إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 651



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 651


  وفيها خرج عن عسكر جيش بن خمارويه خاقان المفلحي وبندقة بن كمجور بن كنداج فساروا إلى وادي القرى، ودخلوا مدينة السلام، فخلع عليهم المعتضد، وفيها كان الشغب بمصر، وقتل علي بن أحمد المارداني أبو محمد المارداني المقبوض عليه في هذا الوقت- وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة- بمصر، وقبض على جيش بن خماروبه، ونصب أخوه هارون بن خمارويه مكانه، وكانوا قد نقموا على جيش تقدمه لغلامه نجح المعروف بالطولوني وأخيه سلامة المعروف بالمؤتمن، وقد كان أخوه سلامة هذا بعد ذلك صحب جماعة من الخلفاء منهم القاهر والراضي، وأراه مع المتقي في هذا الوقت، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.
 وفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين كانت وفاة أبي عمرو مقدام بن عمرو الرعيني بمصر، ليومين بَقِيَا من شهر رمضان، وكان من جِلّةِ الفقهاء، ومن كبار أصحاب مالك.
 وفيها وَلّى المعتضدُ يوسفَ بن يعقوب القضاء بمدينة السلام، وخلع عليه، وانتدبه للجانب الشرقي.

 مصادرة ابن الطيب السرخسي ومقتله

 وفي هذه السنة- وهي سنة ثلاث وثمانين ومائتين- قبض المعتضد على أحمد بن الطيب بن مروان السرخسي صاحب يعقوب بن إسحاق الكندي، وسَلّمه إلى بحر غلامه، ووَجَّه إلى داره مَنْ قبض على جميع ماله، وقرر جواريه على المال حتى استخرجوه، فكان جملة ما حصل من العين والوَرِقِ وثمن الآلات خمسين ومائة ألف دينار، وكان ابن الطيب قد ولي الحِسْبَة ببغداد، وكان موضعه من الفلسفة لا يُجْهَل، وله مصنفات حسان في أنواع من الفلسفة وفنون من الأخبار.
 وقد تنازع الناس في كيفية قتله، والسبب الذي من أجله كان قتل المعتضد إياه، وقد أتينا على ما قيل في ذلك في كتابنا المترجم بالأوسط، فأغنى ذلك عن إعادته في ذلك الكتاب.

 وفيها ورد الخبر بقتل عمرو بن الليث لرافع بن هَرْثَمة.

 وفي سنة أربع وثمانين ومائتين أدخل إلى بغداد رأس رافع بن هرثمة، ثم صُلِبَ ساعة من نهار، ثم رُدَّ إلى دار السلطان.

 ثورة

 وفي هذه السنة كان لأهل بغداد ثورة مع السلطان لصياحهم بالخدم السودان: يا عقيق، صب ماء واطرح دقيق، يا عاق، يا طويل الساق، وذلك أن الخدم في دار السلطان منهم اجتمعوا فكلموا المعتضد بما يلحقهم في الأزقة والشوارع والحروب وسائر الطرق من الصغير والكبير من العوام، فأمر المعتضد بجماعة من العامة، فضربوا بالسياط، فشغب العامة لذلك.

 وفي هذه السنة ظهر للمعتضد شخص في صور مختلفة في داره، فكان تارة يظهر في صورة راهب في لحية بيضاء وعليه لباس الرُّهْبَان، وتارة يظهر شاباً حسن الوجه ذا لحية سوداء بغير تلك البِزَّة، وتارة يظهر شيخاً أبيض اللحية ببِزَّة التجار، وتارة يظهر بيده سيف مسلول، وضرب بعض الخدم فقتله، فكانت الأبواب تؤخذ وتغلق فيظهر له أين كان في بيت أو صحن أو غيره، وكان يظهر له في أعلى الدار التي بناها، فأكثر الناس القول في ذلك، واستفاض الأمر، واشتهر في خواص الناس وعوامهم، وسارت به الركبان، وانتشرت به الأخبار والقول في ذلك على حسب ما كان يقع لكل واحد منهم، فمن قائل: إن شيطاناً مَرِيداً صمد له يظهر فيؤذيه، ومنهم من يقول: إن بعض مؤمني الجن رأى ما هو عليه من المنكر وسَفْك الدماء فظهر له رادعاً وعن المنكر زاجراً، ومنهم من رأى أن ذلك بعض خدمهِ كان قد هوى بعض جواريه فاحتال بحيلة فلسفية من بعض العقاقير الخاصة فيضعها في فمه فلا يحرك بحاسة البصر، وكل ذلك ظن وحسبان، فأحضر المعتضد المعزمين، واشتدَّ قَلَقُه، واستوحش، وجاز عليه أمره، فقتل وغرق جماعة من خدمه وجواريه، وضرب وحبس جماعة منهم، وقد أتينا على الخبر في ذلك وما حكي عن أفلاطون في هذا المعنى، وعلى خبر شغب أم المقتدر باللّه والسبب الذي من أجله حبسها المعتضد وأراد قطع أنفها والتشويه بها في كتابنا أخبار الزمان.
 وفي هذه السنة وَرَدَ الخبر بقتل أبي الليث الحارث بن عبد العزيز بنِ أبي دُلَف بسيفه لنفسه في الحرب، وذلك أن سيفه كان على عاتقه مشهراً فكبابه فرسه فذبحه سيفه، فأخذ عيسى النوشري رأسه وأنفذه إلى بغداد.

 يوم الأجفر
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق