إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 656 وفاة وصيف الخادم



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 656


 وفاة وصيف الخادم
 

  وفي أول يوم من المحرم- وهو يوم الثلاثاء من سنة تسعِ وثمانين ومائتين- توفي وصيف الخادم، فأخرج وصلب على الجسر بدقَ بلا رأس، وقد كان الخدم سألوا المعتضد أن يستروا عورته، فأباح لهم ذلك، فألبس ثياباً، وَلُفَّ عليه ثوب جديد، وخيط على مكان الثياب من سرته إلى الركبتين، وطلى بدنه بالصبر وغيره من الأطلية القابضة والماسكة لأجزاء جسمه، فأقام مَصْلُوباً على الجسر لا يبلى إلى سنة ثلاثمائة في خلافة المقتدر باللّه.
 وفي هذه السنة شغب الجند والعامة، فعمدت العامة إليه تماجُناً وحطوه من فوق الخشبة، وقالوا: قد وجب علينا حق الأستاذ أبي علي وصيف الخادم لطول مجاورته لنا وصبره علينا، ولا يبلى على هذه الخشبة، فلفوه في رداء بعضهم، وحملوه على أكتافهم، وهم نحو من مائة ألف من الناس: يرقصون ويغنون ويصيحون حوله: الأستاذ، الأستاذ، فلما ضجروا من ذلك طرحوه في دجلة فغرق في ذلك اليوم منهم قوم في دجلة وذلك أنهم شَيِّعوه في الماء سباحة، فغرق منهم في جرية الماء خلق كثير.

 أبو الفوارس القرمطي

 وفي هذه السنة أتي بجماعة من القَرَامطة من ناحية الكوفة، منهم المعروف بأبي الفوارس فأدخلوا على الجمل، فأمر المعتضد باللّه بقتل أبي الفوارس بعد أن قطعت يداه ورجلاه، وصلب إلى جانب وصيف الخادم، ثم حول إلى ناحية الكنائس مما يلي الياسرية من الجانب الغربي، فصلب مع قَرَامطة هناك.
 وقد كان لأهل بغداد في قتل أبي الفوارس هذا أراجيف كثيرة وذلك أنه لمِّا قُدِّمَ ليضرب عنقه أشاعت العامة أنه قال لمن حضر قتله من العوام: هذه عمامتى تكون قبلك، فإني راجع بعد أربعين يوماً، فكان يجتمع في كل يوم خلائق من العوام تحت خشبته ويحصون الأيام ويقتتلون ويتناظرون في الطرق في ذلك، فلما تمت الأربعون يوماً- وقد كان كثر لغطهم، واجتمعوا، فكان بعضهم يقول: هذا جسده، ويقول آخر: قد مًر، وإنما السلطان قتل رجلاً آخر وصلبه لكي لا يفتتن الناس- فكثر تنازع الناس في ذلك حتى نودي بتفريقهم، فترك التنازع والخوض فيه.

 المعتضد والطالبيون

 وكان ورد مال من محمد بن زيد من بلاد طبرستان ليفرق في آل أبي طالب سِرّاً، فغمز بذلك إلى المعتضد، فأحْضَرَ الرجل الذي كان يحمل المال إليهم، فأنكر عليه إخفاء ذلك، وأمره بإظهاره، وقَرَّبَ آل أبي طالب، وكان السبب في ذلك قرب النسب، ولما أخبَرَنَا به أبو الحسن محمد بن عليّ الوراق الأنطاكي، الفقيه المعروف بابن الغنوي بأنطاكية، قال: أخبرني محمد بن يحيى بن أبي عباد الجليس، قال: رأى المعتضد بالله وهو في سجن أبيه كأن شيخاً جالساً على دجلة، يمدُّ يَدَهُ إلى ماء دجلة، فيصير في يده وتجفُّ دجلة، ثم يردُّه من يده، فتعود دجلة كَما كانت، قال: فسألت عنه، فقيل لي: هذا علي بن أبي طالب عليه السلام قال: فقمت إليه وَسَلّمت عليه، فقال: يا أحمد، إن هذا الأمر صائر إليك، فلا تتعرض لولدي، ولا تؤذِهِمْ، فقلت: السمع والطاعة يا أمير المؤمنين.
 وغَمّ الناسَ تأخُّرُ الخراج عنهم، وكان إنعام المعتضد عليهم، فقالت الشعراء في ذلك وأكثرت، ووصفت في أشعارها ذلك وأطْنَبَتْ، فممن وصف فأحسن يحيى بن علي المنجم، فقال:         
  يا مُـحْـيي الـشـرف الـلّــبَـــابْ                      وَمُـجَـددَ الـمـلـك الـــخـــراب
  ومـعـيد رُكْـن الــدِّين فـــينـــا                      ثابـتـاً بـعـــد اضـــطـــراب
  فَت الـمـــلـــوك مـــبـــرزاً                      فَوْت الـمـبـرز فـي الــحِـــلاَب
  اسْعَد بنيروز جمعت الشكر فيه إلى الثواب
  قدمت في تَأخِيرِ مَا                      قد قَـدَّمُـوه إلــى الـــصَـــوَاب وقوله:         
  يَوْم نـيروزك يَوْم                      واحد لا يَتَـأَخَّـرْ
  من حَزِيرَان يُوَافِي                      أبَداً في أحد عَشَرْ
 وصول قطر الندى للمعتضد
 وكان وصول قطر الندى بنت خمارويه إلى مدينة السلام مع ابن الجصاص في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين ومائتين؛ ففي ذلك يقول علي بن العباس الرومي:         
  يا سيد الـعـرب الـذي زُفَـتْ لـه                      باليمن والبركات سـيدة الـعـجـم
  أسْعَـد بـهـا كـسـعـودهـا بـك                      إنها ظفرت بما فوق المطالب والهمم
  ظفرت بِمَلأىْ نَاظِـرَيْهَـا بـهـجةً                      وضمير هانُبْلاً، وَكَـفّـيْهَـا كَـرَم 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق