إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 617 الخلاف في مقتل المعتز


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 617


 الخلاف في مقتل المعتز
 

  وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب في ذكر أخبار المعتز قَتْلَ المعتز مجملاً ولم نبين كيفية قتله، وتنازع الناس في ذلك مفصلاً، ورأيت أصحاب السير والتواريخ وذوي العناية بأخبار الدول قد تباينوا في مقتله: فمنهم من ذكر أن المعتز مات في حَبْسه في خلافة المهتدي بالله على ما قدمنا من التاريخ حتْفَ أنفه، ومنهم من ذكر أنه منع في حبسه من الطعام والشراب فمات عند قطع مواد الغذاء عنه من المأكل والمشرب، ومنهم من رأى أنه حقن بالماء الحار المغلي، فمن أجل ذلك حين أخرج إلى الناس وجدوا جوفه وارماً، والأشْهَرُ في الأخباريين ممن عني بأخبار العباسيين أنه أدخل حماماً وأكره في دخوله إياه، وكان الحمام محميّاً ومنع الخروج منه، ثم تنازع هؤلاء: فمنهم من قال إنه ترك في الحمام حتى فاضت نفسه، ومنهم من ذكر أنه أخرج بعد أن كادت نفسه تتلف للحمى، ثم أسقي شربة ماء مقرورة بثلج، فنثرت الكبد وغيره، فخمد من فوره، وذلك ليومين خَلَوَا من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وقد أتينا على مبسوط هذه الأخبار وتنازعهم في هذه الآثار في كتابنا أخبار الزمان.

 بين المهتدي وموسى بن بُغَا

 ولما اتصل بالمهتدي مسير موسى بن بُغَا إلى دار الخلافة أنكر ذلك، وكاتَبَه بالمقام في موضعه، وأن لا يحل عن مركزه للحاجة إليه، فأبى موسى بن بُغَا إلا إغذاذ المسير والسرعة فيه، حتى وافى سامرا، وذلك في سنة ست وخمسينِ ومائتين، وصالح بن وصيف يدبر الأمر مع المهتدي، فلما دنا موسى من سامرا صاحت العامة في مواضعها والغوغاء في طرقاتها: يا فرعون، قد جاء موسى، وكان صالح بن وصيف قد نفر عن المهتدي حين علم بموافاة موسى، وقال: إن المهتدي راسَلَ موسى في السر في المسير إلى سامرا، والشخوص إليها، وكاتبه في ظاهر الأمر وراسله أن لا يقدم، وكان رجل من قواد الأتراك يُقال له بايكيال قد غلب على الأمر أيضاً، وترأس، فدخل موسى سامرا حتى انتهى إلى مجلس المهتدي وهو جالس للمظالم، والدار غاصَّة بخواص الناس وعوامهم، فشِرع أصحاب موسى فدخلوا الدار، وجعلوا يخرجون العامة منها بأشد ما يكون من الضرب بالدبابيس والطبرزينات والعسف، فضجَّتْ العامة، فقام المهتدي منكراً عليهم فعلَهُمْ بمن في الدرا، فلم يرجعوا عما هم عليه فتنحَّى مُغْضَبا، فقدم إليه فرس فركب وقد استشعر منهم الغَدْرَ، فمضى به إلى دار يارجوج، وقد كان موسى بن بُغَا انصرف عن دار المهتدي لما نظر إلى ضَجة العامة فيها، فنزل تلك الدار، فسير بالمهتدي إليها، فأقام فيها ثلاثاً عند موسى بن بُغَا فأخذ عليه موسى العهود والمواثيق ألا يغدر به، وكان أكثر الجيش مع موسى بن بُغَا وكان فيه ديانة وتقشف، حتى إن الجند تأسوْا به، ولم يكن يشرب النبيذ، وكان المهتدي في أخلاقه شَرَاسة، فنافر موسى، وكاد الأمر أن ينفرج، والحال أن يتسع، غير أن موسى تعطف عليه، وأعملا الحيلة في قتل صالح بن وصيف، وخاف موسى أن يكون صالح بن وصيف يعمل الحيلة عليهم في حال اختفائه، فبثَّ في طلبه العيون، حتى وقع عليه، فلما علم صالح هجومهم عليه قاتل ومانع عن نفسه، فقتل واحتز رأسه وأتي به إلى موسى بن بُغَا، ومنهم من رأى أنه أحمي له حمام وأدخل إليه فمات فيه، على حسب ما فعل بالمعتز.

 مقتل المهتدي
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق