إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 672 أخلاقه


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 672


 أخلاقه
 

  وكانت أخلاقه لا تكاد تحصل ، لتقلبه وتلونه، وكان شَهْماً شديد البطش بأعدائه، وأبَادَ جماعة من أهل الدولة، منهم مؤنس الخادم، وبليق، وعلي بن بليق، فهابه الناس وَخَشُوا صَوْلته، واتخذ حربة يحملها في يده إذا سعى في داره ويطرحها بين يديه في حال جلوسه، ويباشر الضرب بتلك الحربة لمن يريد قَتْله، فسكن من كان يستعمل على مَنْ قبله من الخلفاء التشغب والتوثب عليهم، وكان قليل التثبت في أمره، مَخوفَ السطوة، فأدَّاهُ ما وصفنا من فعله إلى أن احتيل عليه في داره فقبض عليه، وسملت كلتا عينيه وهو حي في هذا الوقت في الجانب الغربي في دار ابن طاهرِ، على ما نُمِيَ إلينا من خبره واتصل بنا من أمره، وذلك أن الراضي باللّه غيَّبَ خبره وقطع ذكره، فلما بويع إبراهيم المتقي باللّه أصيب القاهر معتقلاً في بعض المقاصير، فأمر به إلى دار ابن طاهر، فاعتقل بها إلى هذه الغاية على ما وصفنا.

 الخراساني الأخباري يصف الخلفاء العباسيين للقاهر باللّه

 وذكر محمد بن علي العبدي الخراساني الأخباري، وكان القاهر به آنساً، قال: خلا بي القاهر فقال: اصدقني أو هذه- وأشار إلي بالحربة- فرأيت واللّه الموتَ عيَاناً بيني وبينه، فقلت: أصدقك يا أمير المؤمنين، فقال لي: انظر، يقولها ثلاثاً، فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: عما أسألك عنه، ولا تُغَيِّبْ عني شيئاً، ولا تحسن القصة، ولا تسجع فيها، ولا تسقط منها شيئاً، قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: أنت عَلاَّمة بأخبار خلفاء بني العباس في أخلاقهم وشيمهم من أبي العباس السفاح فمن دونه، فقلت: على أن لي الأمان يا أمير المؤمنين، قال: ذلك لك.

 وصف السفاح

 قال: قلت: أما أبو العباس السفاح، فكان سريعاً إلى سفْك الدماء، واتَبعه عماله في الشرق والغرب في فعله، وَاسْتَنُّوا بسيرته، مثل محمد بن الأشعث بالمغرب، وصالحٍ بن علي بمصر، وخازم بن خزيمة، وحميد بن قَحْطَبة، وكان مع ذلك بحرا سَمْحاً وَصُولاً جواداً بالماء، وسلك مَنْ ذكرنا من عماله وغيرهم ممن كان في عصره سبيله، وذهبوا مذهبه مؤتمين به.

 وصف المنصور

 قال: وأخبرني عن المنصور، قلت: الصدق يا أمير المؤمنين.
 قال: الصدق.
 قلت: كان واللّه أول من أوقع الفُرْقَةَ بين ولد العباس بن عبد المطلب وبين آل أبي طالب، وقد كان قبل ذلك أمرهم واحداً، وكان أول خليفة قَرَّبَ المنجمين وعمل بأحكام النجوم، وكان معه نُوبَخْتُ المجوسيًّ المنجم، وأسلم على يديه، وهو أبو هؤلاء النوبختية، وإبراهيم الفزاري المنجم، صاحب القصيدة في النجوم، وغير ذلك من علوم النجوم وهيئة الفلك، وعلي بن عيسى الإِسطرلابي المنجم، وهو أول خليفة ترجمت له الكتب من اللغات العجمية إلى العربية، منها: كتاب كليلة ودمنة وكتاب السندهند، وترجمت له كتُبُ أرسطاطاليس، من المنطقيات وغيرها، وترجم له كتاب المجسطي لبطليموس، وكتاب الأرتماطيقي، وكتاب إقليدس وسائر الكتب القديمة من اليونانية، والرومية، والفهلوية، والفارسية، والسريانية، وأًخرجت إلى الناس، فنظروا فيها، وتعلقوا إلى علمها، وفي أيامه وضع محمد بن إسحاق كتاب المغازي، والسير: وأخبار المبتدأ ولم تكن قبل ذلك مجموعة ولا معروفة ولا مُصَنَّفة، وكان أول خليفة استعمل مواليه وغلمانه في أعماله وصرفهم في مهماته، وقَدَّمهم على العرب، فامتثل ذلك الخلفاء من بعده من ولده، فسقطت وبادت العرب، وزال بأسها، وذهبت مراتبها، وأفضَتِ الخلافة إليه، وقد نظر في العلم، وقرأ المذاهب، وارتاض في الآرأء، ووقف على النِّحَل، وكتب الحديث، فكثرت في أيامه روايات الناس، واتسعت عليهم علومهم.

 وصف المهدي

 قال القاهر: قد قلت فأحسنت، وعبرت فبينت، فأخبرني عن المهدي كيف كانت أخلاقه..
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق