إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 637


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 637


  ودخل إسماعيل بن حماد القاضي إلى المعتضد وعليه السواد، فسلم عليه بالخلافة، وكان أول مَنْ سلّم عليه بها، وحضر الشهود منهم أبو عوف والحسين بن سالم وغيرهم من العدول حتى أشرفوا على المعتمد ومعهم بدر غلام المعتضد يقول: هل ترون به من بأس أو أثر مات فجأة، وقتلته مداومته لشرب النبيذ، فنظروا إليه فإذا ليس به من أثر، فغسل وكفن وجعل في تابوت قد اعد له وحُمِل إلى سامرا فدفن بها.
 وذكروا- واللّه أعلم- أن سبب وفاته أنه سقي نوعاً من السم في شرابهم الذي كانوا يشربونه، وهو نوع يُقال له البيش يحمل من بلاد الهند وجبال الترك والتبت، وربما وجدوه في سنبل الطيب، وهو ألوان ثلاثة، وفيه خواص عجيبة.
 وللمعتمد أخبار حسان وما كان في أيامه من الكوائن والحوادث مما كان بخراسان من حروب الصفار وغيره، وما كان من ولد أبي دُلَفَ بأرض الجبل، وما كان من العرب من الطولونية وما كان بديار بكر من بلاء وأسر وغيرهما من أحمد بن عيسى ابن الشيخ، وما كان باليمن، قد أتينا على مبسوطها وجميع ذلك كله والغُرَر منه وما حدث في كل سنة من أيامه من الحوادث في كتابينا: أخبار الزمان والأوسط، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الكتاب.

 ذكر خلافة المعتضد باللّه

 وبويع أبو العباس أحمد بن طلحة المعتضد باللّه، في اليوم الذي مات فيه المعتمد على اللّه عمه وهم يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين، وأمه أم ولد رومية يُقال لها ضرار، وكانت وفاته يوم الأحد لسبع بَقِينَ من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين؛ فكانت خلافته تسع سنين وتسعة أشهر ويومين، وتوفي بمدينة السلام وله سبع وأربعون سنة، وقيل: إنه ولي الخلافة ابن إحدى وثلاثين سنة، وتوفي سنة تسع وثمانين- على ما ذكرنا- وله أربعون سنة وأشهر، على تباين أصحاب التواريخ في كتبهم، وما أرَّخُوه في أيامهم، واللّه الموفق.

 ذكر جمل من أخباره وسيره

 ولمع مما كان في أيامه

 حال الرعية في أيامه

 ولما أفْضَتِ الخلافة إلى المعتضد باللّه سكنت الفتن، وصلحت البلدان، وارتفعت الحروب، ورخصت الأسعار، وهدأ الهرج، وسالمه كل مخالف، وكان مُظَفَّراً قد دانت له الأمور، وانفتح له الشرق والغرب، وأديل له في أكثر المخالفين عليه وَالمُنَابذين له، وظفر بهارون الشاري.
 وكان صاحب المملكة والقيم بأمر الخلافة بدر مولاه، وإليه جميع المعارف في جميع الآفاق، وإليه أمر الجيوش وسائر القواد.

 مالية الدولة في عهده

 وخلف المعتضد في بيوت الأموال تسعة آلاف ألف دينار، ومن الوَرِقِ أربعين ألف ألف درهم، ومن الدواب والبغال والجمازات والحمير والجمال اثني عشر ألف رأس، وكان مع ذلك شحيحاً بخيلًا ينظر فيما لا ينظر فيه العوام.

 تقتيره

 وحكى عبد اللّه بن حمدون- وكان نديمه وخاصته، وممن كان يأنس به في خلواته- أنه أمر أن تنقص حَشَمُه ومن كان يجري عليه الأنزال من كل رغيف أوقية، وأن يبتدأ بأمر خبزه، لأن للوصائف عدداً من الرغفان فيها ثلاث لذا وأربع لذا وأكثر من ذلك، قال ابن حمدون: فتعجبت من ذلك في أول أمره، ثم تبينت القصة؛ فإذا أنه يتوفر من ذلك في كل شهر مال عظيم، وتقدم إلى خَزَّانه أن يختار له من الثياب التسترية والدبيقية أحسنها لتقطيعها لنفسه.

 أنواع من قسوته

 وكان مع ذلك قليل الرحمة، كثير الِإقدام، سفاكاً للدماء، شديد الرغبة في أن يمثل بمن يقتله.
 وكان إذا غضب على القائد النبيل، والذي يختصه من غلمانه أمر أن تحفر له حفيرة بحضرته ثم يدلى على رأسه فيها، ويطرح التراب عليه، ونصفه الأسفل ظاهر على التراب، ويداس التراب، فلا يزال كذلك حتى تخرج روحه من دبره.
 وذكر من عذابه أنه كان يأخذ الرجل فيكتف وَيُقَيده فيؤخذ القطن فيحشى في أذنه وخيشومه وفمه، وتوضع المنافخ في دبره حتى ينتفخ ويعظم جسده ثم يسد الدبر بشيء من القطن، ثم يفصد، وقد صار كالجمل العظيم، من العرقين اللذين فوق الحاجبين، فتخرج النفس من ذلك الموضع، وربما كان يقام الرجل في أعلى القصر مجرداَ مُوثَقاً ويرمى بالنشاب حتى يموت.
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق