إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 618 مقتل المهتدي



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 618


 مقتل المهتدي
 
  وقوى أمر مُسَاور الشاري، ودنا في عسكره من سامرا، وعمَّ الناسَ بالأذى، وانقطعت السابلة، وظهرت الأعراب، فأخرج المهتدي باللّه موسى بن بُغَا وبايكيال إلى حرب الشاري، وخرج معهما فشيعهما، ثم قَفَلا من غير أن يلقيا شَرّاً، فلما استشعر المهتدي رجوعهما خرج فعسكر بجسر سامرا في جمع من المغاربة والفراغنة وغيرهم من الرسوم ليحارب بايكيال، وقد قيل إن بايكيال أقرأ موسى كتاباً للمهتدي بقتل موسى وَالفَتْك به، وإنه كتب إلى موسى بمثل ذلك، وإنهما علما بتضريب الأمر بينهما، فرجَعَا عما خرجا إليه، وأشرف بايكيال على المهتدي فانصرف موسى على ظهر سامرا متحرجاً لقتال المهتدي، فكانت بين المهتدي وبين بايكيال حرب عظيمة قتل فيها خلق كثير من الناس، وانكشف بايكيال، واستظهر المهتدي عليه، فخرج كمين بايكيال على المهتدي وفيه يارجوجِ التركي فولّى المهتلي وأصحابه، ودخل سامرا مستغيثاً بالعامة مستنصراَ بالناس يصيح في الأسواق فلا مغيث، وقدامه أُناس من الأنصار، فمضى مؤيساً من النصر إلى دار ابن خيعونة بسامرا مختفياً، فهجموا عليه وعزلوه، وحملوه منها إلى دار يارجوج، وقيل له: أتريد أن تحمل الناس على سيرة عظيمة لم يعرفوها. فقال: أريد أن أحملهم على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته والخلفاء الراشدين، فقيل له: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مع قوم قد زهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة كِأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، وأنت إنما رجالكم ما بين تركي وخزَرِي وفرغاني ومغربي وغير ذلك من أنواع الأعاجم لا يعلمون ما يجب عليهم من أمر آخرتهم، وإنما غرضهم ما استعجلوه من هذه الدنيا، فكيف تحملهم على ما ذكرت من الواضحة. فكثر منهم ومنه الكلام والمراجعة في هذا المعنى وأشباهه، ثم انقادوا إليه على حسب ما ظهر للناس من ذلك، فلما كاد الأمر أن يتم قام فيهم سليمان بن وهب الكاتب- وقيل: غيره- وقال: هذا سوء رأي منكم، وخطأ في تدبيركمِ، إن أعطاكم بلسانه فنيته فيكم غير هذا، قال: وسيأتي عليكم جميعاً، ويفرق جمعكم، فلما سمعوا هذا القول استرجعوا وجاءوه بالخناجر، فكان أول من جرحه ابن عم لبايكيال، جرحَه بخنجر في أوداجه، وانكبِّ عليه فالتقم الجرح والدم يفور منه، وأقبل يمصُّ الدم حتى روي منه، والتركي سكران، فلما رويٍ من دم المهتدي قام قائماً وقد مات المهتدي، فقال: يا أصحابنا قد رَوِيت من دم المهتدي كما رَوِيتُ في هذا اليوم من الخمر.
 وقد تنوزع فيما ذكرنا من قتل المهتدي، والأشْهَرُ ما ذكرناه من قتله بالخناجر، ومنهم من رأى أنه عصرت مذاكيره حتى مات، ومنهم من رأى أنه جعل بين لوحين عظيمين وشد بالحبال إلى أن مات، وقيل: قتل خنقاً، وقيل: كبس عليه بالبسط والوسائد حتى مات.
 فلما مات داروا به ينوحون ويبكون عليه، وندموا على ما كان منهم من قتله، لما تبينوا من نسكه وزهده، وقيل: إن ذلك كان يوم الثلاثاء لأربع عشرة بقيت من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان موسى بن بغا ويارجوج التركي غير داخلين في فعل الأتراك.

 سبب حنق الأتراك

 وكان حَنَقُ الأتراك على المهتدي بسبب قتله بايكيال، وذلك أن بايكيال وقع بيد المهتدي فضرب عنقه، ورمى به إلى أصحابه، ومنهم من رأى أنه قتل في الحرب المتقدم ذكرها في الموضع المعروف بجسر سامرا. وقد كان المهتدي لما أفْضَتِ الخلافة إليه أخرج أحمد بن إسرائيل الكاتب وأبا نوح الكاتب إلى باب العامة بسامرا يوم الخميس لثلاث خلون من شهر رمضان، فضرب كل واحد منهما خمسمائة سوط، فماتا، وذلك لأمور كانت منهما استحقّا عند المهتدي فيما يجب في- الشريعة أن يفعل بهما ذلك.
 وقتل المهتدي وله من الولد سبعة عشر ذكراً وست بنات.

 ابن المدبر

 وقد كان المهتدي وَلّى أحمد بن المدبر خَرَاجَ فلسطين، وكانت له معه أخبار قد أتينا على جميعها فيما سلف من كتبنا، وأخبار ابن المدبر لما- وصل إلى فلسطين وما حمل إلى سامرا، وقيل: إن المعتز باللّه كان أخرجه إلى الشام، ولأحمد بن المدبر أخبار حسان، ولِإبراهيم بن المدبر أخيه مع صاحب الزنج أخبار حين أسره.

 مع طفيلي
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق