إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 29 يونيو 2016

244 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس ذكر وثوب العامة ببغداد بعسكر طغرلبك وقبض الملك الرحيم


244

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس

ذكر وثوب العامة ببغداد بعسكر طغرلبك وقبض الملك الرحيم

لما وصل السلطان طغرلبك بغداد دخل عسكره البلد للامتيار وشراء ما يريدونه من أهلها وأحسنوا معاملتهم فلما كان الغد وهو يوم الثلاثاء جاء بعض العسكر إلى باب الأزج وأخذ واحدًا من أهله ليطلب منه تبنًا وهو لا يفهم ما يريدون فاستغاث عليهم وصاح العامة بهم ورجموهم وهاجموا عليهم‏.‏

وسمع الناس الصياح فظنوا أن الملك الرحيم وعسكره قد عزموا على قتال طغرلبك فارتج البلد من أقطاره وأقبلوا من كل حدب ينسلون يقتلون من الغز من وجد في محال بغداد إلا أهل الكرخ فإنهم لم يتعرضوا إلى الغز بل جمعوهم وحفظوهم‏.‏

وبلغ السلطان طغرلبك ما فعله أهل الكرخ من حماية أصحابه فأمر بإحسان معاملتهم‏.‏

فأرسل عميد الملك الوزير إلى عدنان بن الرضي نقيب العلويين يأمره بالحضور فحضر فشكره عن السلطان وترك عنده خيلًا بأمر السلطان تحرسه وتحرس المحلة‏.‏

وأما عامة بغداد فلم يقنعوا بما عملوا حتى خرجوا ومعهم جماعة من العسكر إلى ظاهر بغداد يقصدون العسكر السلطاني فلو تبعهم الملك الرحيم وعسكره لبلغوا ما أرادوا لكن تخلفوا ودخل أعيان أصحابه إلى دار الخلافة وأقاموا بها نفيًا للتهمة عن أنفسهم ظنًا منهم أن ذلك ينفعهم‏.‏

وأما عسكر طغرلبك فلما رأوا فعل العامة وظهورهم من البلد قاتلوهم فقتل بين الفريقين جمع كثير وانهزمت العامة وجرح فيهم وأسر كثير ونهب الغز درب يحيى ودرب سليم وبه دور رئيس الرؤساء ودور أهله فنهب الجميع ونهب الرصافة وترب الخلفاء وأخذ منها من الأموال ما لا يحصى لأن أهل تلك الأصقاع نقلوا إليها أموالهم اعتقادًا منهم أنها محترمة‏.‏

ووصل النهب إلى أطراف نهر المعلى واشتد البلاء على الناس وعظم الخوف ونقل الناس أموالهم إلى باب النوبي وباب العامة وجامع القصر فتعطلت الجمعات لكثرة الزحمة‏.‏

وأرسل طغرلبك من الغد إلى الخليفة يعتب وينسب ما جرى إلى الملك الرحيم وأجناده ويقول‏:‏ إن حضروا برئت ساحتهم وإن تأخروا عن الحضور أيقنت أن ما جرى إنما كان بوضع منهم‏.‏

وأرسل للملك الرحيم وأعيان أصحابه أمانًا لهم فتقدم إليهم الخليفة بقصده فركبوا إليه وأرسل الخليفة معهم رسولًا يبرئهم مما خامر خاطر السلطان فلما وصلوا إلى خيامه نهبهم الغز ولما دخل الملك الرحيم إلى خيمة السلطان أمر بالقبض عليه وعلى من معه فقبضوا كلهم آخر شهر رمضان وحبسوا ثم حمل الرحيم إلى قلعو السيروان وكانت ولاية الملك الرحيم على بغداد ست سنين وعشرة أيام ونهب أيضًا قريش بن بدران صاحب الموصل ومن معه من العرب ونجا مسلوبًا فاحتمى بخيمة بدر بن المهلهل فألقوا عليه الزلالي حتى أخفوه بها عن الغز‏.‏

ثم علم السلطان ذلك فأرسل إليه وخلع عليه وأمره بالعود إلى أصحابه وحلله تسكينًا له‏.‏

وأرسل الخليفة إلى السلطان ينكر ما جرى من قبض الرحيم وأصحابه ونهب بغداد ويقول‏:‏ إنهم إنما خرجوا إليك بأمري وأماني فإن أطلقتهم وإلا فأنا أفارق بغداد فإني إنما اخترتك واستدعيتك اعتقادًا مني أن تعظيم الأوامر الشريفة يزداد وحرمه الحريم تعظم وأرى الأمر بالضد‏.‏

فأطلق بعضهم وأخذ جميع إقطاعات عسكر الرحيم وأمرهم بالسعي في أرزاق يحصلونها لأنفسهم‏.‏

فتوجه كثير منهم إلى البساسيري ولزموه فكثر جمعه ونفق سوقه‏.‏

وأمر طغرلبك بأخذ أموال الأتراك البغداديين وأرسل إلى نور الدولة دبيس يأمره بإبعاد البساسيري عنه ففعل فسار إلى رحبة مالك الشام على ما نذكره وكاتب المستنصر صاحب مصر بالدخول في طاعته‏.‏

وخطب نور الدولة طغرلبك في بلاده وانتشر الغزالسلجوقية في سواد بغداد فنهبوا من الجانب الغربي من تكريت إلى النيل ومن الشرقي إلى النهروان وأسافل الأعمال وأسرفوا في النهب حتى بلغ ثمن الثور ببغداد خمسة قراريط إلى عشرة والحمار بقيراطين إلى خمسة وخرب السواد وأجلى أهله عنه‏.‏

وضمن السلطان طغرلبك البصرة والأهواز من هزارسب بن بنكير بن عياض بثلاثمائة ألف وستين ألف دينار وأقطعه أرجان وأمره أن يخطب لنفسه بالأهواز دون الأعمال التي ضمنها وأقطع الأمير أبا علي بن أبي كاليجار الملك قرميسين وأعمالها وأمر أهل الكرخ أن يؤذنوا في مساجدهم سحرًا‏:‏ الصلاة خير من النوم وأمر بعمارة دار المملكة فعمرت وزيد فيها وانتقل إليها في شوال‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق