إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 678



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 678


          
  فأجدىَ على السلطان في ذاك أنه  أراه بها كيف اتقاء الـغـوائل
  وتصريف ما فيها إذا ما اعتبرته شبيه بتصريف القنا والقنـابـل

 كلمات في النرد

 قال المسعودي: فأما ما قيل في النرد وأوصافها فقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب كيفية نصبها والمحدِثَ للعبها، على ما حكي من التنازع في ذلك عند ذكرنا أخبار الهند، وفيها عند ذوي المعرفة بها ضروب اللعب وفنون من الترتيب، ووجوه من النصب، إلا أن عدد البيوت واحد زيادة فيها ولا نقصان، على ما تقدم في ذلك من علمها والمعهود في أصولها، وأن الفصين فيها مُحَكمان، واللاعب بهما وإن لم يكن مختاراً ولا خارجاً عن حكم الفصين فيها وقضائهما محتاج إلى أن يكون صحب النقل وسابقه صحيح الحساب حسن الترتيب جيده.

 وقد قيل في لعبها ووصفها وإحكام الفصين فيها وقضائهما على لُعابها أشعار كثيرة بالغوا بالقول فيها، وأغرقوا في استيعاب معانيها، من ذلك قول بعضهم:         
  لا خير في النَّرْدِ لا يغني ممارسَهَا                      حُسْنً الذكاء إذا ما كان محروما
  تريك أفعال فَصَيْهَا بحكمـهـمـا                      ضدين في الحال ميموناً ومشؤوماً
  فما تكاد ترى فـيهـا أخـا أدب                      يفوته القَمْرُ إلا كان مظلـومـا وأخبرني أبو الفتح محمود بن الحسين السندي بن شاهك الكاتب المعروف بكشاجم، وكان من أهل العلم والرواية والمعرفة والأدب، أنه كتب إلى صديق له يذم النرد، وكان بها مشتهراً، أبياتاً، وهي:         
  أيهـا الـمـعـجـب الـمـفـاخـر بـالـــنَّـــرْ                      د لـيُزْهـى بــهـــا عـــلـــى الِإخـــوان
  قد لعمري حرصت جهداً على قَمْرك لو لم تواتك الفصان
  غير أن الأريب يكذبه الظن ويَبْكِي لشدة الحرمان
  وإذا ما القضاء جاءت بحكم                      لم يجـدْعـن قـضـائهـا الـخـــصـــمـــان
  ولـعـمـري مـا كـــنـــت أول إنـــســـا                      نٍ تـمـنـى فـأخـلـفــتـــه الأمـــانـــي وأنشدني أبو الفتح أيضاً لأبي نُوَاس:         
  ومأمورة بالأمر تأتـي بـغـيره                      ولم تتبع في ذاك غَيّاً ولا رشدا
  إذا قلت لم تفعل وليست مطـيعة                      وأفعل ما قالت فَصِرْتُ لها عبدا

وقد قدمنا في باب أخبار ملوك الهند فيما سلف من هذا الكتاب قول من قال في النرد والفصين: إنها جعلت مثلاً للمكاسب، وإنها لا تنال بالكَيْس ولا بالحيل، وما ذكر عن أردشير بن بابك في ذلك أنه أول من لعب بها، وأرى تقلب الدنيا بأهلها، وجعل بيوتها اثني عشر على ترتيب عدد الشهور، وإن كلابها ثلاثون كلباً بعدد أيام الشهور، وإن الفصين مثال للقدر وَتَلَعُّبِهِ بأهل هذا العالم، وغير ذلك مما وصفنا من أحوالها، وما قدمنا من ذكرها في هذا الكتاب وغيره مما سلف من كتبنا.
 وذكر بعض أهل النظر من الإِسلاميين أن واضع الشطرنج كان عَدْلياً مستطيعاً فيما يفعل، وأن واضع النرد كان مجبراً، فتبين باللعب بها أنه لا صُنْعَ له فيها، بل تصرفه فيها على ما يوجبه القَدَرُعليه بها.

 العروضي يحكي عن الراضي وسعة إطلاعه
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق