2435
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
صفحة 179 حتى صفحة 342
استيلاء عماد الدين على قلعة كواشي و لؤلؤ على تل أعفر والأشرف على سنجار:
كانت كواشي من أحصت قلاع الموصل وأمنعه وأعلاه، ولما رأى الجند الذين بها
بعد أهل العمادية واستبدادهم بأنفسهم طمعوا في مثل ذلك، وأخرجوا نواب لؤلؤ عنهم وتمسكوا بإظهار الطاعة على البعد خوفا على رهائنهم بالموصل. ثم استدعوا عماد الدين زنكي وسلموا له القلعة، وأقام عندهم وبعث لؤلؤإلى مظفر الدين يذكره العهود التي لم يجز ثلمها بعد، فأعرض وأرسل
إلى الأشرف بحلب يستنجده فسار وعبر الفرات إلى حران. وكان مظفر الدين صاحب اربل يراسل الملوك بالأطراف ويغريهم بالأشرف ويخوفهم غائلته. ولما كان بين كيكاوس بن كنجسرو صاحب الروم من الفتنة ما نذكره في أخباره، وسار كيكاوس إلى حلب دعا مظفر الدين الملوك بناحيته إلى وفاق كيكاوس مثل صاحب كيفا وآمد وصاحب ماردين فأطاعوه وخطبوا له في أعمالهم. ومات كيكاوس وفي نفس الأشرف منه ومن مظفر الدين ما في نفسه. ولما سار الأشرف إلى حران لمظاهرة لؤلؤ وأرسل مظفر الدين جماعة من أمرائه مثل أحمد بن علي المشطوب وعز الدين محمد بن بدر الحميدي وغيرهما، واستمالهم ففارقوا الأشرف ونازلوا دبيس تحت ماردين ليجتمعوا مع ملوك الأطراف لمدافعة الأشرف. واستمال الأشرف صاحب آمد وأعطاه مدينة حالى وجبل حودي، ووعده بدارا إذا ملكها فأجاب وفارقهم إليه. واضطر آخرون منهم إلى طاعته فانحل أمرهم. وانفرد ابن المشطوب بمشاقة الأشرف فقصد اربل ومر بنصيبين فقاتله شيخ بها فانهزم إلى سنجار فأسره صاحبها. وأطلقه فجمع المفسدين، وقصد البقعا من أعمال الموصل فاكتسح نواحيها وعاد. ثم سار من سنجار ثانية إلى الموصل، وأرصد له لؤلؤ عسكراً فاعترضوه فهزمه. واجتاز بتل أعفر من أعمال! سنجار فأقاموا عليها وبعثوا إلى لؤلؤ فسار وحاصرها وملكها في ربيع سنة سبع عشرة وستمائة، وأسر ابن المشطوب وجاء به إلى الموصل. ثم بعث به إلى الأشرف فحبسه بحران سنين، وهلك في محبسه. ولما أطاع صاحب آمد الأشرف رحل من حران إلى ماردين، ونزل دبيس وحاصر ماردين، ومعه صاحب آمد. وترددت الرسل بينه وبين صاحب ماردين على أن يرد عليه رأس العين. وكان الأشرف قد!قطعها له على أن يحمل إليه ثلاثين ألف دينار، وأن يعطي لصاحب امد الورزني بلد وانعقد الصلح بينهما، وارتحل الأشرف من دبيس إلى نصيبين يريد الموصل، فلقيه رسل صاحب سنجار يطلب من يتسلمها منه على أن يعوضه الأشرف منها بالرقة بما أدركه من الخوف عند استيلاء لؤلؤ على تل أعفر ونفرة أهل دولته عنه لقتله أخاه كما ذكرناه. فأجابه الأشرف وأعطاه الرقة، وملك سنجار في جمادى سنة سبع عشرة وستمائة، ورحل عنها بأهله وعشيرته وانقراض أمر بني زنكي منها بعد أربع وتسعين سنة، والبقاء لله وحده.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق