إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 704


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 704


  وكان نمي إليه من كتابه ومن أطاف به من أتباعه، من دُهَاة العالم وشياطينه، أن الكواكب ترمي بشعاعها إلى بلاد أصبهان، فيظهر بها ديانة، وينصب بها سرير ملك، ويُجْبى له كنوز الأرض، وأن الملك الذي يليها يكون مصفر الرجلين ويكون من صفته كيت وكيت، وأن مدة عمره في الملك كذا وكذا، ثم يتلوه من ولده من بعده في هذه المملكة أربعون ملكاً، وقربوا له الزمان في ذلك وحددوه وتقربوا إليه بأشياء من هذه المعاني مما مال إليه هَوَاه واستدعاه منهم واستهواه وأظهر أنه المصفر الرجلين الذي يتملك الأرض، وكان معه من الأتراك نحو أربعة آلاف مماليك له في خاصته، دون مَنْ في عسكره من الأتراك، مع ما عنده من الأمراء والأتراك، وكان سيء الصحبة لهم، كثير القتل فيهم، فعملوا على قتله، وتحالفوا وقد كان على المسير إلى مدينة السلام، والقبض على الملك، وتوليه أصحابه مدن الإِسلام بأسرها في شرق البلاد وغربها مما في يد ولد العباس، وغيرهم، فأقْطَعَ الدور ببغداد لأهله، ولم يشك أن الأمر في يده والملك له، فخرج ذات يوم إلى الصيد وهو فرح مسرور، وانصرف وهو كذلك لما قد تم له من الأمر وتأتى له من الملك، فدخل الحمام بعد رجوعه في قصر أحمد بن عبد العزيز بن أبي دُلَفَ العِجْلِيِّ بأصبهان فدخل إليه غلام من وجه الأتراك، وهو بجكم، وكان من خواص الغلمان، ومعه ثلاثة نَفَرٍ من وجوه الأتراك أرى أحدهم توزون مدبر الدولة بعد بجكم، فقتلوه، فخرج بجكم ومن معه، وقد كان أعلم الأتراك بذلك فكانوا له متأهبين دون سائر مَنْ في العسكر، فركبوا من فَوْرِهِم- وذلك في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة في خلافة الراضي- وتفرق الجيش عند وقوع الضجة. وانتهب بعض الناس بعضاً، وأخذت الخزائن وانتهبت الأموال، ثم إن الجبل والديلم ثابوا واجتمعوا وتشاوروا، وقالوا: إن بقينا على ما نحن عليه من التحزب بغير رئيس ننقاد إليه هلكنا، فاجتمع أمرهم على مبايعة وشمكير أخي مرداويج، وتفسير وشمكير بالعربية الأخذ وتفسير مرداويج معلق الرجال، وقد يكتب مزداويجِ بالزاي فبايعوا وشمكير بعد أن تفرق كثير من الجيش، ففرق فيهم كثيراً مما بقي من الأموال، وأحسن إليهم، وَتَوَجَّهَ فيمن معه من العساكر إلى الريِّ فنزلها، وسار بجكم التركي فيمن معه منَ الأتراك وقد جمعوا أنفسهم إلى أن يخلصوا من الديلم، وسار إلى بلاد الدِّينَوَرِ فجبى منها الخراج وأخذ كثيراً من الأموال، وسار إلى النهروان على أقل من يومين من مدينة السلام، فراسل الراضي، وكان الغالب على أمره الساجية وعدة من الغلمان الحجرية، فأبوا أن يتركوه يصل إلى الحضرة خوفاً أن يغلب على الدولة، فمضى بجكم لما منع من الحضرة إلى واسط إلى محمد بن رائق، وكان مقيماً بها، فأدناه، وَحَيَّاه، وغلب عليه، وقوى أمر بجكم واصطنع الرجال، وضعف أمر ابن رائق عنه، فكان من أمره ما قد اشتهر، وقد قدمنا ذكره فيما سلف من كتبنا: من اختفائه وخروج بجكم مع الراضي إلى الموصل ومعهم علي بن خلف بن طباب إلى ديار بني حَمْدَان من بلاد الموصل وديار ربيعة، وظهور محمد بن رائق ببغداد، ومعونة الغَوْغَاء له، ومسيره إلى دار السلطان وقتله لابن برد السيرافي، وخروجه عن الحضرة ومن تبعه من الجبل والقرامطة، مثل رافع وعمارة وغيرهما، وكانوا أنصاره، ومسيره إلى ديار مضر، ونزوله الرقة وما كان بينه وبين نميرة، ودخول يأنس المؤنسي في جملته، ومسيره إلى جند قنسرين والعواصم، وإخراجه طريفاً السكري عنها وتوليته الثغر الشامي.
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق