إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 31 يناير 2015

2514 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 معاودة صلاح الدين حصار الإفرنج على عكا:


2514

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


معاودة صلاح الدين حصار الإفرنج على عكا:

ثم وصل العادل أبو بكر بن أيوب منتصف شّوال في عساكر مصر، ومعه الجم الغفير من 



المقاتلة والأصناف الكثيرة من آلات الحصار. ووصل على أثره أسطول مصر مع الأمير  لؤلؤ  وكبس مركباً فغنم ما فيه ودخل به إلى عكا وبرىء صلاح الدين من مرضه وأقام بمكانه بالجزيرة إلىإ نسلاخ الشتاء وسمع الإفرنج أن صلاح الدين سار إليهم واستقلوا مسلحة المسلمين عندهم فزحفوا إليهم في صفر سنة ست وثمانين واستمات المسلمون، وقتل بين الفريقين خلق. وبلغ الخبر بذلك صلاح الدين وجاءته العساكر من دمشق وحمص وحماه فتقدم من الجزيرة إلى تل كيسان وتابع القتال على الإفرنج يشغلهم عن المسلمين فكانوا يقاتلون الفريقين وكان الإفرنج مدة مقامهم على عكا قد صنعوا ثلاثة أبراج من الخشب إرتفاع كل برج ستون ذراعأ، وفيه خمس طبقات، وغشوها بالجلود وطلوها بالأدوية التي لا تعلق النار بها. وشحنوها بالمقاتلة وأدنوها إلى البلد من ثلاث جهات في العشرين من ربيع الأول سنة ست وثمانين. وأشرفوا بها على السور فكشف من عليه من المقاتلة وشرع الإفرنج في طم الخندق وبعث أهل عكا سابحاً في البحر يصف لهم حالهم فركب في عساكره، واشتد في قتال الإفرنج فخف على أهل البلد ما كانوا فيه وأقاموا كذلك ثلاثة أيام يقاتلون الجهتين وعجزوا عن دفع الأبراج ورموها بالنفط فلم يؤثر فيها وكان عندهم رجل من أهل دمشق يعاني أحوال النفط فأخذ عقاقير وصنعها وحضر عند قراقوش حاكم البلد وأعطاه دواء وقال: أرم بهذا في المنجنيق المقابل لإحدى الأبراج فيحترق فحرد عليه، ثم وافق ورمى به في قدر ثم رمى بعده بقدر أخرى مملوأة ناراً فاضطرمت النار واحترق البرج بمن فيه، ثم فعل بالثاني والثالث كذلك وفرح أهل البلد وتخلصوا من تلك الورطة فأمر صلاح الدين بالإحسان إلى ذلك الرجل فلم يقبل، وقال: إنما فعلته لله ولا أريد الجزاء إلا منه. ثم بعث صلاح الدين إلى ملوك الأطراف ليستنفرهم فجاء عماد الدين زنكي بن مودود صاحب سنجار ثم علاء الدين بن طالب صاحب الموصل، ثم عز الدين مسعود بن مودود وبعثه أبوه بالعساكر ثم زين الدين صاحب إربل وكان كل واحد منهم إذا وصل يتقدم بعسكره فيقاتلون الإفرنج، ثم يضربون أبنيتهم وجاء الخبر بوصول الأسطول من مصر فجهز الإفرنج أسطولا لقتاله، وشغلهم صلاح الدين بالقتال ليتمكن الأسطول من دخول عكا فلم يشغلوا عنه وقاتلوا الفريقين براً وبحرأ، ودخل الأسطول إلى مرسى عكا سالماً والله تعالى أعلم بغيبه.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2513 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 رحيل صلاح الدين عن الإفرنج بعكا:


2513

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


رحيل صلاح الدين عن الإفرنج بعكا:

ولما إنقضت هذه الوقعة وامتلأت الأرض من جيف الإفرنج تغير الهواء وأنتن، وحدث بصلاح الدين قولنج كان يعاوده فأشار عليه أصحابه بالإنتقال عسى الإفرنج ينتقلون وان أقاموا عدنا إليهم وحمله الأطباء على ذلك فرحل رابع رمضان من السنة وتقدم إلى عكا بحياطتها، وأعلمهم سبب رحيله. فلما إرتحل اشتدّ الإفرنج في حصار عكا وأحاطوا بها دائرة مع اسطولهم في البحر، وحفروا خندقاً على معسكرهم وأداروا عليهم سوراً من ترابه حصناً من صلاح الدين أن يعود إليهم ومسلحة المسلمين قبالتهم يناوشوهم القتال فلا يقاتلونهم وبلغ ذلك صلاح الدين وأشار أصحابه بإرسال العساكر ليمنع من التحصين فامتنع من ذلك لمرضه فتم للإفرنج ما أرادوه وأهل عكا يخرجون إليهم في كل يوم ويقاتلونهم والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2512 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 الوقعة على عكا:


2512

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


الوقعة على عكا:

كان صلاح الدين قد بعث عن عسكر مصر، وبلغ الخبر الإفرنج فأرادوا معاجلته قبل وصولهم. وكانت عساكره متفرقة في المسالح على الجهات فمسلحة تقابل أنْطاكِية وملكها سمند في البلاد التي من أعمال حلب ومسلحة بحمص تحفظها من أهل طرابلس ومسلحة تقابل صور ومسلحة بدمياط والإسكندرية. واعتزم الإفرنج على مهاجمتهم بالقتال، ولم يشعروا بهم وصبحوهم لعشرين من شعبان وركب صلاح الدين وعبى عساكره وقصدوا الميمنة وعليها تقي الدين ابن أخيه فتزحزح بعض الشيء وأمده صلاح الدين بالرجال من عنده فحطوا على صلاح الدين في القلب فتضعضع واستشهد جماعة منهم الأمير علي بن مردان والظهير أخو الفقيه عيسى والي



 القدس والحاجب خليل الهكاري وغيرهم.وقصدوا خيمة صلاح الدين فقتلوا من وزرائه ونهبوا واستشهد جمال الدين بن رواحة من العلماء ووضعوا السيف في المسلمين وإنهزم الذين كانوا حوالي الخيمة، ولم تسقط، وإنقطع الذين ولوها من الإفرنج عن أصحابهم وراءهم، وحملت ميسرة المسلمين عليهم فأحجمتهم إلى وراء الخنادق، وعادوا إلى خيمة صلاح الدين فقتلوا كل من وجدوا عندها من الإفرنج وصلاح الدين قد عاد من إتباع أصحابه يردهم للقتال وقد اجتمعوا عليهم فلم يفلت منهم أحد وأسروا مقدّم الفداوية فأمر بقتله وكان أطلقه مرة أخرى وبلغت عدة القتلى عشرة آلاف فألقوا في النهر وأما المنهزمون من المسلمين فمنهم من رجع من طبرية ومنهم من جاوز الأردنّ ورجع ومنهم من بلغ دمشق وإتصل قتال المسلمين للإفرنج وكادوا يلجون عليهم معسكرهم. ثم جاءهم الصريخ بنهب أموالهم، وكان المنهزمون قد حملوا أثقالهم فامتدت إليها أيدي الأوباش ونهبوها فكان ذلك مما شغل المسلمين عن استئصال الإفرنج، وأقاموا في ذلك يوماً وليلة يستردون النهب من أيدي المسلمين، ونفس بذلك عن الإفرنج بعض الشيء والله تعالى أعلم. 



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2511 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 محاصرة الإفرنج أهل صور لعكا والحروب عليها:


2511

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


محاصرة الإفرنج أهل صور لعكا والحروب عليها:

كانت صور كما قدّمنا ضبطها المركيش من الإفرنج الواصل من وراء البحر وقام بها وكان كلما فتح صلاح الدين مدينة أو حصناً على الأمان لحق أهلها بصور فاجتمع بها عدد عظيم من الإفرنج وأموال جمة. ولما فتح القدس لبس كثير من رهبانهم  وقسيسيهم وزعمائهم السواد حزناً على البيت المقدس. وإرتحل بطرك من القدس، وهم معه يستصرخون أهل الملة النصرانية من وراء البحر للأخذ بثأر القدس فخرجوا للجهاد من كل بلد، حتى النساء اللواتي يجدن القوة على الحرب. ومن لم يستطع الخروج استأجر مكانه، وبذلوا الأموال لهم. وجاء الإفرنج من كل 



مكان ونزلوا بصور ومدد الرجال والأقوات والأسلحة متداركة لهم في كل وقت واتفقوا على الرحيل إلى عكا ومحاصرتها فخرجوا ثامن رجب من سنة خمس وثمانين وسلكوا على طريق الساحل وأساطيلهم تحاذيهم في البحر. ومسلحة المسلمين تتخطفهم من جوانبهم حتى وصلوا إلى عكا منتصف رجب. وكان رأي صلاح الدين أن يحاذيهم في مسيرهم لينال منهم فخالفه أصحابه واعتذروا بضيق الطريق ووعره فسلك طريقاً آخر ووافاهم على عكا وقد نزلوا عليها وأحاطوا بها من البحر إلى البحر فليس للمسلمين إليها طريق.ونزل صلاح الدين قبالتهم، وبعث إلى الأطراف يستنفر الناس فجاءت عساكر الموصل وديار بكر وسنجار وسائر بلاد الجزيرة. وجاء تقي الدين ابن أخيه من حماة ومظفر الدين كوكبري عن حران والرها، وكانت إمداد المسلمين تصل في البرّ وإمداد الإفرنج في البحر وهم محصورون في صور. وكانت بينهم أيام مذكورة ووقائع مشهورة وأقام السلطان بقية رجب لم يقاتلهم فلما استهل شعبان قاتلهم يوماً بكامله وبات الناس على تعبية. ثم صبحهم بالقتال ونزل بالصبر وحمل عليهم تقي الدين ابن أخيه منتصف النهار من الميمنة حملة أزالتهم عن مواقفهم وملك مكانهم وإتصل بالبلد فدخلها المسلمون، وشحنها صلاح الدين بالمدد من كل شيء. وبعث إليهم الأمير حسام الدين أبا الهيجاء السمين من أكابر امرائه من الأكراد الخطية من إربل. ثم نهض المسلمون من الغد فوجدوا الإفرنج قد أداروا عليهم خندقاً يمتنعون به، ومنعوهم القتال يومهم وأقاموا كذلك ومع السلطان أحياء من العرب فكمنوا في معاطف النهر من ناحية الإفرنج على الساحل للخطف منهم وكبسوهم منتصف شعبان وقتلوهم وجاؤا برؤسهم إلى صلاح الدين فأحسن إليهم، والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2510 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح الشقيف:


2510

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح الشقيف:

ثم سار صلاح الدين في ربيع سنة خمس وثمانين إلى محاصرة الشقيف، وكان لأرناط صاحب صيدا، وهو من أعظم الناس مكراً ودهاءً . فما نزل صلاح الدين بمرج العيون جاء إليه وأظهر له المحبة والميل، وطلب المهلة إلى جمادى الأخيرة ليتخلص أهله وولده من المركيش بصور، ويسلم له حصن الشقيف فأقام صلاح الدين هنالك لوعده. وإنقضت مّدة الهدنة بينه وبين سمند صاحب إنْطاكِية فبعث تقي الدين ابن أخيه مسلحة في العساكر إلى البلاد التي قرب إنْطاكِية. ثم بلغه إجتماع الإفرنج بصور عند المركيش، وأن الإمداد وافتهم من أهل ملتهم وراء البحر. وأن ملك الإفرنج بالشام الذي أطلقه صلاح الدين بعد فتح القدس قد إتفق مع المركيش  وصل يده به. واجتمعوا في أمم لا تحصى وخشي أن يتقدم إليهم ويترك الشقيف وراءه فتنقطع عنه الميرة، فأقام بمكانه فلما إنقضى الأجل تقدم إلى الشقيف واستدعى أرناط فجاء واعتذر بأن المركيش لم يمكنه من أهله وولده وطلب الإمهال مّرة أخرى فتبين صلاح الدين مكره فحبسه، وأمره أن يبعث إلى أهل الشقيف بالتسليم فلم يجب فبعث به إلى دمشق فحبس 



بها. وتقّدم إلى الشقيف فحاصره بعد أن أقام مسلحة قبالة الإفرنج الذين بظاهر صور، فجاءه الخبر بأنهم فارقوا صور لحصار صيدا فلقيتهم المسلحة وقاتلوهم فغلبوهم وأسروا سبعة من فرسانهم، وقتلوا آخرين وقتل مولى لصلاح الدين من أشجع الناس وردوهم على أعقابهم إلى معسكرهم بظاهر صور. وجاء صلاح الدين بعد إنقضاء الوقعة فأقام في المسلحة رجاء أن يصادف أحداً من الإفرنج فينتقم منهم. وركب في بعض الأيام ليشارف معسكر الإفرنج فظن عساكره أنه يريد القتال فنجعوا وأوغلوا إلى العدّو. وبعث صلاح الدين الأمراء في أثرهم يردونهم فلم يرجعوا، ورآهم الإفرنج فظنوا أن وراءهم كميناً فأرسلوا من يكشف خبرهم فوجدوهم منقطعين فحملوا عليهم وأناموهم جميعاً، وذلك تاسع جمادي الأولى من السنة. ثم إنحدر إليهم صلاح الدين في عساكره من الجبل فهزمهم إلى الجسر وغرق منهم في البحر نحو من مائة دارع سوى من قتل وعزم السلطان على حصارهم، واجتمع إليه الناس. ثم عاد الإفرنج إلى صور، وعاد السلطان إلى بليس ليشارف عكا ويرجع إلى مخيمه. ولما وصل إلى المعسكر جاء الخبر بأن الإفرنج يتعدّون عن صدور مذاهبهم لحاجاتهم فكتب إلى المعسكر بعكا، ووعدهم ثامن جمادى الأخيرة يوافونه من ناحيتهم للإغارة عليهم. وأكمن لهم في الأودية والشعاب من سائر النواحي واختار جماعة من فرسان عسكره، وتقدّم إليهم بأن يتعرضوا للإفرنج، ثم يستطردوا لهم إلى مواضع الكمناء ففعلوا وناشبوا الإفرنج وانفوا من الاستطراد وطال على الكمناء الإنتظار فخرجوا خشية على أصحابهم فوافوهم في شدّة الحرب فانهزم المسلمون، ووقع التمحيص. وكان أربعة في الكمين من أمراء طيء فعدلوا عن طريق أصحابهم وسلكوا الوادي وتبعهم بعض العسكر من موالي صلاح الدين ورآهم الإفرنج في الوادي فعلموا أنهم أضلوا الطريق فاتبعوهم وقتلوهم، والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2509 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح كوكب:


2509

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح كوكب:

لما كان صلاح الدين على صفد خافه الإفرنج على حصن كوكب فبعثوا إليه نجدة وكان قايماز النجمي يحاصره فشعر بتلك النجدة وركب إليهم وهم مختفون ببعض الشعاب فكبسهم ولم يفلت منهم أحد. وكان فيهم مقدّمان من الإستبارية فحملها إلى صلاح الدين على صفد فأحضرهما للقتل على عادته في الفداوية والإستبارية فاستعطفه واحد منهما فعفا عنهما وحبسهما. ولما فتح صفد سار إلى كوكب وحاصره وأرسل إليهم بالأمان فأصّروا على الإمتناع عليه فنصب عليهم المجانيق وتابع المزاحفة. ثم عاقه المطر عن القتال وطال مقامه فلما إنقضى المطر عاود المزاحفة وضايقهم بالسور ونقب منه برجاً فسقط فارتاعوا واستأمنوا. وملك الحصن منتصف ذي القعدة من السنة ولحق الإفرنج بصور وإجتمع الزعماء وتابعوا الرسل إلى إخوانهم وراء البحر في حوزة يستصرخونهم فتابعوا إليهم المدد وإتصل المسلمون في الساحل من أيلة إلى بيروت لا يفصل بينهم إلا مدينة صور ولما فرغ صلاح الدين من صفد وكوكب سار إلى القدس فقضى فيه نسك الأضحى. ثم سار إلى عكا قام بها إلى إنسلاخ  الشتاء، والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2508 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح صفد:


2508

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح صفد:

لما عاد صلاح الدين إلى دمشق أقام بها نصف رمضان، ثم تجهز لحصار  فنزل عليها ونصب المجانيق وكانت أقواتهم قد تسلط عليها الحصار الأول فخافوا من نفاذها فاستأمنوا فأمنهم وملكها، ولحقوا بمدينة صور والله تعالى أعلم.




يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2507 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح الكرك:


2507

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح الكرك:

كان صلاح الدين قد جهز العساكر على الكرك مع أخيه العادل حتى سار إلى دربساك وبغراس وأبعد في تلك الناحية فشد العادل حصارها حتى جهدوا وفنيت أقواتهم فراسلوه في الأمان فأجابهم. وسلموا القلعة فملكها، وملك الحصون التي حواليها وأعظمها الشويك، وأمنت تلك الناحية، وإتصلت إيالة المسلمين من مصر إلى القدس والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2506 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 صلح أنْطاكِية:


2506

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


صلح أنْطاكِية:

ولما فتح حصن بغراس خاف سمند صاحب أنْطاكِية، وأرسل إلى صلاح الدين في الصلح على أن يطلق أسرى المسلمين الذين عنده. وتحامل عليه أصحابه في ذلك ليريح الناس ويستعدوا فأجابه صلاح الدين إلى ذلك لثمانية أشهر من يوم عقد الهدنة. وبعث إليه من استحلفه وأطلق الأسرى. وكان سمند في هذا الوقت عظيم الإفرنج متسع المملكة، وطرابلس وأعمالها قد صارت إليه بعد القمص، واستخلف فيها إبنه الأكبر. وعاد صلاح الدين إلى حلب فدخلها ثالث شعبان من السنة، وانطلق ملوك الأطراف بالجزيرة وغيرها إلى بلادهم. ثم رحل إلى دمشق وكان معه أبو فليتة قاسم بن مهنا أمير المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة وأتمّ التسليم قد عسكر معه، وشهد فتوجه. وكان يتيمن بصحبته ويتبرك برؤيته، ويجتهد في تأنيسه وتكرمته ويرجع إلى مشورته. ودخل دمشق أول رمضان من السنة، وأشير عليه بتفريق العساكر فأبى وقال: هذه الحصون كوكب وصفد والكرك في وسط بلاد الإسلام فلا بدّ من البدار إلى فتحها، والله سبحانه وتعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2505 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح بغراس:


2505

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح بغراس:

ثم سار عماد الدين عن دربساك إلى قلعة بغراس على تعددها وقربها من أنْطاكِية فيحتاج مع قتالها إلى ردء من العسكر بينه وبين أنْطاكِية فحاصرها ونصب عليها المجانيق فقصرت عنها لعلّوها، وشق عليهم حمل الماء إلى أعلى الجبل. وبينما هم في ذلك إذا جاء رسولهم يستأمن لهم فأمنهم في أنفسهم فقط كما أمن أهل دربساك. وتسلم القلعة بما فيها وخربها. فجددها ابن اليون صاحب الأرمن وحصنها وصارت في أيالته، والله أعلم.




يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2504 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح دربساك:


2504

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح دربساك:

ولما فرغ صلاح الدين من حصن برزية دخل من الغد إلى الجسر الجديد على نهر العاصي قرب أنْطاكِية فأقام عليه فلحق به فخلف العسكر، ثم سار إلى قلعة دربساك ونزل عليها في رجب من السنة وهي معاقل الفداوية التي يلجؤن إلى الإعتصام بها ونصب عليها المجانيق حتى هدم من سورها. ثم هجمها بالمزاحفة وكشف المقاتلة عن سورها ونقبوا منها برجاً من أسفله فسقط. ثم باركوا الزحف من الغد، وصابرهم الإفرنج ينتظرون المدد من صاحبهم سمند صاحب أنْطاكِية. فلما تبينوا عجزه استأمنوا صلاح الدين فأمنهم في أنفسهم فقط وخرجوا إلى أنْطاكِية. وملك الحصن في عشرين من رجب من السنة والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2503 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح برزية:


2503

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح برزية:

ولما فرغ صلاح الدين من قلعة الشغر إلى قلعة برزية قبالة أفامية وتقاسمها في أعمالها. وبينهما بحيرة من ماء العاصي والعيون التي تجري، وكانوا أشدّ شيء في الأذى للمسلمين فنازلها في الرابع والعشرين من جمادى الأخيرة، وهي متعذرة المصعد من الشمال والجنوب، وصعبته من الشرق وبجهة الغرب مسلك إليها فنزل هنالك صلاح الدين، ونصب المجانيق فلم تصل حجارتها لبعد القلعة وعلّوها فرجع إلى المزاحفة، وقسم عساكره على أمرائها، وجعل القتال بينهم نوباً فقاتلهم أوّلا عماد الدين زنكي بن مودود صاحب سنجار، وأصعدهم إلى قلعتهم حتى صعب المرتقى على المسلمين، وبلغوا مواقع سهامهم وحجارتهم من الحصن وكانوا



 يدحرجون الحجارة على المقاتلة فلا يقوم لها شيء. فلما تعب أهل هذه النوبة عادوا وصعد خاصة صلاح الدين فقاتلوا قتالاً شديداً، وصلاح الدين وتقي الدين ابن أخيه يحرضانهم حتى أعيوا وهموا بالرجوع، فصاح فيهم صلاح الدين وفي أهل النوبة الثانية فتلاحقوا بهم، وجاء أهل نوبة عماد الدين على أثرهم وحمي الوطيس وردّوا الإفرنج على أعقابهم إلى حصنهم فدخلوه ودخل المسلمون معه.وكان بقية المسلمين في الخيام شرقي الحصن، وقد أهمله الإفرنج فعمد أهل الخيام من تلك الناحية، واجتمعوا مع المسلمين في أعقاب الإفرنج عند الحصن فملكوه عنوة وجاء الإفرنج إلى قبة الحصن ومعهم جماعة من أسارى المسلمين في القيود. فلما سمعوا تكبير إخوانهم خارج القبة كبروا فدهش الإفرنج، وظنوا أن المسلمين خالطوهم فألقوا باليد، وأسرهم المسلمون واستباحوهم وأحرقوا البلد، وأسروا صاحبها وأهله وولده، وافترقوا في أسراهم فجمعهم صلاح الدين حتى إذا قارب أنْطاكِية بعثهم إليها، لأن زوجة صاحب أنْطاكِية كانت تراسل صلاح الدين بالأخبار وتهاديه فرعى لها ذلك، والله تعالى ولي التوفيق.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2502 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح سرمينية:


2502

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح سرمينية:

كان صلاح الدين عند إشتغاله بفتح هذه الحصون بعث إبنه الظاهر غازياً صاحب حلب إلى سرمينية وحاصرها، واستنزل الإفرنج الذين بها على قطيعة أعطوها وهدم الحصن، وكان فتحه آخر جمادى الأخيرة فانطلق جماعة من الأسارى كانوا بهذا الحصن، وكانت هذه الفتوحات كلها في مقدار شهر، وجميعها من أعمال أنْطاكِية، والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2501 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح بكاس والشغر:


2501

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح بكاس والشغر:

ثم سار صلاح الدين عن صهيون ثالث جمادى إلى قلعة بكاس، وقد فارقها الإفرنج وتحصنوا بقلعة شغر فملك بكاس، وحاصر قلعة الشغر والطريق منها مسلوك إلى اللاذقية وجبلة وصهيون فقاتلهم ونصب المنجنيقات عليها فقصرت حجارتها عن الوصول. وكانوا تمنعوا وبعثوا خلال ذلك إلى صاحب إنْطاكِية، وكان الحصن من إيالته فاستمدّوه وإلا أعطوا الحصن بما قذف الله في قلوبهم من الرعب. فلما قعد عن نصرهم استأمنوا إلى صلاح الدين  وسألوه إنظار ثلاث للفتح فأنظرهم وأخذ رهنهم. ثم سلموه بعد الثلاث في منتصف جمادي من السنة، والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2500 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح صهيون:


2500

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح صهيون:

ولما فرغ صلاح الدين من فتح اللاذقية سار إلى قلعة صهيون وهي على جبل صعبة المرتقى بعيدة المهوى يحيط بجبلها واد عميق ضيق، ويتصل بالجبل من جهة الشمال، وعليها خمسة أسوار وخندق عميق فنزل صلاح الدين على الجبل لضيقها، وقدم ولده الظاهر صاحب حلب فنزل مضيق الوادي. ونصب المنجنيقات هنالك فرمى بها على الحصن، ونضحهم بالسهام من سائر أصناف القسي وصابروا قليلاًً ثم زحف المسلمون ثاني جمادى الأخرى، وسلكوا بين الصخور حتى ملكوا أحد أسوارها وقاتلوهم منه فملكوا عليهم سورين آخرين، وغنموا جميع ما كان في البلد من الدواب والبقر والذخائر. ولجأ الحامية إلى القلعة، وقاتلهم المسلمون عليها فنادوا بالأمان فشرط عليهم مثل قطيعة القدس، وملك المسلمون الحصن. وولي عليه ناصر الدين بن كورس صاحب قلعة بوفلس فحصنه، وافترق المسلمون في تلك النواحي



 فوجدوا الإفرنج قد فروا من حصونها فملكوها جميعاً. وهيؤا إليها طريقاً على عقبة صعبة لعفاء طريقها السهلة بالإفرنج والإسماعيلية، والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2499 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح اللاذقية


2499

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح اللاذقية

ولما فرغ صلاح الدين من أمر جبلة سار إلى اللاذقية فوصلها آخر جمادي الأولىوامتنع حاميتها بحصنين لها في أعلى الجبل، وملك المسلمون المدينة وحصروا الإفرنج في القلعتين وحفروا تحت الأسوار. وأيقن الإفرنج بالهلكة، ودخل إليهم قاضي جبلة ثالث نزولها فأستأمنوا معه. وأمنهم صلاح الدين ورفعوا أعلام الإسلام في الحصنين، وخرب المسلمون المدينة. وكانت مبانيها في غاية الوثاقة والضخامة، واقطعها لتقي الدين ابن أخيه فأعادها إلى أحسن ما كانت من العمارة والتحصين وكان عظيم الهمة في ذلك. وكان أسطول صقلية في مرسى اللاذقية وسخطوا ما فعله أهلها ومنعوهم من الخروج منها. وجاء مقدمهم إلى صلاح الدين فرغب منه إقامتهم على الجزية. وعرض في كلامه بالتهديد بإمداد الإفرنج من وراء البحر فأجابه صلاح الدين باستهانة أمر الإفرنج، وهدّده فانصرف إلى أصحابه، ورحل صلاح الدين إلى صهيون، والله تعالى. أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2498 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح جبلة


2498

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح جبلة

وكان وصل أسطول من صاحب صقلية مددا الإفرنج في تلك السواحل في ستين قطعة فأرسوا بطرابلس، فلما سمعوا بصلاح الدين أقلعوا إلى المغرب ووقفوا قبالتها ينضحون بسهامهم المارة بتلك الطريق فضرب صلاح الدين على ذلك الطريق سورا من جهة البحر من المتارس، ووقف وراءه الرماة حتى سلك العسكر المضيق إلى جبلة. ووصلها آخر جمادى وسبق إليها القاضي، وملكها صلاح الدين لحينه، ورفع أعلام الإسلام على سورها ونفى حاميتها إلى القلعة فاستنزلهم القاضي على الأمان. واستمر منهم جماعة في رهن القاضي والمسلمين عند صاحب إنْطاكِية حتى أطلقهم. وجاء رؤساء أهل البلد إلى طاعة صلاح الدين، وهو بجبل ما



 بين جبلة وحماة. وكان الطريق عليه بينهم صعباً ففتحه صلاح الدين من ذلك الوقت، واستناب بجبلة سابق الدين عثمان ابن الداية صاحب شيزر، وسار عنها للاذقية، والله تعالى أعلم بغيبه وأحكم..



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2497 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 غزو صلاح الدين إلى سواحل الشام وما فتحه من حصونها وصلحه آخرا مع صاب أنْطاكِية:


2497

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


غزو صلاح الدين إلى سواحل الشام وما فتحه من حصونها وصلحه آخرا مع صاب أنْطاكِية:

لما رجع صلاح الدين من فتح القدس وحاصر صور وصفد وكوكب عاد إلى دمشق، ثم تجهز للغزو إلى سواحل الشام وأعمال أنْطاكِية، وسار عن دمشق في ربيع سنة أربع وثمانين فنزل على حمص واستدعى عساكر الجزيرة وملوك الأطراف فاجتمعوا إليه. وسار إلى حصن الأكراد فضرب عسكره هنالك، ودخل متجرداً إلى القلاع بنواحي أنْطاكِية فنقض طرفها وأغار على ولايتها إلى طرابلس حتى شفى نفسه من إرتيادها. وعاد إلى معسكره فجرت الأرض بالغنائم فأقام عند حصن الأكراد، ووفد عليه هنالك منصور بن نبيل صاحب جبلة وكان من يوم استيلاء الإفرنج على جبلة عند صاحب أنْطاكِية حاكماً على جميع المسلمين فيها، ومتولياً أمور سمند فلما هبت ريح الإسلام بصلاح الدين وظهوره نزل إليه ليكشف الغماء ، ودله على عورة جبلة واللاذقية، واستحثه لهما فسار أوّل جمادى ونزل بطرطوس، وقد اعتصم الإفرنج منها ببرجين حصينين وأخلوا المدينة فخربوها واستباحوها. وكان أحد الحصنين للفداوية وفيه مقدمتهم الذي أسره صلاح الدين يوم المصاف، وأطلقه عند فتح القدس. واستأمن إليه أهل البرج الآخر ونزلوا له عنه فخربه صلاح الدين، وألقى حجارته في البحر، وامتنع عليه برج الفداوية فسار إلى المرقب وهو للإستبارية ولا يرم لعلوه وإرتفاعه وإمتناعه، والطريق في الجبل إلى جبلة عليه فهو عن يمين الطريق والبحر عن يساره في مسلك ضيق إنما يمر به الواحد  فالواحد. 



يتبع 
 يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2496 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 حصار صور ثم صفد وكوكب والكرك :


2496

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


حصار صور ثم صفد وكوكب والكرك :

لما فتح صلاح الدين القدس أقام بظاهره إلى آخر شعبان من السنة حتى فرغ من جميع أشغاله، ثم رحل إلى مدينة صور، وقد إجتمع فيها من الإفرنج عوالم وقد نزل بها المركيش وضبطها. ولما إنتهى صلاح الدين إلى عكا أقام بها أياماً فبالغ المركيش في الاستعداد وتعميق الخنادق وإصلاح الأسوار، وكان البحر يحيط بها من ثلاث جهاتها ؛ فوصل جانب اليمين بالشمال وصارت كالجزيرة. وسار إليها فنزل عليها لتسع بقين من رمضان على تل يشرف منه على مكان القتال، وجعل القتال على أقيال عسكره نوباً بين  إبنه الأفضل وإبنه الظاهر وأخيه



 العادل وابن أخيه تقي الدين، ونصب عليها المجانيق والعرادات وكان الإفرنج يركبون في الشواني و الحراقات ويأتون المسلمين من ورائهم فيرمون  عليهم من البحر، ويقاتلونهم ويمنعونهم من الدنّو إلى السور فبعث صلاح الدين عن أسطول مصر من مرسى عكا، فجاء ودافع الإفرنج. وتمكن المسلمون من قتال الأسوار وحاصروها براً وبحراً. ثم كبس أسطول الإفرنج خمسة من أساطيل المسلمين ففتكوا بهم ورّد صلاح الدين الباقي إلى بيروت لقلتها فاتبعها أساطيل الإفرنج، فلما أرهقوهم في الطلب القوا بأنفسهم إلى الساحل وتركوها فحكمها صلاح الدين ونقضها، وجد في حصار صور فلم يفد وامتنعت عليه لما كان فيها من كثرة الإفرنج الذين أمنهم بعكا وعسقلان والقدس فنزلوا إليها بأموالهم وأمدوا صاحبها، واستدعوها الإفرنج وراء البحر فوعدوهم بالنصر، وأقاموا في انتظارهم.ولما رأى صلاح الدين إمتناعها شاور أصحابه في الرحيل فترددّوا، وتخاذلوا في القتال فرحل آخر شوال إلى عكا وأذن للعساكر في المشي إلى أوطانهم إلى فصل الربيع. وعادت عساكر الشرق والشام ومصر، وأقام بقلعة عكا في خواصه، وردّ أحكام البلد إلى خرديك من أمراء نور الدين. وكان صلاح الدين عندما اشتغل بحصار عسقلان بعث عسكراً لحصار صور فشددوا حصارها وقطعوا عنها الميرة، وبعثوا إلى صلاح الدين وهو بحاصر صور فاستأمنوا له ونزلوا عنها فملكها وكان أيضاً صلاح الدين لما سار إلى عسقلان جهز عسكراً لحصار قلعة كوكب يحرسون السابلة في طريقها من الإفرنج الذين فيها، وهي مطلة على الأردن، وهي للإستبارية. وجهز عسكراً لحصار صفد، وهي للفداوية مطلة على طبرية. ولجأ إلى هذبن الحصنين من سلم من وقعة حطين، وامتنعوا بهما. فلما جهز العساكر إليهما صلحت الطريق وإرتفع منها الفساد. فلما كان آخر ليلة من شوّال غفل الموكلون بالحصار على قلعة كوكب، وكانت ليلة شاتية باردة فكبسهم الإفرنج، ونهبوا ما عندهم من طعام وسلاح وعادوا إلى قلعتهم. وبلغ ذلك صلاح الدين، وهو يعتزم على الرحيل عن صور فشحذ من عزيمته. ثم جهز عسكراً على صور مع الأمير قايماز النجمي، وإرتحل إلى عكا فلما إنصرم فصل الشتاء سار من عكا في محرم سنة أربع وثمانين إلى قلعة كوكب . فحاصرها، وامتنعت عليه ولم يكن بقي في البلاد الساحلية من عكا إلى الجنوب غيرها وكير صفد والكرك. فلما إمتنعت عليه جهز العساكر لحصارها مع قايماز النجمي، ورحل عنها في ربيع الأول إلى دمشق ووافته رسل أرسلان وفرح الناس بقدومه، والله تعالى وليّ التوفيق.




يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2495 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح القدس


2495

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح القدس

ولما فرغ صلاح الدين من أمر عسقلان وما يجاورها سار إلى بيت المقدس، وبها البطرك الأعظم وبليان بن نيزران صاحب الرملة ؛ وربيسة قريبة الملك، ومن نجا من زعمائهم من حطين، وأهل البلد المفتتحة عليهم، وقد اجتمعوا كلهم بالقدس واستماتوا للدين. وبعد الصريخ وأكثروا الإستعداد ونصبوا المجانيق من داخله، وتقدّم إليه أمير من المسلمين فخرج إليها الإفرنج فأوقعوا



 به وقتلوه في جماعة ممن معه، وفجع المسلمون بقتله. وساروا فنزلوا على القدس منتصف رجب، وهالهم كثرة حاميته، وطاف بهم صلاح الدين خمسة أيام فتحيز متبوّأ عليه للقتال، حتى إختار جهة الشمال نحو باب العمود وكنيسة صهيون يتحوّل إليه. ونصب المجانيق عليها، واشتدّ القتال، وكان كل يوم يقتل بين الفريقين خلق.وكان ممن استشهد عز الدين عيسى بن مالك من أكابر أمراء بني بدران، وأبوه صاحب قلعة جعبر فأسف المسلمون لقتله، وحملوا عليهم حتى أزالوهم عن مواقفهم وأحجروهم بالبلد، وملكوا عليهم الخند ق ونقبوا السور فوهن الإفرنج واستأمنوا لصلاح الدين فأبى إلا العنوة كما ملكه الإفرنج أوّل الأمر سنة إحدى وسبعين وأربعمائة فأستأمن له بالباب ابن نيزران صاحب الرملة، وخرج إليه وشافهه بالاستئمان. واستعطفه فأصرّ على الامتناع فتهددّه بالإستماتة، وقتل النساء والأبناء وحرق الأمتعة وتخريب المشاعر المعظمة، واستلحام أسرى المسلمين، وكانوا خمسة آلاف أسير، واستهلاك جميع الحيوانات الداجنة بالقدس من الظهر وغيره.فحينئذ استشار صلاح الدين أصحابه فجنحوا إلى تأمينهم فشارطهم على عشرة دنانير للرجل، وخمسة للمرأة، ودينارين للولد صبي أو صبية، وعلى أجل أربعين يوماً فمن تأخر أداؤه عنها فهو أسير، وبذل بليان ابن نيزران عن فقراء أهل ملته ثلاثين ألف دينار. وملك صلاح الدين المدينة يوم الجمعة لتسع وعشرين من رجب سنة ثلاث وثمانين، ورفعت الأعلام الإسلامية على أسواره، وكان يوماً مشهوداً. ورتب على أبواب القدس الأمناء لقبض هذا المال، ولم يبن الأمر فيه على المشاحة فذهب أكثرهم دون شيء وعجز آخر الأمر ستة عشر ألف نسمة فأخذوا أسارى، وكان فيه على التحقيق ستون ألف مقاتل غير النساء والولدان فإنّ الإفرنج  أزروا إليه من كل جانب لما افتتحت عليهم حصونهم وقلاعهم ومن الدليل على مقاربة هذا العدد أنّ بليان صاحب الرملة أعطى ثلاثين ألف دينارعلى ثمانية عشر ألفاً، وعجز منهم ستة عشر ألفاً، وأخرج جميع الأمراء خلقاً لا تحصى في زي المسلمين بعد أن يشارطوهم على بعض القطيعة. واستوهب آخرون جموعاً منهم يأخذون قطيعتهم فوهبهم إياهم. وأطلق بعض نساء الملوك من الروم كانوا مترهبات فأطلقهم بعبيدهم وحشمهم وأموالهم. وكذا ملكة القدس التي أسر صلاح الدين زوجها ملك الإفرنج بسببها، وكان محبوساً بقلعة نابلس فأطلقها بجميع ما معها، ولم يحصل من القطيعة على خراج. وخرج البطرك الأعظم بما معه من ماله وأموال البيع، ولم يتعرض له. وجاءته امرأة البرنس صاحب الكرك الذي قتله يوم حطين تشفع في ولدها، وكان أسيراً فبعثها إلى الكرك لتأذن الإفرنج في النزول عنه للمسلمين وكان على رأسه قبة خضراء لها صليب عظيم مذهب. وتسلق جماعة من



 المسلمين إليه واقتلعوه، وإرتجت الأرض بالتكبير والعويل. ولما خلا القدس من العدو أمر صلاح الدين بردّ مشاعره إلى أوضاعها القديمة، وكانوا قد غيروها فأعيدت إلى حالها الأوّل. وأمر بتطهير المسجد والصخرة من الاقذار فطهرا. ثم صلى المسلمون الجمعة الأخرى في قبة الصخرة، وخطب محيي الدين بن زنكي قاضي دمشق بأمر صلاح الدين، وأتى في خطبته بعجائب من البلاغة في وصف الحال وعظمة الإسلام أقشعرت لها الجلود، وتناقلها الرواة وتحدثت بها السمار أحوالاً .ثم أقام صلاح الدين بالمسجد الصلوات الخمس إماماً وخطيباً، وأمر بعمل المنبر له فتحدّثّوا عنده بأنّ نور الدين محمود إتخذ له منبراً منذ عشرين سنة، وجمع الصناع بحلب فأحسنوا صنعته في عدد سنين فأمر بحمله ونصبه بالمسجد الأقصى. ثم أمره بعمارة المسجد وإقتلاع الرخام الذي فوق الصخرة، لأن القسيسين كانوا يبيعون الحجر من الصخرة ينحتونها نحتاً ويبعونها بالذهب وزناً بوزن. فتنافس الإفرنج فيها التماس البركة منها ويدعونها في الكنائس فخشي ملوكهم أن تفنى الصخرة فعالوا عليها بفرش الرخام فأمر صلاح الدين بقلعه. ثم استكثر في المسجد من المصاحف ورتب فيه القرّاء، ووفر لهم الجرايات. وتقدّم ببناء الربط والمدارس فكانت من مكارمه رحمه الله تعالى. وإرتحل الإفرنج بعد أن باعوا جميع ما يملكونه من العقار بأرخص ثمن، واشتراه أهل العسكر ونصارى القدس الأقدمون بعد أن ضربت عليهم الجزية كما كانوا، والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2494 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح عسقلان وما جاورها:


2494

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح عسقلان وما جاورها:

ولما ملك صلاح الدين بيروت وجبيل وتلك الحصون صرف همته إلى عسقلان والقدس لعظم شأن القدس، ولأن عسقلان مقطع بين الشام ومصر فسار عن بيروت إلى عسقلان، ولحق به أخوه العادل في عساكر مصر. ونازلها أوائل جمادى الأخيرة. استدعى ملك الإفرنج ومقدّم الراية، وكانا أسيرين بدمشق فأحضرهما أمرهما بالإذن للإفرنج بعسقلان في تسليمها فلم يجيبوا إلى ذلك، أساؤا الردّ عليهما فاشتدّ في قتالهم ونصب المجانيق عليهم، وملكهم يردّد الرسائل إليهم في التسليم عساه ينطلق ويأخذ بالثأر من المسلمين فلم  يجيبوه ثم جهدهم الحصار وبعد عليهم الصريخ فاستأمنوا إلى صلاح الدين على شروط اشترطوها، كان أهمها عندهم أن يمنعهم من الهراسة لما قتلوا أميرهم في الحصار فأجابهم إلى جميع ما اشترطوه. وملك المدينة منتصف السنة لأربعة عشر يوماً من حصارها، وخرجوا بأهليهم وأموالهم وأولادهم إلى القدس ثم بعث السرايا في تلك الأعمال ففتحوا الرملة والداروم وغزة ومدن الخليل وبيت لحم والبطرون، وكل ما كان للفداوية. وكان أيام حصار عسقلان  قد بعث عن أسطول مصر فجاء به حسام الدين  لؤلؤ  الحاجب، وأقام يغير على مرسى عسقلان والقدس، ويغنم جميع ما يقصده من النواحي، والله سبحانه وتعالى يؤيد من يشاء بنصره.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2493 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 وصول المركيش إلى صور وامتناعه بها:


2493

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


وصول المركيش إلى صور وامتناعه بها:

كان القمص صاحب طرابلس لما نجا من هزيمة  لحق بمدينة صور وأقام بها يريد حمايتها ومنعها من المسلمين. فلما ملك صلاح الدين نسيس وصيدا وبيروت ضعف عزمه عن ذلك، ولحق ببلده طرابلس. وبقيت صيدا وصور بدون حامية، وجاء المركيش من نجار الإفرنج من المغرب في كثرة وقوّة فأرسى بعكا ولم يشعر بفتحها. وخرج إليه الرائد فأخبره بمكان الأفضل بن صلاح الدين فيها، وأن صور وعسقلان باقية للإفرنج فلم يطق الإقلاع إليهما لركود الريح فشغلهم بطلب الأمان ليدخل المرسى. ثم طابت ريحه وجرت به إلى صور.



 وأمر الأفضل بخروج الشواني في طلبه فلم يدركوه حتى دخل مرسى صور فوجد بها أخلاطاً كثيرة من فل الحصون المفتتحة، فجاؤا إليه وضمن لهم حفظ المدينة، وبذل أمواله في الانفاق عليها على أن تكون هي وأعمالها له دون غيره واستحلفهم على ذلك. ثم قام بتدبير أحوالها وشرع في تحصينها فحفر الخنادق ورم الأسوار واستبدّ بها، والله سبحانه وتعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2492 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 فتح يافا وصيدا وجبيل وبيروت وحصون عكا:


2492

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


فتح يافا وصيدا وجبيل وبيروت وحصون عكا:

لما هزم صلاح الدين الإفرنج كتب إلى أخيه العادل بمصر يسيره ويأمره بالمسيرإلى جهات



 الإفرنج من جهات مصر، فنازل حصن مجدل وفتحه وغنم ما فيه، ثم سار إلى مدينة يافا ففتحها عنوة واستباحها وكان صلاح الدين أيام مقامه بعكا بعث بعوثه إلى قيساريه وحيفا وسطورية وبعلبك وشقيف وغيرها في نواحي عكا، فملكوها واستباحوها وامتلأت أيديهم من غنائمها وبعث حسام الدين عمر بن الأصعن في عسكر إلى نابلس فملك سبطية مدينة الأسباط، وبها قبر زكريا عليه السلام. ثم سار إلى مدينة نابلس فملكها واعتصم الإفرنج الذين بها بالقلعة فأقرهم على أموالهم.وبعث تقيّ الدين عمر ابن شاهنشاه إلى تبنين ليقطع الميرة عنها وعن صور فوصل إليها وحاصرها وضيق عليها، حتى استأمنوا فأمنهم وملكها. ومرّ إلى صيدا ومرّ في طريقة بصرخد فملكها بعد قتال. وجاء الخبر بفرار صاحب صيدا فسار وملكها آخر جمادي الأولى من السنة. ثم سار من يومه إلى بيروت وقاتلها من أحد جوانبها فتوهموا أنّ المسلمين دخلوا عليهم من الجانب الآخر فاهتاجوا لذلك، فلم يستقرّوا ولا قدروا على تسكين الهيعة لكثرة ما معهم من أخلاط السواد فاستأمنوا إليه. وملكها آخر يوم من جمادى لثمانية أيام من حصارها. وكان صاحب جبيل أسيراً بدمشق فضمن لنائبها تسليم جبيل لصلاح الدين على أنّ يطلقه فاستدعاه وهو محاصر لبيروت، وسلم الحصن وأطلقه، وكان من أعيان الإفرنج وأولي الرأي منهم، والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2491 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 هزيمة الإفرنج وفتح طبرية ثم عكا:


2491

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


هزيمة الإفرنج وفتح طبرية ثم عكا:

ولما إنهزم الفداوية والإستبارية بصفورية، ومرّ المسلمون بالغنائم على القمص  ريمند بطبرية، ووصلت البشائر بذلك إلى صلاح الدين عاد إلى معسكره الذي مع إبنه، ومرّ بالكرك، واعتزم على غزو بلاد الإفرنج فاعترض عساكره وبلغه أن القمص ريمند قد راجع أهل ملته ونقض عهده معه. وأنّ البطرك والقسيس والرهبان أنكروا عليه مظاهرته للمسلمين، ومرور عساكرهم به بأسرى النصارى وغنائمهم. ولم يعترضهم مع إيقاعهم  بالفداوية والاستبارية أعيان الملة، وتهددوه بإلحاق كلمة الكفر به فتنصل وراجع رأيه، واعتذر إليهم فقبلوا عذره، وخلص لكفره وطواغيته فجددوا الحلف والاجتماع. وساروا بن عكا إلى صفورية، بلغ الخبر إلى صلاح الدين. وشاور أصحابه فمنهم من أشار بترك اللقاء وشن الغارات عليهم حتى يضعفوا. ومنهم من أشار باللقاء لنزول عكا واستيفاء ما فعلوه في المسلمين بالجزيرة فاستصوبه صلاح الذين واستعجل لقاءهم.ثم رحل من الأقحوانه أواخر رمضان فسار حتى خلف طبرية، وتقدم إلى معسكر الإفرنج فلم يفارقوا خيامهم. فلما كان الليل أقام طائفة من العسكر فسار إلى طبرية فملكها من ليلته عنوة ونهبها وأحرقها. وإمتنع أهلها بالقلعة، ومعهم الملكة وأولادها فبلغ الخبر إلى الإفرنج فضج القمص، وعمد إلى الصلح. وأطال القول في تعظيم الخطب وكثرة المسلمين، فنكر عليه البرنس صاحب الكرك وإتهمه ببقائه على ولاية صلاح الدين. واعتزموا على اللقاء ووصلوا من مكانهم لقصد المعسكر، وعاد صلاح الدين إلى معسكره، وبعدت المياه من حوالي الإفرنج وعطشوا ولم يتمكنوا من الرجوع فركبهم صلاح الدين دون قصدهم. واشتدت الحرب وصلاح الدين يجول بين الصفوف يتفقد أحوال المسلمين.ثم حمل القمص على



 ناحية تقيّ الدين عمر بن شاه حملة استمات فيها هو وأصحابه فأفرج له الصف، وخلص من تلك الناحية إلى منجاته، واختلّ مصاف الإفرنج، وتابعوا الحملات. وكان بالأرض هشيم أصابه شرر فاضطرم ناراً فجهدهم لفحها، ومات جلهم من العطش فوهنوا، وأحاط بهم المسلمون من كل ناحية فارتفعوا إلى تل بناحية حطين لينصبوا خيامهم به فلم يتمكنوا إلا من خيمة الملك فقط، والسيف يجول فيهم مجاله حتى فني أكثرهم، ولم يبق إلا نحو المائة والخمسين من خلاصة زعمائهم مع ملكهم. والمسلمون يكرون عليهم مرة بعد أخرى حتى ألقوا ما بأيديهم وأسروا الملك وأخاه البرنس أرناط صاحب الكرك وصاحب جبيل، وابن هنفري، ومقدم الفداوية، وجماعة من الفداوية والإستبارية. ولم يصابوا منذ ملكوا هذه البلاد أعوام التسعين والأربعمائة بمثل هذه الوقعة.ثم جلس صلاح الدين في خيمته وأحضر هؤلاء الأسرى فقرّع الملك ووبخه بعد أن أجلسه إلى جانبه وفاء بمنصب الملك، وقام إلى البرنس فتولى قتله بيده حرصاً على الوفاء بنذره بعد أن عرّفه بغدرته، وبجسارته على ما كان يرومه في الحرمين، وحبس الباقين. وأما القمص صاحب طرابلس فنجا كما ذكرناه إلى بلده، ثم مات لأيام قلائل أسفاً. ولما فرغ صلاح الدين من هزيمتهم نهض إلى طبرية فنازلها واستأمنت إليه الملكة بها فأمنها في ولدها وأصحابها ومالها، وخرجت إليه فوفى لها وبعث الملك وأعيان الأسرى إلى دمشق فحبسوا بها. وجمع أسرى الفداوية والإستبارية بعد أن بذل لمن يجده منهم من المقاتلة خمسين ديناراً مصرية لكل واحد وقتلهم أجمعين.قال ابن الأثير: ولقد إجتزت بمكان الواقعة بعد سنة فرأيت عظامهم ماثلة على البعد أجحفتها السيول ومزقتها السباع. ولما فرغ صلاح الدين من طبرية سار عنها إلى عكا فنازلها، واعتصم الإفرنج الذين بها بالأسوار، وشادوا بالاستئمان فأمنهم وخيرهم فاختاروا الرحيل، فحملوا ما أقلته رحالهم ودخلها صلاح الدين غرة جمادى سنة ثلاث وثمانين. وصلوا في جامعها القديم الجمعة يوم دخلوهم، فكانت أوّل جمعة أقيمت بساحل الشام بعد استيلاء الإفرنج عليه. وأقطع صلاح الدين بلد عكا لابنه الأفضل، وجميع ما كان فيه للفداوية من أقطاع وضياع. ووهب للفقيه عيسى الهكاري كثيراً مما عجز الإفرنج عن حمله، وقسم الباقي على أصحابه. ثم قسم الأفضل ما بقي في أصحابه بعد مسير صلاح الدين. ثم أقام صلاح الدين أياماً حتى أصلح أحوالها ورحل عنها، والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

2490 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 اتفاق القمص صاب طرابلس مع صلاح الدين ومنابذة البرنس صاحب الكرك له وحصاره إياه والاغارة على عكا:


2490

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


اتفاق القمص صاب طرابلس مع صلاح الدين ومنابذة البرنس صاحب الكرك له وحصاره إياه والاغارة على عكا:

كان القمص صاحب طرابلس، وهو ريمند بن ريمند بن صنجيل تزوّج بالقومصة صاحبة طبرية، وانتقل إليها فأقام عندها، ومات ملك الإفرنج بالشام وكان مجذوما كما مرّ، وأوصى بالملك لابن أخيه صغيرا فكفله هذا القمص، وقام بتدبير ملكه لعظمه فبهم، وطمع أن تكون كفالته ذريعة إلى الملك. ثم مات الصغير فانتقل الملك إلى أبيه، ويئس القمص عندها مما كان يحدّث به نفسه. ثم أن الملكة تزوجت ابن غتم من الإفرنج القادمين من المغرب، وتوّجته وأحضرت البطرك والقسوس والرهبان والاستبارية والداوية واليارونية، وأشهدتهم خروجها له عن الملك. ثم طولب القمص بالجباية أيام كفالته الصبيّ فأنف وغضب، وجاهر بالشقاق لهم. وراسل صلاح الدين وسار إلى ولايته وخلف له على مصره من أهل ملته. وأطلق له صلاح الدين جماعة من زعماء النصارى كانوا أسارى عنده فازداد غبطة بمظاهرته. وكان ذلك ذريعة لفتح بلادهم وارتجاع القدس منهم. وبث صلاح الدين السرايا من ناحية طبرية في سائر بلاد الإفرنج فاكتسحوها وعادوا غانمين، وذلك كله سنة إثنتين وثمانين.وكان البرنس أرناط صاحب الكرك من أعظم الإفرنج مكرا وأشدّهم ضررا. وكان صلا الدين قد سلط الغارة والحصار على بلده حتى سأل في الصلح فصالحه فصلحت السابلة بين الآمّين.ثم مرّت في هذه السنة قافلة كثيرة التجار والجند فغدر بهم وأسر وأخذ ما معهم، وبعث إليه صلاح الدين فأصر على غدرته فنذر أنه يقتله إن ظفر به، واستنفر الناس للجهاد من سائر الأعمال من الموصل والجزيرة وإربل ومصر والشام. وخرج من دمشق في محرّم سنة ثلاث وثمانين وانتهى إلى رأس الماء. وبلغه أنّ البرنس أرناط صاحب الكرك يريد أن يتعرض للحاج من الشام، وكان معهم ابن أخيه محمد بن لاجين وغيره فترك من العساكر مع إبنه الأفضل علي، وسار إلى بصرى.



 وسمع البرنس بمسيره فأحجم عن الخروج، ووصل الحاج سالمين.وسار صلاح الدين إلى الكرك، وبث السرايا في أعمالها وأعمال الشويك فاكتسحوهما. والبرنس محصور بالكرك، وقد عجز الإفرنج عن إمداده لمكان العساكر مع الأفضل بن صلاح الدين. ثم بعث صلاح الدين إلى إبنه الأفضل فأمره بإرسال بعث إلى عكا ليكتسحوا نواحيها، فبعث مظفر الدين كوكبري صاحب حران والرها وقايماز النجمي وداروم الياروقي، وساروا في آخر صفر فصبحوا صفورية وبها جمع من الفداوية والاستبارية فبرزوا إليهم. وكانت بينهم حروب شديدة تولى الله النصر فيها للمسلمين، وانهزم الإفرنج، وقتل مقدمهم، وامتلأت أيدي المسلمين من الغنائم وانقلبوا ظافرين. ومرّا بطبرية، وبها القمص فلم يهجهم لما تقدم بينه وبين صلاح الدين من الولاية، وعظم هذا الفتح وسار البشير به في البلاد، والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ