2453
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
صفحة 179 حتى صفحة 342
الخطبة العباسية بمصر
إقامة الخطبة العباسية بمصر
ثم كتب نور الدين بإقامة الخطبة للمستضيء العباسي وترك الخطبة للعاضد بمصر فاعتذر عن ذلك بميل أهل مصر للعلويين، وفي باطن الأمر خشي من نور الدين فلم يقبل نور الدين عذره في ذلك، ولم تسعه مخالفته، وأحجم عن القيام بذلك. ورد على صلاح الدين شخص من علماء الأعاجم يعرف بالخبشاني ويلقب بالأمير العالم فلما رآهم محجمين عن ذلك صعد المنبر يوم الجمعة قبل الخطيب ودعا للمستضيء ، فلما كانت الجمعة القابلة أمر صلاح الدين الخطباء بمصر والقاهرة بقطع خطبة العاضد والخطبة للمستضيء، فتراسلوا بذلك ثاني جمعة من المحرم سنة سبع وستين وخمسمائة.وكان المستضيء قد ولي الخلافة بعد أبيه المستنجد في ربيع من السنة قبلها. ولما خطب له بمصر كان العاضد مريضاً فلم يشعروه بذلك. وتوفي يوم عاشوراء من السنة. ولما خطب له على منابر مصر جلس صلاح الدين للعزاء، واستولى على قصره ووكل به بهاء الدين قراقوش، وكان فيه من الذخائر ما يعز وجوده مثل حبل الياقوت الذي وزن كل حصاة منه سبعة عشر مثقالاً، ومصاف الزمرد الذي طوله أربعة أصابع طولا
في عرض، ومثل طبل القولنج الذي يضربه ضاربه فيعافى بذلك من داء القولنج، وكسروه لما وجدوا ذلك منه فلما ذكرت لهم منفعته ندموا عليه، ووجدوا من الكتب النفيسة ما لا يعد. ونقل أهل العاضد إلى بعض حجر القصر ووكل بهم، وإخرج الأماء والعبيد وقسمهم بين البيع والهبة والعتق. وكان العاضد لما اشتد مرضه استدعاه فلم يجب داعيه، وظنها خديعة فلما توفي ندم، وكان يصفه بالكرم ولين الجانب وغلبة الخير على طبعه والإنقياد. ولما وصل الخبر إلى بغداد بالخطبة للمستضيء ضربت البشائر وزينت بغداد أياماً وبعثت الخلع لنور الدين وصلاح الدين مع صندل الخادم من خواص المقتفي، فوصل إلى نور الدين وبعث بخلعة صلاح الدين وخلع الخطباء بمصر والأعلام السود، والله تعالى أعلم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق