2457
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
صفحة 179 حتى صفحة 342
استيلاء نور الدين تول ان شاه بن أيوب على بلاد النوبة ثم على بلاد اليمن
كان صلاح الدين وقومه على كثرة إرتيابهم من نور الدين، وظنهم به الظنون يحاولون ملك القاصية عن مصر ليمتنعوا بها أن طرقهم منه حادث، أو عزم على المسير إليهم في مصر فصرفوا عزمهم في ذلك إلى بلاد النوبة أو بلاد اليمن. وتجهز شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وهو أخو صلاح الدين الأكبر إلى ملك النوبة. وسار إليها في العساكر سنة ثمان وستين، وحاصر قلعة من ثغورهم ففتحها واختبرها فلم يجد فيها خرجاً ولا في البلاد بأسرها جباية. وأقواتهم الذرة وهم في شظف من العيش ومعاناة للفتن. فاقتصر على ما فتحه من ثغورهم، وعاد في غنيته بالعبيد والجواري. فلما وصل إلى مصر أقام بها قليلا، وبعثه صلاح الدين إلى اليمن، وقد كان غلب عليه علي بن مهدي الخارجي سنة أربع وخمسين، وصار أمره إلى ابنه عبد النبي، وكرسي ملكه زبيد منها. وفي عدد ياسر بن بلال بقية ملوك بني الربيع.وكان عمارة اليمني الشاعر العبيدي وصاحب بني رزيك من أمرائهم، وكان أصله من اليمن. وكان في خدمة شمس الدولة ويغريه به فسار إليه شمس الدولة بعد أن تجهز، وأزاح العلل، واستعد للمال والعيال. وسار من مصر منتصف سنة تسع وستين، ومر بمكة وانتهى إلى زبيد. وبها ملك اليمن عبد النبي بن علي بن مهدي فبرز إليه وقاتله فانهزم وانحجر بالبلد. وزحفت عساكر شمس الدولة فتسنموا أسوارها وملكوها عنوة واستباحوها، وأسروا عبد النبي وزوجته. وولى شمس الدولة على زبيد مبارك بن كامل ابن منقذ من أمراء شيزر كان في جملته، ودفع إليه عبد النبي ليستخلص منه الأموال فاستخرج من قرابته دفائن كانت فيها أموال جليلة. ودلتهم زوجته الحرة على ودائع استولوا منها على أموال جمة.وأقيمت الخطبة العباسية في زبيد، وسار شمس الدولة توران شاه إلى عدن وبها ياسر بن بلال، كان أبوه بلال بن جرير مستبداً بها على مواليه بني الزريع، وورثها عنه ابنه ياسر، فسار ياسر للقائه فهزمه شمس الدولة، وسارت عساكره إلى البلد فملكوها، وجاؤوا بياسر أسيراً إلى شمس الدولة فدخل عدن وعبد النبي معه في الإعتقال، واستولى على نواحيها، وعاد إلى زبيد. ثم سار إلى حصون الجبال فملك تعز، وهي من أحصن القلاع، وحصن التعكر والجند وغيرها من المعاقل والحصون. وولى على عدن عز الدولة عثمان بن الزنجبيلي، واتخذ زبيد سبباً لملكه. ثم استوخمها، وسار في الجبال ومعه الأطباء يتخير مكاناً صحيح الهواء للسكنى فوقع إختيارهم على تعز، فاختط هنالك مدينة واتخذها كرسياً لملكه. وبقيت لبنيه ومواليهم بني رسول كما نذكره في أخبارهم والله تعالى ولي التوفيق.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق