إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 622



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 622


  قال: وعرض على المهتدي يوماً دفاتر خزائن الكتب، فإذا على ظهر كتابٍ منها هذه الأبيات قالها المعتز باللّه وكتبها بخصها، وهي:         
  إنَي عرفت علاج الطب من وَجَعِـي                      وما عرفت علاج الْحُبّ والـخـدع
  جزعت للحب، والحمىَّ صبرت لهـا                      إنِّي لأعجب من صبري ومن جزعي
  مَنْ كان يشغله عـن إلْـفِـهِ وجـع                      فليس يشغلني عن حُبِّكُـم وجـعـي
  وما أمَلُّ حبـيبـي لـيتـنـي أبـدا                      مع الحبيب وَيَا لَيْتَ الحبيب مـعـي فقطَّبَ وجه المهتدي باللّه، وقال: حدَث وسلطان الشباب، وكان المهتدي كثيراً ما ينشد البيت الأول من هذا الشعر.

 خبر نوف عن علي بن أبي طالب
 وذكر محمد بن علي الربعي- وكان ممن يكثر ملازمة المهتدي وكان حسن المجلس، عارفاً بأيام الناس وأخبارهم- قال: كنت أبايتُ في الليالي المهتدي فقال لي ذات ليلة: أتعرف خبر نوف الذي حكاه عن عليّ بن أبي طالب حين كان يُبَايته. قلت: نعم يا أمير المؤمنين، ذكر نوف قال: رأيت عليّاً رضي اللّه عنه ليلة قد أكثر الخروج والدخول والنظر إلى السماء، ثم قال لي: يا نوف، أنائم أنت. قال: قلت: بل رامِقٌ أرمق بعيني منذ الليلة يا أمير المؤمنين، فقال لي: يا نوف، طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، اُولئك قوم اتخذوا أرض اللّه بساطاً، وترابها ثياباً، وماءها طِيباً، والكتاب شعاراً، والدعاء في دثاراً، ثم قرضوا الدنيا قرضاً على منهاج المسيح ابن مريم عليه السلام، يا نوف، إن اللّه تعالى أوحى إلى عبده عيسى عليه السلام أنْ قُلْ لبني إسرائيل ألّا يدخلوا إليً إلا بقلوب وَجِلَة، وأبصار خاشعة، وأكًف نقية، وَأعْلِمْهُمْ أني لا أجيب لأحد منهم دعوة ولأحَدٍ من خلقي قبلهم مَظْلمة. قال محمد بن علي الربعي: فواللّه لقد كتب المهتدي هذا الخبر بخطه، وقد كنت أسمعه في جوف الليل وقد خلا بربه في بيت كان لخلوته وهو يبكي ويقول: يا نوف، طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، ويمرُّ في الخبر إلى آخره، إلى أن كان من أمره ما كان مع الأتراك وقتلهم إياه.

 علة حب الدنيا

 قال محمد بن علي: قلت للمهتدي ذات يوم- وقد خَلَوْت به، وقد أكثرنا من ذكر آفات الدنيا ومَنْ رَغِبَ فيها، ومن انحرف عنها وزهد فيها-: يا أمير المؤمنين، ما للِإنسان العاقل المميز مع علمه بجميع آفات الدنيا وسرعة إنتقالها وزوالها وغرورها لطلابها يحبها ويأنس إليها. قال المهتدي: حقَّ ذلك له، منها خُلق فهي أمة، وفيها نشأ فهي عَيْشُه، ومنها قدر رزقه فهي حياته، وفيها يعاد فهي كِفَانُه، وفيها اكتسب الجنة فهي مبدأ سعادته، والدنيا ممرّ الصالحين إلىِ الجنة، فكيف لا يحب طريقاً تأخذ بسالكها إلى الجنة في نعيم مقيم خالداَ مخلداً إن كان من أهلها..
 وقيل: إن هذا الكلام في جوِاب علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنهم، وأجاب به سائلاً سأله عن ذلك، وهو مأخوذ من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللهّ عنه، حين مدح الدنيا وذمَّ الذامَ لها، على حسب ما قَدَّمنا فيما سلف من هذا الكتاب في باب ذكر زهده وأخباره.

 خروج صاحب الزنج بالبصرة

 قال المسعودي: وكان خروج صاحب الزنج بالبصرة في خلافة المهتدي، وذلك في سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان يزعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وأكْثَرُ الناس يقول: إنه دَعِىُّ آل أبى طالب ينكرونه وكان من 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق