إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 662 من أخبار ثعلب


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 662


 
 من أخبار ثعلب

 ولم يزل أحمد بن يحيى مقدماً عند العلماء منذ أيام حداثته إلى أن كبر وصار إماماً في صناعته، ولم يخلف وارثاً ألا ابنه لابنه، فرد ماله عليها، وكان هو ومحمد المبرد عالمين قد ختم بهما الأدباء، وكانا كما قال بعض الشعراء من المحدثين:         
  أيا طالب العلم لا تجهـلَـنْ                      وعُذْ بالمبرد أو ثـعـلـب
  تجد عند هذَيْنِ علم الـورى                      ولا تك كالجمل الأجـرب
  علوم الخـلائق مـقـرونة                      بهذين في الشرق والمغرب وكان محمد بن يزيد المبرد يحب أن يجتمع في المناظرة مع أحمد بن يحيى ويستكثر منه، وكان أحمد بن يحيى يمتنع من ذلك.
 وأخبرنا أبو القاسم جعفر بن حمدان الموصلي الفقيه- وكان صديقهما- قال: قلت لأبي عبد الله الدينوري ختنِ ثعلب: لِمَ يأب أحمد بن يحيى الاجتماع مع المبرد. قال لي: أبو العباس محمد بن يزيد حسن العبارة، حلو الِإشارة، فصيح اللسان، ظاهر البيان، وأحمد بن يحيى مَذْهَبُه مذهب المعلمين، فإذا اجتمعا في مَحْفل حكم لهذا على الظاهر إلى أن يعرف الباطن.
 وأخبرنا أبو بكر القاسم بن بشار الأنباري النحوى، أن أبا عبد الله الدينوريَ هذا كان يختلف إلى أبي العباس المبرد يقرأ عليه كتاب سيبويه عمر وبن عثمان بن قنبر، فكان ثعلب يَعْذِله على ذلك، فلم يكن ذلك يردعه.
 وقيل: إن وفاة أحمد بن يحيى ثعلب كانت في سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

 وفاة جماعة من العلماء

 وفي هذه السنة- وهي سنة إحدى وتسعين ومائتين- مات محمد بن محمد الجذوعي القاضي، وله أخبار عجيبة فيما كان به من المذهب قد أتينا على وصفه ونوادره فيها وما كان له من التعزز في الكتاب الأوسط.
 -وفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين كانت وفاة أبي حازم عبد العزيز بن عبد الحميد القاضي، يوم الخميس لسبع ليال خلون من جمادى الآخرة من هذه السنة ببغداد، وله نيف وتسعون سنة.
 وفي هذه السنة تغلب ابن الخليجي على مصر.
 وفيها وقع الحريق العظيم، فأحرق بباب الطاق نحواً من ثلاثمائة دكان وأكثر.
 وظفر بابن الخليجي في سنة ثلاث وتسعين ومائتينِ بمصر، وأدخل إلى بغداد، وقد أشْهِرَ، وقدامه أربعة وعشرون إنساناً من أصحابه منهم صندل المزاحمي الخادم الأسود، وذلك للنصف من شهر رمضان من هذه السنة.
 وفي سنة أربع وتسعين ومائتين ماسَ موسى بن هارون بن عبد اللّه بن مروان البزاز المحدث، المعروف بالحمال، في يوم الخميس لِإحدى عشرة ليلة بقيت من شعبان ببغداد، ويكنى أبا عمران، وهو ابن نيف وثمانين سنة، ودفن في مقابر باب حرب إلى جانب أحمد بن حنبل.
 وقد قدمنا العذر فيما سلف من هذا الكتاب لذكرنا وفاة هؤلاء الشيوخ إذ كان الناس في أغراضهم مختلفين، وفي طلبهم الفوائد متباينين، وربما قد يقف على هذا الكتاب من لا غرض له فيما ذكرناه فيه ويكون غرضه معرفة وفاة هؤلاء الشيوخ.
 وكانت وفاة أبي مسلم إبراهيم بن عبد اللّه الكجي البصري المحدث في المحرم سنة اثنتين وتسعين ومائتين وهو ابن اثنتين وتسعين سنة وكان مولده في شهر رمضان-سنة مائتين.
 وقبض أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب وهو في سن أبي مسلم على ما ذكرتا من تنازع الناس في تاريخ وفاته، وقد كان أبو العباس أحمد بن يحيى قد ناله صَمَمُ وزاد عليه قبل موته، حتى كان المخاطب له يكتب ما يريده في رقاع.

 وصف القطائف

 وأخبرنا محمد بن يحيى الصولي الشطرنجي قال: كُنا يوماً نأكل بين يدي المكتفي، فوضعت بين أيدينا قطائف رفعت من بين يديه في نهاية النضارة ورقة الخبز وإحكام العمل، فقال: هل وصفت الشعراء هذا. فقال له يحيى بن علي: نعم، قال أحمد بن يحيى فيها:         
  قطائف قد حُشِيَتْ بـالـلـوز                      والسكر الماذِيً حَشْوَ المـوز
  تسبح في آذيِّ دهن الـجـوز                      سررت لما وقعت في حَوْزِي
  فئ سُرُور عباس بقرب فَوْز قال: وأنشدته لابن الرومي قوله:         
  وأتت قطائف بعد ذاك لطائف فقال: هذا يقتضي ابتداء: فأنشدني الشعر من أوله، فأنشدته لابن الرومي:         
  وَخَبِيصَة صَفْـرَاء دينـارية                      ثمناً ولوناً زَفَهَا لك حَـزْوَر
  عظمت فكادت أن تكون إوزة                      وثوت فكاد إهابها يتفـطـر 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق