( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي
صفحة : 703
وكان يقال له: السقطي، فسأله عن أمره فيهم، فأمره أن يطوف بهم الديلم والجبل بحرابهم وخناجرهم فيؤتي عليهم، فأطافت بهم الرجال من الديلم، قأتى على القوم جميعاً، وألحقوا بمن مضى منهم، وبعث منها بقائد من قواده، يعرف بابن علان القزويني وكان يلقب بخواجة، وذلك أن أهل خراسان إذا عَظّموا الشيخ فيهم سَمَّوه خواجة، في عسكر من عساكره إلى مدينة الدينور، ومن همذان إليها ثلاثة أيام، فدخلها بالسيف، وقتل من أهلها في اليوم الأول سبعة عشر ألفاً في قول المقلل، والمكثر يقول: خمسة وعشرين ألفاً، فخرج إليه في مستوري أهل الدينور وصوفيتها وزهادها رجل يُقال له بن مشاد وبيده مصحف قد نشره فقال لابن علان المعروف بخواجه أيها الشيخ، اتَّقِ اللّه وارفع السيف عن هؤلاء المسلمين، فلا ذنب لهم ولا جناية يستحقون بها ما قد نزل بهم، فأمر بأخذ المصحف من يده، فضرب به وجهه، ثم أمر به فذبح، وسبى الأموال والدماء والفروج، وبلغت عساكر مرداويج وجنوده إلى الموضع المعروف بالشجرتين، وهو فرز بين بلاد الجبل وأعمال حلوان مما يلي العراق، وذلك بين يلادطرر والمطامير ومرج القلعة، قتلاً وسَبْياً، وغنم الأموال ثم ولت جيوشه راجعة وقد غنمت الأموال، وقتلت الرجال، وملكت الأولاد، وأخذوا الغلمان وتملَّكوهم، وسَبَوْا من بلاد الدينور وقرماسين والزبيديه إلى حيث ما بلغوا مما وصفنا من البلاد مما أدركه الإِحصاء من الجواري العواتق والغلمان في قول المقلل خمسين ألفاً، وفي قول المكثر مائة ألف، فلما تم لمرداويج ما وصفنا وحملت إليه الأموال والغنائم بعث بها إلى أصبهان بجماعة من قواده في قطعة من عساكره، فملكوها، وأقيمت لهم الأنزال، والغلوفات، وعمرت لهم قصور أحمد بن عبد العزيز بن أبي دُلَفَ العِجْلِيِّ، وهيئت له البساتين والرياض، وزرع له فيها أنواع الرياحين على حسب ما كان في آل عبد العزيز، فسار مرداويج إلى أصبهان، فنزلها وهو في نحو خمسين ألفاً، وقيل: أربعين، سوى ماله بالري وقم وهمذان، وسائر أعماله من العساكر، وقد كان أنفذ جماعهَ من قواده وعساكره مع أبي الحسن محمد بن وهبان الفضيلي، وهو الذي استأمن بعد ذلك إلى السلطان، ثم قصد بعد ذلك إلى محمد بن رائق، وهو بالرقة من بلاد ديار مضر، قبل دخول الشام ومحاربته الإخشيد محمد بن طغج، فاحتال عليه رافع القرمطي.
وكان من قواد ابن رائق، حتى فرق بينه وبين عسكره وغرقه في الفرات، وذلك نحو رحبة مالك بن طَوْق، وقد أتينا على خبره، وما كان من الحيلة في أمره، ومدة بقائه في الماء مقيداً إلى أن خرج، ثم قتل بعد ذلك، في الكتاب الأوسط في أخبار محمد رائق، وسار ابن وهبان فيمن معه من العساكر إلى صقع كور الأهواز، وذلك على طريق مناذر وتستر وأيذج، واحتوى على هذه البلاد وجبى أموالها، وحمل ذلك إلى مرداويج فطَغَى مرداويج وتكبر، وعظمت جيوشه وأمواله وعساكره، وضرب سريراً من الذهب، رُصِّعَ له بالجوهر، وعملت له بدلة وتاج من الذهب، وجمع في ذلك أنواع الجواهر، وقد كان سأل عن تيجان الفرس وهيآتها، فصورت له ومُثِّلَتْ فاختار منها تاج أنوشروان بن قباذ.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق