2422
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
صفحة 179 حتى صفحة 342
هزيمة الكامل بن العادل على ماردين أمام نور الدين صاحب الموصل وبني عمه ملوك الجزيرة:
لما رحل العادل عن ماردين كما قدمناه جر العساكر عليها للحصار مع ابنه الكامل، وعظم ذلك على ملوك الجزيرة وديار بكر، وخافوا ان ملكها يغلبهم على أمرهم، ولم يكن سار من سار معه منهم عند اشتغاله بحرب نور الدين إلا تقية لكثرة عساكره. فلما رجع إلى دمشق، وبقي الكامل على ماردين استهانوا بأمره، وطمعوا في مدافعته. وأغراهم بذلك الظاهر والأفضل ابنا
صلاح الدين لفتنتهم مع عمهم العادل. فتجهز نور الدين ارسلان شاه صاحب الموصل، وسار أول شعبان سنة خمس وتسعين، وانتهى إلى دبيس فأقام بها، ولحق به ابن عمه قطب الدين محمد بن زنكي صاحب سنجار، وابن عمه الآخر سنجار شاه ابن غازي صاحب جزيرة ابن عمر، حتى إذا انقضى عيد الفطر ارتحلوا وتقدموا إلى مزاحمة الكامل على ماردين. وكان أهل ماردين خلال ذلك قد ضاق مخنقهم وجهدهم الحصار وبعث النظام المستولي على دولة صاحبها إلى الكامل يراوده في الصلح، وتسليم القلعة له إلى أجل سماه على أن يبيح لهم بقوتهم من الميرة فأسعفهم بذلك وبينما هم في ذلك جاءهم خبر العساكر فامتنعوا، وزحف الكامل مهزوما إلى معسكره بالربض فخرج أهل القلعة إليهم وقاتلوهم إلى المساء ثم أجفل الكامل من ليلته منتصف شوال، وعاد إلى بلاده ونهب أهل القلعة مخلفه، وخرج صاحب ماردين وهو بولو ارسلان ابن أبي الغازي فلقي نور الدين وشكره، وعاد إلى حصنه، ورجع نور الدين وأصحابه إلى تستر. ثم سار منها إلى رأس عين فقدم عليها هنالك رسول الظاهر بن صلاح الدين من حلب يطلب له منه السكة والخطبة، فوجم لذلك وثنى عزمه عن مظاهرتهم. ثم طرقه المرض فبعث إليهم بالعذر، وعاد إلى الموصل في ذي الحجة آخر السنة، والله تعالى أعلم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق