لثلاث عشرة ليلة بقيت منه بعد حرب شديدة وانهزم الاعراب فقتلوا منهم وأسروا وغنم الاولياء غنيمة عظيمة * وفى ربيع الآخر وقع حريق في مدينة الفسطاط بموضع يقال له خولان نهارا فذهبت فيه دوربنى عبد الوارث وغيرها * ولاربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الاولى أدخل إلى مدينة السلام خمسة وسبعون رجلا من الارمن وجه بهم بدر الخرشنى ممن حارب فشهروا وطيف بهم وأدخل أسارى القرامطة الخارجين بسواد الكوفة بعث بهم بشر النصرى وهو نحو مائة فشهروا وطوفوا بمدينة السلام * وفى جمادى الآخرة من


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 109 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 109 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



لا تكلني إلى شواهد ظن * ليس يقضى بها على عليم ليس تمضى إلا... ومن أت‍ * همت ناج مما ظننت سليم فأنا الآن راحل إن ترحل‍ * ت وثاو إذا أقمت مقيم أرنى للرضا علامة إنصا * ف فدهري وقد كفاك غسوم نظم هذا المديح إن أنصفوه * لا يدانيه لؤلؤ منظوم قد أتى ساحبا ذيول المعالى * فيك والمدح بالنوال زعيم وفيها مات أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر بن الجارود النيسابوري بمكة يوم الاحد انسلاخ شعبان * وحج بالناس في هذه السنة عمر بن الحسن العباسي ثم دخلت سنة 319 ذكر ما دار في هذه السنة من أخبار بنى العباس قال أبو محمد عبد الله بن أحمد الفرغانى في كتابه الذى وصل به كتاب محمد بن جرير الطبري وسماه المذيل في هذه السنة في المحرم منها طالب قوم من الفرسان ببغداد الوزير سليمان بن الحسن بأرزاقهم وشتموه وأغلظوا له فرماهم غلمانه بالآجر من أعالي الدار وقتلوا رجلا من الاولياء فهجموا في الدار بعد أن أحرقوا الباب فخرج الوزير على باب ثان وجلس في طيار وسار إلى دار على بن عيسى فانصرفوا عن بابه وفيه قلد إبراهيم بن بطحا الحسبة بمدينة السلام * وفى صفر ورد بغداد مونس الخادم الورقانى منصرفا من الحج بالناس سالمين فأظهر أهل مدينة السلام لذلك السرور والفرح ونشروا الزينة في الاسواق وأخرجوا الثياب والحلى والجواهر ونصبت القباب في الشوارع وخلع السلطان على مونس وأوصله نفسه وخلع على جماعة معه وذلك يوم الخميس لعشر خلون من صفر فذكر الحاج أنها لحقتهم مجاعة عظيمة في الطريق إذ كانت خالية من العمارة وكاد يأكل بعضهم بعضا من الجوع * وللنصف من صفر قصد الشطار وأهل الذعارة من العامة دار الخليفة فأحرقوا باب الميدان ونقبوا في السور وصعد الخليفة إلى المجلس المثمن ومعه يلبق وسائر الغلمان فضمن لهم يلبق إزاحة عللهم والانفاق عليهم فانصرفوا


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 108 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 108 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



وقامت عليه بثمانية عشر ألف دينار ثم أهداها إلى أبى عبد الله بن المقتدر وهى تساوى ثلاثين ألف دينار وصنع له فيها ولاخيه أبى العباس يوم أهداها إليه وخرجا معه إليها في وجوه القواد والغلمان فأقاموا بها يومين وأنفق عليهم نصر مالا جسيما ووصل الغلمان والخدم بصلات سنية وحمل بعضهم على خيل بسروجها ولجمها قال وحكى لى بعض وكلائه أنه أحصى ما ذبح في هذين اليومين من جمل وجدى وطير وغير ذلك من صنوف الدراج والطائر فبلغ ذلك أربعة آلاف رأس قال الصولى ولما خلع على أبى عبد الله هارون للولاپة وصح عزمه على الخروج دعاني إلى المسير معه والكون في عديد صحبه فكره ذلك الامير أبو العباس بن المقتدر فاعتللت على أبى عبد الله فغضب على وقطع اجراءه عنى قال ثم بلغني أن خروجه غير تام فكتبت إليه بقصيدة فيها تشبيب حسن ومديح مثله واجتلب الصولى جميع القصيدة في كتاب الورقة الذى ألفه بأخبار الدولة فرأيت إثبات أبيات منها في هذا الكتاب لبستدل بمباطنة الصولى لهم على علمه بأخبارهم وحفظه لما جرى في أيامهم فليس المخبر الشاهد كالسامع الغائب ومن قصيدة الصولى ظلم الدهر والحبيب ظلوم * أين من ذين يهرب المظلوم عطفت باللقاء ريح بعاد * فاستهلت على فؤادى الهموم يا سقيم الجفون أي صحيح * لم يدعه هواك وهو سقيم أحرام عليك وصلى أم السا * ئل وصلا مباعد محروم قد كتمت الهوى وأصعب شئ * إن تأملته هوى مكتوم فمتى أخصم الحبيب وأيا * مى بما يشتهى على خصوم لابي عبد الله هارون عندي * حادث من فعاله وقديم هو بدر السماء يطلع في سع‍ * د المعالى والناس فيها نجوم ورث المجد عن خلاف غر * سبعة ما يعد فيهم بهيم يا نسيم الحياة أنت لايا * مى إذا ما ركدن عنى نسيم قد تذوقت منك طعم نوال * مثله لاعدمته معدوم


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 107 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 107 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



الله وجنة منصوبة لاولياء الله ورأسا منقولا إلى دار خلافة الله استنزلوه من معقل إلى عقال وبدلوه آجالا من آمال وقد بما غذت العصبية أبناءها فحلبت عليهم درها مرضعة وركبت بهم مخاطرها موضعة حتى إذا وثقوا فأمنوا وركبوا فاطمأنوا وامتد رضاع وآن فطام فجرت مكان لبنها دماوأ عقبتهم من حلو غذائها مرا ونقلتهم من عزالى ذل ومن فرحة إلى ترحة ومن مسرة إلى خسرة قتلا وأسرا وغلبة وقسرا وقل من أوضع في الفتنة مرهجا واقتحم لهبها موجحا الا استلحمته آخذة بمخنقه وموهنة بالحق كيده حتى جعلته لعاجله جزرا ولآجله حطبا وللحق موعظة وعن الباطل مزجرة أولئك لهم خزى في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وما الله بظلام للعبيد وورد الخبر في ذى الحجة بوثوب أصحاب أسفار بن شيرويه الديلمى المتغلب على الرى عليه واعتزامهم على قتله وأنه هرب في نفر من خاصته وغلمانه فصار مكانه إلى الرى ديلمى يقال له مرداويج بن زيار * ومن الحوادث في هذه السنة أن الحريق وقع ليلة الاحد لاحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الاولى في دار محمد بن على بن مقلة التى كان بناها بالزاهر على شاطئ دجلة ويقال إنه أنفق فيها مائتي ألف دينار فاحترقت بجميع ما كان فيها واحترقت معها دور له قديمة كان يسكنها قبل الوزارة وانتهب الناس ما بقى من الخشب والحديد والرصاص حتى صارت مستطرقا للسابلة من دجلة وبطل على السلطان ما كان يصير إليه من إجارات الزاهر وذلك جملة وافرة في السنة ثم أمر السلطان بسد أبوابها ومنع السابلة من تطرقها وتحدث الناس بأن محمد بن ياقوت فعل ذلك لضغن كان لمحمد بن على بن مقلة عنده في قلبه * وفيها خلع المقتدر على ابنه أبى عبد الله هارون لتقلد فارس وكرمان يوم الاثنين لست بقين من شوال وركب في الخلع إلى داره المعروفة بجرادة بقرب الجسر وكان المقتدر قد ثقف ولده هذا بنصر الحاجب وجعله في حجره فلما مات نصر تكفل أمره ياقوت كما كان يتكفله نصر قبله إلا أن نصرا كان يهدى له ويتقرب إليه قال الصولى أنا شهدت نصرا الحاجب قد اشترى ضيعة على نهر ديالى والنهروان يقال لها قرهاطية كانت للنوشجانى فاشتراها حصصا وأقساما


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 106 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 106 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



وكانت هذه الوقيعة لخمس بقين من رجب ورجع مونس إلى بغداد لعشر بقين من شعبان (وفى هذه السنة) أسر الحسن بن حمدان شاريا خرج بكفر غرثا يقال له عزون وأنفذه إلى السلطان فحمل على فيل وأدخل بغداد مشهورا ثم حبس وذلك في ذى الحجة وقبل ذلك بشهر ما وجه أبو السرايا نصر بن حمدان بن سعيد بن حمدان شاريا خرج بالرادفية من موالى بجيلة فأدخل بغداد على فيل وبين يديه ولدان له على جملين ومائة رأس من رؤس أصحابه وسار رجل من وجوه البرابر يعرف بأبى شيخ إلى دار السلطان في ذى القعدة فذكر أن جماعة من وجوه القواد والكتاب قد بايعوا أبا أحمد محمد بن المكتفى بالله واستجاب له نحو ثلاثة آلاف رجل من الجند فأمر السلطان بحفظ ابن المكتفى بالله في داره وانتشر خبر أبى شيخ فخيف عليه أن يقتله الجند فبعث إلى الجبل إلى ابن الخال ليكون في جيشه وورد الخبر في ذى القعدة بوقوع الحرب بالبصرة بين البلالية والسعدية وأن عبد الله ابن محمد بن عمرويه والى المعونة بها أعان البلالية فهزموا السعدية وأحرقوا محالهم فأخرجوا من البصرة ثم ردوا إليها بعد مدة عن سؤال منهم وتضرع قال الصولى ولما ورد الخبر بذلك كتب على بن عيسى إلى أهل البصرة في ذلك كتابا بليغا ينهاهم فيه عن العصبية ويعرفهم سوء عاقبتها فدخلت إليه وهو يملى الكتاب فلما أوعب إملاءه أمر كاتبه بدفعه إلى لا قرأه قال فحسن عندي الكتاب وقلت له قد كان لا براهيم بن العباس كتاب في العصبية فقال لى ما أعرفه فما هو قلت حدثنى عون بن محمد الكندى قال قدم علينا بسر من رأى كاتب من أهل الشأم يقال له عبد الله ابن عمرو من بنى عبد كان المصريين فجعل يستصغر كتاب سر من رأى ولا يرضى أحدهم قال عون فحدثت أبى بحديثه فأنف من ذلك وقال والله يا بنى لا ضعفنه ولاهونن نفسه إليه فمضى به إلى إبراهيم بن العباس وأدخله عليه وهو يملى رسالة في قتل إسحاق بن اسماعيل وفيها ذكر العصبية فسمع الشأمى ما أعجبه وقال لابي هذا من لم تلد النساء مثله فانى سمعته يملى شيئا كأنه فيه تدبر مبين قال عون فنسخ أبى ما أملاه من الرسالة هو وقسم الله عدوه أقساما ثلاثة روحا معجلة إلى عذاب


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 105 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 105 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



عليه ومضى في الخلع التى كانت عليه إلى الدار التى كان يسكنها ابن الفرات والوزراء بعده ثم نزل منها إلى طياره ومضى إلى منزله فأقر عبيد الله الكلواذى على دواوين السواد والاهواز وفارس وكرمان وأقر كثيرا ممن كان على سائر الدواوين وقلد ابنه أحمد بن سليمان ديوان المشرق واستخلف له عليه من يتولاه له وقلد ابنه أبا محمد ديوان الفراتية وقلد أبا العباس أحمد بن عبيد الله الخصيبى الاشراف على أعمال فارس وكرمان ورد التدبير إليه فكان يعزل ويولى وقلد أبا بكر محمد بن على الماذررائى أعمال مصر فسار سيرة جميلة وعضده على بن عيسى برأيه وكان على يجلس للمظالم منذ خرج من الحبس إلى وقته ذلك ثم اتصل قعوده مدة (وفى جمادى الآخرة) من هذا العام شغب الفرسان وصاروا إلى دار على بن عيسى فنهبوا اصطبله وقتلوا عبد الله بن سلامة حاجبه ثم إن الرجالة السودان طلبوا الزيادة على ما كان رسم لهم وشغبوا وحملوا السلاح فسار إليهم محمد بن ياقوت ورفق بهم ودارى أمرهم فلم يقنعهم ذلك وبقوا على حالهم وامتدوا إلى الفرسان وقاتلوهم فتقدم إليهم سعيد بن حمدان وجماعة من أصحاب ابن ياقوت ورشقوهم بالنشاب وأدخلوا إلى منازلهم النار فهربوا إلى النهران وقطعوا الجسر بعد أن قتل منهم خلق كثير ثم ساروا إلى واسط وتجمع إليهم خلق كثير من البيضان ولحق بهم جماعة من قوادهم ورأسهم نصر الساجى وطالبوا عمال ذلك الجانب بالاموال فندب السلطان للشخوص إليهم مونسا المظفر فخرج إليهم ورفق بهم ودعاهم إلى القناعة بما رسمه السلطان لهم فأبوا ولجوا في غيهم واجتمعوا في مصلى واسط من الجانب الغربي وحفروا الآبار حوالى عسكرهم وفجروا المياه وأقاموا النخل المقطوع منصوبة في الطرق المسلوكة إليهم ليمنع الخيل من التقحم عليهم فعبر مونس حتى نزل بقربهم ثم سار إليهم بمن كان معه على الظهر وفى الماء على مخاضة وجدوها ووضعوا فيهم السيف فقتل أكثرهم وغرق بعضهم وأسر رئيسهم نصر الساجى وأخذ ابن أبى الحسين الديرانى واستأمن بعض السودان فنقلهم مونس وفرقهم في النواحى وأقر على بن يلبق على شرطة واسط


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 104 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 104 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



صاحب شرطة بغداد غلمانا كثيرا في طيارات وتقدم إليهم ألا يتركوا رجلا يعبر من جانب إلى جانب إلا قتلوه ولا ملاحا يجيز أحدهم إلا رموه بالنشاب وأخافوه ومنعوا من عبور الجسر وألح عليهم بالطلب ونودى فيهم ألا يبقى منهم أحد وأعانت عليهم العامة وانطلقت فيهم الايدى فلم يجتمع منهم اثنان وحظر عليهم ألا يخرجوا إلى الكوفة والبصرة والاهواز فتخطفوا في كل وجه وأميحوا بكل مكان فهل ترى لهم من باقية وقصد الفرسان مع العامة إلى الموضع الذى كان فيه مستقر السودان بباب عمار فنهبوهم وأحرقوا منازلهم فطلبوا الامان وسألوا الصفح فرفع عنهم القتل وحبس منهم الوجوه وأسقطت عنهم الجرايات وكتب الوزير محمد بن على بن مقلة فيهم نسخة أنفذت إلى القواد والعمال وهى (بسم الله الرحمن الرحيم) قد جرى أعزك الله من أمر الرجالة المصافية بالحضرة ما قد اتصل بك وعرفت جملته وتفصيله وجهته وسبيله وقد خار الله عز وجل لسيدنا أمير المؤمنين وللناس بعده بما تهيأ من قمعهم وردعهم خيرة ظاهرة متصلة بالكفاية الشاملة التامة بمن الله وفضله ولم ير سيدنا أيده الله استصلاح أحد من هذه العصبة إلا السودان فانهم كانوا أخف جناية وأيسر جريرة فرأى أعلى الله رأيه إقرارهم على أرزاقهم القديمة وتصفيتهم بالعرض على المحنة لعلمه أن العساكر لابدلها من رجالة وأمر أعلى الله أمره أن يستخدم بحضرته من تؤمن بائقته وتخف مؤنته وترجى استقامته وبالله ثقة أمير المؤمنين وتوفيقه وقبلك وقبل مثلك رجالة أنت أعلم بمن مرضت طاعته منهم ومن يعود إلى صحة وصلاح فان قنع من ترضاه منهم باصل الجارى عليه فتمسك به وأقره على جاريه ومن رأيت الاستبدال به فأمره اليك والله المستعان ذكر صرف ابن مقلة عن الوزارة وولاية ابن مخلد وفى جمادى الاولى يوم الاربعاء لاربع عشرة ليلة بقيت منه صرف محمد بن على ابن مقلة عن الوزارة ووكل به في الدار وحبس فيها وأحضر محمد بن ياقوت صاحب الشرطة أبا القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد فوصل إلى الخليفة وقلده وزارته وخلع


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 103 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 103 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



وأدخل أبو الحسين إلى بغداد مشهورا ومعه أربعة عشر رجلا بين يدى يلبق المونسى وابنه على وذلك لثمان خلون من جمادى الاولى فحبسوا ولم يقتلوا (وفيها) خلع على محمد بن ياقوت وولى شرطة بغداد على الجانبين مكان إبراهيم ومحمد ابني رائق المعتضدى وقلد الحبسة ذكر الايقاع بجند الرجالة ببغداد ومن الحوادث في هذه السنة التى عظمت بركتها على السلطان والمسلمين أن الرجالة المصافية لما قتلوا نازوك وتهيأ لهم ما فعلوه في أمر المقتدر وقبضوا الست النوائب والزيادة التى طلبوها ملكوا أمر الخلافة وضربوا خياما حوالى الدار وقالوا نحن أولى من الغلمان بحفظ الخليفة وقصره وانضوى إليهم من لم يكن منهم وزادت عدتهم على عشرين ألفا وبلغ المال المدفوع إليهم لكل شهر مائة ألف وثلاثين ألف دينار وتحكموا على القضاة وطالبوهم بحل الحباسات وإخراج الوقوف من أيديهم واكتنفوا الجناة وعطلوا الاحكام واستطالوا على المسلمين وتدلل قوادهم على الخليفة وعلى الوزير حتى حان لا يقدر أن يحتجب عن واحد منهم في أي وقت جاء من ليل أو نهار ولا يرد عن حاجة كائنا ما كانت فلم يزالوا على هذه الحال إلى أن شغب الفرسان وطلبوا أرزاقهم وعسكروا بالمصلى ودخل بعضهم بغداد يريد دار أبى القاسم بن الوزير محمد بن على فلما قربوا منها دفعهم الرجالة الذين كانوا ملازمين بها ومنعوهم الجواز في الشارع فتجمع الفرسان ورشقوهم بالنشاب وقتلوا منهم رجلا فانهزم الرجالة أقبح هزيمة فطمع الفرسان حينئذ فيهم وافترصوا ذلك منهم وراسلوا الغلمان الحجرية في أمرهم وتآمروا معهم على الايقاع بهم وبلغ محمد بن ياقوت صاحب الشرطة الخبر فحرص على نفاذه وأغرى الفرسان بالعزم فيه وسفر في الامر وأحكمه وأومى إليهم الوزير بوجه الرأى فيه ودبره من حيث لا يظن به إذ علم ما في نفس الخليفة عليهم من الغيظ لقبيح ما كانوا يحدثونه عليه فوثب الغلمان الحجرية يوم الاربعاء لثمان ليال بقين من المحرم بالرجالة المصافية وطردوهم عن المصاف ورشقوهم بالنشاب فانصرفوا منهزمين وأخرج ابن ياقوت


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 102 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 102 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



وكان نصب الحج للناس في هذه السنة عمر بن الحسن بن عبد العزيز بن عبد الله ابن عبيد الله بن العباس خليفة لابيه الحسن بن عبد العزيز فصده الجنابي عن الحج ثم دخلت سنة 318 ذكر ما دار في هذه السنة من أخبار بنى العباس فيها أقبل مليح الارمينى إلى ناحية شمشاط للغارة على أهلها فخرج إليه نجم غلام جنى الصفوانى وكان يلى المعاون بديار مضر ويتولى أعمال الرقة فأوقع بمليح وبأصحابه وقيعة عظيمة فأنفذ ابنا له يقال له منصور ويكنى أبا الغنائم إلى الخليفة ببغداد بأربعمائة أسير منهم عشرة رؤساء مشاهير فأدخلهم بغداد في شهر ربيع الاول من هذه السنة مشاهير على الجمال (وفى هذه السنة) خرج أعراب بنى نمير بن عامر وبنى كلاب بن ربيعة فعاثوا بظهر الكوفة واستطالوا على المسلمين وأخافوا السبيل فخرج إليهم أبو الفوارس محمد بن ورقاء أمير الكوفة في جمع من أشراف الكوفة وبنى هاشم العباسيين والطالبيين ولم يكن معه جند سواهم فقاتل الاعراب بنفسه وصبر لمحاربتهم فأسروه وأسروا معه ابن عمر العلوى وابن عم شيبان العباسي من ولد عيسى بن موسى وسار بهم الاعراب إلى اخبائهم ولم يجسروا على ايقاع سوء بهم فطلبوا منهم الفداء فأجابوهم إليه وفدوا أنفسهم وتخلصوا منهم (وفيها) خلع على عبد الله ابن عمرويه وقلد شرطة البصرة مكان محمد بن القاسم بن سيما وخلع على على بن يلبق لمعاون النهروان وواسط مكان سعيد بن حمدان فخرج إلى واسط وبلغه أن إسحق الكردى المعروف بأبى الحسين خرج لقطع الطريق على عادته ومعه جملة من الاكراد فراسله على ولاطفه ووعده تقديم السلطان له على جميع الاكراد فأقبل إليه وبات عنده وخلع عليه وحمله ثم صرفه إلى عسكره ليغدو عليه في اليوم الثاني واجتمع رؤساء أهل واسط إلى على فعرفوه بما قد هيأه الله له في الكردى وأنه لو أنفق مائة ألف دينار لما تمكن ما تمكن منه فيه وأنه إن أفلت من يديه أنكر السلطان ذلك عليه فلما بكر الكردى إلى على بن يلبق تقبض عليه وعلى من كان معه وركب من وقته إلى موضع عسكره فقتل منهم خلقا وأسر جماعة


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 101 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 101 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



لما أقعد للخلافة قد أحضر محمد بن على الوزير يوم السبت ويوم الاحد وأمره أن يجرى الامور مجاريها فلم يحدث شيئا ولاحاول أمرا فلما عاد المقتدر إلى حالته أحضره وشكر ما كان منه فكتب محمد بن على إلى جميع الامراء والعمال والاطراف بما جدده الله للمقتدر بالله وكفاه اياه وارتجل الكتاب املاء بلا نسخة فأحسن فيها وأجاد * واضطربت الامور ببغداد إلى ان ولى المقتدر شرطته ابراهيم ومحمدا ابني رائق مولى المعتضد وخلع عليهما وذلك بمشورة مونس المظفر وعن أمره فقاما بالامر أحسن قيام وضبطا البلد أشد ضبط وطاف كل واحد منهما بالليل في جانبه من بغداد وكان أكثر الضبط لمحمد فهو الذى كان يقيم الحدود ويستوفى الحقوق وكانت في إبراهيم رحمة ورقة قلب * وقدم ياقوت من فارس في غرة شهر ربيع الاول فخلع عليه للحجابة وعلى محمد ولده لسبب هزيمتهم للسجستانية بكرمان وولى الاعمال جماعة ممن أشار بهم مونس ومحمد بن على ولم يف مال المقتدر والآنية التى أحضرها بأرزاق الجند فأمر بارتجاع ما كان أقطعه الناس من الاموال والضياع والمستغلات وأفرد لها ديوانا وقلد الوزير ابن مقلة ذلك الديوان عبد الله بن محمد بن روح وسمى ديوان المرتجعة فتقلده في آخر المحرم فعسف عليه الجند بالمطالبة بالمال فاستعفي الوزير فأعفاه وقلد مكانه الحسين بن أحمد بن كردى الماذرائى ووردت الاخبار باستيلاء العدو على الثغور الجزرية ونصبهم في كل مدينة رجلا منهم لقبض الجباية فأخرج السلطان طريفا السبكرى لدفعهم وكتب إلى من قارب تلك الناحية أن يسيروا معه وورد الخبر بأن أصحاب أبى مسافر اضطربوا عليه بآذربيجان فزال عنهم إلى المراغة فحصروه بها حتى قتلوه وتراضوا على قائد منهم اسمه مفلح فرأسوه عليهم وترددت الانباء الشاغلة الغامة * وتوفى في هذا العام أبو الحسين بن أبى العباس الخصيبى والحسين بن أحمد الماذرائى بمصر وتوفيت ثمل القهرمانة التى كانت مع والدة المقتدر (وفيها) توفى أبو القاسم ابن بنت منيع المحدث وهو ابن مائة سنة وثلاث سنين مولده سنة 214 * وتوفى نحرير الصغير بالموصل وكان يتولى معونتها * وتوفى أبو معد نزار بن محمد الضبى *


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 100 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 100 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



وأيقن بالشر دخل ليهرب من بعض الممرات فوجدها مسدودة ولحقه رجل من الرجالة أصفر يقال له مظفر وآخر يقال له سعيد بن يربوع ويلقب بضفدع فقتلاه ثم صلب جسده من وقته على بعض أدقاق الستائر التى تلى دجلة وصاحوا لا نريد إلا خليفتنا المقتدر بالله ووثب القاهر مع جماعة من خدمه فخرج من بعض أبواب القصر وجلس في طيار ومضى إلى موضعه في دار ابن طاهر * قال الصولى ونحن نرى ذلك كله من دجلة ونهبت دار نازوك في ذلك الوقت ودار بنى بن نفيس وقد قيل إن مونسا المظفر لما راى غلبة نازوك على الامر وجه ليلة الاثنين إلى نقباء الرجالة فواطأهم على ما فعلوه وكان لا يريد تمام خلع المقتدر ولذلك ما ستره ولم يبت عنه منذ أدخله داره * وكان عبد الله بن حمدان في الوقت الذى قتل فيه نازوك بين يدى القاهر وهو يراه خليفة فلما هرب القاهر طلب ابن حمدان من بعض الغلمان جبة صوف كانت عليه وضمن له مالا فلبسها وبادر يريد بعض الابواب فندر به قوم من الغلمان والخدم فما زالوا يرمونه بالنشاب حتى قتلوه واحتزوا رأسه ذكر صرف المقتدر إلى الخلافة وأخرج مونس المظفر المقتدر بالله وسأله الرجوع إلى الدار والظهور للناس فاستعفاه من ذلك فلم يدعه حتى رده في طياره مع خادمه بشرى فلما صعد القصر سأل عن عبد الله بن حمدان فاخبر بقتله فساءه ذلك وكان قد صح عنده أنه لم يرد من أول أمره ما أراده نازوك ولا ظن الحال تبلغ حيث بلغت ثم إن المقتدر قعد للناس وخاطبهم بنفسه وقال للرجالة لكم على ست نوب وزيادة دينار وقال للغلمان لكم على أرزاق أربعة أشهر وقال لسائر الجند لكم على أرزاق أربعة أشهر وزيادة خمسة دنانير لكل واحد منكم وما عندي ما بفى بهذا ولكني أبيع ما بقى من ثيابي وفرشى وأبيع ضياعي وضياع من يجوز عليه أمرى فبايعه الناس بيعة مجددة واجتهد في توفيتهم ما ضمنه لهم وصرف أواني الذهب والفضة ثم أعجلوه عن صرفها فكان يزنها لهم مكان الدنانير والدراهم ووفى بكل الذى ضمنه وكان القاهر


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 99 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 99 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



وهتكوا الحرمة وصاروا من أخذ الجوهر والثياب والفرش والطيب إلا مالا قدر له ثم وكل مونس أصحابه بالقصر وأبوابه وأجمع رأى نازوك وعبد الله بن حمدان على اقعاد محمد بن المعتضد للخلافة وأحضروه الدار ليلة السبت وحضر معهما مونس المظفر ودعا لمحمد بن المعتضد بكرسى وخاطبه ثم انصرف مونس إلى داره وأقام نازوك في الدار إذ كان يتولى الحجابة مع الشرطة وانصرف عبد الله بن حمدان إلى منزله ووجه نازوك بالليل من نهب دار هارون بن غريب الخال بنهر المعلى وداره بالجانب الغربي وأحرقتا جميعا ونهبت دور الناس طول ليلة السبت فكانت من أشأم الليالى على أهل بغداد وأفلت كل لص وجانى جناية ومقتطع مال وفتقوا السجون التى كانوا فيها وأفلت من دار السلطان عبد الله صاحب الجنابي وعيسى بن موسى الديلمى وغيرهما من أهل الجرائر ثم أصبح الناس على مثل ذلك إلى أن ركب نازوك وأظهر الانكار لما حدث من النهب وضرب أعناق قوم وجد معهم أمتعة الناس فكف الامر قليلا وسمى محمد بن المعتضد القاهر بأمر الله وسلم عليه بالخلافة ووجه القاضى محمد بن يوسف وجماعة معه إلى دار مونس المظفر ليجبروا المقتدر على الخلع فامتنع من ذلك ثم إن الرجالة المصافية طالبوا بست نوب وزيادة دينار وكان يجب لهم في كل نوبة مائة وعشرون ألف دينار عين إذ كانوا في عشرين ألف راجل وكان عدد الفرسان اثنى عشر ألفا ومبلغ ما لهم في كل شهر خمسمائة ألف دينار فضمن نازوك ثلاث نوب للرجالة ودافعهم عن الزيادة فقالوا لا نأخذ الا الست نوب والدينار الزائد وأخر نازوك أعطاء الجند إذ لم يجتمع له المال وألحقوا في قبضه فلم يعطوا شيئا يوم السبت ولا يوم الاحد وبكر الرجالة يوم الاثنين إلى الدار للمطالبة بالمال فدخل نازوك وخادمه عجيب الصقلبى إلى الصحن المعروف بالشعيبى ودخل الرجالة إلى الدهليز يشتمون نازوك ويغلظون له ويتواعدونه لتأخيره العطاء والزيادة عنهم ثم إنهم هجموا في الدار وثاروا على نازوك لعداوتهم له وحربهم له في أول إمارته فقتلوا عجيبا خادمه وكان نازوك قد سد الطرق والممرات التى كانت في دار السلطان تحصينا على نفسه واستظهارا على أمره فلما رأى فعل الرجالة


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 98 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 98 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



ما نهى الله عنه إلا في المواطن التى حدها الله في الكافرين والبغاة من المسلمين ولست أستنصر إلا بالله لما أؤمله من الفوز في الآخرة وإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فلما قرئ كتاب المقتدر في العسكر وثب وجوه الجيش وقالوا نمضى إلى دار الخليفة لنسمع منه ما يقول وبلغ ذلك المقتدر فأخرج عن الدار كل من كان يحمل سلاحا وجلس على سريره وفى حجره مصحف يقرأ فيه وأقام بنيه حوالى نفسه وأمر بفتح الابواب وألا يمنع أحد الدخول فلما علم ذلك مونس المظفر أقبل إلى بالباب الخاصة ليعرف الحقيقة ويستقرب مراسلة الخليفة ثم كره أن يدخل عليه فيحث من الامر مالا يتلافاه فأمر الحجاب بأن يرجعوا إلى الدار وألزم معهم قوما من أصحابه وصرف الناس إلى منازلهم على حال جميلة وكلهم مسرور بالسلامة ورجع هو إلى داره ليزيد بذلك في تسكين الناس وتطييب نفس الخليفة وذلك يوم الاثنين لعشر خلون من المحرم فلما كان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت منه عاد أصحاب نازوك وسائر الفرسان إلى الركوب في السلاح وساروا إلى دار مونس المظفر فأحرجوه عن كره منه إلى المصلى العتيق وغلبه نازوك على التدبير واستأثر بالامر وباتوا في تلك الليلة على هذه الحال فلما أصبح نازوك ركب والناس معه في السلاح إلى دار السلطان فوجدوا الابواب مغلقة فأحرقوا بعضها ودخلوا الدار وقد تكامل على بابها من الفرسان نحو اثنى عشر ألفا فلما سمع المقتدر نفيرهم دخل هو وولده داخل القصر ونزل محمد بن مقلة إلى دجلة فركب طياره وصار إلى منزله وتقحم نازوك وأصحابه دخول الدار على دوابهم إلى أن صاروا إلى مجالس الخليفة وهم يطلبونه ويكشفون عنه فلما رأى مونس ذلك دخل الدار وسأل بعض الخدم عن المقتدر فأعلمه بمكانه فاحتال في إخراجه وإخراج أمه وولده ووجه معهم ثقاته إلى داره ليستتروا فيها وأخرج على بن عيسى من المكان الذى كان محبوسا فيه فصرفه إلى منزله وأخرج الحسين بن روح وكان محبوسا أيضا بسبب مال طولب به فصرفه إلى منزله ونهب الجند الدار ومحوا رسوم الخلافة


يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 97 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 97 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



ثم دخلت سنة 317 ذكر ما دار في هذه السنة من أخبار بنى العباس فيها ثار بالمقتدر بعض قواده وخلعوه وهتك الجند داره ونهبوا ماله ثم أعيد إلى الخلافة وجددت له البيعة وذلك أن مؤنسا المظفر لما قدم من الرقة عند إخراجه إلى القرامطة وقرب من بغداد لقيه عبد الله بن حمدان ونازوك الحاجب فأغرياه بالمقتدر وأعلماه بأنه يريد عزله عن الامارة وتقديم هارون بن غريب مكانه لما تقدم ذكره من عزل المقتدر لابن حمدان عن الدينور مع استفساده إلى نازوك فعمل ذلك في نفس مونس ودخل بغداد أول يوم من المحرم وعدل إلى داره ولم يمض إلى دار الخليفة فوجه إليه المقتدر أبا العباس ولده ومحمد بن مقلة وزيره فأعلماه تشوقه إليه ورغبته في رؤيته فاعتذر بعلة شكاها وان تخلفه لم يكن الا بسببها فأرجف الناس بتكرهه الاقبال إليه وتجمعت الرجالة المصافية الملازمة بالحضرة إلى باب داره فواثبهم أصحابه ودافعوهم ووقع بنفس مونس أن الذى فعله الرجالة انما كان عن أمر المقتدر فخرج من الدار وجلس في طيار وصار إلى باب الشماسية وعسكر وتلاحق به أصحابه وخرج إليه نازوك في جميع جيشه فعسكر معه وذلك يوم الاحد لتسع خلون من المحرم ولما بلغ المقتدر ذلك ارتاع له ووعده بإخراج هارون بن غريب إلى الثغر وبذل له كل ما رجا به استمالته وإذهاب وحشته وكتب المقتدر إلى مونس وأهل الجيش كتابا كان فيه واما نازوك فلست ادرى سبب عتبه واستيحاشه فو الله ما أعنت عليه هارون حين حاربه ولا قبضت يده حين طالبه والله يغفر له سوء ظنه واما عبد الله بن حمدان فلا أعرف شيئا أحفظه الا عزله عن الدينور وما كنا عرفنا رغبته فيها وانما أردنا نقله إلى ما هو أجل منها وما لاحد عندي إلا ما أحب لنفسه فان أربدبى نقض البيعة فإنى مستسلم لامر الله غير مسلم حقا خصى الله به وأفعل ما فعل عثمان بن عفان رضى الله عنه ولا ألزم نفسي حجة ولا آتى في سفك الدماء


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 96 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 96 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



هارون وحده ثم تلاحق به من بقى من أصحابه (وفيها) ولى إبراهيم بن ورقاء إمارة البصرة وشخص إليها من بغداد فما رأى الناس في هذا العصر أميرا أعف منه * ولما صار هارون بن غريب إلى الكوفة قلد كور الجبل كلها وضم إليه وجوه القواد فقلد أبا العباس بن كيغلغ معاون همدان ونهاوند مكان محمد ابن عبد الصمد وقلد نحريرا الخادم الدينور مكان عبد الله بن حمدان وخلع عليهما في دار السلطان فاستوحش لذلك عبد الله بن حمدان وكان هذا سبب معاوية عبد الله بن حمدان لنازوك عند ما أحدثاه على المقتدر مما سيأتي ذكره (وفى هذه السنة) ولى أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يعقوب بن إسحاق البريدى خراج الاهواز بعد أعمال كثيرة تصرف فيها هو وأخواه أبو يوسف وأبو الحسين فحمدت آثارهم وشاعت كفايتهم وحرص السلطان على اصطناعهم وزيادتهم فعلت أحوالهم وزادت مراتبهم وظهر من استقلال أبى عبد الله أحمد بن محمد بالاعمال وقرب مأخذها عليه والمعرفة بوجوه النظر والاجتهاد في إرضاء السلطان ما تعارفه الناس وعلموه مع تخرق في الكرم والسودد وحسن الرعاية لمن خدمه واتصل به ولمن أمله وقصده حتى إنه لا يرضى لكل واحد منهم إلا بغناه فأحب السلطان أن يلى هو وأخواه أكثر الاعمال الدنيا فلم يحبوا ذلك واقتصر كل واحد منهم على دون ما يستحق من الاعمال (وفيها) ولى أبو الحسين عمر بن الحسن الاشنانى قضاء المدينة مكان ابن البهلول إذ كبر واختلط عليه أمره ثم استعفى ابن الاشنانى فأعفي وولى الحسين بن عبد الله بن على بن أبى الشوارب قضاء المدينة وقلد أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق ابن البهلول قضاء الاهواز والانبار عوضا مما كان يليه أبوه من قضاء المدينة (وفيها) توفى أبو اسحاق بن الضحاك الخصيبى والليث بن على بالرقة (وحج بالناس) في هذه السنة من تقدم ذكره


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 95 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 95 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



الحجابة مكانه أبو الفوارس ياقوت مولى المعتضد وهو إذ ذاك أمير فارس فاستخلف له ابنه أبو الفتوح إلى ان يوافي ياقوت ذكر الحوادث التى أحدثها القرامطة بمكة وغيرها (وفى هذه السنة) سار الجنائى القرمطى لعنه الله إلى مكة فدخلها وأوقع بأهلها عند اجتماع الموسم وإهلال الناس بالحج فقتل المسلمين بالمسجد الحرام وهم متعلقون بأستار الكعبة واقتلع الحجر وذهب به واقتلع أبواب الكعبة وجردها من كسوتها وأخذ جميع ما كان فيها من آثار الخلفاء التى زينوا بها الكعبة وذهبوا بدرة اليتيم وكانت تزن فيما ذكر أهل مكة أربعة عشر مثقالا وبقرطي مارية وقرن كبش إبراهيم وعصا موسى ملبسين بالذهب مرصعين بالجوهر وطبق ومكبة من ذهب وسبعة عشر قنديلا كانت بها من فضة وثلاث محاريب فضة كانت دون القامة منصوبة في صدر البيت ثم رد الحجر بعد أعوام ولم يرد من سائر ذلك شئ * وقيل إن الجنابي لعنه الله صعد إلى سطح الكعبة ليقلع الميزاب وهو من خشب ملبس بذهب فرماه بنو هذيل الاعراب من جبل أبى قبيس بالسهام حتى أزالوهم عنه ولم يصلوا إلى قلعه وظهر قرامطة يعرفون بالنفلية بسواد الفرات ومعهم قوم من الاعراب من بنى رفاعة وذهل وعبس فعاثوا وأفسدوا وكان عليهم رؤساء منهم يقال لهم عيسى بن موسى ابن أخت عبدان القرمطى ومسعود بن حريث من بنى رفاعة ورجل يعرف بابن الاعمى فأوقعوا وقائع عظيمة وأخذوا الجزية ممن خالفهم على رسوم أحدثوها وجبوا الغلات فأنفذ المقتدر هارون بن غريب إلى واسط فأوقع بهم وقتل كثيرا منهم وحمل منهم إلى مدينة السلام مائتي أسير فقتلوا وصلبوا * وورد الخبر في شعبان بأن الحسن بن القاسم الحسنى قام بالرى ومعه ديلمى يقال له ما كان بن كاكى وأن العامل عليها هرب إلى خراسان منه ثم ورد الخبر في شوال بإقبال ديلمى يقال له أسفاربن شيرويه من أصحاب الحسن بن القاسم إلى الرى أيضا وان هارون إبن غريب لقى أسفار هذا بناحية قزوين فهزمه أسفار وقتل أكثر رجاله وأفلت


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 94 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 94 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



الصيرفى على ديوان الجيش الاصل وإبراهيم بن خفيف على ديوان النفقات وأجرى الامور أحسن مجاريها وأمر ألا يطالب أحد بمصادرة ولا غرم ولا يعرض لصانع أحد حتى أقر أحمد بن جانى على ما كان يتقلده من ديوان أقطاع الوزراء وأجلس إبراهيم بن أيوب النصراني كاتب على بن عيسى بين يديه على رسمه وأقره على ديوان الجهبذة وضمن أمر الرجالة المصافية الملازمين لدار الخليفة وقد بلغت نوبتهم عشرين ومائة ألف دينار في كل هلال فاستبشر الناس به وسكنوا إليه وأمنوا وانفسحت آمالهم واتسعت هممهم وتباشروا بأيامه ثم خلع في غرة جمادى الاولى على أبى القاسم وأبى الحسين وأبى الحسن ابني أبى على محمد بن على الوزير لتقلد الدواوين ثم خلع على محمد بن على بعد ذلك لتكنية أمير المؤمنين إياه قال الصولى ولا أعلم أنه ولى الوزارة أحد بعد عبيد الله بن يحيى بن خاقان مدح من الاشعار بأكثر مما مدح به محمد بن على قبل الوزارة وفى الوزارة وبعد ذلك لشهرته في الشعر وعلمه به وإثابته عليه وظهر من ذكاء ابنه أبى الحسين واستقلاله بالاعمال وتصرفه في الآداب وحسن بلاغته وخطه ما تواصفه الناس وكان أكثر ذلك في وزارته الثانية حين انفجر عليه الشباب وزالت الطفولة عنه قال وما رأينا وزيرا مذ توفى القاسم بن عبيد الله أحسن حركة ولا أظرف إشارة ولا أتصلح خطا ولا أكثر حفظا ولا أسلط قلما ولا أقصد بلاغة ولا آخذ بقلوب الخلفاء من محمد بن على وله بعد هذا كله علم بالاعراب وحفظ باللغة وشعر مليح وتوقيعات حسان وولى الوزير ابنه أبا القاسم ديوان زمام القواد مكان عبيد الله ابن محمد وقلد ابنه أبا عيسى ديوان الضياع المقبوضة عن أم موسى والموروثة عن الخدم وأقر إسحاق بن إسماعيل على ما كان ضامنا له من أعمال واسط وغير ذلك (وفى هذه السنة) رجع القرمطى إلى الكوفة فخرج إليه نصر الحاجب محتسبا وأنفق من ماله مائة ألف دينار إلى ما أعطاه السلطان وأعانه به واجتهد في لقاء القرمطى ونصحه الجيش الذين كانوا معه وحسنت نياتهم في محاربة القرمطى فاعتل نصر في الطريق ومات في شهر رمضان فحمل إلى بغداد في تابوت وولى


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 93 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 93 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



إذا دخل الدار فاستوحش واحترس وطلب الخروج إلى الثغر فأجيب إلى ذلك ثم اضطرب أمره لما حدث من أمر القرمطى * وفيها ورد الخبر بموت إبراهيم ابن عبد الله المسمعى أمير فارس فخلع على ياقوت وقلد مكانه وولى محمد بن عبد الصمد كرمان (وحج بالناس في هذه السنة) أبو أحمد عبيد الله بن عبد الله بن سليمان من بنى العباس ثم دخلت سنة 316 ذكر ما دار في هذه السنة من أخبار بنى العباس فيها أوقع سليمان الجنابي القرمطى بأهل الرحبة وقتل منهم مقتلة عظيمة ووجه سرية إلى ديار ربيعة فأوقعت ببوادى الاعراب واستباحتها ثم عادوا إلى الرحبة واستاقوا خمسة آلاف جمل ومواشي كثيرة وزحف القرامطة إلى الرقة للايقاع بأهلها فحاربوهم أشد محاربة ورموهم من أعالي دورهم بالماء والتراب والآجر وموهم بسهام مسمومة فمات منهم نحو مائة رجل وانصرفوا عنها مفلولين ذكر القبض على على بن عيسى الوزير وولاية محمد بن على بن مقلة الوزارة (وفى هذه السنة) قبض على على بن عيسى ووكل به في دار الخليفة يوم الثلاثاء لاثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الاول وتوجه هارون بن غريب الخال إلى أبى على محمد بن على بن الحسن بن عبد الله المعروف بابن مقلة فحمله إلى دار المقتدر بعد مراسلات كانت بينهما وضمانات فقلده المقتدر وزارته وفوض إليه أموره وخلع عليه الوزارة يوم الخميس لاربع عشرة ليلة خلت من ربيع الاول فأقر عبيد الله بن محمد بن عبد الله الكلواذى على ديوان السواد واقر الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الفرات على ديوان المشرق وأنفذه ناظرا على أعمال فارس وولى محمد بن القاسم الكرخي ديوان المغرب كان قد قدم من ديار مضر وقلد الوزير أخاه الحسن بن على ديوان الخاصة وديوان الدار الاصغر الذى تنشأ منه الكتب بالزيادات والنقل وقلد أخاه العباس ابن على ديوان الفراتية وديوان الجيش وأقر عثمان بن سعيد


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 92 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 92 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



فصار إلى واسط عاث أصحابه بها على الناس وكثر الضجيج منهم الدعاء عليهم فلم يغير ذلك فقال الناس من أراد محاربة عدوه عمل بالانصاف والعدل ولم يفتتح أمره بالجور والظلم وانتصحه من عرفه فلم يقبل النصيحة وخرج ابن أبى الساج إلى القرمطى من واسط فأبطأ في سيره وسبقه القرمطى إلى الكوفة ثم التقيا فهزمه القرمطى وأخذه أسيرا وسار القرمطى يريد بغداد فعبر جسر الانبار وخرج مونس المظفر ونصر الحاجب وهارون بن غريب الخال وأبو الهيجاء ومعهم جيش السلطان يريدون القرمطى وقد بلغهم رحيله إليهم وبادر نصر أصحابه واختلف رأيهم وجزع أصحاب السلطان وامتلات قلوبهم رهبة للقرمطى ووقفوا على قنطرة تعرف بالقنطرة الجديدة وأرادوا قطعها لئلا يجوز القرمطى إليهم وتابعه أكثر أهل العسكر فقطعت القنطرة فلما صار القرمطى وأصحابه إليها رماهم أصحاب السلطان بالنشاب ورأوا كثرة الخلق فرجعوا وتبددوا في الموضع فعزم نصر على العبور إليهم ومناجزتهم فلم يدعه مونس ووجه السلطان إلى الفرات بطيارات وشميليات فيها جماعة من الناشبة وعليهم سبك غلام المكتفى فحالوا بين القرامطة وبين العبور وكان ثقل القرمطى وسواد عسكره بحيال الانبار وابن أبى الساج محبوس عندهم فأراد نصر أن يحتال للعبور في السفن ليلا وأن يكبسوا السواد طمعا في تخليص ابن أبى الساج فحم نصر الحاجب حمى ثقيلة أذهبت عقله يومين وليلتين وشاع ما أراد أن يفعله وقدم مونس غلامه يلبق في نحو ألفين فعبروا الفرات ليلا ووافوا سواد القرمطى بالانبار وكان يلبق في جيش عظيم وسواد القرمطى في خيل يسيرة فانهزم أصحاب السلطان وأسر جماعة منهم وأسر ابن أبى الاغر في جملتهم فلما أتاهم القرمطى جلس لهم وضرب أعناق جميعهم ودعا بابن أبى الساج من الموضع الذى كان محبوسا فيه فقال له أنا أكرمك وأنوى الصفح عنك وأنت تحرض على أصحابك فقال له قد علمت أنى ما أقدر على مكاتبتهم ولا مراسلتهم فأى ذنب لى في فعلهم فقال له ما دمت حيا فلاصحابك طمع فيك فأمر به فضربت عنقه * وفيها اتصل بمونس المظفر أن أم المقتدر عاملة على قتله وأنها قد نصبت له من يقتله


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 91 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 91 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



آلاف فارس من بنى أسد طريق مكة بعيلاتهم ويثبت لهم مال الموسم فانه يكفيهم ويترك ابن أبى الساج مكانه ويبعث لحرب القرمطى خمسة آلاف رجل من بنى شيبان بأقل من ربع المال الذى كان ينفق على ابن أبى الساج وكان على قد نظر إلى ما طلبه ابن أبى الساج فوجده ثلاثة آلاف ألف دينار ووجد مال بنى أسد وبنى شيبان ألف ألف دينار وألفى كاتب نيزوك يرتزق تسعمائة دينار في النوبة فأسقطها عنه وقال رزقه على صاحبه وأسقط من رزق مفلح الاسود ألف دينار في جملة الغلمان وأقره على ألف دينار كان يرتزق في النوبة وأراد مونس المظفر الخروج إلى الثغر فتبعه على بن عيسى وسأله المقام وقال له إنما قويت على نظرى بهيبتك ومقامك فان رحلت انتقض على تدبيرى فأقام وقلد شيرزاذ ما كان يتقلد قلنسوة من أمر الحبس وضم إليه كاتب نازوك وأجرى له مائة وعشرين دينارا ولمن يخلفه ثلاثين دينارا وكان قلنسوة يرتزق لهذه الاعمال ثمانمائة دينار وصرف ياقوتا عن الكوفة وولاها أحمد بن عبد الرحمن بن جعفر إلى أن يصير إليها ابن أبى الساج ولما رأى المقتدر اجتهاد على بن عيسى قال لقد استحييت من ظلمي قبل هذا له وأخذ المال منه وأمر بأن يرد عليه ذلك وأحال به على الحسين بن أحمد الماذرائى فاشترى على بن عيسى بالمال ضياعا وضمها إلى الضياع التى وقفها على أهل مكة والمدينة وكان في ناحية بنى الفرات رجل يعرف بأبى ميمون الانباري قد اصطنعوه وأحسنوا إليه فوجد له على بن عيسى أرزاقا كثيرة فاقتصر على بعضها فهجاه الانباري ومن شعره المشهور فيه عند وزارته هذه قد أقبل الشؤم من الشام * يركض في عسكر أبرام مستعجلا يسعى إلى حتفه * مدته يقصر عن عام يا وزراء الملك لا تفرحوا * أيامكم أقصر أيام وكان على بن عيسى قد كتب إلى ابن أبى الساج بأن يقيم بالجبل فلم يلتفت إلى كتابه وبادر بالاقبال إلى حلوان يريد دخول بغداد فكره أصحاب السلطان دخوله لها وكتب إليه مونس في العدول إلى واسط وعرفه أن الاموال من ثم ترد عليه


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 90 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 90 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



وقام به بقية سنة 14 وفيها مات أحمد بن العباس أخو أم موسى وماتت أختها أم محمد فأظهر المقتدر الرضا عن أم موسى وردت عليها دورها وضياعها التى كانت اعتقلت عليها عند ما اتهمت به على ما تقدم ذكره (وحج بالناس في هذه السنة) أبو طالب عبد السميع بن أيوب بن عبد العزيز ثم دخلت سنة 315 ذكر ما دار في هذه السنة من أخبار بنى العباس فيها قدم على بن عيسى بغداد يوم الاربعاء لخمس خلون من صفر بعد أن تلقاه الناس جميعا بالانبار وفوق الانبار ودخل المقتدر بالله فاستوزره وأمر بالخلع عليه فاستعفي فلم يعفه وسلم إليه الخصيبى ليناظره عن الاموال فلم يستبن عليه خيانة ولا علم أنه أخذ من مال السلطان شيئا فقال له ضيعت والمضيع لارزق له فرد ما ارتزقت وما أقطعت من الضياع فرد ذلك وقال على بن عيسى الوزير للخليفة ما فعلت سبحة جوهر أخذت من ابن الجصاص قيمتها ثلاثون ألف دينار قال له هي في الخزانة فسأله أن يأمر بتطلبها فطلبت فلم توجد فأخرجها على من كمه وقال له عرضت على هذه السبحة بمصر فعرفتها واشتريتها فإذا كانت خزانة الجوهر لا تحفظ فما الذى حفظ بعدها وأمير المؤمنين يقطع خزانه وخدمته الاموال الجليلة والضياع الواسعة فاشتد هذا الامر على السيدة أم المقتدر وعلى غيرها من بطانته واتهمت بالسبحة زيدان القهرمانة وكان لا يصل إلى خزانة الجوهر غيرها وضبط على بن عيسى الامر جهده ونظر ليله ونهاره وجلس للمظالم في كل يوم ثلاثاء وكان لا يأخذ مال أحد ولا يتعلل على الناس كما كان يفعل غيره فأمن البراء في أيامه وقطع الزيادات والتعلل وتحفظ من أن تجرى عليه حيلة ودعته الضرورة بقلة المال إلى الاخلال ببعض الاقامات في طريق مكة وغيرها وخرج إليه توقيع المقتدر بأن لا يزيل الكواذى عن ديوان السواد ولا محمد بن يوسف عن القضاء فقال ما هممت بشئ من هذا وإن العهد فيه إلى التخليط على وكدح في نظرى وأشار على بن عيسى على المقتدر بأن يلزم خمسة


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 89 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 89 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



واشتد عليهما فلم يجد عندهما كثير مال إذ كان نصر رجلا صحيح الامانة وكان له معروف عند الناس وأياد حسنة * وفيها أمر المقتدر ابن الخصيب وزيره باستقدام ابن أبى الساج من الجبل لمحاربة القرمطى فاستقدمه وأقبل يريد مدينة السلام فاشتد على نصر الحاجب ونازوك وشفيع المقتدرى وهارون بن غريب الخال وغيرهم من الغلمان دخوله بغداد فكتب إليه مونس بأن يعدل إلى واسط لكيون مقامه بها وغزوه القرامطة منها فسار إليها ثم تأخر نفوذه إلى القرمطى ولم يتم خروجه إليه لشروط شرطها وأموال طلبها وكانت الاموال في غاية التعذر فلم يجب إلى ما اشترطه وكان ذلك سببا لتوقفه * وفيها اتخذت أم المقتدر كاتبا يقوم بأمر ضياعها وحشمها وأسبابها لما رأت الخصيبى قد اشتغل بالوزارة والنظر في أسباب المملكة فقالت لثمل القهرمانة ارتادى لى كاتبا يقوم مكانه ويحل محله فاتخذت لها عبد الرحمن بن محمد بن سهل وكان قد لزم بيته واقتصر على ضيعة له فاستخرج من منزله وكتب لام المقتدر وتولى أمورها وكانت فيه كفاية وأبوه شيخ من مشايخ الكتاب وممن عنى بالعلم فصعب أمره على الخصيبى الوزير وتمنى أنه لم يكن تولى الوزارة حين فارق خدمة أم المقتدر وكانت أنفع له من الخليفة فجعل أمره يضعف كلما قلت الاموال التى كان يتقرب بها ويشتد على الناس فيها ذكر التقبض على الوزير الخصيبى وولاية على بن عيسى الوزارة ثم إن المقتدر أمر بالتقبض على الخصيبى أحمد بن عبيد الله الوزير يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة خلت من ذى القعدة سنة 314 وعلى ابنه معه ومن لف لفه وتولى ذلك فيه نازوك صاحب الشرطة واستتر أصحاب دواوينه ومن أفلت من أهله وكان على بن عيسى بالمغرب متوليا للاشراف فاستوزر واستخلف له عبيد الله بن محمد الكواذى إلى وقت قدومه وأنفذ المقتدر سلامة أخا نجح الطولونى رسولا إليه ليأخذ به على طريق الرقة ويتعجل استقدامه فكانت مدة وزارة الخصيبى أربعة عشر شهرا وضبط عبيد الله بن محمد الامر


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 88 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 88 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



ذكر التقبض على الوزير الخاقانى وولاية أحمد الخصيبى وقبض على الوزير عبد الله بن محمد الخاقانى لاحدى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ووكل به في منزله فكانت ولايته ثمانية عشر شهرا وخلع في هذا النهار على أبى العباس أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن الخصيب للوزارة وانصرف إلى منزله بقنطرة الانصار ثم جلس من الغد في دار سليمان بن وهب بمشرعة الصخر فهابه الناس لموضعه من الخليفة بالوزارة التى صار إليها لمحله من خدمة السيدة وكتابتها ولعناية ثم القهر مانة به وهابه كل منكوب من أصحاب الخاقانى وابن الفرات فحصل له من مالهم ألف ألف دينار أصلح منها أسبابه ثم ركب الوزير الخصيبى إلى القصر فرماه الجند بالنشاب من جزيرة بقرب قصر عيسى فلجأ إلى الشط وتخلص منهم بجهد فلما جلس في مجلسه قال لعن الله من أشار بى لهذا الامر وحسن دخولي فيه فقد كان كرهه لى من أثق به وبرأيه وكرهته لنفسي ولكن القدر غالب وأمر الله نافذ وأقر الخصيبى عبيد الله بن محمد الكلواذى على ديوان السواد وفارس والاهواز وأقر على الازمة وديوان الجند أبا الفرج محمد بن جعفر بن حفص وقلد ابن عم له شيخا يعرف باسحاق بن أبى الضحاك ديوان المغرب ولم يكن للناس في هذا العام موسم لتغلب القرامطة على البلاد وقلة المال وضيق الحال فطولب بالاموال قوم لاحجة عليهم إلا لفضل نعمة كانت عندهم وألح الوزير على الناس في ذلك حتى طلب امرأة المحسن ودولة أم على بن محمد بن الفرات وابنة موسى بن خلف وامرأة أحمد بى الحجاج بن مخلد بأموال جليلة وكثر الناس في ذلك وأنكروه غاية الانكار ثم دخلت سنة 314 ذكر ما دار في هذه السنة من أخبار بنى العباس فيها اشتدت مطالبة الخصيبى الوزير الاموال عند الناس وأكثر التعلل عليهم فيها ولم يدع عند أحد مالا أحس به إلا أخذه بأتعس ما يكون من الاخذ والشدة وكان نصر بن الفتح صاحب بيت مال العامة قد توفى في شهر ربيع الاول من هذا العام فطالب الخصيبى جاريته وابنته بالاموال وأحضرهما عند نفسه


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 87 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 87 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



فكفاه الله إياه بسعايتنا في صرفه عنه فحلف لهما المقتدر أنه ما هم بسوء فيهما قط ولا يفعل مكروها بأحدهما ما بقيا فقوى أمر نصرو تأيد بمونس وضعف أمر الوزير عبد الله بن محمد واعتل ولزم بيته فكان الناس يد لون عليه وهو لقى وتولى أعماله ونظره عبيد الله بن محمد الكلوا ذانى صاحب ديوان السواد وبنان النصراني كاتبه ومالك بن الوليد النصراني وكان إليه ديوان الدار وابن القنانى النصراني وأخوه وكان إليه ديوان الخاصة وبيت المال وابنا سعد حاجباه ومما أوهن أمر الوزير وكرهه إلى الناس غلاء الاسعار في زمانه ولم يكن عنده مادة من حيلة يكثر بها ورود المير إلى بغداد وكان مما أشار إليه نصر عند مكالمته للمقتدر بما كان يدار عليه ويسعى فيه من الوثوب عليه ولم يشرح ذلك له أن بعض القواد واطؤ اقوما من الاعراب على أن يقعدوا عند ركوب الخليفة إلى الثريا بالقرب من طريقه فإذا وازاهم وثبوا من ثلم كانت تهدمت في سور الحلبة وأوقعوا به ثم يخرجون ويحكمون على أنهم شراه فكان نصر حينئذ قد أراد كشف ذلك للمقتدر وشاور من وثق به فيه فقال له لا تفعل فلست بآمن ألا يتضح الامر للخليفة فتوحشه وترعبه ثم يصير من اتهم بهذا عدوالك وساعيا عليك ولكن امنعه الركوب إلى الثريا حتى تبنى ثلم السور وإن عزم على الركوب استعددت بالغلمان والعدة وألزمتهم تلك المواضع المخوفة وعملت مع هذا في استئلاف كل من سمى لك من هولاء القواد ومن تابعهم على مذهبهم فمن كان منهم متعطلا من ولاية وليته ومن كان مستزيدا زدته ومن كان خائفا آمنته وإن أمكنك تفريقهم في الاعمال فرقتهم فيها وكان نصر رجلا عاقلا فعمل برأى من أشار عليه بهذا وسعى في ولاية بعض القوم فأخرج واحدا إلى سواد الكوفة وأخرج آخر إلى ديار ربيعة ولما صفت الحال بين نصر ومونس واستألف نصر ثمل القهرمانة وكانت متمكنة من المقتدر وظهر من أمر الوزير عبد الله بن محمد ما ظهر تكلموا في عزله وشاوروا في رجل يصلح للوزارة مكانه فمالت ثمل برأيها وعنايتها إلى أحمد الخصيبى وكان يكتب لام المقتدر وساعدها نصر على ذلك حتى تم له وصح عزم المقتدر عليه


يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 86 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 86 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



واجتمع إليهم بنو شيبان فحاربوا القرمطى عشية فقاموا به وانتصفوا منه ثم باكرهم بالغدو فهزمهم وأسر جنيا الصفوانى وقتل خلقا من الجند وانهزم الباقون إلى بغداد وأقام القرامطة بالكوفة وأخذوا أكثر ما كان في الاسواق وقلعوا ابواب حديد كانت بالكوفة ثم رحل إلى البحرين وبطل الحج من العراق في هذه السنة وصح حج أهل مصر والشأم وكان معهم بمكة على بن عيسى فكتب الوزير عبد الله بن محمد إلى على بن عيسى بأن يتقلد أعمال مصر والشأم وجعل أمر المغرب كله إليه فمضى على لما تم الحج من مكة إلى الشأم ومصر وندب المقتدر مونسا الخادم إلى الكوفة فوصل إليها وقد رحل الجنابي عنها فأقام بها أياما ثم كتب إليه السلطان أن يعدل إلى واسط فيقيم بها فرحل إليها واستقر بها ولم يغن شيئا في حركته هذه على أنه أنفق في خروجه فيما حكاه نصر الحاجب ومن حصل ذلك معه نحو ألف ألف دينار * وحج بالناس في هذه السنة الفصل بن عبد الملك ثم دخلت سنة 313 ذكر ما دار في هذه السنة من أخبار بنى العباس فيها سعى الوزير عبد الله بن محمد الخاقانى على نصر الحاجب عند المقتدر وحمله على الفتك به والتقبض عليه فكتب المقتدر إلى مونس الخادم وكان بواسط أن يقدم عليه ليكون القبض على نصر الحاجب بمشاهدته وعن رأى منه ورضى إذ كان المقتدر مصغيا إليه ومحتاجا إلى رأيه وغنائه فلما قدم مونس بغداد وشاوره المقتدر في أمر نصر قال له والله يا سيدى لا اعتضت منه أبدا ولولا مكانه من نصيحتك وخدمتك ما تهيأ لى أن أفارق قصرك ولا أغيب من مشاهدة أمرك وباينه في أمره مباينة وقفته عنه ثم أوصل المقتدر نصرا إلى نفسه وقرب مكانه ومكان مونس وأصغى إليهما ولقب مونس بالمظفر من حين قدومه من الغزاة فكان مما قاله نصر للمقتدر وقد علم ما كان ذهب إليه فيه كم من أمر قد عقد على أمير المؤمنين وابتغى إدخال الكدح في سلطانه ولم يعلم به


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 85 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 85 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



ووجدت الماء في بع‍ * دك كالملح الزعاق فحمدت الله إذ م‍ * ن بقرب وتلاقي وعلى الحج مقرو * نا بغزو وعتاق إن تسمحت لنفسي * بعد هذا بفراق وفى هذه السنة توفى محمد بن عبيد الله بن خاقان والد الوزير وعزى منه فكان جميل العزاء وملتزما للصبروا عتل الوزير عبد الله بن محمد في جمادى الآخرة من هذا العام بعد وفاة أبيه فكان يتحامل على الجلوس للناس فيدخلون عليه وهو لقى شديد العلة فلم يزل على هذه الحال حتى استهل شهر رمضان ثم صلحت حاله ونقه من علته وكان الوزير قدنافر نصرا الحاجب وعمل عليه عند المقتدر حتى هم بالقبض على نصر وظن الوزير أن ذلك مما يسر به مونسا في نصر إذ كان توهم أن الذى بينهما فاسد وكانا عند الناس متخالفين وهما في الحقيقة كنفس واحدة فقدم مونس وبعث إليه نصر كاتبه فتلقاه بأسفل المدائن وعرفه خبر نصر كله فوجده لنصر كمنزلة نفسه وقال للكاتب قل له عنى بحقى عليك إن تلقيتنى وأخليت الدار فلا مؤنة عليك منى فان كنت لابد فاعلا فبالقرب فتلقاه نصر بسوق الاحد وكان دخول مونس في أول سنة 13 وسيقع خبره في موضعه إن شاء الله * وفى ذى القعدة من هذه السنة قدم خلق كثير من الخراسانية إلى مدينة السلام للحج واستعدوا بالخيل والسلاح فأخرج السلطان القافله الاولى مع جعفر بن ورقاء وكان أمير الكوفة يومئذ فوقع إليه خبر القرمطى وتحركه مرتصدا للقوافل فأمر جعفر الناس بالتوقف والمقام حتى يتعرف حقائق الاخبار وتقدم جعفر في أصحابه ومن خف وتسرع من الحاج فلما قرب من زبالة اتبعه الناس وخالفوا أمره فوجدوا أصحاب الجنابي مقيمين ينتظرون موافاة القوافل وقد منعوا أن يجوزهم أحد يخبر بخبرهم فلما رأوه ناوشوه القتال ثم حال بينهم الليل وخلص ابن ورقاء بنفسه وقتل خلق كثير ممن كان معه وترك الحاج المتسرعة جمالهم ومحاملهم وفروا راجعين إلى الكوفة واتبعهم القرمطى وكان بالكوفة جنى الصفوانى وثمل الطرسوسى وطريف السبكرى فاجتمعوا


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 84 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 84 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



قيام الغلمان وتشوف الناس إلى الخلعان فأمر المقتدر بقتل ابن الفرات وابنه وتقدم إلى نازوك بأن يضرب أعناقهما في الدار التي كانت لابن الفرات ويوجه إليه برأسيهما فنفذ ذلك من وقته وبعث بالرأسين في سفط ثم رد السفط إلى شفيع اللؤلؤي فوضع الرأسين في مخلاة وثقلهما بالرمل وغرقهما في دجلة * وفى هذا العام قبل القبض على ابن الفرات بأيام توفى محمد بن نصر الحاجب وكان خلفا من أبيه قال الصولى عرفته والله في كريما عالى الهمة جميل الامر سرى الآلة كثير المحاسن قد اشتهى جمع العلم وكتب الحديث وتخلف كتبا بأكثر من ألفى دينار قال وكان قد خرج على امارة الموصل ونواحيها فدعاني إلى الخروج معه على أن أقيم شهرا أو شهرين بألف دينار معجلا عند الخروج وألف مؤجلا عند الانصراف قال فلم ينتظم لى أمرى على الخروج معه ففعل قريبا مما قال وأنا مقيم بمنزلي ثم إن أباه لم يصبر عنه فأقدمه بغداد فقلت شعرا أذكر فيه مفارقته وقدومه على عروض كان يعجبه وهو هذا اختصرناه حرق ذابت لها الاح‍ * شاء من حر الفراق بقيت وقفا على ه‍ * تم وأحزان بواقى آه من فجعة بين * جلبت ماء المآقى وتباريح اشتياقي * ساق قلبى للسياق إن صبرى عن أبى نص‍ * ر لضرب من نفاق عن أمير جل عن إت‍ * يان أفعال دقاق واسع الهمة في الاف‍ * ضال ممدود الرواق نشرب الصافى من جد * واه في كاس دهاق هو بحر وأعالى ال‍ * ناس في الجلود سواقى إن أكن عنك تأخر * ت بجد ذى محاق وزمان آخذ من * كل حر بالخناق فلقد شد سروري * ونشاطى في وثاق


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------

[ 83 ] صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )


[ 83 ]

صلة تاريخ الطبري ( القرطبي )



القرمطى وكتب إليه نصر الحاجب بالاستعجال والبدار فسلك الفرات في خاصته وأسرع في مسيره ووصل إلى بغداد في غرة شهر ربيع الاول ذكر التقبض على ابن الفرات وابنه وقتلهما وفى يوم الثلاثاء لتسع خلون من شهر ربيع الآخر قبض على على بن محمد بن الفرات الوزير واختفى المحسن ابنه فاشتد السلطان في طلبته وعزم على تفتيش منازل بغداد كلها بسببه وأمر بالنداء بهدر دم من وجد عنده وأخذ ماله وهدم داره وتشدد على الناس في ذلك التشدد الذى لم يسمع بمثله فجاء من أعطى نصرا الحاجب خبره ودله على موضعه فوجه بالليل من كبسه وأخذه وقد تشبه بالنساء وحلق لحيته وتقنع فأتى به على هيئته وفى زيه لم تغير له حال وضرب في الليل بالدبادب ليعلم الناس أنه قد أخذ وغدت العامة إلى دار الخليفة ليروه وتكاثر الناس وازدحموا للنظر إليه وهو في ذلك الزى الذى وجد عليه ثم أحضر أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبيد الله الخاقانى فاستوزر وأقعد وخلع عليه للوزارة فاستوزر منه رجل قد تكهل وفهم وجرب وفارق ما كان عليه في أيام أبيه من الحداثة وغلب عليه الوقار والسكينة وكان مونس الخادم هو الذى أشار به وزين أمره وحض المقتدر على استيزاره فأول ما قعد نصب لمناظرة ابن الفرات وولده ومحاسبتهما رجلا يعرف بابن نقد الشر فتشدد عليهما في الاموال فلم يذعنا إلى شئ إذ علما أنهما تالفان وكان في أول ضمهما قد دسسا إلى من تضمن عنهما مالا عظيما على أن يحبسا في دار السلطان ولا ينطلق عليهما أيدى أعدائهما فهم المقتدر بذلك وأصغى إليه فاجتمع الرؤساء مونس وشفيع اللؤلؤي ونصر وشفيع المقتدرى ونازوك وكلهم عدو لابن الفرات ومطالب له فسعوا في إحالة رأى الخليفة عن ضمه إلى الدار وتقدموا إلى الغلمان بأن يشغبوا ويحملوا السلاح ويقولوا قد عزم السلطان أن يستوزر ابن الفرات مرة رابعة لا نرضى إلا بقتله على عظيم ما أحدث في الملك وأفسد من الامور وأتلف من الرجال ففعلوا وكتب شفيع اللؤلؤ إلى المقتدر وكان صاحب البريد والثقة في ايراد الاخبار يشنع عليه


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

--------------------------------------------------------------------------------