إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 628 وقعة الطواحين


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 628


 وقعة الطواحين
 
  ووجَّه الموفق ابنُه أبا العباس لمحاربة أبي الجيش خمارويه في سنة إحدى وسبعين ومائتين، فكانت الوقعة بينهما بالطواحين من أعمال فلسطين يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من شوال في هذه السنة، فكانت الهزيمة على أبي الجيش، واحتوى أبو العباس على جميع عسكره، وأفْلت أبو الجيش في جماعة من قُوَّاده حتى أتى الفسطاط، وتخلف غلامه سعد الأعسر فواقع أبا العباس، فهزمه واستباح عسكره، وقتل رؤساء قُوَّاده، وجِلةَ أصحابه، ومضى أبو العباس لا يُلْوِي على شيء حتى أتى العراق، وقلد أبو الجيش أمر وزراته عَليَّ بن أحمد المادراني، وأبو بكر محمد بن عَلِيِّ بن أحمد المادراني هو المعتقل في يد الإِخشيد محمد بن طغج في هذا الوقت- وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة- وقد كان عَلَى وزارته بمصر هو وولده الحسين بن محمد، فلما استوزر الِإخشيد أبا الحسن عَلِيَّ بن خلف بن طباب وانفصل من دمشق إلى الفسطاط قبض عليه وعلى أخيه إبراهيم بن خلف واستوزر أبا الحسن محمدِ بن عبد الوهاب.

 الربيع المراعي

 وفي سنة سبعين ومائتين كانت وفاة الربيع بن سليمان، المراثي، المؤذن، صاحب محمد بن إدريس الشافعي، والراوي لأكثر كتبه عنه بمصر.
 وأخبرنا أبو عبد اللّه الحسن بن مروان المصري وغيره، عن الربيع بن سليمان قال: استعار الشافعي من محمد بن الحسن الكوفي شيئاً من كتبه فلم يبعث بها إليه، فكتب إليه الشافعي:         
  يا، قل لمن لم تر عين مَنْ رآه مثله
  من كان من قدراءه                      ما قـد رأى مَـنْ قـبــلـــه
  ومـن كـلامـــنـــا لـــه                      حيث عـقـلـنـا عـقــلـــه
  لأن مـــا يجـــنــــــه                      فاق الـكـمــال كـــلـــه
  الـعـلـم يَنْـهـى أهــلـــه                      أن يمـنـعــوه أهـــلـــه
  لعـــلّـــه يبـــذلــــه                      لأهـلــه لـــعـــلّـــه فبعث إليه محمد بن الحسن بأكثر كتبه التي سأل عنها.

 المعتمد والموفق

 وبايع المعتمد لابنه جعفر، وسماه المفوض إلى اللّه، وقد كان المعتمد آثر اللذة، واعتكف على الملاهي، وغلب أخوه أبو أحمد الموفق على الأمور وتدبيرها، ثم حظر على المعتمد وحبسه، فكان أول خليفة قهر وحبس وحجر عليه، ووكل به بفم الصلح، وقد كان قبل ذلك هرب وصار إلى حديثة الموصل، فبعث الموفق بصاعد إلى سامرا، وكتب إلى إسحاق بن كنداج فردَّه من حديثة الموصل.

 خروج أحمد بن طولون

 وفي سنة أربع وستين ومائتين كان خروج أحمد بن طولون من مصر مظهراً للغزو في عساكر كثيرة وخلق من المطوعة قد انجذبوا معه من مصر وفلسطين، فقَبْلً وصوله إلى دمشق مات ماجور التركي بدمشق، وقد كان عليها، فدخلها أحمد، واحتوى على جميع تركته من الخزائن وغيرها، وسبار منها إلى حمص، وسار منها إلى بلاد أنطاكية، ووصلت مقدمته إلى بلاد الإسكندرية من شاطئ بحر الروم، ووصل هو إلى الموضع المعروف ببغراس من جبل اللكام، وقد تقدمته المطوعة والغزاة إلى الثغر الشامي، ثم عطف هو راجعاً من غير أن يكون تقدم إلى الناس معرفة ذلك منه، حتى نزل مدينة إنطاكية، وفيها يومئذ سيما الطويل في عدة منيعة من الأتراك وغيرهم وقد قدمنا فيما تقدم من هذا الكتاب الخبر عن كيفية بناء إنطاكية وقصة سورها، والملك الباني لها، وصفة سورها في السهل والجبل. وقد كان قبل نزول أحمد بن طولون على أنطاكية وقع بين سيما وبين أحمد المؤيد حروبٌ كثيرة ببلاد جند قنسرين والعواصم من أرض الشام، وكان سيما الطويل قط عم أذاه أهلها من قَتْل وأخذ مال، وكان نزول ابن طولون على باب من أبوابها يعرف بباب فارس تلقاء السوق، وقد أحاطت عساكره بها، ونزل غلامه المعروف بلؤلؤ على باب من أبوابها يعرف بباب البحر، وقد كان لؤلؤ بعد ذلك انحدر إلى السلطان مستأمناً، فأتى الموفق وهو مُنَازِل لصاحب الزنج، فكان من أمره وقتل صاحب الزنج ما قدمنا ذكره فيما سلف من كتبنا من وقوع المشاجرة بين أصحاب لؤلؤ وأصحاب الموفق كما قدمنا أيهم القاتل لصاحب الزنج، وكادت الحال أن تنفرج بينهم في فلك اليوم حتى قيل في عسكر الموفق:         
  كيفما شئتم فقولوا                      إنما الفتح لِلولُو 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق