إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 629



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 629


  فكان ابن طولون على أنطاكية في آخر سنة أربع وستين ومائتين، وكان افتتاحه إياها فتي سنة خمس وستين ومائتين بالحيلة من دخلها من بعض أهلها بالليل، وقد أخفوا بحواسهم سورها فتحدر بعضهم مما يلي الجبل وباب فارس، فأتى ابن طولون وقد يئس من فتحها لمنعتها وحَصَانة سورها، فوعدوه فتحها، فضم إليهم عدة من رجاله فتسلقوا من حيث نزلوا، واستعد هو في عسكره وأخذ أهبته، وسيما في داره، فما انفرج عمود الصبح إلا والطولونية قد كَثرُوا على سورها، ونزلوا منحدرين إليها، وارتفع الصوت وكثر الضجيج، وركب سيما فيمن تسرع معه من خواصه، فأرسلت عليه امرأة من أعالي سطح حَجَرَ رَحَا فأتت عليه، وأخذ بَعْضُ من عرفه رأسه فأتى به ابن طولون وقد دخل من باب فارس ونزل على عين هنالك ومعه الحسين بن عبد الرحمن القاضي المعروف بابن الصابوني الأنطاكي الحنفي، فعاث أصحابُ ابن طولون ساعة بإنطاكية، وشمل الناس أذاهم، ثم رفع ذلك لساعتين من النهار، وارتحل ابن طولون يوم الثغر الشامي، فأتي المصيصة وإذَنَةَ، وامتنع طرسوس وفيها يا يزمان الخادم، فلم يكن له في فتحها حيلة، فرجع عنها وقد أراد الغزو- على ما قيل، والله أعلم لأمر بلغه أن العباس ولده قد عصى عليه وفزع أن يحال بينه وبين مصر- فحثَّ في السير ودخل الفسطاط، ولحق العباس ببرقة من بلاد المغرب خوفاً من أبيه وقد حمل معه ما أمكنه حمله من الخزائن والأموال والعدد، وقد أتينا على ما جرى بين أحمد بن طولون وولده العباس من المراسلات في كتابنا أخبار الزمان.

 يازمان غلام الفتح بن خاقان

 وكانت وفاة يازمان الخادم في أرض النصرانية غازياً في جيش الِإسلام تحت الحصن المعروف بكوكب، وكان مولى الفتح بن خاقان، فحمل إلى طرسوس، فدفن بباب الجهاد، وذلك للنصف من رجب سنة ثمان وسبعين ومائتين، وكان معه في تلك الغَزَاة من أمراء السلطان المعروف بالعجيفي وابن أبي عيسى وكان على إمرة طرسوس، وكان يازمان في نهاية البلاغة في الجهاد في البر والبحر، وكان معه رجال من البحريين لم ير مثلهم ولا أشد منهم، وكان له في العدو نكاية عظيمة، وكان العدو يهابه وتفرغ منه النصرانية في حصونها، ولم ير في الثغور الشامية والجزَرِية- بعد عمرو بن عبيد اللّه بن مروان الأقْطَع صاحب ملطية، وعلي بن يحيى الأرمني صاحب الثغور الشامية- أشد إقداماً على الروم من يازمان الخادم.

 عمرو بن عبيد اللّه الأقطع

 وكانت وفاة عمرو بن عبيد اللّه الأقطع، وعلي بن يحيى الأرمني في سنة واحدة، استشهدا جميعاً، وذلك في سنة تسع وأربعين ومائتين في خلافة المستعين باللّه.
 وقد كان عمرو بن عبيد اللّه غازياً في تلك السنة في المَلْطِيِّين، فلقي ملك الروم في خمسين ألفَاً، فصبر الفريقان جميعاً، فاستشهد عمرو بن جميد اللّه ومن كان معه من المسلمين إلا اليسير، وذلك يوم الجمعة للنصف من رجب من هذه السنة.

 علي بن يحيى الأرمني

 وقد كان علي بن يحيى الأرمني انصرف عن الثغر الشامي وولي أرمينية ثم صرف عنها. فلما صار إلى بلاد مَيافارقين ديار بكر عدل إلى ضياع له هنالك ووقع النفير، فخرج مسرعاً وقد أغارت جيوش الروم، فقَتَلَ علي بن يحيى مقدار أربعمائة نفس، والروم لا تعلم أنه علي بن يحيى الأرمني.
 وأخبرني بعض الروم- ممن كمان قد أسلم وحبسن إسلامه- أن الروم صورت عشرة أنفس في بعض كنائسها من أهل البأس والنجدة والمكايد في النصرانية والحيلة من المسلمين: منهم الرجل الذي بعث به معاوية حين احتال عَلَى البطريق فأسره من القسطنطينية، فأقاد منه بالضرب ورده إلى القسطنطينية؛ وعبد الله البطال، وعمرو بن عيد اللّه، وعلي بن يحيى الأرمني، والعريل بن بكار، وأحمد بن أبي قطيفة، وقرنياس البيلقاني صاحب مدينة إبريق- وهي اليوم للروم- وكان بطريق البيالقة، وكانت وفاته في سنة تسع وأربعين ومائتين. وحرس حارس أخت قرنياس؛ ويازمان الخادم في موكبه والرجال حوله، وأبو القاسم بن عبد الباقي. وقد أتينا على وصف مذهب البيالقة واعتقادهم وهو مذهب بين النصرانية والمجوسية، وقد دخلوا في هذا الوقت- وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة- في جملة الروم، وقد فسرنا خبرهم في كتابنا أخبار الزمان.

 من حمية معاوية
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق