إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 655 المعتضد ووصيف الخادم



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 655


 المعتضد ووصيف الخادم
 
  وفي هذه السنة- وهي سنة ثمان وثمانين ومائتين- كان دخول المعتضد إلى الثغر الشامي في طلب وصيف الخادم، وراسله رشيق المعروف بالخزامي، واستأمن بالمعتضد وصيف البكتمري وغيره من القواد قواد الخادم، وأصحابه، ولد كان وصيف الخادم لما أخِذَ الأكثر من أصحابه أراد الدخول إلى أرض الروم تعلق بالدروب، وقد كان المعتضد أسرع في السير من بغداد وسَتَرَ أخباره ولم يعلم بذلك وصيف مع شدة حذره وتفقده لأمره، حتى عبر المعتضد الفرات وسار إلى الشام، فلم يُفْلح جسد المعتضد لذلك لما أتعب نفسه في سرعة السير، وقد كان المعتضد لما توسط الثغر الشامي خلف سواده بالكنيسة السوداء، وجرد القواد في طلب وصيف، فساروا في طلبه خمسة عشر ميلاً إلى أن أدركه أوائل الخيل وفيهم خاقان المفلحي ووصيف موشكين وعلى كورة وغيرهم من القواد، فقاتلهم وصيف، وذلك في الموضع المعروف بدرب الجب، فلما أشرف المعتضد ووصيف قد خَذَلَه أصحابه وتفرق عنه جمعه أسر وأتي به المعتضد، فسلمه إلى مؤنس الخادم، وأمن جميع أصحابه إلا نفراً انضافوا إليه من الثغر الشامي وغيره وأحرق المعتضد المراكب الحربية، وحمل من طرسوس أبا إسحاق إمام الجامع، وأبا عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي صاحب مدينة أذَنَةَ من الثغر الشامي وغيرهم من البحريين مثل البغيل وابنه، وكان دخول المعتضد إلى مدينة السلام في المساء لسبع خلون من صفر سنة ثمان وثمانين ومائتين، ودخل جعفر بن المعتضد وهو المقتدر وبدر الكبير وسائر الجيش عَلَى الظهر، وقد زينت الطرق، وبين أيدي وصيف الخادم عَلَى جمل فالج وعليه دراعة ديباج وبرنس، وخلة عَلَى جمل آخر البغيل، وخلف البغيل ابنه على جمل آخر، وخلف البغيل على جمل آخر رجل من أهل الشام يعرف بابن المهندس، وقد لبسوا الدراريع من الحرير الأحمر والأصفر، وعلى رؤوسهم البرانس وطُوِّق وسُوِّرَ خاقان المفلحي وغيره من القواد ممن أبْلَى في ذلك اليوم الذي كان فيه أسر وصيف الخادم، وقد كان المعتضد أراد استحياء وصيف الخادم وأسف على كوت مثله لشهامته وحسن حيله وإقدامه، ثم قال: ليس في طبع هذا الخادم أن يرأسه أحد، بل في طبعه أن يرؤس في نفسه؛ وقد كان بعث إليه بعد أن قبض عليه وأوثق بالحديد: هل لك من شهوة. قال: نعم، باقة من الريحان أشمها، وكتب من سير الملوك الغابرة أنظر فيها، فلما رجع الرسول إلى المعتضد وأخبره بما سأله أمر له بما طلب، وأمر من يراعي نظرة في الكتب، في أي فصل ينظر. فأخبر أو يديم النظر في سير الملوك وحروبها ومحنها، عون سائر ما حمل إلى حضرته من الدفاتر، فتعجب المعتضد وقال: هو يُهَوِّنُ على نفسه الموت.
 وفي هذه السنة كانت وفاة أبي عبيد اللّه محمد بن أبي الساج بأذربيجان، فاختلفت كلمة أصحابه وغلمانه بعده. فمنهم من انحاز إلى أخيه يوسف بن أبي الساج، ومنهم من انحاز إلى ولده بودار.
 وفي هذه السنة- وهي سنة ثمان وثمانين ومائتين- كانت وفاة أبي علي بشر بن موسى بن صالح بن صبيح بن عمير، المحدث، وله ثمان وسبعون سنة، ودفن في الجانب الغربي بمقابر باب التين.
 وفي هذه السنة أدخل عمرو بن الليث إلى مدينة السلام في جمادى الأولى، قدم به عبد اللّه بن الفتح رسول السلطان، فشهر عمرو، وأركب على جمل فالج وقد ألبس دراعة ديباج وخلفه بحر والوزير القاسم بن لبيد اللّه في الجيش، فأتوا به الثريا، فرآه المعتضد، ثم أدخل المطامير، وقد كان في هذا الوقت ثارت عساكر الشاكرية من قبل طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث غضباً لجده عمرو، ولحقته ببلاد الأهواز، وخرجت عن حدود فارس، واضطرب الأمر، وبعث المعتضد عبد اللّه بن الفتح وأشناس إلى إسماعيل بن أحمد ومعهما هدايا، منها: مائة بدنة ديباج، منسوجة بالذهب، مُرَصَّعَة بالجوهر، ومنطقة ذهب مرَصَّعَة بالجوهر، وغير ذلك من الجواهر، وثلاثمائة ألف دينار ليفرقها في أصحابه، ويبعثهم إلى بلاد سجستان إلى حرب طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث، وأمر عبد اللّه بن الفتح أن يحمل في طريقه من خراج ما يجتاز به ن بلاد الجبل عَشَرَةَ آلاف ألف درهم، ويضيفها إلى الثلاثمائة ألف دينار، سار بدر غلام المعتضد باللّه في عساكره إلى بلاد فارس من هذه السنة، فنزل شيراز، وانكشف عن البلد الشاكرية.

 وفاة وصيف الخادم
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق