إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 668


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 668


          
  صدق اللّه أنت مَنْ ذكَرَ                      اللّه مَهِينٌ ولا يكاد يبين وله في ابن المَرْزُبَانِ، وقد كان سأله دابة فمنعه:         
  بَخِلْتَ عني بمقرف عطب                      فلن تراني ماعشت أطلبه
  وإن تكن صُنْتَه فما خلـق                      اللّه مصوناً وأنت تركبه وله مما أحسن فيه:         
  تضمن لي في حاجتي ما أحـبـه                      فلما اقتضيت الوعد قَطّب واعتلى
  وصَيَّر عذراً شُغَله واتـصـالـه                      ولولا اتصال الشّغل ما كان أشغلا ولعلي بن محمد بن بسام في هذه المعاني أشعار كثيرة، اكتفينا بذكر البعض عن إيراد ما هو أكثر منه في هذا الكتاب، لما قدمنا ذكره فيما سلف قبله من الكتب، وقد كان أبوه محمد بن نصر بن منصور في غاية السرو والمروءة، وكان رجلًا مترفاً، حسن الزي، ظاهر المروءة، مشغوفاً بالناء.

 وذكر أبو عبد اللّه القمي قال: دخلت عليه يوماً شاتياً، شديد البرد ببغداد، فإذا هو في قبة واسعة قد طليت بالطين الأحمر الأرمني، وهو يلوح بريقاً، فقدرت أن تكون القبة عشرين ذراعاً في مثله، وفي وسطها كانون بزرافين إذا اجتمع ونُصبَ كان مقداره عشرة أذرع في مثلها، وقد ملىء جمر الغَضَى، وهو جالس في صدر القبة، عليه غِلاَلة تسترية، وما فضل عن الكانون مفروش بالديباج الأحمر، فأجلسني بالقرب منه، فكدت أتلظّى، فدفع إلي جام ماء الورد وقد مزج بالكافور، فمسحت به وجهي، ثم رأيته قد استسقى ماء، فأتوه بماء رأيت فيه ثلجاً، فلم يكن لي وُكْدٌ إلا قطع ما بيني وبينه، ثم خرجت من عنده إلى برد مائع، وقد قال لي: لا يصلح هذا البيت لمن يريد الخروج منه.

 طعام محمد بن نصر

 قال: ودخلت عليه في بعض الأيام وهو جالس في موضع آخر في داره، وقد رفعه على بركة، وفي صدره صفة، وهو يُشْرِف منها على البستان، وعلى حِيرِ الغزلان، وحظيرة القماري وأشباهها، فقلت له: يا أبا جعفر، أنت واللّه جالس في الجنة، قال: فليس ينبغي لك أن تخرج من الجنة حتى تصطبح فيها، فما جلست واستقر بي المجلس حتى أتوه بمائدة جزع لم أر أحسن منها، وفي وسطها جام جزع ملونة، وقد لوى على جنباتها الذهب الأحمر، وهي مملوءة من ماء ورد، وقد جعل سافاً على ساف، كهيئة الصومعة من صدور الدجاج، وعلى المائدة سكرجات جزع فيها الأصباغ وأنواع الملح، ثم أتينا بسنبوسق يفور وبعدهُ جامات اللوزينج، ورفعت المائدة، وقمنا من فورنا إلى موضع الستارة، فقدم بين أيدينا إجانة صيني بيضاء قد كومت بالبنفسج والخيري، وأخرَى مثلها قد عبئ فيها التفاح الشامي قدرنا مقدار ما حضر فيها ألف تفاحة، فما رأيت طعاماً أنظف منه ولا ريحاناً أظرف منه، فقال لي: هذا حَقُّ الصَّبُوح، فما أنسى إلى الساعة طِيبَ ذلك اليوم.

 قال المسعودي: وإنما ذكرنا هذا الخبر عن محمد بن نصر ليعلم أن علي بن محمد ابنه أخبر عنه بعدما كان عليه، وأنه لم يسلم من لسانه إنسان، وله أخبار وهجو كثير في الناس قد أتينا على مبسوطها فيما سلف من كتبنا، وما كان من قوله في القاسم بن عبيد اللّه، ودخوله إلى المعتضد وهو يلعب بالشطرنج ويتمثل بقول علي بن بسام:         
  حَيَاةُ هذا كمـوت هـذا                      فليس تخلو من المصائب فلما شال رأسه نظر إلى القاسم فاستحيا، فقال: يا قاسم، اقْطَعْ لسان ابن بَسَّامٍ عنك، فخرج القاسم مبادراً ليقطع لسانه، حتى قال له المعتضد: بالبر والشغل ولا تعرض له بسوء، فولاه القاسم البريد والجسر بجند قنسرين والعواصم من أرض الشام، وما كان من قوله في أسَدِ بن جَهْوَر الكاتب وخبره معه وما عم بهجائه أسداً وغيره من الكتاب وهو: 
       
  تَعِسر الزمان لقد أتى بعجـائب                      ومحا رُسُومَ الظـرف والآداب
  أو ما ترى أسَدَ بن جَهْور قد غدا                      متشبهاً بـأجـلّةِ الـكـتـاب
  وأتى بأقوام لو انبسـطـت يدي                      فيهم رددتهم إلـى الـكـتـاب
 وزراء المقتدر
 ولما قتل العباس بن الحسن استوزر المقتدر علي بن محمد بن موسى بن الفرات يوم الأربعاء لأربع ليال خلون من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين فكانت وزارته إلى أن سخط عليه ثلاث سنين وتسعة أشهر وأياماً.
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق