2476
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
من صفحة 343- 412
مسير سيف الإسلام طغركين في أيوب إلى اليمن والياً عليها:
قد كان تقدم لنا فتح شمس الدولة توران شاه لليمن، واستيلاؤه عليه سنة ثمان وستين. وأنه ولي على زبيد مبارك بن كامل بن منقذ من أمراء شيزر، وعنى عدن عز الدولة عثمان الزنجبيلي، واختط مدينة تعز في بلاد اليمن واتخذها كرسيا لملكه. ثم عاد إلى أخيه سنة اثنتين وسبعين وأدركه منصرفاً من حصار حلب فولاه على دمشق، وسار إلى مصر. ثم ولأه أخوه صلاح الدين بعد ذلك مدينة الاسكندرية، وأقطعه إياها مضافة إلى أعمال اليمن. وكانت الاموال تحمل إليه من زبيد وعدن وسائر ولايات اليمن. ومع ذلك فكان عليه دين قريب من مائتي ألف دينار مصرية، وتوفي سنة ست وسبعين فقضاها عنه صلاح الدين. ولما بلغه خبر وفاته سار إلى مصر، واستخلف على دمشق عز الدين فرخشاه ابن شاهنشاه. وكان سيف الدين مبارك بن كامل بن منقذ الكناني نائبه بزبيد قد تغلب في ولايته وتحكم في الأموال فنزع إلى وطنه، واستأذن شمس الدولة قبل موته فأذن له في المجيء.واستأذن أخاه عطاف بن زبيد وأقام مع شمس الدولة حتى اذا مات بقي في خدمة صلاح الدين. وكان محشدا فسعى فيه عنده أنه احتجز
أموال اليمن، ولم يعرض له فتحيل أعداؤه عليه. وكان ينزل بالعدوية قرب مصر، فصنع في بعض الأيام صنيعاً دعي إليه أعيان الدولة، واختلف مواليه وخدامه إلى مصر في شراء حاجتهم فتحيلوا لصلاح الدين أنه هارب إلى اليمن. فتمت حيلتهم فقبض عليه. ثم ضاق عليه الحال وصابره على ثمانين ألف دينار مصرية سوى ما أعطى لأهل الدولة فأطلقه، وأعاده إلى منزلته فلما بلغ شمس الدين إلى اليمن اختلف نوابه بها: حطان بن منقذ، وعثمان بن الزنجبيلي. وخشي صلاح الدين أن تخرج اليمن عن طاعته فجهز جماعة من أمرائه إلى اليمن مع صارم الدين قطلغ أبيه والي مصر من أمرائه. فساروا لذلك سنة سبع وسبعين، واستولى قطلغ أبيه على زبيد من حطان بن منقذ. ثم مات قريبا فعاد حطان إلى زبيد وأطاعه الناس، وقوي على عثمان الزنجبيلي فكتب عثمان إلى صلاح الدين أن يبعث قرابته فجهز صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغركين، فسار إلى اليمن وخرج حطان بن منقذ من زبيد وتحصن في بعض القلاع ونزل سيف الإسلام زبيد، وبعث إلى حطان بالأمان فنزل إليه وأولاه الإحسان. ثم طلق اللحاق بالشام فمنعه. ثم ألح عليه فأذن له حتى إذا خرج واحتمل رواحله، وجاء ليودّعه قبض عليه واستولى على ما معه. ثم حبسه في بعض القلاع فكان آخر العهد به. ويقال كان فيما أخذه سبعون حملا من الذهب. ولما سمع عثمان الزنجبيلي خبر حطان خشي على نفسه، وحمل أمواله في البحر ولحق بالشام. وبقيت مراكبه مراكب لسيف الإسلام فاستولى عليها. ولم يخلص إلا بما كان معه في طريقه، وصفا اليمن لسيف الإسلام، والله تعالى أعلم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق