إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 641


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 641


  وله أخبار ونوادر حسان قد دونت: منها أن بعض عمال الخراج - بالبصرة كان مصروفاً عن عمله، وأبو خليفة مصروفْاً عن قضائه، فبعث العامل إلى أبي خليفة أن مبرمان النحوي صاحب أبي العباس المبرد قد زارني في هذا اليوم إلى بعض الأنهار والبساتين، فأتوه مبكرين مع من حضرنا من أصحابنا، وسألوه الحضور معهم، فجلسوا في سمارية متفكهين قد غيروا ظواهر زيهم حتى أتوا نهراً من أنهار البصرة واستحسنوا بعض البساتين فقدموا إليه وخرجوا إلى الشط وجلسوا تحت النخل على شط النهر وقم إليهم ما حُمل معهم من الطعام وكان أيام المبادي وهي الأيام التي يُثْمِر فيها الرطب فيكبسونه في القواصر تمراً، وتكون حينئذ البساتين مشحونة بالرجال ممن يعمل في التمر من الأكَرَة، وهم الزراع وغيرهم؛ فلما أكلوا قال بعضهم لأبي خليفة غير مكن له خوفاً أن يعرفه مَنْ حضر ممن ذكرنا من الأكَرَةِ والعمال في النخل: أخبرني أطال اللّه بقاءك عن قول اللّه عز وجل:  يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً  هذه الواو ما موقعها من الِإعراب. قال أبو خليفة: موقعها رفع، وقوله:  قوا  هو أمر للجماعة من الرجال، قال له: كيف تقول للواحد من الرجال والاثنين. قال: يُقال للواحد من الرجال: قِ، وللاثنين قيا، وللجماعة: قوا، قال: كيف تقول للواحدة من النساء وللاثنتين منهن وللجماعة منهن. قال أبو خليفة: يُقال للواحدة: قي، وللاثنتين: قيا، وللجماعة: قِينَ. قال: فأسألك أن تعجل بالعَجَلةِ كيف يقال للواحد من الرجال وللاثنين وللجماعة والواحدة من النساء والاثنتين منهن والجماعه منهن. قال أبو خليفة عجلان: قِ قيا قوا قي قيا قين، وكان بالقرب منهم جماعة من الأكَرَةِ، فلما سمعوا ذلك استعظموه، وقالوا: يا زنادقة، أنتم تقرءون القرآن بحروف الدجاج، وعَدوْا عليهم فصفعوهم، فما تخلص أبو خليفة والقوم الذين كانوا معه من أيديهم إلا بعد كد طويل.
 وقد أتينا على نوادر أبي خليفة ومخاطبته لبغلته حين ألقته وما تكلم به حين دخول اللص إلى داره وغير ذلك في كتابنا الأوسط.
 وكانت وفاة أبي خليفة بالبصرة في سنة خمس وثلاثمائة.

 ابن الشيخ في آمد

 وفي سنة ست وثمانين ومائتين في ربيع الأول نزل المعتضد على آمد، وذلك بعد وفاة أحمد بن عيسى بن الشيخ عبد الرزاق، وقد تحصن بها ولده محمد بن أحمد بن عيسى بن عبد الرزاق، فَبَثَ جيشه حولها وحاصرها، فحدث علقمة بن عبد الرزاق قال: حدثنا رواحة بن عيسى بن عبد الملك، عن شعبة بن شهاب اليشكري، قال: وَجه أبي المعتضد إلى محمد بن عيسى بن الشيخ لأخذ بالحجة عليه، فلما صرت إليه واتصل الخبر بأم الشريف أرسلت إلي، فقالت: يا ابن شهاب، كيف خَلَّفْتَ أمير المؤمنين. قال: فقلت: خَلَّفْتُه واللّه ملكاً جذلاً، وحكماً عدلاً، أماراً بالمعروف، فعّالاً للخير، متعززاً على أهل الباطل، متذللاً للحق، لا تأخذة في الله لومة لائم، قال: فقالت لي: هو واللّه أهل لذلك ومستحقه ومستوجبه، وكيف لا يكون ذلك كذلك وهو ظل اللّه الممدود على بلاده، وخليفته المؤتمن على عباده، أعزَّ به دينه، وأحيا به سُنّته، وثبَّت به. شريعته، ثم قال لي؛ وكيف رأيت صاحِبِنَا. تعني ابن أخيها محمد بن أحمد، قال: فقلت: رأيت غلاماً حَدَثاً معجباً قد استحوذ عليه السفهاء فاستمدَّ بآرائهم وأنْصَتَ لأقوالهم، فهم يزخرفون له الكلام، ويوردونه النّدَمَ، فقالت لي: فهل لك أن ترْجع إليه بكتاب فلعلنا أن نَحُل ما عَقَدَه السفهاء؛ قال: قلت: أجل، فكتبَتْ إليه كتاباً لطيفاً حسناً أجزلت فيه الموعظة، وأخلصت فيه النصيحة، وكتبت في آخره هذه الأبيات:         
  أقْبَلْ نصيحة أمَّ قلـبـهـا وَجِـعٌ                      عليك، خوفاً وإشفاقاً، وقُلْ سَـدَدَا
  واستعمل الفكر في قولي فإنك إن                      فَكَّرْتَ ألفَيْتَ في قولي لك الرّشَدَا
  ولا تَثِقْ برجال في قـلـوبـهـمُ                      ضغائن تبعث الشَنْان والحـسـدَا
  مثل النعاج خمول في بـيوتـهـم                      حتى إذا أمنوا ألفـيتـهـم أسُـدَا
  وَداوِ ذلـك والأدواء مـمـكـنة                      وإذ طبيبك قد ألْـقَـي إلـيك يَدَا
  واعطِ الخليفة ما يرضيه منك ولا                      تَمْنَعْهُ مالاً ولا أهـلاً ولا ولـدا 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق