إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 29 يونيو 2016

250 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر ولاية يوسف بن تاشفين



250

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس 

ذكر ولاية يوسف بن تاشفين 

لما ملك أبو بكر بن عمر سجلماسة استعمل عليها يوسف بن تاشفين اللمتموني وهو من بني عمه الأقربين ورجع إلى الصحراء فأحسن يوسف السيرة في الرعية ولم يأخذ منهم سوى الزكاة فأقام بالصحراء مدة ثم عاد أبو بكر بن عمر إلى سجلماسة فأقام بها سنة والخطبة والأمر والنهي له واستخلف عليها ابن أخيه أبا بكر بن إبراهيم بن عمر وجهز مع يوسف ابن تاشفين جيشًا من المرابطين إلى السوس ففتح على يديه‏.‏ 

وكان يوسف رجل دينًا خيرًا حازمًا داهية مجربًا وبقوا كذلك إلى سنة اثنتين وستين وأربعمائة وتوفي أبو بكر بن عمر بالصحراء فاجتمعت طوائف المرابطين على يوسف بن تاشفين وملكوه عليهم ولقبوه أمير المسلمين وكانت الدولة في بلاد المغرب لزناتة الذين ثاروا في أيام الفتن وهي دولة ردية مذمومة سيئة السيرة لا سياسة ولاديانة وكان أمير المسلمين 

وطائفته على نهج السنة واتباع الشريعة فاستغاث به أهل المغرب فسار إليها وافتتحها حصنًا حصنًا وبلدًا بلدًا بأيسر سعي فأحبه الرعايا وصلحت أحوالهم‏.‏ 

ثم إنه قصد موضع مدينة مراكش وهو قاع صفصف لا عمارة فيه وهو موضع متوسط في بلاد المغرب كالقيراون في أفريقية ومراكش تحت جبال المصامدة الذين هم أشد أهل المغرب قوة وأمنعهم معقلًا فاختط هناك مدينة مراكش ليقوى على قمع أهل تلك الجبال إن هموا بفتنة واتخذها مقرًا فلم يتحرك أحد بفتنة وملك البلاد المتصلة بالمجاز مثل سبتة وطنجة وسلا وغيرها وكثرت عساكره‏.‏ 

وخرجت جماعة قبيلة لمتونة وغيرهم وضيقوا حينئذ لثامهم وكانوا قبل أن يملكوا يتلثمون في الصحراء من الحر والبرد كما يفعل العرب والغالب على ألوانهم السمرة فلما ملكوا البلاد ضيقوا اللثام‏.‏ 

وقيل كان سبب اللثام لهم أن طائفة من لمتونة خرجوا مغيرين على عدو لهم فخالفهم العدو إلى بيوتهم ولم يكن بها إلا المشايخ والصبيان والنساء فلما تحقق المشايخ أنه العدو أمروا النساء أن يلبسن ثياب الرجال ويتلثمن ويضيقنه حتى لا يعرفن ويلبسن السلاح‏.‏ 

ففعلن ذلك وتقدم المشايخ والصبيان أمامهن واستدار النساء بالبيوت فلما أشرف العدو رأى جمعًا عظيمًا فظنه رجالًا فقال‏:‏ هؤلاء عند حرمهم يقاتلون عنهن قتال الموت والرأي أن نسوق النعم ونمضي فإن اتبعونا قاتلناهم خارجًا عن حريمهم‏.‏ 

فبينما هم في جميع النعم من المراعي إذ قد أقبل رجال الحي فبقي العدو بينهم وبين النساء فقتلوا من العدو فأكثروا وكان من قتل النساء أكثر فمن ذلك الوقت جعلوا اللثام سنة يلازمونه فلا يعرف الشيخ من الشاب فلا يزيلونه ليلًا ولا نهارًا ومما قي في اللثام‏:‏ قوم لهم درك العلى في حمير وإن انتموا صنهاجةً بهم هم لما حووا إحراز كل فضيلة غلب الحياء عليهم فتلثموا 


 يتبع 

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





249 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر ابتداء دولة الملثمين


249


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر ابتداء دولة الملثمين

في هذه السنة كان ابتداء أمر الملثمين وهم عدة قبائل ينسبون إلى حمير أشهرها‏:‏ لمتونة ومنها أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين وجدالة ولمطة‏.‏

وكان أول مسيرهم من اليمن أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه فسيرهم إلى الشام وانتقلوا إلى مصر ودخلوا المغرب مع موسى بن نصير وتوجهوا مع طارق إلى طنجة فأحبوا الانفراد فلما كان هذه السنة توجه رجل منهم اسمه الجوهر من قبيلة جدالة إلى إفريقية طالبًا للحج وكان محبًا للدين وأهله فمر بفقيه بالقيراون وعنده جماعة يتفقهون قيل‏:‏ هو أبو عمران الفاسي في غالب الظن فأصغى الجوهر إليه وأعجبه حالهم‏.‏

فلما انصرف من الحج قال للفقيه‏:‏ ما عندنا في الصحراء من هذا شيء غير الشهادتين والصلاة في بعض الخاصة فابعث معي من يعلمهم شرائع الإسلام‏!‏ فأرسل معه رجلًا اسمه عبد الله بن ياسين الكزولي وكان فقيهًا صالحًا شهمًا فسار معه حتى أتيا قبيلة لمتونة فنزل الجوهر عن جمله وأخذ بزمام جمل عبد الله بن ياسين تعظيمًا لشريعة الإسلام فأقبلوا إلى الجوهر يهنئونه بالسلامة وسألوه عن الفقيه فقال‏:‏ هذا حامل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء يعلمكم ما يلزم في دين الإسلام‏.‏

فرحبوا بهما وأنزلوهما وقالوا‏:‏ تذكر لنا شريعة الإسلام فعرفهم عقائد الإسلام وفرائضه فقالوا‏:‏ أما ما ذكرت من الصلاة والزكاة فهو قريب وأما قولك من قتل يقتل ومن سرق يقطع ومن زنى يجلد أو يرجم فأمر لا نلتزمه اذهب إلى غيرنا‏.‏

فرحلا عنهم فنظر إليهما شيخ كبير فقال‏:‏ لا بد وأن يكون لهذا الجمل في هذه الصحراء شأن يذكر في العالم‏.‏

فانتهى الجوهر والفقيه إلى جدالة قبيل الجوهر فدعاهم عبد الله بن ياسين ثم إن المخالفين لهم تحيزوا وتجمعوا فقال ابن ياسين للذين أطاعوا‏:‏ قد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤلاء الذين خالفوا الحق وأنكروا شرائع الإسلام واستعدوا لقتالكم فأقيموا لكم راية وقدموا عليكم أميرًا‏.‏

فقال الجوهر‏:‏ أنت الأمير‏!‏ فقال‏:‏ لا إنما أنا حامل أمانة الشريعة ولكن أنت الأمير‏.‏

فقال الجوهر‏:‏ لو فعلت هذا تسلط قبيلي على الناس ويكون وزر ذلك علي‏.‏

فقال له ابن ياسين‏:‏ الرأي أن نولي ذلك أبا بكر بن عمر رأس لمتونة وكبيرها وهو رجل سيد مكشور الطريقة مطاع في قومه فهو يستجيب لنا لحب الرئاسة وتبعه قبيلته فنتقوى بهم‏.‏

فأتيا أبا بكر بن عمر وعرضا ذلك عليه فأجاب فعقدوا له البيعة وسماه ابن ياسين أمير المسلمين وعادوا إلى جدالة وجمعوا إليهم من حسن إسلامه وحرضهم عبد الله بن ياسين على الجهاد في سبيل الله وسماهم مرابطين وتجمع عليهم من خالفهم فلم يقاتلهم المرابطون بل استعان ابن ياسين وأبو بكر بن عمر على أولئك الأشرار بالمصلحين من قبائلهم فاستمالوهم وقربوهم حتى حصلوا منهم نحو ألفي رجل من أهل البغي والفساد فتركوهم في مكان وخندقوا عليهم وحفظوهم ثم أخرجوهم قومًا بعد قوم فقتلوهم فحينئذ دانت لهم أكثر قبائل الصحراء وهابوهم فقويت شوكة المرابطين‏.‏

هذا وعبد الله مشتغل بالعلم وقد صار عنده جماعة من يتفقهون ولما استبد بالأمر هو وأبو بكر بن عمر عن الجوهر الجدالي وبقي لا حكم له تداخله الحسد وشرع سرًا في فساد الأمر فعلم بذلك منه وعقد له مجلس وثبت عليه ما نقل عنه فحكم عليه بالقتل لأنه نكث البيعة وشق العصا وأارد محاربة أهل الحق فقتل بعد أن صلى ركعتين وأظهر السرور بالقتل طلبًا للقاء الله تعالى‏.‏

فاجتمعت القبائل على طاعتهم ومن خالفهم قتلوه‏.‏

فلما كان سنة خمسين وأربعمائة قحطت بلادهم فأمر ابن ياسين ضعفاءهم بالخروج إلى السوس وأخذ الزكاة فخرج منهم نحو تسعمائة رجل فقدموا سجلماسة وطلبوا الزكاة فجمعوا لهم شيئًا له قدر وعادوا‏.‏

ثم إن الصحراء ضاقت عليهم وأرادوا إظهار كلمة الحق والعبور إلى الأندلس ليجاهدوا الكفار فخرجوا إلى السوس الأقصى فجمع لهم أهل السوس وقاتلوهم فانهزم المرابطون وقتل عبد الله بن ياسين الفقيه فعاد أبو بكر بن عمر فجمع جيشًا وخرج إلى السوس في ألفي راكب فاجتمع من بلاد السوس وزناتة اثنا عشر ألف فارس فأرسل إليهم وقال‏:‏ افتحوا لنا الطريق لنجوز إلى الأندلس ونجاهد أعداء الإسلام فأبوا ذلك فصلى أبو بكر ودعا الله تعالى وقال‏:‏ اللهم إن كنا على الحق فانصرنا وإلا فأرحنا من هذه الدنيا‏.‏

ثم قاتلهم وصدق هو وأصحابه القتال فنصرهم الله تعالى وهزم أهل السوس ومن معهم وأكثر القتل فيهم وغنم المرابطون أموالهم وأسلابهم وقويت نفسه ونفوس أصحابه وساروا إلى سجلماسة فنزلوا عليها وطلبوا من أهلها الزكاة فامتنعوا عليهم وسار إليهم صاحب سجلماسة فقاتلهم فهزموه وقتلوه ودخلوا سجلماسة واستولوا عليها وكان ذلك سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



248 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر الحرب بين عبيد المعز بن باديس وعبيد ابنه تميم


248

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر الحرب بين عبيد المعز بن باديس وعبيد ابنه تميم

في هذه السنة وقعت الحرب بين عبيد المعز المقيمين بالمهدية وعبيد ابنه تميم بسبب منازعة أدت إلى المقاتلة فقامت عامة زويلة وسائر من بها من رجال الأسطول مع عبيد تميم فأخرجوا عبيد المعز وقتل منهم كثير ومضى الباقون منهم يريدون المسير إلى القيروان فوضع عليهم تميم العرب فقتلوا منهم جمعًا غفيرًا وهذه النوبة هي سبب قتل تميم من قتل من عبيد أبيه لما ملك‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

247 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر نكاح الخليفة ابنة داود أخي طغرلبك



247


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر نكاح الخليفة ابنة داود أخي طغرلبك 

ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وأربعمائة




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

246 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس = ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وأربعمائة



246


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس
 
= ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وأربعمائة

== ذكر نكاح الخليفة ابنة داود أخي طغرلبك
== ذكر الحرب بين عبيد المعز بن باديس وعبيد ابنه تميم
== ذكر ابتداء دولة الملثمين
== ذكر ولاية يوسف بن تاشفين
== ذكر تبييض أبي الغنائم بن المحلبان
== ذكر مسير السلطان طغرلبك إلى الموصل
== ذكر عود نور الدولة دبيس بن مزيد وقريش ابن بدران إلى طاعة طغرلبك
== ذكر قصد السلطان ديار بكر وما فعله بسنجار
== ذكر عدة حوادث 


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

245 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر عدة حوادث


245

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر عدة حوادث
 

في هذه السنة وقعت الفتنة بين الفقهاء الشافعية والحنابلة ببغداد ومقدم الحنابلة أبو علي بن الفراء وابن التميمي وتبعهم من العامة الجم الغفير وأنكروا الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ومنعوا من الترجيع في الأذان والقنوت في الفجر ووصلوا إلى ديوان الخليفة ولم ينفصل حال وأتى الحنابلة إلى مسجد بباب الشعير فنهوا إمامه عن الجهر بالبسملة فأخرج مصحفًا وقال‏:‏ وفيها كان بمكة غلاء شديد وبلغ الخبز عشرة أرطال بدينار مغربي ثم تعذر وجوده فأشرف الناس والحجاج على الهلاك فأرسل الله تعالى عليهم من الجراد ما ملأ الأرض فتعوض الناس به ثم عاد الحاج فسهل الأمر على أهل مكة وكان سبب هذا الغلاء عدم زيادة النيل بمصر عن العادة فلم يحمل منها الطعام إلى مكة‏.‏

وفيها ظهر باليمن إنسان يعرف بأبي كامل علي بن محمد الصليحي واستولى على اليمن وكان معلمًا فجمع إلى نفسه جمعًا وانتمى إلى صاحب مصر وتظاهر بطاعته فكثر جمعه وتبعه واستولى على البلاد وقوي على ابن سادل وابن الكريدي المقيمين بها على طاعة القائم بأمر الله وكان يتظاهر بمذهب الباطنية‏.‏

وفيها خطب محمود الخفاجي للمستنصر العلوي صاحب مصر بشفاثا والعين وصار في طاعته‏.‏

وفيها في شوال توفي قاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا ومولده سنة ثمان وستين وثلاثمائة وبقي في القضاء سبعًا وعشرين سنة وكان شافعيًا ورعًا نزهًا أمينًا وولي بعده أبو عبد الله محمد بن علي بن الدامغاني الحنفي‏.‏

وفيها في ذي القعدة توفي ذخيرة الدين أبو العباس محمد ابن أمير المؤمنين ومولده في جمادى وفيها قبض الملك الرحيم قبل وصول طغرلبك إلى بغداد على الوزير أبي عبد الله عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الرحيم وطرح في بئر في دار المملكة وطم عليه وكان وزيرًا متحكمًا في دولته‏.‏

وفيها في المحرم توفي القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي ومولده بالبصرة سنة خمس وستين وثلاثمائة وخلف ولدًا صغيرًا وهو أبو الحسن محمد بن علي ثم توفي في شوال سنة أربع وتسعين وأربعمائة وانقرض بيته بموته قال القاضي أبو عبد الله بن الدامغاني‏:‏ دخلت على أبي القاسم قبل موته بقليل فأخرج إلي ولده هذا من جاريته وبكى فقلت‏:‏ تعيش إن شاء الله وتربيه فقال‏:‏ هيهات‏!‏ والله ما يتربى إلا يتيمًا وأنشد‏:‏ أرى ولد الفنى كلًا عليه لقد سعد الذي أمسى عقيما فإما أن تربيه عدوًا وإما أن تخلفه يتيما فتربى يتيمًا كما قال‏.‏

وفي جمادى الأولى توفي أبو محمد الحسن بن رجاء الدهان اللغوي‏.‏

وفي جمادى الآخرة فيها توفي أبو القاسم منصور بن حمزة بن إبراهيم الكرخي من كرخ جدان الفقيه الشافعي‏.‏

وفي رجب توفي أبو نصر أحمد بن محمد الثابتي الفقيه الشافعي وهما من شيوخ أصحاب أبي حامد الأسفراييني‏.‏

وفي شعبان توفي أبو البركات حسين بن علي بن عيسى الربعي النحوي وكان ينوب عن الوزراء ببغداد‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



244 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر وثوب العامة ببغداد بعسكر طغرلبك وقبض الملك الرحيم


244

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر وثوب العامة ببغداد بعسكر طغرلبك وقبض الملك الرحيم

لما وصل السلطان طغرلبك بغداد دخل عسكره البلد للامتيار وشراء ما يريدونه من أهلها وأحسنوا معاملتهم فلما كان الغد وهو يوم الثلاثاء جاء بعض العسكر إلى باب الأزج وأخذ واحدًا من أهله ليطلب منه تبنًا وهو لا يفهم ما يريدون فاستغاث عليهم وصاح العامة بهم ورجموهم وهاجموا عليهم‏.‏

وسمع الناس الصياح فظنوا أن الملك الرحيم وعسكره قد عزموا على قتال طغرلبك فارتج البلد من أقطاره وأقبلوا من كل حدب ينسلون يقتلون من الغز من وجد في محال بغداد إلا أهل الكرخ فإنهم لم يتعرضوا إلى الغز بل جمعوهم وحفظوهم‏.‏

وبلغ السلطان طغرلبك ما فعله أهل الكرخ من حماية أصحابه فأمر بإحسان معاملتهم‏.‏

فأرسل عميد الملك الوزير إلى عدنان بن الرضي نقيب العلويين يأمره بالحضور فحضر فشكره عن السلطان وترك عنده خيلًا بأمر السلطان تحرسه وتحرس المحلة‏.‏

وأما عامة بغداد فلم يقنعوا بما عملوا حتى خرجوا ومعهم جماعة من العسكر إلى ظاهر بغداد يقصدون العسكر السلطاني فلو تبعهم الملك الرحيم وعسكره لبلغوا ما أرادوا لكن تخلفوا ودخل أعيان أصحابه إلى دار الخلافة وأقاموا بها نفيًا للتهمة عن أنفسهم ظنًا منهم أن ذلك ينفعهم‏.‏

وأما عسكر طغرلبك فلما رأوا فعل العامة وظهورهم من البلد قاتلوهم فقتل بين الفريقين جمع كثير وانهزمت العامة وجرح فيهم وأسر كثير ونهب الغز درب يحيى ودرب سليم وبه دور رئيس الرؤساء ودور أهله فنهب الجميع ونهب الرصافة وترب الخلفاء وأخذ منها من الأموال ما لا يحصى لأن أهل تلك الأصقاع نقلوا إليها أموالهم اعتقادًا منهم أنها محترمة‏.‏

ووصل النهب إلى أطراف نهر المعلى واشتد البلاء على الناس وعظم الخوف ونقل الناس أموالهم إلى باب النوبي وباب العامة وجامع القصر فتعطلت الجمعات لكثرة الزحمة‏.‏

وأرسل طغرلبك من الغد إلى الخليفة يعتب وينسب ما جرى إلى الملك الرحيم وأجناده ويقول‏:‏ إن حضروا برئت ساحتهم وإن تأخروا عن الحضور أيقنت أن ما جرى إنما كان بوضع منهم‏.‏

وأرسل للملك الرحيم وأعيان أصحابه أمانًا لهم فتقدم إليهم الخليفة بقصده فركبوا إليه وأرسل الخليفة معهم رسولًا يبرئهم مما خامر خاطر السلطان فلما وصلوا إلى خيامه نهبهم الغز ولما دخل الملك الرحيم إلى خيمة السلطان أمر بالقبض عليه وعلى من معه فقبضوا كلهم آخر شهر رمضان وحبسوا ثم حمل الرحيم إلى قلعو السيروان وكانت ولاية الملك الرحيم على بغداد ست سنين وعشرة أيام ونهب أيضًا قريش بن بدران صاحب الموصل ومن معه من العرب ونجا مسلوبًا فاحتمى بخيمة بدر بن المهلهل فألقوا عليه الزلالي حتى أخفوه بها عن الغز‏.‏

ثم علم السلطان ذلك فأرسل إليه وخلع عليه وأمره بالعود إلى أصحابه وحلله تسكينًا له‏.‏

وأرسل الخليفة إلى السلطان ينكر ما جرى من قبض الرحيم وأصحابه ونهب بغداد ويقول‏:‏ إنهم إنما خرجوا إليك بأمري وأماني فإن أطلقتهم وإلا فأنا أفارق بغداد فإني إنما اخترتك واستدعيتك اعتقادًا مني أن تعظيم الأوامر الشريفة يزداد وحرمه الحريم تعظم وأرى الأمر بالضد‏.‏

فأطلق بعضهم وأخذ جميع إقطاعات عسكر الرحيم وأمرهم بالسعي في أرزاق يحصلونها لأنفسهم‏.‏

فتوجه كثير منهم إلى البساسيري ولزموه فكثر جمعه ونفق سوقه‏.‏

وأمر طغرلبك بأخذ أموال الأتراك البغداديين وأرسل إلى نور الدولة دبيس يأمره بإبعاد البساسيري عنه ففعل فسار إلى رحبة مالك الشام على ما نذكره وكاتب المستنصر صاحب مصر بالدخول في طاعته‏.‏

وخطب نور الدولة طغرلبك في بلاده وانتشر الغزالسلجوقية في سواد بغداد فنهبوا من الجانب الغربي من تكريت إلى النيل ومن الشرقي إلى النهروان وأسافل الأعمال وأسرفوا في النهب حتى بلغ ثمن الثور ببغداد خمسة قراريط إلى عشرة والحمار بقيراطين إلى خمسة وخرب السواد وأجلى أهله عنه‏.‏

وضمن السلطان طغرلبك البصرة والأهواز من هزارسب بن بنكير بن عياض بثلاثمائة ألف وستين ألف دينار وأقطعه أرجان وأمره أن يخطب لنفسه بالأهواز دون الأعمال التي ضمنها وأقطع الأمير أبا علي بن أبي كاليجار الملك قرميسين وأعمالها وأمر أهل الكرخ أن يؤذنوا في مساجدهم سحرًا‏:‏ الصلاة خير من النوم وأمر بعمارة دار المملكة فعمرت وزيد فيها وانتقل إليها في شوال‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




243 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر وصول طغرلبك إلى بغداد والخطبة له بها


243

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر وصول طغرلبك إلى بغداد والخطبة له بها

قد ذكرنا قبل مسير طغرلبك إلى الري بعد عوده من غزو الروم للنظر في ذلك الطرف فلما فرغ من الري عاد إلى همذان في المحرم من هذه السنة وأظهر أنه يريد الحج وإصلاح طريق مكة والمسير إلى الشام ومصر وإزالة المستنصر العلوي صاحبها‏.‏

وكاتب أصحابه بالدينور وقرميسين وحلوان وغيرها فأمرهم بإعداد الأقوات والعلوفات‏.‏

فعظم الإرجاف ببغداد وفت في أعضاد الناس وشغب الأتراك ببغداد وقصدوا ديوان الخلافة‏.‏

ووصل السلطان طغرلبك إلى حلوان وانتشر أصحابه في طريق خراسان فأجفل الناس إلى غربي بغداد وأخرج الأتراك خيامهم إلى ظاهر بغداد‏.‏

وسمع الملك الرحيم بقرب طغرلبك من بغداد فأصعد من واسط إليها وفارقه البساسيري في الطريق لمراسلة وردت من القائم في معناه إلى الملك الرحيم أن البساسيري خلع الطاعة وكاتب الأعداء يعني المصريين وأن الخليفة له على الملك عهود وله على الخليفة مثلها فإن آثره فقد قطع ما بينهما وإن أبعده وأصعد إلى بغداد تولى الديوان تدبير أمره فقال الملك الرحيم ومن معه‏:‏ نحن لأوامر الديوان متبعون وعنه منفصلون‏.‏

وكان سبب ذلك ما ذكر‏.‏

وسار البساسيري إلى بلد نور الدولة دبيس بن مزيد المصاهرة بينهما وأصعد الملك الرحيم إلى بغداد‏.‏

وأرسل طغرلبك رسولًا إلى الخليفة يبالغ في إظهار الطاعة والعبودية وإلى الأتراك البغداديين يعدهم الجميل والإحسان‏.‏

فأنكر الأتراك ذلك وراسلوا الخليفة في المعنى وقالوا‏:‏ إننا فعلنا بالبساسيري ما فعلناه وهو كبيرنا ومقدمنا بتقدم أمير المؤمنين ووعدنا أمير المؤمنين بإبعاد هذا الخصم عنا ونراه قد قرب منا ولم يمنع من المجيء‏.‏

وسألوا التقدم عليه في العود فغولطوا في الجواب وكان رئيس الرؤساء يؤثر مجيئه ويختار انقراض الدولة الديلمية‏.‏

ثم إن الملك الرحيم وصل بغداد منتصف رمضان وأرسل إلى الخليفة يظهر العبودية وأنه قد سلم أمره إليه ليفعل ما تقتضيه العواطف معه في تقرير القواعد مع السلطان طغرلبك وكذلك قال من مع الرحيم من الأمراء فأجيبوا بأن المصلحة أن يدخل الأجناد خيامهم من ظاهر بغداد وينصبوها بالحريم ويرسلوا رسولًا إلى طغرلبك يبذلون له الطاعة والخطبة فأجابوا إلى ذلك وفعلوه وأرسلوا رسلًا إليه فأجابهم إلى ما طلبوا ووعدهم الإحسان إليهم‏.‏

وتقدم الخليفة إلى الخطباء بالخطبة لطغرلبك بجوامع بغداد فخطب له يوم الجمعة لثمان بقين من رمضان من السنة وأرسل طغرلبك يستأذن الخليفة في دخول بغداد فأذن له فوصل إلى النهروان وخرج الوزير رئيس الرؤساء إلى لقائه في موكب عظيم من القضاة والنقباء والأشراف والشهود والخدم وأعيان الدولة وصحبه أعيان الأمراء من عسكر الرحيم‏.‏

فلما علم طغرلبك بهم أرسل إلى طريقهم الأمراء ووزيره أبا نصر الكندري فلما وصل رئيس الرؤساء إلى السلطان أبلغه رسالة الخليفة واستخلفه للخليفة وللملك الرحيم وأمراء الأجناد وسار طغرلبك ودخل بغداد يوم الاثنين لخمس بقين من الشهر ونزل بباب الشماسية ووصل إليه


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



242 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر قتل أبي حرب بن مروان صاحب الجزيرة



242


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر قتل أبي حرب بن مروان صاحب الجزيرة
 

في هذه السنة قتل الأمير أبو حرب سليمان بن نصر الدولة بن مروان وكان والده قد سلم إليه الجزيرة وتلك النواحي ليقيم بها ويحفظها وكان شجاعًا مقدامًا فاستبد بالأمر واستولى عليه فجرى بينه وبين الأمير موسك ابن المجلى ابن زعيم الأكراد البختية وله حصون منيعة شرقي الجزيرة نفرة‏.‏

ثم راسله أبو حرب واستماله وسعى أن يزوجه ابنه الأمير أبي طاهر البشنوي صاحب قلعة فنك وغيرها من الحصون وكان أبو طاهر هذا ابن أخت نصر الدولة بن مروان فلم يخالف أبو طاهر صاحب فنك أبا حرب في الذي أشار به من تزويج الأمير موسك فزوجه ابنته ونقلها إليه فاطمأن حينئذ موسك وسار إلى سليمان فغدر به وقبض عليه وحبسه‏.‏

ووصل السلطان طغرلبك إلى تلك الأعمال لما توجه إلى غزو الروم على ما ذكرناه فأرسل إلى نصر الدولة يشفع في موسك فأظهر أنه توفي فشق ذلك علي حميه أبي طاهر البشنوي وأرسل إلى نصر الدولة وابنه سليمان فقال لهما‏:‏ حيث أردتما قتله فلم جعلتما ابنتي طريقًا إلى ذلك وقلدتموني العار وتنكر لهما وخافه أبو حرب فوضع عليه من سقاه سمًا فقتله‏.‏

وولي بعده ابنه عبيد الله فأظهر له أبو حرب المودة استصلاحًا له وتبرؤًا إليه من كل ما قيل عنه واستقر الأمر بينهما على الاجتماع وتجديد الأيمان فنزلوا من فنك وخرج إليهم أبو حرب من الجزيرة في نفر قليل فقتلوه‏.‏

وعرف والده ذلك فأقلقه وأزعجه وأرسل ابنه نصرًا إلى الجزيرة ليحفظ تلك النواحي ويأخذ بثأر أخيه وسير معه جيشًا كثيفًا‏.‏

وكان الأمير قريش بن بدران صاحب الموصل لما سمع قتل أبي حرب انتهز الفرصة وسار إلى الجزيرة ليملكها وكاتب البختية والبشنوية واستمالهم فنزلوا إليه واجتمعوا معه على قتال نصر بن مروان فالتقوا واقتتلوا قتالًا شديدًا كثر فيه القتلى وصبر الفريقان فكانت الغلبة أخيرًا لابن مروان وجرح قريش جراحة قوية بزوبين رمي به وعاد عنه وثبت أمر ابن مروان بالجزيرة وعاود مراسلة البشنوية والبختية واستمالهم لعله يجد فيهم طمعًا فلم يطيعوه‏.‏

والقبض عليه ونهب دوره وأملاكه وتأكد الوحشة بينه وبين رئيس الرؤساء

في هذه السنة ثارت فتنة ببغداد بالجانب الشرقي بين العامة وثار جماعة من أهل السنة وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحضروا الديوان وطلبوا أن يؤذن لهم في ذلك وأن يتقدم إلى أصحاب الديوان بمساعدتهم فأجيبوا إلى ذلك وحدث من ذلك شر كثير‏.‏

ثم إن أبا سعد النصراني صاحب البساسيري حمل في سفينة ستمائة جرة خمرًا ليحدرها إلى البساسيري بواسط في ربيع الآخر فحضر ابن سكرة الهاشمي وغيره من الأعيان في هذا الباب وتبعهم خلق كثير وحاجب باب المراتب من قبل الديوان وقصدوا السفينة وكسروا جرار الخمر وأراقوها‏.‏

وبلغ ذلك البساسيري فعظم عليه ونسبه إلى رئيس الرؤساء وتجددت الوحشة فكتب فتاوى أخذ فيها خطوط الفقهاء الحنفية بأن الذي فعل من كسر الجرار وإراقة الخمر تعد غير واجب وهي ملك رجل نصراني لا يجوز وتردد القول في هذا المعنى فتأكدت الوحشة من الجانبين ووضع رئيس الرؤساء الأتراك البغداديين على ثبل البساسيري والذم له ونسب كل ما يجري عليهم من نقض إليه فطمعوا فيه وسلكوا في هذا المعنى زيادة على ما أراد رئيس الرؤساء وتمادت الأيام إلى رمضان فحضروا دار الخليفة واستأذنوا في قصد دور البساسيري ونهبها فأذن لهم في ذلك فقصدوها ونهبوها وأحرقوها ونكلوا بنسائه وأهله ونوابه ونهبوا دوابه وجميع ما يملكه ببغداد‏.‏

وأطلق رئيس الرؤساء لسانه في البساسيري وذمه ونسبه إلى مكاتبة المستنصر صاحب مصر وأفسد الحال مع الخليفة إلى حد لا يرجى صلاحه وأرسل إلى الملك الرحيم يأمره بإبعاد البساسيري فأبعده وكانت هذه الحالة من أعظم الأسباب في ملك السلطان طغرلبك العراق وقبض الملك الرحيم وسيرد من ذلك ما تراه إن شاء الله تعالى‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



241 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر استيلاء الملك الرحيم على شيراز وقطع خطبة طغرلبك فيها


241

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر استيلاء الملك الرحيم على شيراز وقطع خطبة طغرلبك فيها

في هذه السنة في المحرم سار قائد كبير من الديلم يسمى فولاذ وهو صاحب قلعة إصطخر إلى شيراز فدخلها وأخرج عنها الأمير أبا منصور فولاستون ابن الملك أبي كاليجار فقصد فيروزاباذ وأقام بها‏.‏

وقطع فولاذ خطبة السلطان طغرلبك في شيراز وخطب للملك الرحيم ولأخيه أبي سعد وكاتبهما يظهر لهما الطاعة فعلما أنه يخدعهما بذلك فسار إليه أبو سعد وكان بأرجان ومعه عساكر كثيرة واجتمع هو وأخوه الأمير أبو منصور على قصد شيراز ومحاصرتها على قاعدة استقرت بينهما في طاعة أخيهما الملك الرحيم فتوجها نحوها فيمن معهما من العساكر وحصرا فولاذ فيها‏.‏

وطال الحصار إلى أن عدم القوت فيها وبلغ السعر سبعة أرطال حنطة بدينار ومات أهلها جوعًا وكان من بقي فيها نحو ألف إنسان وتعذر المقام في البلد على فولاذ فخرج هاربًا مع من في صحبته من الديلم إلى نواحي البيضاء وقلعة إصطخر ودخل الأمير أبو سعد والأمير أبو منصور شيراز وعساكرهما وملكوها وأقاموا بها‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




240 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس = ثم دخلت سنة سبع وأربعين وأربعمائة



240


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

= ثم دخلت سنة سبع وأربعين وأربعمائة

== ذكر استيلاء الملك الرحيم على شيراز وقطع خطبة طغرلبك فيها
== ذكر قتل أبي حرب بن مروان صاحب الجزيرة
== ذكر وصول طغرلبك إلى بغداد والخطبة له بها
== ذكر وثوب العامة ببغداد بعسكر طغرلبك وقبض الملك الرحيم
== ذكر عدة حوادث



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

239 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر عدة حوادث



239


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة كثرت الصراصر ببغداد حتى كان يسمع لها بالليل دوي كدوي الجراد إذا طار‏.‏

وفيها في ذي الحجة توفي أبو حسان المقلد بن بدران أخو قريش ابن بدران صاحب الموصل‏.‏

وفيها في شوال توفي قسطنطين ملك الروم زوج تذورة بنت قسطنطين الموسومة بالملك وإنما ملك قسطنطين هذا حيث تزوجها‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله الأصبهاني المعروف بابن اللبان الفقيه الشافعي وهو من أصحاب أبي حامد الأسفراييني وروى الحديث عن ابن المقري والمخلص وغيرهما‏.‏

وتوفي فيها أحمد بن عمر بن روح أبو الحسن النهرواني وله شعر جيد فمنه أنه سمع رجلًا يتغنى وهو يقول‏:‏ وما طلبوا سوى قتلي فهان علي ما طلبوا فاستوقفه وقال له‏:‏ أضف إليه‏:‏

وبالهجران من عيني طيب النوم قد سلبوا وما طلبوا سوى قتلي فهان علي ما طلبوا



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


238 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر وصول الغز إلى الدسكرة وغيرها



238


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر وصول الغز إلى الدسكرة وغيرها
 

في شوال من هذه السنة وصل إبراهيم بن إسحاق وهو من الأمراء الغزية السلجوقية إلى الدسكرة وكان مقيمًا بحلوان فلما وصل إليها قاتله أهلها ثم ضعفوا وعجزوا وهربوا متفرقين ودخل الغز البلد فنهبوه أقبح نهب وضربوا النساء وأولادهن فاستخرجوا بذلك أموالًا كثيرة وساروا إلى روشنقباذ لفتحها وهي بيد سعدي وأمواله فيها وفي قلعة البردان‏.‏

وكان سعدي قد فارق طاعة السلطان طغرلبك على ما ذكرناه فلم يفتحها وأجلى أهل تلك البلاد وخربت القرى ونهبت أموال أهلها‏.‏

وسار طائفة أخرى من الغز إلى نواحي الأهواز وأعمالها فنهبوها واجتاحوا أهلها وقوي طمع الغز في البلاد وانخذل الديلم ومن معهم من الأتراك وضعفت نفوسهم‏.‏

ثم سير طغرلبك الأمير أبا علي ابن الملك أبي كاليجار الذي كان صاحب البصرة في جيش من الغز إلى خوزستان ليملكها فوصل سابور خواست وكاتب الديلم الذين بالأهواز يدعوهم إلى طاعته ويعدهم الإحسان إن أجابوا والعقوبة إن امتنعوا فمنهم من أطاع ومنهم من خالف فسار إلى الأهواز فملكها واستولى عليها ولم يعرض لأحد في مال ولا غيره فلم يوافقه



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


237 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر ابتداء الوحشة بين البساسيري والخليفة



237


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر ابتداء الوحشة بين البساسيري والخليفة

في شهر رمضان من هذه السنة ابتدأت الوحشة بين الخليفة والبساسيري‏.‏

وسبب ذلك ذلك أن أبا الغنائم وأبا سعد ابني المحلبان صاحبي قريش بن بدران وصلا إلى بغداد سرًا فامتعض البساسيري من ذلك وقال‏:‏ هؤلاء وصاحبهم كبسوا حلل أصحابي ونهبوا وفتحوا البثوق وأسرفوا في إهلاك الناس وأراد أخذهم فلم يمكن منهم فمضى إلى حربي وعاد ولم يقصد دار الخلافة على عادته فنسب ذلك إلى رئيس الرؤساء‏.‏

واجتازت به سفينة لبعض أقارب رئيس الرؤساء فمنعها وطالب بالضريبة التي عليها وأسقط مشاهرات الخليفة من دار الضرب كذلك مشاهرات رئيس الرؤساء وحواشي الدار وأراد هدم دور بني المحلبان فمنع منه فقال‏:‏ ما أشكو إلا من رئيس الرؤساء الذي قد خرب البلاد وأطمع الغز وكاتبهم‏.‏

ودام ذلك إلى ذي الحجة فسار البساسيري إلى الأنبار وأحرق ناحيتي دما والفلوجة وكان أبو الغنائم بن المحلبان بالأنبار قد أتاها من بغداد وورد نور الدولة دبيس إلى البساسيري معاونًا له على حصرها ونصب البساسيري عليها المجانيق فهدم برجًا ورماهم بالنفط فأحرق أشياء كان قد أعدها أهل البلد لقتاله ودخلها قهرًا فأسر مائة نفس من بني خفاجة وأسر أبا الغنائم بن المحلبان فأخذ وقد ألقى نفسه في الفرات ونهب الأنبار وأسر من أهلها خمسمائة رجل وعاد إلى بغداد وبين يديه أبو الغنائم على جمل وعليه قميص أحمر وعلى رأسه برنس وفي رجليه قيد وأراد صلبه وصلب من معه من الأسرى فسأله نور الدولة أن يؤخر ذلك حتى يعود وأتى البساسيري إلى مقابل التاج فقبل الأرض وعاد إلى منزله وترك أبا الغنائم لم


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



236 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر وفاة القائد ابن حماد وما كان من أهله بعده


236

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر وفاة القائد ابن حماد وما كان من أهله بعده 

في هذه السنة في رجب توفي القائد ابن حماد وأوصى إلى ولده محسن وأوصاه بالإحسان

إلى عمومته فلما مات خالف ما أمره به وأراد عزل جميعهم فلما سمع عمه يوسف بن حماد بما عزم عليه خالفه وجمع عظيمًا وبنى قلعة في جبل منيع وسماها الطيارة‏.‏

ثم محسنًا قتل من عموممته أربعة فازداد يوسف نفورًا وكان ابن عمه بلكين بن محمد في بلده أفريون فكتب إليه محسن يستدعيه فسار إليه فلما قرب منه أمر محسن رجالًا من العرب أن يقتلوه فلما خرجوا قال لهم أميرهم خليفة بن مكن‏:‏ إن بلكين لم يزل محسنًا إلينا فكيف نقتله فأعلموه ما أمرهم به محسن فخاف فقال له خليفة‏:‏ لا تخف وإن كنت تريد قتل محسن فأنا أقتله لك‏.‏

فاستعد بلكين لقتاله وسار إليه فلما علم محسن بذلك وكان قد فارق القلعة عاد هاربًا إليها فأدركه بلكين فقتله وملك القلعة وولي الأمر وكان ملكه القلعة سنة سبع وأربعين وأربعمائة‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


235 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر استيلاء قريش على الأنبار والخطبة لطغرلبك بأعماله



235


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر استيلاء قريش على الأنبار والخطبة لطغرلبك بأعماله

في شعبان من هذه السنة حصر الأمير أبو المعالي قريش بن بدران صاحب الموصل مدينة الأنبار وفتحها وخطب لطغرلبك فيها وفي سائر أعماله ونهب ما كان فيها للبساسيري وغيره ونهب حلل أصحابه بالخالص وفتحوا بثوقه وامتعض البساسيري من ذلك وجمع جموعًا كثيرة وقصد الأنبار وحربى فاستعادهما على ما نذكره إن شاء الله تعالى‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


234 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر محاربة بني خفاجة وهزيمتهم ذكر استيلاء طغرلبك على أذربيجان وغزو الروم



234


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر محاربة بني خفاجة وهزيمتهم

ذكر استيلاء طغرلبك على أذربيجان وغزو الروم

في هذه السنة سار طغرلبك إلى أذربيجان فقصد تبريز وصاحبها الأمير أبو منصور وهسوذان بن محمد الروادي فأطاعه وخطب له وحمل إليه ما أرضاه به وأعطاه ولده رهينة فسار طغرلبك عنه إلى الأمير أبي الأسوار صاحب جنزة فأطاعه أيضًا وخطب له وكذلك سائر تلك النواحي أرسلوا إليه يبذلون الطاعة والخطبة‏.‏

وانقادت العساكر إليه فأبقى بلادهم عليهم وأخذ رهائنهم وسار إلى أرمينية وقصد ملازكرد وهي للروم فحصرها وضيق على أهلها ونهب ما جاورها من البلاد وأخربها وهي مدينة حصينة فأرسل إليه نصر الدولة بن مراون صاحب ديار بكر الهدايا الكثيرة والعساكر وقد كان خطب له قبل هذا الوقت وأطاعه وأثر السلطان طغرلبك في غزو الروم وبلغ في غزوته هذه إلى أرزن الروم وعاد إلى أذربيجان لما هجم الشتاء من غير أن يملك ملازكرد وأظهر أنه يقيم إلى أن ينقضي الشتاء ويعود يتم غزاته ثم توجه إلى الري فأقام بها إلى أن دخلت سنة سبع وأربعين وعاد نحو العراق على ما نذكره إن شاء الله تعالى‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


233 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر استيلاء طغرلبك على أذربيجان وغزو الروم


233

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر استيلاء طغرلبك على أذربيجان وغزو الروم

في هذه السنة سار طغرلبك إلى أذربيجان فقصد تبريز وصاحبها الأمير أبو منصور وهسوذان بن محمد الروادي فأطاعه وخطب له وحمل إليه ما أرضاه به وأعطاه ولده رهينة فسار طغرلبك عنه إلى الأمير أبي الأسوار صاحب جنزة فأطاعه أيضًا وخطب له وكذلك سائر تلك النواحي أرسلوا إليه يبذلون الطاعة والخطبة‏.‏

وانقادت العساكر إليه فأبقى بلادهم عليهم وأخذ رهائنهم وسار إلى أرمينية وقصد ملازكرد وهي للروم فحصرها وضيق على أهلها ونهب ما جاورها من البلاد وأخربها وهي مدينة حصينة فأرسل إليه نصر الدولة بن مراون صاحب ديار بكر الهدايا الكثيرة والعساكر وقد كان خطب له قبل هذا الوقت وأطاعه وأثر السلطان طغرلبك في غزو الروم وبلغ في غزوته هذه إلى أرزن الروم وعاد إلى أذربيجان لما هجم الشتاء من غير أن يملك ملازكرد وأظهر أنه يقيم إلى أن ينقضي الشتاء ويعود يتم غزاته ثم توجه إلى الري فأقام بها إلى أن دخلت سنة سبع وأربعين وعاد نحو العراق على ما نذكره إن شاء الله تعالى‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



232 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر فتنة الأتراك ببغداد



232


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر فتنة الأتراك ببغداد
 

في هذه السنة في المحرم كانت فتنة الأتراك ببغداد‏.‏

وكان سببها أنهم تخلف لهم على الوزير الذي للملك الرحيم مبلغ كثير من رسومهم فطالبوه وألحوا عليه فاختفى في دار الخلافة فحضر الأتراك بالديوان وطالبوه وشكوا ما يلقونه منه من المطال بمالهم فلم يجابوا إلى إظهاره فعدلوا عن الشكوى منه إلى الشكوى من الديوان وقالوا‏:‏ إن أرباب المعاملات قد سكنوا بالحريم وأخذوا الأموال وإذا طلبناهم بها يمتنعون بالمقام بالحريم وانتصب الوزير والخليفة لمنعنا عنهم وقد هلكنا‏.‏

فتردد الخطاب منهم والجواب عنه فقاموا نافرين فلما كان الغد ظهر الخبر أنهم على عزم حصر دار الخلافة فانزعج الناس لذلك وأخفوا أموالهم وحضر البساسيري دار الخلافة وتوصل إلى معرفة خبر الوزير فلم يظهر له على خبر فطلب من داره ودور من يتهم به وكبست الدور فلم يظهروا له على خبر‏.‏

وركب جماعة من الأتراك إلى دار الروم فنهبوها وأحرقوا البيع والقلايات ونهبوا فيها دار أبي الحسن بن عبيد وزير البساسيري‏.‏

وقام أهل نهر المعلى وباب الأزج وغيرهما من المحال في منافذ الدروب لمنع الأتراك وانخرق الأمر ونهب الأتراك كل من ورد إلى بغداد فغلت الأسعار وعدمت الأقوات وأرسل إليهم الخليفة ينهاهم فلم ينتهوا فأظهر أنه يريد الانتقال عن بغداد فلم يزجروا‏.‏

هذا جميعه والبساسيري غير راض بفعلهم وهو مقيم بدار الخليفة‏.‏

وتردد الأمر إلى أن ظهر الوزير وقام لهم الباقي من مالهم من ماله وأثمان دوابه وغيرها ولم يزالوا في خبط وعسف فعاد طمع الأكراد والأعراب أشد منه أولًا وعاودوا الغارة والنهب والقتل فخربت البلاد وتفرق أهلها‏.‏

وانحدر أصحاب قريش بن بدران من الموصل طامعين فكبسوا حلل كامل ابن محمد بن المسيب وهي بالبردان فنهبوها وبها دواب وجمال بخاتي للبساسيري فأخذوا الجميع ووصل الخبر إلى بغداد فازداد خوف الناس من العامة والأتراك وعظم انحلال أمر السلطنة بالكلية وهذا من ضرر الخلاف‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



231 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس = ثم دخلت سنة ست وأربعين وأربعمائة


231

 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

= ثم دخلت سنة ست وأربعين وأربعمائة

== ذكر فتنة الأتراك ببغداد
== ذكر استيلاء طغرلبك على أذربيجان وغزو الروم
== ذكر محاربة بني خفاجة وهزيمتهم
== ذكر استيلاء قريش على الأنبار والخطبة لطغرلبك بأعماله
== ذكر وفاة القائد ابن حماد وما كان من أهله بعده
== ذكر ابتداء الوحشة بين البساسيري والخليفة
== ذكر وصول الغز إلى الدسكرة وغيرها
== ذكر عدة حوادث


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

211 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر ملك الملك الرحيم إصطخر وشيراز


211

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر ملك الملك الرحيم إصطخر وشيراز
 

في هذه السنة سير الملك الرحيم أخاه الأمير أبا سعد في جيش إلى بلاد فارس‏.‏

وكان سبب ذلك أن المقيم في قلعة إصطخر وهو أبو نصر بن خسرو وكان له أخوان قبض عليهما هزارسب بن بنكير بأمر الأمير أبي منصور فكتب إلى الملك الرحيم يبذل له الطاعة والمساعدة ويطلب أن يسير إليه أخاه ليملكه بلاد فارس فسير إليه أخاه أبا سعد في جيش فوصل إلى دولتاباذ فأتاه كثير من عساكر فارس الديلم والترك والعرب والأكراد وسار منها إلى قلعة إصطخر فنزل إليه صاحبها أبو نصر فلقيه وأصعده إلى القلعة وحمل له وللعساكر التي معه الإقامات والخلع وغيرها‏.‏

ثم ساروا منها إلى قلعة بهندر فحصروها وأتاه كتب بعض مستحفظي البلاد الفارسية بالطاعة منها مستحفظ درابجرد وغيرها ثم سار إلى شيراز فملكها في رمضان فلما سمع أخوه الأمير أبو منصور وهزارسب ومنصور بن الحسين الأسدي ذلك ساروا في عسكرهم إلى الملك الرحيم فهزموه على ما نذكره إن شاء الله تعالى وفارق الأهواز إلى واسط ثم عطفوا من الأهواز إلى شيراز لإجلاء الأمير أبي سعد عنها فلما قاربوها لقيهم أبو سعد وقاتلهم فهزمهم فالتجأوا إلى جبل قلعة بهندر وتكررت الحروب بين الطائفتين إلى منتصف شوال فتقدمت طائفة من عسكر أبي سعد فاقتتلوا عامة النهار ثم عادوا فلما كان الغد التقى العسكران جميعًا واقتتلوا فانهزم عسكر الأمير أبي منصور وظفر أبو سعد وقتل منهم خلقًا كثيرًا واستأمن إليه كثير منهم وصعد أبو منصور إلى قلعة بهندر واحتمى بها وأقام إلى أن عاد إلى ملكه على ما نذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

ولما فارق الأمير أبو منصور الأهواز أعيدت الخطبة للملك الرحيم وأرسل من بها من الجند يستدعونه إليهم‏.‏

لما انصرف الأمير ابو منصور وهزارسب ومن معهما من منزلهم قريب تستر على ما ذكرناه مضوا إلى إيذج وأقاموا فيها وخافوا الملك الرحيم واستضعفوا نفوسهم عن مقاومته فاتفق رأيهم على أن راسلوا السلطان طغرلبك وبذلوا له الطاعة وطلبوا منه المساعدة فأرسل إليهم عسكرًا كثيرًا وكان قد ملك أصبهان وفرغ باله منها‏.‏

وعرف الملك الرحيم ذلك وقد فارقه كثير من عسكره منهم‏:‏ البساسيري ونور الدولة دبيس بن مزيد والعرب والأكراد وبقي في الديلم الأهوازية وطائفة قليلة من الأتراك البغداديين كانوا وصلوا إليه أخيرًا فقرر رأيه على أن عاد من عسكر مكرم إلى الأهواز لأنها أحصن وينتظر بالمقام فيها وصول العساكر ورأى أن يرسل أخاه الأمير أبا سعد إلى فارس حيث طلب إلى إصطخر على ما ذكرناه وسير معه جمعًا صالحًا من العساكر ظنًا منه أن أخاه إذا وصل إلى فارس وملكت قلعة إصطخر انزعج الأمير أبو منصور وهزارسب ومن معهما واشتغلوا بتلك النواحي عنه فازداد قلقًا وضعفًا فلم يلتفت أولئك إلى الأمير أبي سعد بل ساروا مجدين إلى الأهواز فوصلوها أواخر ربيع الآخر‏.‏

ووقعت الحرب بين الفريقين يومين متتابعين كثر فيهما القتال واشتد فانهزم الملك الرحيم وسار في نفر قليل إلى واسط ولقي في طريقه مشقة وسلم واستقر بواسط فيمن لحق به من المنهزمين

ونهبت الأهواز وأحرق فيها عدة محال وفقد في الوقعة الوزير كمال الملك أبو المعالي بن عبد الرحيم وزير الملك الرحيم فلم يعرف له خبر‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

230 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر إيقاع البساسيري بالأكراد والأعراب


230

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر إيقاع البساسيري بالأكراد والأعراب

وفيها في شوال وصل الخبر إلى بغداد بأن جمعًا من الأكراد وجمعًا من الأعراب قد أفسدوا في البلاد وقطعوا الطريق ونهبوا القرى طمعًا في السلطنة بسبب الغز فسار إليهم البساسيري جريدة وتبعهم إلى البوازيج فأوقع بطوائف كثيرة منهم وقتل فيهم وغنم أموالهم وانهزم بعضهم فعبروا الزاب عند البوازيج فلم يدركهم وأراد العبور إليهم وهم بالجانب الآخر وكان الماء زائدًا فلم يتمكن من عبوره فنجوا‏.‏

في هذه السنة توفي الشريف أبو تمام محمد بن محمد بن علي الزينبي نقيب النقباء وقام بعده في النقابة ابنه أبو علي‏.‏

وفيها توفي أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد البرمكي وكان مكثرًا من الحديث سمع ابن مالك القطيعي وغيره وإنما قيل له البرمكي لأنه سكن محله ببغداد تعرف بالبرامكة وقيل كان من قرية عند البصرة تعرف بالبرمكية‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

230 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر إيقاع البساسيري بالأكراد والأعراب


230

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر إيقاع البساسيري بالأكراد والأعراب

وفيها في شوال وصل الخبر إلى بغداد بأن جمعًا من الأكراد وجمعًا من الأعراب قد أفسدوا في البلاد وقطعوا الطريق ونهبوا القرى طمعًا في السلطنة بسبب الغز فسار إليهم البساسيري جريدة وتبعهم إلى البوازيج فأوقع بطوائف كثيرة منهم وقتل فيهم وغنم أموالهم وانهزم بعضهم فعبروا الزاب عند البوازيج فلم يدركهم وأراد العبور إليهم وهم بالجانب الآخر وكان الماء زائدًا فلم يتمكن من عبوره فنجوا‏.‏

في هذه السنة توفي الشريف أبو تمام محمد بن محمد بن علي الزينبي نقيب النقباء وقام بعده في النقابة ابنه أبو علي‏.‏

وفيها توفي أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد البرمكي وكان مكثرًا من الحديث سمع ابن مالك القطيعي وغيره وإنما قيل له البرمكي لأنه سكن محله ببغداد تعرف بالبرامكة وقيل كان من قرية عند البصرة تعرف بالبرمكية‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

229 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر عود الأمير أبو منصور إلى شيراز



229


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر عود الأمير أبو منصور إلى شيراز

في هذه السنة في شوال عاد الأمير أبو منصور فولاستون ابن الملك أبي كاليجار إلى شيراز مستوليًا عليها وفارقها أخوه الأمير أبو سعد‏.‏

وكان سبب ذلك أن الأمير أبا سعد كان قد تقدم معه في دولته إنسان يعرف بعميد الدين أبي نصر بن الظهير فتحكم معه واطرح الأجناد واستخف بهم وأوحش أبا نصر بن خسرو صاحب قلعة إصطخر الذي كان قد استدعى الأمير أبا سعد وملكه‏.‏

فلما فعل ذلك اجتمعوا على مخالفته وتألبوا عليه وأحضر أبو نصر بن خسرو الأمير أبا منصور بن أبي كاليجار إليه‏!‏ وسعى في اجتماع الكلمة عليه فأجابه كثير من الأجناد لكراهتهم لعميد الدين فقبضوا عليه ونادوا بشعار الأمير أبي منصور وأظهروا طاعته وأخرجوا الأمير أبا سعد عنهم فعاد إلى الأهواز في نفر يسير ودخل الأمير أبو منصور إلى شيراز مالكًا لها مستوليًا عليها وخطب فيها لطغرلبك وللملك الرحيم ولنفسه بعدهما‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





228 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر عود سعدي بن أبي الشوك إلى طاعة الرحيم


228

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر عود سعدي بن أبي الشوك إلى طاعة الرحيم

قد ذكرنا سنة أربع وأربعين وصول سعدي إلى العراق وأرسه عمه فلما أسره سار ولده بدر بن المهلهل إلى السلطان طغرلبك وتحدث معه في مراسلة سعدي ليطلق أباه فسلم إليه طغرلبك ولدًا كان لسعدي عنده رهينة وأرسل معه رسولًا يقول فيه‏:‏ إن أردت فدية عن أسرك فهذا ولدك قد رددته عليك وإن أبيت إلا المخالفة ومفارقة الجماعة قابلناك على فعلك‏.‏

فلما وصل بدر والرسول إلى همذان تخلف بدر وسار الرسول إليه فامتعض من قوله وخالف طغرلبك وسار إلى حلوان وأراد أخذها فلم يمكنه وتردد بين روشنقباذ والبردان وكاتب الملك الرحيم وصار في طاعته فسار إليه إبراهيم بن إسحاق وسخت كمان وهما من أعيان عسكر طغرلبك في عسكر مع بدر بن المهلهل فأوقعوا به فانهزم هو وأصحابه وعاد الغز عنهم إلى حلوان وسار بدر إلى شهرزور في طائفة من الغز ومضى سعدي إلى قلعة روشنقباذ‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




227 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر مرض السلطان طغرلبك


227

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر مرض السلطان طغرلبك

في هذه السنة وصل السلطان طغرلبك إلى أصبهان مريضًا وقوي الإرجاف عليه بالموت ثم عوفي ووصل إليه الأمير أبو علي بن الملك أبي كاليجار الذي كان صاحب البصرة ووصل إليه أيضًا هزارسب بن بنكير بن عياض صاحب إيذج فإنه كان قد خاف الملك الرحيم لما استولى على البصرة وأرجان‏.‏

فأكرمهما طغرلبك وأحسن ضيافتهما ووعدهما النصرة والمعونة‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


226 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر استيلاء الملك الرحيم على أرجان


226

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر استيلاء الملك الرحيم على أرجان
 

في هذه السنة في جمادى الأولى استولى الملك الرحيم على مدينة أرجان وأطاعه من كان بها من الجند وكان المقدم عليهم فولاذ بن خسرو الديلمي‏.‏

وكان قد تغلب على جاورها من البلاد إنسان متغلب يسمى خشنام فأنفذ إليه فولاذ جيشًا فأوقعوا به وأجلوه عن تلك النواحي واستضافوا إلى طاعة الرحيم‏.‏

وخاف هزارسب بن بنكير من ذلك لأنه كان مباينًا للملك الرحيم على ما ذكرناه فأرسل يتضرع ويتقرب ويسأل التقدم إلى فولاذ بإحسان مجاورته فأجيب إلى ذلك‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


225 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر الفتنة بين السنة والشيعة ببغداد



225


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر الفتنة بين السنة والشيعة ببغداد
 

في هذه السنة في المحرم زادت الفتنة بين أهل الكرخ وغيرهم من السنة وكان ابتداؤها أواخر سنة أربع وأربعين‏.‏

فلما كان الآن عظم الشر واطرحت المراقبة للسلطان واختلط بالفريقين طوائف من الأتراك فلما اشتد الأمر اجتمع القواد واتفقوا على الركوب إلى المحال وإقامة السياسة بأهل الشر والفساد وأخذوا من الكرخ إنسانًا علويًا وقتلوه فثار نساؤه ونشرن شعورهن واستغثن فتبعهن العامة من أهل الكرخ وجرى بينهم وبين القواد ومن معهم من العامة قتال شديد وطرح الأتراك النار في أسواق الكرخ فاحترق كثير منها وألحقتها بالأرض وانتقل كثير من الكرخ إلى غيرها من المحال‏.‏

وندم القواد على ما فعلوه وأنكر الإمام القائم بأمر الله ذلك وصلح الحال وعاد الناس إلى الكرخ بعد أن استقرت القاعدة بالديوان بكف الأتراك أيديهم عنهم‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




224 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس = ثم دخلت سنة خمس وأربعين وأربعمائة


224

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس
 
= ثم دخلت سنة خمس وأربعين وأربعمائة

== ذكر الفتنة بين السنة والشيعة ببغداد
== ذكر استيلاء الملك الرحيم على أرجان
== ذكر مرض السلطان طغرلبك
== ذكر عود سعدي بن أبي الشوك إلى طاعة الرحيم
== ذكر عود الأمير أبو منصور إلى شيراز
== ذكر إيقاع البساسيري بالأكراد والأعراب


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

223 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر عدة حوادث


223

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة قبض عيسى بن خميس بن مقن على أخيه أبي غشام صاحب تكريت بها وسجنه في سرداب بالقلعة واستولى على تكريت‏.‏

وفيها زلزت خوزستان واجان وإيذج وغيرها من البلاد زلازل كثيرة وكان معظمها بأرجان فخرب كثير من بلادها وديارها وانفرج جبل كبير قريب من أرجان وانصدع فظهر في وسطه درجة مبنية بالآجر والجص قد خفيت في الجبل فتعجب الناس من ذلك‏.‏

وكان بخراسان أيضًا زلزلة عظيمة خربت كثيرًا وهلك بسببها كثير وكان أشدها بمدينة بيهق فأتى الخراب عليها وخرب سورها ومساجدها ولم يزل سورها خرابًا إلى سنة أربع وستين وأربعمائة فأمر نظام الملك ببنائه فبني ثم خربه أرسلان أرغو بعد موت السلطان ملكشاه وقد ذكرناه ثم عمره مجد الملك البلاساني‏.‏

وفيها عمل محضر ببغداد يتضمن القدح في نسب العلويين أصحاب مصر وأنهم كاذبون في إدعائهم النسب إلى علي عليه السلام وعزوهم فيه إلى الديصانية من المجوس والقداحية من اليهود وكتب فيه العلويين والعباسيون والفقهاء والقضاة والشهود وعمل به عدة نسخ وسير في البلاد وشيع بين الحاضر والبادي‏.‏

وفيها شهد الشيخ أبو نصر عبد السيد بن محمد بم عبد الواحد بن الصباغ مصنف الشامل عند قاضي القضاة أبي عبد الله الحسين علي بن ماكولا‏.‏

وفيها حدثت فتنة بين السنة والشيعة ببغداد وامتنع الضبط وانتشر العيارون وتسلطوا وجبوا الأسواق وأخذوا ما كان يأخذه أرباب الأعمال وكان مقدمهم الطقطقي والزيبق وأعاد الشيعة الأذان بحي على خير العمل وكتبوا على مساجدهم‏:‏ محمد وعلي خير البشر وجرى القتال بينهم وعظم الشر‏.‏

وفيها زوج نور الدولة دبيس بن مزيد ابنه بهاء الدولة منصورًا بابنة أبي البركات بن البساسيري‏.‏

وفيها في ربيع الأول توفي القاضي أبو جعفر السمناني بالموصل وكان إمامًا في الفقه على مذهب أبي حنيفة والأصول على مذهب الأشعري وروى الحديث عن الدارقطني وغيره‏.‏

وفي هذا الشهر توفي أيضًا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب الواعظ وهو راوي مسند


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

222 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر ورود سعدي العراق



222


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر ورود سعدي العراق

وفيها في ذي القعدة ورد سعدي بن أبي الشوك في جيش من عند السلطان طغرلبك إلى نواحي العراق فنزل مايدشت وسار منها جريدة فيمن معه من الغز إلى أبي دلف الجاواني فنذر به أبو دلف وانصرف من بين يديه ولحقه سعدي فنهبه وأخذ ماله وأفلت أبو دلف بحشاشة نفسه ونهب أصحاب سعدي البلاد حتى بلغوا النعمانية فأسرفوا في النهب والغارة وفتكوا في البلاد وافتضوا الأبكار فأخذوا الأموال والأثاث فلم يتركوا شيئًا وقصد البندنيجين‏.‏

وبلغ خبره إلى خاله خالد بن عمر وهو نازل على الزرير ومطر ابني علي بن مقن العقيليين فأرسل إليه ولده مع أولاد الزرير ومطر يشكون إليه ما عاملهم به عمه مهلهل وقريش بن بدران فلحقوه بحلوان وشكوا إليه حالهم فوعدهم المسير إليهم والأخذ لهم ممن قصدهم‏.‏

فعادوا من عنده فلقيهم نفر من أصحاب مهلهل فواقعوهم فظفر بهم العقيليون وأسروهم‏.‏

وبلغ الخبر مهلهلًا فسار إلى حلل الزرير ومطر في نحو خمسمائة فارس فأوقع بهم على تل عكبرا ونهبهم وانهزم الرجال فلقي خالد ومطر والزرير سعدي بن أبي الشوك على تامرا فأعلموا الحال وحملوه‏.‏

على قتال عمه فتقدم إلى طريقه والتقى القوم وكان سعدي في جمع كثير فظفر بعمه وأسره وانهزم أصحابه في كل جهة وأسر أيضًا مالك ابن عمه مهلهل وأعاد الغنائم التي كانت معهم على أصحابها وعاد إلى حلوان‏.‏

ووصل الخبر إلى بغداد فارتج الناس بها وخافوا وبرز عسكر الملك الرحيم ليقصدوا حلوان لمحاربة سعدي ووصل إليهم أبو الأغر دبيس بن مزيد الأسدي ولم يصنعوا شيئًا‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




221 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر استيلاء الملك الرحيم على البصرة



221


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر استيلاء الملك الرحيم على البصرة
 

في هذه السنة في شعبان سير الملك الرحيم جيشًا مع الوزير والبساسيري إلى البصرة وبها أخوه أبو علي بن أبي كاليجار فحصروه بها فأخرج عسكره في السفن لقتالهم فاقتتلوا عدة أيام ثم انهزم البصريون في الماء إلى البصرة واستولى عسكر الرحيم على دجلة والأنهر جميعًا وسارت العساكر على البر من المنزلة بمطارا إلى البصرة فلما قاربوها لقيهم رسل مضر وربيعة يطلبون الأمان فأجابوهم إلى ذلك وكذلك بذلوا الأمان لسائر أهلها ودخلها الملك الرحيم فسر فلما دخل البصرة وردت إليه رسل الديلم بخوزستان يبذلون الطاعة ويذكرون أنهم ما زالوا عليها‏.‏

فشكرهم على ذلك وأقام بالبصرة ليصلح أمرها‏.‏

وأما أخوه أبو علي صاحب البصرة فإنه مضى إلى شط عثمان فتحصن به وحفر الخندق فمضى الملك الرحيم إليه وقاتلهم فملك الموضع ومضى أبو علي ووالدته إلى عبادان وركبوا البحر إلى مهروبان وخرجوا من البحر واكتروا دواب وساروا إلى أرجان عازمين على قصد السلطان طغرلبك وأخرج الملك الرحيم كل من بالبصرة من الديلم أجناد أخيه وأقام غيرهم‏.‏

ثم إن الأمير أبا علي وصل إلى السلطان طغرلبك وهو بأصبهان فأكرمه وأحسن إليه وحمل إليه مالًا وزوجه امرأة من أهله وأقطعه إقطاعًا من أعمال جرباذقان وسلم إليه قلعتين من تلك الأعمال أيضًا‏.‏

وسلم الملك الرحيم البصرة إلى البساسيري ومضى إلى الأهواز وترددت الرسل بينه وبين منصور بن الحسين وهزارسب حتى اصطلحوا وصارت أرجان وتستر للملك الرحيم‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

220 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر وفاة قرواش



220


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر وفاة قرواش

في هذه السنة مستهل رجب توفي معتمد الدولة أبو المنيع قرواش ابن المقلد العقيلي الذي كان صاحب الموصل محبوسًا بقلعة الجراحية من أعمال الموصل على ما ذكرناه قبل وحمل ميتًا إلى الموصل ودفن بتل توبة من مدينة نينوى شرقي الموصل‏.‏

وكان من رجال العرب وذوي العقل منهم وله شعر حسن فمن ذلك ما ذكره أبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي في دمية القصر من شعره‏:‏ لله در النائبات فإنها صدأ النفوس وصيقل الأحرار ما كنت إلا زبرة فطبعني سيفًا وأطلق شفرتي وغراري وذكر له أيضًا‏:‏ من كان يحمد أو يذم مورثًا للمال من آبائه وجدوده لي أشقر سمح العنان مغاور يعطيك ما يرضيك من مجهوده ومهند عضب إذا جردته خلت البروق تموج في تجريده ومثقف لدن السنان كأنما أم المنايا ركبت في عوده وبذا حويت المال إلا أنني سلطت جود يدي على تبديده قيل إنه جمع بين أختين في نكاحه فقيل له‏:‏ إن الشريعة تحرم هذا فقال‏:‏ وأي شيء عندنا تجيزه الشريعة وقال مرة‏:‏ ما في رقبتي غير خمسة أو ستة من البادية قتلتهم وأما الحاضرة فلا يعبأ الله بهم‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




218 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر وصول الغز إلى فارس وانهزامهم عنها


218

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر وصول الغز إلى فارس وانهزامهم عنها
 

في هذه السنة وصل أصحاب السلطان طغرلبك إلى فارس وبلغوا إلى شيراز ونزلوا بالبيضاء واجتمع معهم العادل أبو منصور الذي كان وزير الأمير أبي منصور الملك أبي كاليجار ودبر أمرهم فقبضوا عليه وأخذوا منه ثلاث قلاع وهي‏:‏ قلعة كبزة وقلعة جويم وقلعة بهندر فأقاموا بها وسار من الغز نحو مائتي رجل إلى الأمير أبي سعد أخي الملك الرحيم وصاروا معه وراسل أبو سعد الذي بالقلاع المذكورة فاستمالهم فأطاعوه وسلموه القلاع إليه وصاروا في خدمته‏.‏

واجتمع العسكر الشيرازي وعليهم الظهير أبو نصر وأوقعوا بالغز بباب شيراز فانهزم الغز وأسر تاج الدين نصر بن هبة الله بن أحمد وكان من المقدمين عند الغز فلما انهزم الغز سار العسكر الشرازي إلى فسا وكان قد تغلب عليها بعض السفل وقوي أمره لاشتغال العساكر


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



219 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر الحرب بين قريش وأخيه المقلد



219


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر الحرب بين قريش وأخيه المقلد
 

في هذه السنة جرى خلف بين علم الدين قريش بن بدران وبين أخيه المقلد وكان قريش قد نقل عمه قرواشًا إلى قلعة الجراحية من أعمال الموصل وسجنه بها وارتحل يطلب العراق فجرى بينه وبين أخيه المقلد منازعة أدت إلى الاختلاف‏.‏

فسار المقلد إلى نور الدولة دبيس بن مزيد ملتجئًا إليه فحمل أخاه الغيظ منه على أن نهب حلته وعاد إلى الموصل واختلت أحواله واختلفت العرب إليه وأخرج نواب الملك الرحيم ببغداد إلى ما كان بيد قريش من العراق بالجانب الشرقي من عكبرا والعلث وغيرهما من قبض غلته وسلم الجانب الغربي من أوانا ونهر بيطر إلى أبي الهندي بلال بن غريب‏.‏

ثم إن قريشًا استمال العرب وأصلحهم فأذعنوا له بعد وفاة عمه قرواش فإنه توفي هذه الأيام وانحدر إلى العراق ليستعيد ما أخذ منه فوصل إلى الصالحية وسير بعض أصحابه إلى ناحية الحظيرة وما والاها فنهبوا ما هناك وعادوا فلقوا كامل بن محمد بن المسيب صاحب الحظيرة فأوقع بهم وقاتلهم فأرسلوا إلى قريش يعرفونه الحال فسر إليهم في عدة كثيرة من العرب والأكراد‏!‏ فانهزم كامل وتبعه قريش فلم يلحقه فقصد حلل بلال بن غريب وهي خالية من الرجال فنهبها وقاتله بلال وأبلى بلاء حسنًا فجرح ثم انهزم وراسل قريش نواب الملك الرحيم يبذل الطاعة ويطلب تقرير ما كان له عليه فأجابوه إلى ذلك على كره لقوته وضعفهم واشتغال الملك الرحيم بخوزستان عنهم فاستقر أمره وقوي شأنه‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




217 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر قتل عبد الرشيد صاحب غزنة وملك فرخ زاد


217

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر قتل عبد الرشيد صاحب غزنة وملك فرخ زاد

في هذه السنة قتل عبد الرشيد بن محمود بن سبكتكين صاحب غزنة‏.‏

وكان سبب ذلك أن حاجبًا لمودود ابن أخيه مسعود اسمه طغرل وكان مودود قد قدمه ونوه باسمه وزوجه أخته فلما توفي مودود وملك عبد الرشيد أجرى طغرل على عادته في تقدمه وجعله حاجب حجابه فأشار عليه طغرل بقصد الغز وإجلائهم من خراسان فتوقف استبعادًا لذلك فألح عليه طغرل فسيره في ألف فارس فسار نحو سجستان وبها أبو الفضل نائبًا عن بيغو فأقام طغرل على حصار قلعة طاق وأرسل إلى أبي الفضل يدعوه إلى طاعة عبد الرشيد فقال له‏:‏ إنني نائب عن بيغو وليس من الدين والمروءة خيانته فاقصده فإذا فرغت منه سلمت إليك‏.‏

فقام على حصار طاق أربعين يومًا فلم يتهيأ له فتحها وكتب أبو الفضل إلى بيغو يعرفه حال طغرل فسار إلى سجستان ليمنع عنها طغرل‏.‏

ثم إن طغرل ضجر من مقامه على حصار طاق فسار نحو مدينة سجستان فلما كان على نحو فرسخ منها كمن بحيث لا يراه أحد لعلة يجدها وفرصة ينتهزها فسمع أصوات دبادب وبوقات فخرج وسأل بعض من على الطريق فأخبره أن بيغو قد وصل فعاد إلى أصحابه وأخبرهم وقال لهم‏:‏ ليس لنا إلا أن نلتقي القوم ونموت تحت السيوف أعزة فإنه لاسبيل لنا إلى الهرب لكثرتهم وقلتنا‏.‏

فخرجوا من مكمنهم فلما رآهم بيغو سأل أبا الفضل عنهم فأخبره أنه طغرل فاستقل من معه وسير طائفة من أصحابه لقتالهم فلما رآهم طغرل لم يعرج عليهم بل أقحم فرسه نهرًا هناك فعبره وقصد بيغو ومن معه فقاتلهم وهزمهم طغرل وغنم ما معهم ثم عطف على الفريق الآخر فصنع بهم مثل ذلك وأم بيغو وأبو الفضل نحو هراة وتبعهم طغرل نحو فرسخين وعاد إلى المدينة فملكها وكتب إلى عبد الرشيد بما كان منه ويطلب الإمداد ليسير إلى خراسان فأمده بعدة كثيرة من الفرسان فوصلوا إليه فاشتد بهم وأقام مديدة‏.‏

ثم حدث نفسه بالعود إلى غزنة والاستيلاء عليها فأعلم أصحابه ذلك وأحسن إليهم واستوثق منهم ورحل إلى غزنة طاويًا للمراحل كاتمًا أمره فلما صار على خمسة فراسخ من غزنة أرسل إلى عبد الرشيد مخادعًا له يعلمه أن العسكر خالفوا عليه وطلبوا الزيادة في العطاء وأنهم عادوا بقلوب متغيرة مستوحشة‏.‏

فلما وقف على ذلك جمع أصحابه وأهل ثقته وأعلمهم الخبر فحذروه منه وقالوا له‏:‏ إن الأمر قد أعجل عن الاستعداد وليس غير الصعود إلى القلعة والتحصن بها‏.‏

فصعد إلى قلعة غزنة وامتنع بها‏.‏

ووافى طغرل من الغد إلى البلد ونزل في دار الإمارة وراسل المقيمين بالقلعة في تسليم عبد الرشيد ووعدهم ورغبهم إن فعلوا وتهددهم إن امتنعوا‏.‏

فسلموه إليه فأخذه طغرل فقتله واستولى على البلد وتزوج ابنة مسعود كرهًا‏.‏

وكان في الأعمال الهندية أمير يسمى خرخيز ومعه عسكر كثير فلما قتل طغرل عبد الرشيد واستولى على الأمر كتب إليه ودعاه إلى الموافقة والمساعدة على ارتجاع الأعمال من أيدي الغز ووعده على ذلك وبذل البذول الكثيرة فلم يرض فعله وأنكره وامتعض منه وأغلظ له في

الجواب وكتب إلى ابنة مسعود بن محمود زوجة طغرل ووجوه القواد ينكر ذلك عليهم ويوبخهم على إغضائهم وصبرهم على ما فعله طغرل من قتل ملكهم وابن ملكهم ويحثهم على الأخذ بثأره‏.‏

فلما وقفوا على كتبه عرفوا غلطتهم ودخل جماعة منهم على طغرل ووقفوا بين يديه فضربه أحدهم بسيفه وتبعه الباقون فقتله‏.‏

وورد خرخيز الحاجب بعد خمسة أيام وأظهر الحزن على عبد الرشيد وذم طغرل ومن تابعه على فعله وجمع وجوه القواد وأعيان أهل البلد وقال لهم‏:‏ قد عرفتم ما جرى مما خولفت به الديانة والأمانة وأنا تابع ولا بد للأمر من سائس فاذكروا ما عندكم من ذلك‏!‏ فأشاروا بولاية فرخ زاد بن مسعود بن محمود وكان محبوسًا في بعض القلاع فأحضر وأجلس بدار الإمارة وأقام خرخيز بين يديه يدبر الأمور وأخذ من أعان على قتل عبد الرشيد فقتله فلما سمع داود أخو طغرلبك صاحب خراسان بقتل عبد الرشيد جمع عساكره وسار إلى غزنة فخرج إليه خرخيز ومنعه وقاتله فانهزم داود وغنم ما كان معه‏.‏

ولما استقر ملك فرخ زاد وثبت قدمه جهز جيشًا جرارًا إلى خراسان فاستقبلهم الأمير كلسارغ وهو من أعظم الأمراء فقاتلهم وصبر لهم فظفروا به وانهزم أصحابه عنه وأخذ أسيرًا وأسر معه كثير من عسكر خراسان ووجوههم وأمرائهم‏.‏

فجمع ألب أرسلان عسكرًا كثيرًا وسير والده داود في ذلك العسكر إلى الجيش الذي أسر كلسارغ فقاتلهم وهزمهم وأسر جماعة من أعيان العسكر فأطلق فرخ زاد الأسرى وخلع على كلسارغ وأطلقه‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

216 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس = ثم دخلت سنة أربع وأربعين وأربعمائة


216

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

= ثم دخلت سنة أربع وأربعين وأربعمائة

== ذكر قتل عبد الرشيد صاحب غزنة وملك فرخ زاد
== ذكر وصول الغز إلى فارس وانهزامهم عنها
== ذكر الحرب بين قريش وأخيه المقلد
== ذكر وفاة قرواش
== ذكر استيلاء الملك الرحيم على البصرة
== ذكر ورود سعدي العراق
== ذكر عدة حوادث


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

216 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس = ثم دخلت سنة أربع وأربعين وأربعمائة


216

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

= ثم دخلت سنة أربع وأربعين وأربعمائة

== ذكر قتل عبد الرشيد صاحب غزنة وملك فرخ زاد
== ذكر وصول الغز إلى فارس وانهزامهم عنها
== ذكر الحرب بين قريش وأخيه المقلد
== ذكر وفاة قرواش
== ذكر استيلاء الملك الرحيم على البصرة
== ذكر ورود سعدي العراق
== ذكر عدة حوادث


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

214 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر وفاة زعيم الدولة وإمارة قريش بن بدران


214

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر وفاة زعيم الدولة وإمارة قريش بن بدران

في هذه السنة في شهر رمضان توفي زعيم الدولة أبو كامل بركة بن المقلد بتكريت وكان انحدر إليها في حلله قاصدًا نحو العراق لينازع النواب به عن الملك الرحيم وينهب البلاد فلما بلغها انتقض عليه جرح كان أصابه من الغز لما ملكوا الموصل فتوفي ودفن بمشهد الخضر بتكريت‏.‏

واجتمعت العرب من أصحابه على تأمير علم الدين أبي المعالي قريش بن بدران بن المقلد فعاد بالحلل والعرب إلى الموصل وأرسل إلى عمه قرواش وهو تحت الاعتقال يعلمه بوفاة زعيم الدولة وقيامه بالإمارة وأنه يتصرف على اختياره ويقوم بالأمر نيابة عنه‏.‏

فلما وصل قريش إلى الموصل جرى بينه وبين عمه قرواش منازعة ضعف فيها قرواش وقوي ابن أخيه ومالت العرب إليه واستقرت الإمارة له وعاد عمه إلى ما كان عليه من الاعتقال الجميل والاقتصار به على قليل من الحاشية والنساء والنفقة ثم نقله إلى قلعة الجراحية من أعمال الموصل فاعتقل بها‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

213 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر عصيان بني قرة على المستنصر بالله بمصر


213

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر عصيان بني قرة على المستنصر بالله بمصر
 

في هذه السنة في شعبان عصى بنو قرة بمصر على المستنصر بالله الخليفة العلوي‏.‏

وكان سبب ذلك أنه أمر عليهم رجلًا منهم يقال له المقرب وقدمه فنفروا من ذلك وكرهوه واستعفوا منه فلم يعزله عنهم فكاشفوا بالخلاف والعصيان وأقاموا بالجيزة مقابل مصر وتظاهروا بالفساد فعبر إليهم المستنصر بالله جيشًا يقاتلهم ويكفهم فقاتلهم بنو قرة فانهزم الجيش وكثر القتل فيهم فانتقل بنو قرة إلى طرف البر فعظم الأمر على المستنصر بالله وجمع العرب من طيء وكلب وغيرهما من العساكر وسيرهم في أثر بني قرة فأدركوهم بالجيزة فواقعوهم في ذي القعدة واشتد القتال وكثر القتل في بني قرة وانهزموا وعاد العسكر إلى مصر وتركوا في مقابل بني قرة طائفة منهم لترد بني قرة إن أرادوا التعرض إلى البلاد وكفى الله شرهم‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

215 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر عدة حوادث


215

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر عدة حوادث

ظهر ببغداد يوم الأربعاء سابع صفر وقت العصر كوكب غلب نوره على نور الشمس له ذؤابة نحو ذراعين وسار سيرًا بطيئًا ثم انقض والناس يشاهدونه‏.‏

وفيها في رمضان ورد رسل السلطان طغرلبك إلى الخليفة جوابًا عن رسالة الخليفة إليه وشكر لإنعام الخليفة عليه بالخلع والألقاب وأرسل معه طغرلبك إلى الخليفة عشرة آلاف دينار عينًا وأعلاقًا نفيسة من الجواهر والثياب والطيب وغير ذلك وأرسل خمسة آلاف دينار للحاشية وألفي دينار لرئيس الرؤساء وأنزل الخليفة الرسل بباب المراتب وأمر بإكرامهم ولما جاء العيد أظهر أجناد بغداد الزينة الرائقة والخيول النفيسة والتجافيف الحسنة وأرادوا إظهار قوتهم عند الرسل‏.‏

وفيها عاد الغز أصحاب الملك داود أخي طغرلبك عن كرمان وسبب ذلك عودهم أن عبد الرشيد بن محمود بن سبكتكين صاحب غزنة سار عنها إلى خراسان فالتقى هو والملك داود واقتتلوا قتالًا شديدًا فانهزم داود فاقتضى الحال عود أصحابه عن كرمان‏.‏

وفيها أيضًا عاد السلطان طغرلبك عن أصبهان إلى الري‏.‏

وفيها توفي أبو كاليجار كرشاسف بن علاء الدولة بن كاكويه بالأهواز وكان قد استخلفه بها الأمير أبو منصور عند عوده عنها إلى شيراز فلما توفي خطب للملك الرحيم بالأهواز‏.‏

وفيها توفي أبو عبد الله الحسين بن المرتضى الموسوي‏.‏

وفيها في ربيع الأول توفي أبو الحسن محمد بن محمد البصروي الشاعر وهو منسوب إلى قرية تسمى بصرى قريب عكبرا وكان صاحب نادرة قال له رجل‏:‏ شربت البارحة ماء كثيرًا فاحتجت إلى القيام كل ساعة كأني جدي فقال له‏:‏ لم تصغر نفسك ومن شعره‏:‏ ترى الدنيا وزينتها فتصبو وما يخلو من الشهوات قلب فضول العيش أكثرها هموم وأكثر ما يضرك ما تحب فلا يغررك زخرف ما تراه وعيش لين الأعطاف رطب إذا ما بلغة جاءتك عفوًا فخذها فالغنى مرعى وشرب إذا اتفق القليل وفيه سليم فلا ترد الكثير وفيه حرب



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



212 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر الفتنة بين العامة ببغداد وإحراق المشهد على ساكنيه السلام


212

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر الفتنة بين العامة ببغداد وإحراق المشهد على ساكنيه السلام

في هذه السنة في صفر تجددت الفتنة ببغداد بين السنة والشيعة وعظمت أضعاف ما كانت قديمًا فكان الاتفاق الذي ذكرناه في السنة الماضية غير مأمون الانتقاض لما في الصدور من الإحن‏.‏

وكان سبب هذه الفتنة أن أهل الكرخ شرعوا في عمل باب السماكين وأهل القلائين في عمل ما بقي من باب مسعود ففرغ أهل الكرخ وعملوا أبراجًا كتبوا عليها بالذهب‏:‏ محمد وعلي خير البشر وأنكر السنة ذلك وادعوا أن المكتوب‏:‏ محمد وعلي خير البشر فمن رضي فقد شكر ومن أبى فقد كفر وأنكر أهل الكرخ الزيادة وقالوا‏:‏ ما تجاوزنا ما جرت به عادتنا فيما نكتبه على مساجدنا‏.‏

فأرسل الخليفة القائم بأمر الله أبا تمام نقيب العباسيين ونقيب العلويين وهو عدنان بن الرضي لكشف الحال وإنهائه فكتبا بتصديق قول الكرخيين فأمر حينئذ الخليفة ونواب الرحيم بكف القتال فلم يقبلوا وانتدب ابن المذهب القاضي والزهيري وغيرهما من الحنابلة أصحاب عبد الصمد بحمل العامة على الإغراق في الفتنة فأمسك نواب الملك الرحيم عن كفهم غيظًا من رئيس الرؤساء لميله إلى الحنابلة ومنع هؤلاء السنة من حمل الماء من دجلة إلى الكرخ وكان نهر عيسى قد انفتح بثقه فعظم الأمر عليهم وانتدب جماعة منهم وقصدوا دجلة وحملوا الماء وجعلوه في الظروف وصبوا عليه ماء الورد ونادوا‏:‏ الماء للسبيل فأغروا بهم السنة‏.‏

وتشدد رئيس الرؤساء على الشيعة فمحوا خير البشر وكتبوا‏:‏ عليهما السلام فقالت السنة‏:‏ لا نرضى إلا أن يقلع الآجر الذي عليه محمد وعلي وأن لا يؤذن‏:‏ حي على خير العمل وامتنع الشيعة من ذلك ودام القتال إلى ثالث ربيع الأول وقتل فيه رجل هاشمي من السنة فحمله أهله على نعش وطافوا به في الحربية وباب البصرة وسائر محال السنة واستنفروا الناس للأخذ بثأره ثم دفنوه عند أحمد بن حنبل وقد اجتمع معهم خلق كثير أضعاف ما تقدم‏.‏

فلما رجعوا من دفنه قصدوا مشهد باب التبن فأغلق بابه فنقبوا في سوره وتهددوا البواب فخافهم وفتح الباب فدخلوا ونهبوا ما في المشهد من قناديل ومحاريب ذهب وفضة وستور وغير ذلك ونهبوا ما في الترب والدور وأدركهم الليل فعادوا‏.‏

فلما اكن الغد كثر الجمع فقصدوا المشهد وأحرقوا جميع الترب والآزاج واحترق ضريح موسى وضريح ابن ابنه محمد بن علي والجوار والقبتان الساج اللتان عليهما واحترق ما يقابلهما ويجاورهما من قبور ملوك بني بويه معز الدولة وجلال الدولة ومن قبور الوزراء والرؤساء وقبر جعفر بن أبي جعفر المنصور وقبر الأمير محمد بن الرشيد وقبر أمه زبيده وجرى من الأمر الفظيع ما لم يجر في الدنيا مثله‏.‏

فلما كان الغد خامس الشهر عادوا وحفروا قبر موسى بن جعفر ومحمد بن علي لينقلوهما إلى مقبرة أحمد بن حنبل فحال الهدم بينهم وبين معرفة القبر فجاء الحفر إلى جانبه‏.‏

وسمع أبو تمام نقيب العباسيين وغيره من الهاشميين السنة الخبر فجاؤوا ومنعوا عن ذلك وقصد أهل الكرخ إلى خان الفقهاء الحنفيين فنهبوه وقتلوا مدرس الحنفية أبا سعد السرخسي وأحرقوا الخان ودور الفقهاء وتعدت الفتنة إلى الجانب الشرقي فاقتتل أهل باب الطاق وسوق بج والأساكفة وغيرهم‏.‏ولما انتهى خبر إحراق المشهد إلى نور الدولة دبيس بن مزيد عظم عليه واشتد وبلغ منه كل مبلغ لأنه وأهل بيته وسائر أعماله من النيل وتلك الولاية كلهم شيعة فقطعت في أعماله خطبة الإمام القائم بأمر الله فروسل في ذلك وعوتب فاعتذر بأن أهل ولايته شيعة واتفقوا على ذلك فلم يمكنه أن يشق عليهم كما أن الخليفة لم يمكنه كف السفهاء الذين فعلوا بالمشهد ما فعلوا وأعاد الخطبة إلى حالها‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


210 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر نهب سرّق والحرب الكائنة عندها وملك الرحيم رامهرمز



210


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر نهب سرّق والحرب الكائنة عندها وملك الرحيم رامهرمز


وفيها في المحرم اجتمع جمع كثير من العرب والأكراد وقصدوا سرق من خوزستان ونهبوها ونهبوا دورق ومقدمهم مطارد بن منصور ومذكور بن نزار فأرسل إليهم الملك الرحيم جيشًا ولقوهم بين سرق ودورق فاقتتلوا فقتل مطارد وأسر ولده وكثر القتل فيهم واستنقذوا ما نهبوه ونجا الباقون على أقبح صورة من الجراح والنهب فلما تم هذا الفتح للملك الرحيم انتقل من عسكر مكرم متقدمًا إلى قنطرة أربق ومعه دبيس بن مزيد والبساسيري وغيرهما‏.‏

ثم إن الأمير أبا منصور صاحب فارس وهزارسب بن بنكير ومنصور بن الحسين الأسدي ومن معهما من الديلم والأتراك ساروا من أرجان يطلبون تستر فسابقهم الرحيم إليها وحال ثم إن الإرجاف وقع في عسكر هزارسب بوفاة الأمير أبي منصور ابن الملك أبي كاليجار بمدينة شيراز فسقط في أيديهم وعادوا وقصد كثير منهم الملك الرحيم فصاروا معه فسير قطعة من الجيش إلى رامهرمز وبها أصحاب هزارسب وقد أفسدوا في تلك الأعمال فلما وصل إليها عسكر الرحيم خرج أولئك إلى قتالهم فاقتتلوا قتالًا شديدًا أكثر فيه القتل والجراح ثم انهزم أصحاب هزارسب فدخلوا البلد وحصروا فيه ثم ملك البلد عنوة ونهب وأسر جماعة من العساكر التي فيه وهرب كثير منهم إلى هزارسب وهو بإيذج وملك الملك الرحيم البلد في ربيع الأول من هذه السنة‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




209 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس = ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة


209

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

= ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة

== ذكر نهب سرّق والحرب الكائنة عندها وملك الرحيم رامهرمز
== ذكر ملك الملك الرحيم إصطخر وشيراز
== ذكر الفتنة بين العامة ببغداد وإحراق المشهد على ساكنيه السلام
== ذكر عصيان بني قرة على المستنصر بالله بمصر
== ذكر وفاة زعيم الدولة وإمارة قريش بن بدران
== ذكر عدة حوادث


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

208 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر عدة حوادث


208

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر عدة حوادث

فيها سار المهلهل بن محمد بن عناز أخو أبي الشوك إلى السلطان طغرلبك فأحسن إليه وأقره على إقطاعه ومن جملته السيروان ودقوقا وشهرزور والصامغان وشفعه في أخيه سرخاب بن محمد بن عناز وكان محبوسًا عند طغرلبك وسار سرخاب إلى قلعة الماهكي وهي له وأقطع سعدي بن أبي الشوك الواندين‏.‏

وفيها قبض المستنصر بمصر على أبي الربركات عم أبي القاسم الجرجرائي واستوزر القاضي أبا محمد الحسن بن عبد الرحمن اليازوري ويازور من أعمال الرملة‏.‏

وفيها توفي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله أبو الحسين ومولده سنة أربع وثمانين وثلاثمائة‏.‏

وفيها في شعبان توفي أبو الحسن علي بن عمر القزويني الزاهد وكان من الصالحين روى الحديث والحكايات والأشعار وروى عن ابن نباتة شيئًا من شعره فمن ذلك قال ابن نباتة‏:‏

فالنار بالماء هو الذي هو ضدها تعطي النضاج وطبعها الإحراق وفيها في ذي القعدة توفي أبو القاسم عمر بن ثابت النحوي الضرير المعروف بالثمانيني‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

207 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر دخول العرب إلى إفريقية


207

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر دخول العرب إلى إفريقية

في هذه السنة دخلت العرب إلى إفريقية‏.‏

وسبب ذلك أن المعز بن باديس كان خطب للقائم بأمر الله الخليفة العباسي وقطع خطبة المستنصر العلوي صاحب مصر سنة أربعين وأربعمائة فلما فعل ذلك كتب إليه المستنصر العلوي يتهدده فأغلظ المعز في الجواب‏.‏

ثم إن المستنصر استوزر الحسن بن علي اليازوري ولم يكن من أهل الوزارة إنما كان من أهل التبانة والفلاحة فلم يخاطبه المعز كما كان يخاطب من قبله من الوزراء كان يخاطبهم بعبده فخاطب اليازوري بصنيعته فعظم ذلك عليه فعاتبه فلم يرجع إلى ما يحب فأكثر الوقيعة في المعز وأغرى به المستنصر وشرعوا في إرسال العرب إلى الغرب فأصلحوا بني زغبة ورياح وكان بينهم حروب وحقود وأعطوهم مالًا وأمروهم بقصد بلاد القيروان وملكوهم كل ما يفتحونه ووعدوهم بالمدد والعدد‏.‏

فدخلت العرب إلى إفريقية وكتب اليازوري إلى المعز‏:‏ أما بعد فقد أرسلنا إليكم خيولًا فحولًا‏.‏

وحملنا عليها رجالًا كهولًا‏.‏

ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا‏.‏

فلما حلوا أرض برقة وما والاها وجدوا بلادًا كثيرة المرعى خالية من الأهل لأن زناتة كانوا أهلها فأبادهم المعز فأقامت العرب بها واستوطنتها وعاثوا في أطراف البلاد‏.‏

وبلغ ذلك المعز فاحتقرهم وكان المعز لما رأى تقاعد صنهاجة عن قتال زناتة اشترى العبيد وأوسع لهم في العطاء فاجتمع له ثلاثون ألف مملوك‏.‏

وكانت عرب زغبة قد ملكت مدينة طرابلس سنة ست وأربعين فتتابعت رياح والأثبج وبنو عدي إلى إفريقية وقطعوا السبيل وعاثوا في الأرض وأرادوا الوصول إلى القيروان فقال مؤنس بن يحيى المرداسي‏:‏ ليس المبادرة عندي برأي فقالوا‏:‏ كيف تحب أن تصنع فأخذ بساطًا فبسطه ثم قال لهم‏:‏ من يدخل إلى وسط البساط من غير أن يمشي عليه قالوا‏:‏ لا نقدر على ذلك‏!‏ قال‏:‏ فهكذا القيروان خذوا شيئًا فشيئًا حتى لا يبقى إلا القيروان فخذوها حينئذ‏.‏

فقالوا‏:‏ إنك لشيخ العرب وأميرها وأنت المقدم علينا ولسنا نقطع أمرًا دونك‏.‏

ثم قدم أمراء العرب إلى المعز فأكرمهم وبذل لهم شيئًا كثيرًا فلما خرجوا من عنده لم يجاوزه بما فعل من الإحسان بل شنوا الغارات وقطعوا الطريق وأفسدوا الزروع وقطعوا الثمار وحاصروا المدن فضاق بالناس الأمر وساءت أحوالهم وانقطعت أسفارهم ونزل بإفريقية بلاء لم ينزل بها مثله قط فحينئذ احتفل المعز وجمع عساكره فكانوا ثلاثين ألف فارس ومثلها رجالة وسار حتى أتى جندران وهو جبل بينه وبين القيروان ثلاثة أيام وكانت عدة العرب ثلاثة آلاف فارس فلما رأت العرب عساكر صنهاجة والعبيد مع المعز هالهم ذلك وعظم عليهم فقال لهم مؤنس بن يحيى‏:‏ ما هذا يوم فرار فقالوا‏:‏ أين نطعن هؤلاء وقد لبسوا الكزاغندات والمغافر قال‏:‏ في أعينهم فسمي ذلك اليوم يوم العين‏.‏

والتحم القتال واشتدت الحرب فاتفقت صنهاجة على الهزيمة وترك المعز مع العبيد حتى يرى فعلهم ويقتل أكثرهم فعند ذلك يرجعون على العرب فانهزمت صنهاجة وثبت العبيد مع المعز فكثر القتل فيهم فقتل منهم خلق كثير وأرادت صنهاجة الرجوع على العرب فلم يمكنهم ذلك واستمرت الهزيمة وقتل من صنهاجة أمة عظيمة ودخل المعز القيروان مهزومًا على كثرة

وإن ابن باديس لأفضل مالك ولكن لعمري ما لديه رجال ثلاثون ألفًا منهم غلبتهم ثلاثة ألف إن ذا لمحال ولما كان يوم النحر من هذه السنة جمع المعز سبعة وعشرين ألف فارس وسار إلى العرب جريدة وسبق خبره وهجم عليهم وهم في صلاة العيد فركبت العرب خيولهم وحملت فانهزمت صنهاجة فقتل منهم عالم كثير‏.‏

ثم جمع المعز وخرج بنفسه في صنهاجة وزناتة في جميع كثير فلما أشرف على بيوت العرب وهو قبلي جبل جندران انتشب القتال واشتعلت نيران الحرب وكانت العرب سبعة آلاف فارس فانهزمت صنهاجة وولى كل رجل منهم إلى منزله وانهزمت زناتة وثبت المعز فيمن معه من عبيده ثباتًا عظيمًا لم يسمع بمثله ثم انهزم وعاد إلى المنصورية وأحصي من قتل من صنهاجة ذلك اليوم فكانوا ثلاثة آلاف وثلاثمائة‏.‏

ثم أقبلت العرب حتى نزلت بمصلى القيروان ووقعت الحرب فقتل من المنصورية ورقادة خلق كثير فلما رأى ذلك المعز أباحهم دخول القيروان لما يحتاجون إليه من بيع وشراء فلما دخلوا استطالت عليهم العامة ووقعت بينهم حرب كان سببها فتنة بين إنسان عربي وآخر عامي وكانت الغلبة للعرب‏.‏

وفي سنة أربع وأربعين بني سور زويلة والقيروان وفي سنة ست وأربعين حاصرت العرب القيروان وملك مؤنس بن يحيى مدينة باجة وأشار المعز على الرعية بالانتقال إلى المهدية لعجزه عن حمايتهم من العرب‏.‏

وشرعت العرب في هدم الحصون والقصور وقطعوا الثمار وخربوا الأنهار وأقام المعز والناس ينتقلون إلى المهدية إلى سنة تسع وأربعين فعندها انتقل المعز إلى المهدية في شعبان فتلقاه ابنه تميم ومشى بين يديه وكان أبوه قد ولاه المهدية سنة خمس وأربعين فأقام بها إلى أن قدم أبوه الآن‏.‏

وفي رمضان من سنة تسع وأربعين نهبت العرب القيروان‏.‏

وفي سنة خمسين خرج بلكين ومعه العرب لحرب زناتة فقاتلهم فانهزمت زناتة وقتل منها عدد كثير‏.‏

وفي سنة ثلاث وخمسين وقعت الحرب بين العرب وهوارة فانهزمت هوارة وقتل منها الكثير‏.‏

وفي سنة ثلاث وخمسين قتل أهل تقيوس من العرب مائتين وخمسين رجلًا وسبب ذلك أن العرب دخلت المدينة متسوقة فقتل رجل من العرب رجلًا متقدمًا من أهل البلد لأنه سمعه يثني على المعز ويدعو له فلما قتل ثار أهل البلد بالعرب فقتلوه منهم العدد المذكور‏.‏

وكان ينبغي أن يأتي كل شيء من ذلك في السنة التي حدث فيها وإنما أوردناه متتابعًا ليكون أحسن لسياقته فإنه إذا انقطع وتخللته الحوادث في السنين لم يفهم‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



206 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر استيلاء الخوارج على عمان


206

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر استيلاء الخوارج على عمان
 

في هذه السنة استولى الخوارج المقيمون بجبال عمان على مدينة تلك الولاية‏.‏

وسبب ذلك أن صاحبها الأمير أبا المظفر ابن الملك أبي كاليجار كان مقيمًا بها ومعه خادم له قد استولى على الأمور وحكم على البلاد وأساء السيرة في أهلها فأخذ أموالهم فنفروا منه وأبغضوه‏.‏

وعرف إنسان من الخوارج يقال له ابن راشد الحال فجمع من عنده منهم فقصد المدينة فخرج وأقام ابن راشد مدة يجمع ويحتشد ثم سار ثانيًا وقاتله الديلم فأعانه أهل البلد لسوء سيرة الديلم فيهم فانهزم الديلم وملك ابن راشد البلد وقتل الخادم وكثيرًا من الديلم وقبض على الأمير أبي المظفر وسيره إلى جباله مستظهرًا عليه وسجن معه كل من خط بقلم من الديلم وأصحاب الأعمال وأخرب دار الإمارة وقال‏:‏ هذه أحق دار بالخراب‏!‏ وأظهر العدل وأسقط المكوس واقتصر على رفع عشر ما يرد إليهم وخطب لنفسه وتلقب بالراشد بالله ولبس الصوف وبنى موضعًا على شكل مسجد وقد كان هذا الرجل تحرك أيضًا أيام أبي القاسم بن مكرم فسير إليه أبو القاسم من منعه وحصره وأزال طمعه‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



205 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر استيلاء الغز على مدينة فسا


205

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر استيلاء الغز على مدينة فسا

وفيها في جمادى الأولى سار الملك ألب أرسلان بن داود أخي طغرلبك من مدينة مرو بخراسان وقصد بلاد فارس في المفازة فلم يعلم به أحد ولا أعلم عمه طغرلبك فوصل إلى مدينة فسا فانصرف النائب بها من بين يديه ودخلها ألب أرسلان فقتل من الديلم بها ألف رجل وعددًا كثيرًا من العامة ونهبوا ما قدره ألف ألف دينار وأسروا ثلاثة آلاف إنسان وكان الأمر عظيمًا‏.‏

فلما فرغوا من ذلك عادوا إلى خراسان ولم يلبثوا خوفًا من طغرلبك أن يرسل إليهم ويأخذ ما غنموه منهم‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


204 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر استيلاء زعيم الدولة على مملكة أخيه قرواش


204

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر استيلاء زعيم الدولة على مملكة أخيه قرواش
 

في هذه السنة في جمادى الأولى استولى زعيم الدولة أبو كامل بركة ابن المقلد على أخيه قرواش وحجر عليه ومنعه من التصرف على اختياره‏.‏

وسبب ذلك أن قرواشًا كان قد أنف من تحكم أخيه في البلاد وأنه قد صار لا حكم له فعمل على الانحدار إلى بغداد ومفارقة أخيه وسار عن الموصل فشق ذلك على بركة وعظم عنده‏.‏

ثم أرسل إليه نفرًا من أعيان يشيرون عليه بالعود واجتماع الكلمة ويحذرونه من الفرقة والاختلاف فلما بلغوه ذلك امتنع عليهم فقالوا‏:‏ أنت ممنوع عن فعلك والرأي لك القبول والعود ما دامت الرغبة إليك فعلم حينئذ أنه يمنع قهرًا فأجاب إلى العود على شرط أن يسكن دار الإمارة بالموصل وسار معهم فلما قارب حلة أخيه زعيم الدولة لقيه وأنزله عنده فهرب أصحابه وأهله خوفًا فأمنهم زعيم الدولة وحضر عنده وخدمه وأظهر له الخدمة وجعل عليه



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ