إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 634


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 634


  وقد قال يحيى بن خالد بن برمك: الغناء ما أطرَبَكَ فأرْقَصَكَ، وأبكاك فأشْجَاكَ، وما سوى ذلك فبلاءهم.
 قال المعتمد: قد قلتَ فأحسنتَ، ووصفتَ فأطنبتَ، وأقمت شي هذا اليوم سُوقاً للغناء، وعيداً لأنواع الملاهي، وإن كلامك لمثل الثوب المُوَشَّى، يجتمع فيه الأحمر، والأصفر، والأخضر، وسائر الألوان؛ فما صفة المغني الحاذق.
 قال ابن خرداذبه: المغني الحاذق يا أمير المؤمنين: من تمكن من أنفاسه، ولطف في اختلاسه، وتفرع في أجناسه.

 أنواع الطرب

 قال المعتمد: فعلى كم تنقسم أنواع الطرب..

 قال: على ثلاثة أوجه يا أمير المؤمنين، وهي طرب محرك، مستخف الأريحية، ينعش النفس، ودواعي الشيم عند السماع، وطرب شجن محزن، لا سيما إذا كان الشعر في وصف أيام الشباب، والشوق إلى الأوطان، والمراثي لمن عدم الصبر من الأحباب، وطرب يكون في صفاء النفس ولطافة الحس، ولا سيما عند سماع جودة التأليف، وإحكام الصنعة، إذ كان مَنْ لا يعرفه ولا يفهمه لا يسرّه، بل تراه متشاغلاً عنه، فذلج كالحجر الجَلْمد، والجماد الصَّلْد، سواء وُجُوده وعَدَمُه، وقد قال يا أمير المؤمنين بعض الفلاسفة المتقدمين، وكثير من حكماء اليونانيين: مَن عرضت له آفة في حاسة الشم كَرهَ رائحة الطيب، ومن غَلُطَ حسه كره سماع الغناء، وتشاغل عنه، وعَابَهُ، وذمَّهُ.

 منزلة الايقاع وألقابه

 قال المعتمد: فما منزلة الِإيقاع وأنواع الطروق وفنون النغم..
 قال: قد قال في ذلك يا أمير المؤمنين مَنْ تقدم: إن منزلة الِإيقاع من الغناء بمنزلة العروض من الشعر، وقد أوضحوا الِإيقاع، ووَسَمُوه بسمات، ولَقّبُوه بألقاب، وهو أربعة أجناس: ثقيل الأول، وخفيفه، وثقيل الثاني، وخفيفة، والرمل الأول، وخفيفه، والهزج، وخفيفه، والِإيقاع: هو الوزن، ومعنى أوقع وَزَنَ، ولم يوقع: خرج من الوزن، والخروج إبطاء عن الوزن أو سرعة؛ فالثقيل الأول: نقره ثلاثة ثلاثة، اثنتان ثقيلتان بطيئتان، ثم نَقْرَة واحدة، وخفيف ثقيل الثاني: نقره اثنتان متواليتان، وواحدة بطيئة، واثنتان مزدوجتان، وخفيف الرمل: نقره اثنتان اثنتان مزدوجتان، وبين كل زوج وَقْفة، والهزج: نقره واحدة واحدة مستويتان ممسكة، وخفيف الهزج: نقره واحدة واحدة متساويتان في نسق واحد أخف قدراً من الهزج، والطرائق ثمان: الثقيلان الأول والثاني، وخفيفاهما، وخفيف الثقيل الأول منهما يسمى بالمَاخُورِيِّ، وإنما سُمَيَ بذلك لأن إبراهيم بن ميمون الموصلي- وكان من أبناء فارس، وسكن الموصل- كان كثير الغناء في هذه المواخير، بهذه الطريقة، والرمل وخفيفه، ويتفرع من كل واحد من هذه الطرائق مزموم مطلق، وتختلف مواقع الأصابع فيها فيحدث لها ألقاباً تميزها، كالمعصور، والمخبول، والمحثوث، والمخدوع، والأدراج.
 والعُودُ عند أكثر الأمم وجُلِّ الحكماء يوناني، صَنَعَهُ أصحاب الهندسة على هيئة طبائع الِإنسان؛ فإن اعتدلت أوتاره على الأقدار الشريفة جَانَسَ الطبائع فأطرب، والطّرَبُ: رَدُّ النفس إلى الحال الطبيعية دفعة، وكان وَتَر مثل الذي يليه ومثل ثلثه. والدستبان الذي يلي الأنف موضوع على خط التسع من جملة الوَتر والذي يلي المشط موضوع على خط الربع من جملة الوتر فهذه يا أمير المؤمنين جوامع في صفة الِإيقاع ومنتهى حدوده.
 ففرح المعتمد في هذا اليوم، وخلع على ابن خرداذبه، وعلى مَنْ حضره من ندمائه، وفَضَّله عليهم، وكان يوم لهو وسرور.

 الرقص وأنواعه

 فلما كان في صبيحة تلك الليلة دعا المعتمد مَنْ حضره في اليوم الأول، فلما أخذوا مراتبهم من المجلس قال لبعض مَنْ حضره من ندمائه ومغنيه صف لي الرقص وأنواعه، والصفة المحمودة من الرقص، واذكر لي شمائلُه.
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق