إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 688 من أخبار حلبة الخيل


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 688


 من أخبار حلبة الخيل
 

  فلما كان في الليلة الثانية دعابهما، فقال: عُودَا إلى ما كنتما عليه البارحة، واشْرَعا في أخبار الحلائب ومراتب الخيل فيها، قال الغلام: يا أمير المؤمنين، أذكر قولاً جامعاً أخبرني به كلاب بن حمزة العقيلي، قال: كانت العرب ترسل خيلها عشرة عشرة أو أسفل، والقصب تسعة ولا يدخل الحجرة المحجرة من الخيل إلا ثمانية، وهذه أسماؤها: الأول السابق، وهو المجلِّي، قال أبو الهندام كلاب: إنما سمى المجلي لأنه جَلّى عن صاحبه ما كان فيه من الكرب والشدة، وقال الفراء: إنما سمى المجلي لأنه يُجَلِّي عن وجه صاحبه، والثاني المصلِّي؛ لأنه وضع جَحْفَلته على قَطاة المجلِّي، وهي صَلاَه، والصلا: عَجْب الذنب بعينه، والثالث المسلِّي؛ لأنه كان شريكاً في السبق، وكانت العرب تعدُ من كل ما تختار ثلاثة، أو لأنه سَلى عن صاحبه بعض همه بالسبق، والرابع التالي، سمي بذلك لأنه تلا هذا المسلِّيَ في حال دون غيره، والخامس المرتاح، وهو المفتعل من الراحة؛ لأن في الراحة خمس أصابع لا يعد منها غيرهن، وإذا أومأت العرب من العلا إلى خمس فتح الذي يومئ بها يَلَى وفرق أصابعه الخمس، وذلك أيضاً ما يؤمنون به من غير عقد الحساب، ثم يكون بعدها إلى أن تكون عشرة فيفتح الذي يومئ بها يديه جميعاً، ويقابل الخمس أصابع بالخمس، فلما كان الخامس مثل خامسة الأصابع وهي الخنصر سمي مرتاحاً، وسمى السادس حظياً؛ لأن له حَظّاً، وقيل: لأن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أعطى السادس قضيبه، وهي آخر حظوظ خيل الحلبة، غير أنه له حظ، وسمي السابع العاطف، لدخوله الحجرة لأنه قد عطف بشيء وإن قل، وحسن إذا كان قد دخل الحرجة المحجورة، وسمي الثامن المؤمل على القلب والتفاؤل كما سموا الفَلاَة مَفَازة واللّدِيغ سليماً، وكنوا الحبشي أبا البيضاء، ونحو ذلك، فكذلك سموا الخائب المؤمل، أي أنه يؤمل وإن كان خائباً؛ لأنه قرب من بعض ذوات الحظوظ بعد، والتاسع اللّطيم؛ لأنه لو رام الحجرة للطم دونها لأنه أعظم جرماً من السابعِ والثامن، والعاشر السكيت لأن صاحبه يعلوه خشوع وذلة ويَسْكُت حزناً وغماً، فكانوا يجعلون في عنق السكيت حبلاً ويحملون عليه قرداً، ويدفعون للقرد سوطاً؛ فيركضه القرد ليعير بذلك صاحبه، وأنشد في ذلك الوليد بن حصن الكلبي:
        
  إذا أنت لم تَسْبِقْ وكنت مُخَلَّفـاً                      سُبِقْتَ إذا لم تدع بالقرد والحبل
  وإن تك حقّاً بالسكيت مخلـفـاً                      فتورث مولاك المذلة بالنبـل

أما ذكره النبل فإن بعضهم كان يفعل ذلك: ينصب فرسه ثم يرميه بالنبل حتى يتعجف، وقد فعل ذلك النعمان بفرسه النهب، قال كلاب بن حمزة: ولم نعلم أحداً من العرب في الجاهلية والإسلام وصَفَ خيل الحلبة العشرة بأسمائها وصفاتها وذكَرَها على مراتبها غير محمد بن يزيد بن مسلمة بن عبد الملك بن مروان، وكان بالجزيرة بالقرية المعروفة بحصن مَسْلَمة من إقليم بَلسْخ من كورة الرقة من ديار مضر فإنه قال في ذلك:       
 
  شهدنا الرهان غداة الـرهـان                      بمَجْمَمَةٍ ضَمَّهَا الـمـوسِـمُ
  نقود إليها مقـاد الـجـمـيع                      ونحن بصنعتـهـمـا أقْـوَم
  غدونا بمقـوودة كـالـقـداح                      غدت بالسعود لهـا الأنْـجُـمُ
  مقابلة نسبة فـي الـصـريح                      نما هُـنَّ لـلأكـرم الأكـرمُ
  كُمَيْت إذا مـا يبـاطـى يبـل                      يفوت الخطـوط إذا يُلْـجَـم
  فمنهنَّ أحـوى مـمـر أغـر                      وأجـود ذو غـرة أرثـــم
  تلألأ فـي وجـهـه فـرجة                      كان تـلألـؤهـا الـمـرزم
  فقيدت لمدخور ما عـنـدهـا                      لمنتظري أنـهـا تـنـجـم
  عليهن سحم صغار الشخوص                      نماهم لحـام أتـى أسـحـم
  كأنهـم فـوق أشـبـاحـهـا                      زرازير في سُـقـف حُـوَّمُ
  فصفت على الحبل في محضر                      بلى أمـره ثـقة مـسـلـم
  تراضوْا به حكمـاً بـينـهـم                      فبالحـق بـينـهـمُ يحـكـم
  وربك بالسبـق عـن سـاعة                      من الناس كـلـهـمُ أعْـلَـمُ
  فقلت ونحـن عـلـى جـدة                      من الأرض نيرها مـظـلـم 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق