( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي
صفحة : 620
سيرة المهتدي
وقد كان المهتدي باللّه ذهب في أمره إلى القصد والدين، فقرَّبَ العلماء، ورفع من منازل الفقهاء وعمهم ببِّرهِ، وكان يقول: يا بني هاشم، دعوني حتى أسلك مسلك عمر بن عبد العزيز فأكون فيكم مثل عمر بن عبد العزيز في بني أميّة، وقلل من اللباس والفرش والمطعم والمشرب، وأمر بإخراج آنية الذهب والفضة من الخزائن فكُسرت وضربت دنانير ودراهم، وعمد إلى الصور التي كانت في المجالس فمحيت، وذَبَحَ الكباش التي كان تنَاطَحُ بها بين يدي الخلفاء والديوك، وقتل السباع المحبوسة، ورفع بُسُط الديباج وكل فرش لم ترد الشريعة بإباحته، وكانت الخلفاء قبله تنفق على موائدها في كل يوم عشرة آلاف درهم، فأزال ذلك وجعل لمائدته وسائر مؤنة في كل يوم نحو مائة درهم، وكان يواصل الصيام.
وقيل: إنه لما قتل استخرج رحله من الموضع الذي كان يأوي إليه، فأصيب له سفط مقفل، فتوهموا أن فيه مالاً أو جوهراً، فلما فتح وجد فيها جبة صوف وغل، وقيل: جبة شعر، فسألوا من كان يخدمه فقال: كان إذا جَنَ الليل لبسها، وغلَّ نفسه، وكان يركع ويسجد إلى أن يدركه الصباح، وإنه كان ينام من الليل ساعة من بعد العشاء الآخرة ثم يقوم، وإنه سمعه بعض من كان يأنس إليه قبل أن يقتل وقد صلى المغرب وقد دنا ين إفطاره وهو يقول: اللهم إنه قد صَحَ عن نبيك محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثة لا تحجب لهم دعوة عن اللّه: دعوة الِإمام العادل، وقد أجهدت نفسي في العدل على رعيتي، ودعوة المظلوم، وأنا مظلوم، ودعوة الصائم حتى يفطر، وأنا صائم، وجعل يدعو عليهم وأن يُكْفى شرهم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق