2503
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
من صفحة 343- 412
فتح برزية:
ولما فرغ صلاح الدين من قلعة الشغر إلى قلعة برزية قبالة أفامية وتقاسمها في أعمالها. وبينهما بحيرة من ماء العاصي والعيون التي تجري، وكانوا أشدّ شيء في الأذى للمسلمين فنازلها في الرابع والعشرين من جمادى الأخيرة، وهي متعذرة المصعد من الشمال والجنوب، وصعبته من الشرق وبجهة الغرب مسلك إليها فنزل هنالك صلاح الدين، ونصب المجانيق فلم تصل حجارتها لبعد القلعة وعلّوها فرجع إلى المزاحفة، وقسم عساكره على أمرائها، وجعل القتال بينهم نوباً فقاتلهم أوّلا عماد الدين زنكي بن مودود صاحب سنجار، وأصعدهم إلى قلعتهم حتى صعب المرتقى على المسلمين، وبلغوا مواقع سهامهم وحجارتهم من الحصن وكانوا
يدحرجون الحجارة على المقاتلة فلا يقوم لها شيء. فلما تعب أهل هذه النوبة عادوا وصعد خاصة صلاح الدين فقاتلوا قتالاً شديداً، وصلاح الدين وتقي الدين ابن أخيه يحرضانهم حتى أعيوا وهموا بالرجوع، فصاح فيهم صلاح الدين وفي أهل النوبة الثانية فتلاحقوا بهم، وجاء أهل نوبة عماد الدين على أثرهم وحمي الوطيس وردّوا الإفرنج على أعقابهم إلى حصنهم فدخلوه ودخل المسلمون معه.وكان بقية المسلمين في الخيام شرقي الحصن، وقد أهمله الإفرنج فعمد أهل الخيام من تلك الناحية، واجتمعوا مع المسلمين في أعقاب الإفرنج عند الحصن فملكوه عنوة وجاء الإفرنج إلى قبة الحصن ومعهم جماعة من أسارى المسلمين في القيود. فلما سمعوا تكبير إخوانهم خارج القبة كبروا فدهش الإفرنج، وظنوا أن المسلمين خالطوهم فألقوا باليد، وأسرهم المسلمون واستباحوهم وأحرقوا البلد، وأسروا صاحبها وأهله وولده، وافترقوا في أسراهم فجمعهم صلاح الدين حتى إذا قارب أنْطاكِية بعثهم إليها، لأن زوجة صاحب أنْطاكِية كانت تراسل صلاح الدين بالأخبار وتهاديه فرعى لها ذلك، والله تعالى ولي التوفيق.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق