2468
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
هذا النص موجود فى نسخة
أخرى صفحة 250 ج 5
تعليق على بعض الأخبار المهمة
ذكر وصول الفرنج من الغرب في البحر إلى عكا
وفي هذه السنة وصلت أمداد الفرنج في البحر إلى الفرنج الذين على عكا وكان
أول من وصل منهم الملك فيليب ملك افرنسيس وهو من أشرف ملوكهم نسبا وإن كان ملكه ليس بالكثير. وكان وصوله إليها ثاني عشر ربيع الأول ولم يكن في الكثرة التي
ظنوها وإنما كان معه ست بطس كبار عظيمة فقويت به نفوس من على عكا منهم ولحوا في قتال المسلمين الذين فيها وكان صلاح الدين بشفرعم فكان يركب كل يوم وبقصد الفرنج ليشغلهم بالقتال عن مزاحفة البلد. وأرسل إلى الأمير أسامة مستحفظ بيروت يأمره بتجهيز ما عنده من الشواني والمراكب وتشحينها بالمقاتلة وتسييرها في البحر ليمنع الفرنج من الخروج إلى عكا ففعل ذلك وسير الشواني في البحر فصادفت خمسة مراكب مملوءة رجالا من أصحاب ملك إنكلترا الفرنج وكان قد سيرهم بين يديه وتأخر هو بجزيرة قبرس ليملكها فاقتتلت شواني المسلمين مع مراكب الفرنج فاستظهر المسلمون عليهم وأخذوهم وغنموا ما معهم من قوت ومتاع ومال وأسروا الرجال وكتب أيضاً صلاح الدين إلى من بالقرب من النواب له يأمرهم بمثل ذلك ففعلوا وأما الفرنج الذين على عكا فإنهم لازموا قتال من بها ونصبوا عليها سبع منجنيقات رابع جمادى الأولى فلما رأى صلاح الدين ذلك تحول من شفرعم ونزل عليهم لئلا يتعب العسكر كل يوم في المجيء إليهم والعود عنهم فقرب منهم وكانوا كلما تحركوا للقتال ركب وقاتلهم من وراء خندقهم فكانوا يشتغلون بقتالهم فيخف القتال عمن بالبلد. ثم وصل ملك إنكلترا ثالث عشر جمادى الأولى وكان قد استولى في طريقه على جزيرة قبرس واخذها من الروم فإنه لما وصل إليها غدر بصاحبها وملكها جميعا فكان ذلك زيادة في ملكه وقوة للفرنج. فلما فرغ منها سار عنها إلى من على عكا من الفرنج فوصل إليهم في خمس وعشرين قطعة كبارا مملوءة رجالا وأموالا فعظم به شر الفرنج واشتدت نكايتهم في المسلمين وكان رجل زمانه شجاعة ومكرا وجلدا وصبرا وبلي المسلمون منه بالداهية التي لا مثل لها. ولما وردت الأخبار بوصوله أمر صلاح الدين بتجهيز بسطة كبيرة مملوءة من الرجال والعدد والأقوات فتجهزت وسيرت من بيروت. وفيها سبعمائة مقاتل: فلقيها ملك إنكلترا مصادفة: فقاتلها وصبر من فيها على قتالها فلما أيسوا من الخلاص ونزل مقدم من بها إلى أسفلها وهو يعقوب الحلبي مقدم الجندارية يعرف بغلام ابن شقتين فخرقها خرقا واسعا لئلا يظفر الفرنج بمن فيها وما معهم من الذخائر فغرق جميع ما فيها وكانت عكا محتاجة إلى رجال لما ذكرناه من سبب نقصهم ثم إن الفرنج عملوا دبابات وزحفوا بها فخرج المسلمون وقاتلوهم بظاهر البلد وأخذوا تلك الكباش فلما رأى الفرنج ان ذلك جميعه لا ينفعهم عملوا تلا كبيرا من التراب مستطيلا وما زالوا يقربونه إلى البلد ويقاتلون من وراءه لا ينالهم من البلد أذى حتى صار على نصف علوه فكانوا يستظلون به ويقاتلون من خلفه فلم يكن
للمسلمين فيه حيلة لا بالنار ولا بغيرها. فحينئذ عظمت المصيبة على من بعكا من المسلمين ة.-، سلوا إلى صلاح الدين يعرفونه حالهم فلم يقدر لهم على نفع.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق