148
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث
ذكر ما فعله محمد بن القاسم بعد موت الحجاج وقتله
لما مات الحجاج بن يوسف كان محمد بن القاسم بالملتان فأتاه خبر وفاته فرجع إلى الرور والبغرور وكان قد فتحهما فأعطى الناس ووجه إلى البيلمان جيشًا فلم يقاتلوا وأعطوا الطاعة وسأله أهل سرشت وهي مغزى أهل البصرة وأهلها يقطعون في البحر ثم أتى محمد الكيرج فخرج إليه دوهر فقاتله فانهزم دوهر وهرب وقيل: بل قتل ونزل أهل المدينة على حكم محمد فقتل وسبى قال الشاعر:
نحن قتلنا ذاهرًا ودوهرًا ** والخيل تردي منسرًا فمنسرا
ومات الوليد بن عبد الملك وولي سليمان بن عبد الملك فولى يويد بن أبي كبشة السكسكي السند فأخذ محمدًا وقيده وحمله إلى العراق فقال محمد متمثلًا: أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوخمٍ كريهةٍ وسداد ثغر فبكى أهل السند على محمد فلما وصل إلى العراق حبسه صالح بن عبد الرحمن بواسط فقال: فلئن ثويت باسطٍ وبأرضها رهن الحديد مكبلًا مغلولا فلرب قينة فارسٍ قد رعتها ولرب قرنٍ قد تركت قتيلًا ولو كنت أجمعت الفرار لوطئت إناث أعدت للوغى وذكور وما دخلت خيل السكاسك أرضنا ولا كان من عكٍ علي أمير وما كنت للعبد المزوني تابعًا فيا لك دهر بالكرام عثور فعذبه صالح في رجال من آل أبي عقيل حتى قتلهم وكان الحجاج قتل آدم أخا صالح وكان يرى رأي الخوارج وقال حمزة بن بيض الحنفي يرثي محمدًا: إن المروءة والسماحة والندى لمحمد بن قاسم بن محمد ساس الجيوش لسبع عشرة حجةً ياقرب ذلك سؤددًا من مولد وقال آخر: ساس الرجال لسبع عشرة حجةً ولداته إذ ذاك في أشغال ومات يزيد بن أبي كبشة بعد قدومه أرض السند بثمانية عشر يومًا واستعمل سليمان بن عبد الملك على السند حبيب بن المهلب فقدمها وقد رجع ملوك السند إلى ممالكهم ورجع جيشبه بن ذاهر إلى برهمناباذ فنزل حبيب على شاطئ مهران فأعطاه أهل الور الطاعة وحارب قومًا فظفر بهم.
ثم مات سليمان واستخلف عمر بن عبد العزيز فكتب إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام
والطاعة على أن يملكهم ولهم ما للمسلمين وعليهم.
فأسلم جيشبه والملوك وتسموا بأسماء العرب.
وكان عمرو بن مسلم الباهلي عامل على ذلك الثغر فغزا بعض الهند فظفر.
ثم إن الجنيد بن عبد الرحمن ولي السن أيام هشام بن عبد الملك فأتى الجنيد شط مهران فمنعه جيشبه بن ذاهر العبور أرسل إليه: إني قد أسلمت وولاني الرجل الصالح بلادي ولست آمنك.
فأعطاه رهنًا وأخذ منه رهنًا على خراج بلاده ثم ترادا وكفر جيشبه وحارب وقيل: إنه لم يحارب ولكن الجنيد تجنى عليه فأتى الهند فجمع جموعًا وأعد السفن واستعد للحرب فسار إليه الجنيد بالسفن فالتقوا في بطيحة فأخذ جيشبه أسيرًا وقد جنحت سفينته فقتله الجنيد وهرب صصه بن ذاهر وهو يريد أن يمضي إلى العراق فيشكو غدر الجنيد فلم يزل الجنيد يؤنسه حتى وضع يده في يده فقتله.
وغزا الجنيد الكيرج وكانوا قد نقضوا فاتخذوا كبشًا وصك بها سور المدينة فثلمه ودخلها فقتل وسبى ووجه العمال إلى المرمذ والمندل ودهنج وبرونج.
وكان الجنيد يقول: القتل في الجزع أكبر منه في الصبر.
ووجه جيشًا إلى أزين فأغاروا عليها وحرقوا ربضها وفتح البيلمان وحصل عنده سوى ما حمل أربعون ألف ألف وحمل مقلها وولى الجنيد تميم بن زيد القيني فضعف وفي أيامه خرج المسلمون عن بلاد الهند ورفضوا مراكزهم ثم ولي الحكم بن عوام الملبي وقد كفر أهل الهند إلا أهل قصة فبنى مدينةً سماها المحفوظة وجعلها مأوى للمسلمين وكان معه عمرو بن محمد بن القاسم وكان يفوض إليه عظيم الأمور فأغزاه من المحفوظة فلما قدم عليه وقد ظفر أمره فبنى مدينة وسماها المنصورة فهي التي نزلها الأمراء واستخلص ما كان قد غلب عليه العدو ورضي الناس بولايته وكان خالد القسري يقول: واعجبا! وليت فتى العرب يعني تميمًا فرفض وترك ووليت أبخل العرب فرضي به.
ثم قتل الحكم وكان العمال يقتلون العدو فكانوا يفتتحون ناحيةً ويأخذون ما تيسر لهم لضعف الدولة الأموية بعد ذلك إلى أن جاءت الدولة المباركة العباسية ونحن نذكر إن ساء الله أيام المأمون بقية أخبار السند.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق