إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 31 يناير 2015

2491 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد الخامس من صفحة 343- 412 هزيمة الإفرنج وفتح طبرية ثم عكا:


2491

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

 من تاريخ العلامة ابن خلدون

المجلد الخامس

من صفحة 343- 412


هزيمة الإفرنج وفتح طبرية ثم عكا:

ولما إنهزم الفداوية والإستبارية بصفورية، ومرّ المسلمون بالغنائم على القمص  ريمند بطبرية، ووصلت البشائر بذلك إلى صلاح الدين عاد إلى معسكره الذي مع إبنه، ومرّ بالكرك، واعتزم على غزو بلاد الإفرنج فاعترض عساكره وبلغه أن القمص ريمند قد راجع أهل ملته ونقض عهده معه. وأنّ البطرك والقسيس والرهبان أنكروا عليه مظاهرته للمسلمين، ومرور عساكرهم به بأسرى النصارى وغنائمهم. ولم يعترضهم مع إيقاعهم  بالفداوية والاستبارية أعيان الملة، وتهددوه بإلحاق كلمة الكفر به فتنصل وراجع رأيه، واعتذر إليهم فقبلوا عذره، وخلص لكفره وطواغيته فجددوا الحلف والاجتماع. وساروا بن عكا إلى صفورية، بلغ الخبر إلى صلاح الدين. وشاور أصحابه فمنهم من أشار بترك اللقاء وشن الغارات عليهم حتى يضعفوا. ومنهم من أشار باللقاء لنزول عكا واستيفاء ما فعلوه في المسلمين بالجزيرة فاستصوبه صلاح الذين واستعجل لقاءهم.ثم رحل من الأقحوانه أواخر رمضان فسار حتى خلف طبرية، وتقدم إلى معسكر الإفرنج فلم يفارقوا خيامهم. فلما كان الليل أقام طائفة من العسكر فسار إلى طبرية فملكها من ليلته عنوة ونهبها وأحرقها. وإمتنع أهلها بالقلعة، ومعهم الملكة وأولادها فبلغ الخبر إلى الإفرنج فضج القمص، وعمد إلى الصلح. وأطال القول في تعظيم الخطب وكثرة المسلمين، فنكر عليه البرنس صاحب الكرك وإتهمه ببقائه على ولاية صلاح الدين. واعتزموا على اللقاء ووصلوا من مكانهم لقصد المعسكر، وعاد صلاح الدين إلى معسكره، وبعدت المياه من حوالي الإفرنج وعطشوا ولم يتمكنوا من الرجوع فركبهم صلاح الدين دون قصدهم. واشتدت الحرب وصلاح الدين يجول بين الصفوف يتفقد أحوال المسلمين.ثم حمل القمص على



 ناحية تقيّ الدين عمر بن شاه حملة استمات فيها هو وأصحابه فأفرج له الصف، وخلص من تلك الناحية إلى منجاته، واختلّ مصاف الإفرنج، وتابعوا الحملات. وكان بالأرض هشيم أصابه شرر فاضطرم ناراً فجهدهم لفحها، ومات جلهم من العطش فوهنوا، وأحاط بهم المسلمون من كل ناحية فارتفعوا إلى تل بناحية حطين لينصبوا خيامهم به فلم يتمكنوا إلا من خيمة الملك فقط، والسيف يجول فيهم مجاله حتى فني أكثرهم، ولم يبق إلا نحو المائة والخمسين من خلاصة زعمائهم مع ملكهم. والمسلمون يكرون عليهم مرة بعد أخرى حتى ألقوا ما بأيديهم وأسروا الملك وأخاه البرنس أرناط صاحب الكرك وصاحب جبيل، وابن هنفري، ومقدم الفداوية، وجماعة من الفداوية والإستبارية. ولم يصابوا منذ ملكوا هذه البلاد أعوام التسعين والأربعمائة بمثل هذه الوقعة.ثم جلس صلاح الدين في خيمته وأحضر هؤلاء الأسرى فقرّع الملك ووبخه بعد أن أجلسه إلى جانبه وفاء بمنصب الملك، وقام إلى البرنس فتولى قتله بيده حرصاً على الوفاء بنذره بعد أن عرّفه بغدرته، وبجسارته على ما كان يرومه في الحرمين، وحبس الباقين. وأما القمص صاحب طرابلس فنجا كما ذكرناه إلى بلده، ثم مات لأيام قلائل أسفاً. ولما فرغ صلاح الدين من هزيمتهم نهض إلى طبرية فنازلها واستأمنت إليه الملكة بها فأمنها في ولدها وأصحابها ومالها، وخرجت إليه فوفى لها وبعث الملك وأعيان الأسرى إلى دمشق فحبسوا بها. وجمع أسرى الفداوية والإستبارية بعد أن بذل لمن يجده منهم من المقاتلة خمسين ديناراً مصرية لكل واحد وقتلهم أجمعين.قال ابن الأثير: ولقد إجتزت بمكان الواقعة بعد سنة فرأيت عظامهم ماثلة على البعد أجحفتها السيول ومزقتها السباع. ولما فرغ صلاح الدين من طبرية سار عنها إلى عكا فنازلها، واعتصم الإفرنج الذين بها بالأسوار، وشادوا بالاستئمان فأمنهم وخيرهم فاختاروا الرحيل، فحملوا ما أقلته رحالهم ودخلها صلاح الدين غرة جمادى سنة ثلاث وثمانين. وصلوا في جامعها القديم الجمعة يوم دخلوهم، فكانت أوّل جمعة أقيمت بساحل الشام بعد استيلاء الإفرنج عليه. وأقطع صلاح الدين بلد عكا لابنه الأفضل، وجميع ما كان فيه للفداوية من أقطاع وضياع. ووهب للفقيه عيسى الهكاري كثيراً مما عجز الإفرنج عن حمله، وقسم الباقي على أصحابه. ثم قسم الأفضل ما بقي في أصحابه بعد مسير صلاح الدين. ثم أقام صلاح الدين أياماً حتى أصلح أحوالها ورحل عنها، والله تعالى أعلم.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق