إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 684 انتقاض الأمر عليه


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 684


 انتقاض الأمر عليه
 
  واشتد أمر البريديين بالبصرة، ومنعوا السفن أن تصعد، وعظم جيشهم، وكثرت رجالهم، وصار لهم جيشان: جيش في الماء في الشذوات والطيارات والسميريات والزبازبِ، وهذه أنواع من المراكب يُقَاتَلُ فيها صغار وكبار، وجيش في البر عظيم، واصطنعوا الرجل، وبذلوا الرغائب، فانضاف إليهم حجرية السلطان وغلمانه، وصار جيش السلطان الأتراك والديلم والجبل ونفراً من القرامطة، وكلُّ ذلك مع توزون، وكان توزون من رفقاء بَجْكم والخواص من أصحابه، فانحدر توزون إلى واسط لحرب البريديين، وكانوا ملكوا واسط وتغلبوا عليها، فكانت بينهم سِجَالاً، والمتقي للّه لا أمر له، ولا نَهْي، فكاتب المتقي أبا محمد الحسن بن عبد اللّه بن حمدان ناصر الدولة، وأخاه أبا الحسن على بن عبد اللّه سيف الدولة أن يُنْجِدوه ويستنقذوه مما هو فيه، ويفوض إليهما الملك والتدبير، وقد كان قبل ذلك خرج إليهم وتوزون في جمليهم منضاف وغيره من الأتراك والدَيْلم، وذلك عند قتلهم محمد بن رائق في سنة ثلاثين وثلاثمائة، وانحدارهم إلى مدينة السلام، واستيلائهم على الملك والقيام به وحربهم البريديين، وما كان بينهم من الوقائع إلى أن توجهَ عليهم ما ذكرنا في كتابنا أخبار الزمان من خروج أبي محمد الحسن بن عبد اللّه من الحضرة إلى الموصل، ولوحق أخيه أبي الحسن علي بن عبد اللّه، وخَلاَصه مما دَبَّرَه عليه توزون وجعجع التركي، وخرج المتقي إلى الموصل، فلما بلغ توزونَ ذلك رجع إلى بغداد وقصد بني حَمْدَان، فكان التقاؤهم بعكبرا، فكانت بينهم سِجَالاً، ثم كانت لتوزون عليهم، فرجع إلى بغداد، ثم أجمعوا له أيضاً، ورجعوا إليه، فتركهم حتى قربوا إلى بغداد، فخرج عليهم فلقيهم فهزمهم بعد مواقعات كانت بينهم، وسار وراءهم حتى دخل الموصل، وخرج عنها إلى مدينة بلد، فصالحوه على مالٍ حملوه إليه، فرجع إلى بغداد وهو مُسْتَظْهر بمن معه من الأتراك والجبل والديلم وكمال العدة والكراع، وسار المتقي إلى نصيبين، ورجع عنها إلى الرقة فنزلها، وذلك لأيام بقين من شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وكاتب الإِخشيد محمد بن طغجِ صاحب مصر فسار إلى الرقة وحمل إليه مالاً كثيراً، وأهدى إليه غلماناً وأثاثاً، وضم إليه قائداً من قواده، وجَفَل أمره، وزاد في حاله، وبَرَّ جميع من معه من وزيره أبي الحسن علي بن محمد بن مقلة، وقاضي القضاة أحمد بن عبد اللّه بن إسحاق الخرقي، وسلام الحاجب المعروف بأخي نجح الطولوني، وجماعة الوجوه والغلمان، ثم لم يعبر الإِخشيد محمد بن طغج إلى الرقة ولا إلى شيء من جانب الجزيرة وديار مُضَرَ، وعبر المتقي، وسار إلى معسكره من الجانب الشامي؛ فكانت بينهم خطوب وأيمان وعهود، وأبو الحسن علي بن عبد اللّه بن حَمْدَان مقيم بحران على طول مُقَام المتقي بالرقة، وقد كان أبو عبد اللّه الحسين بن سعيد بن حَمْدَان سار عن حلب وبلاد حمص عند مسير الإخشيد إلى بلاد قنسرين والعواصم، فانفَضَّ جمعه، وتفرق جنده عنه، وانضافوا إلى أبي الحسن علي بن عبد اللّه، واتصلت كُتُبُ توزون بالمتقي، وتواترت رسله يسأله الرجوع إلى الحضرة، وأشهد توزون مَنْ حضره من القضاة والفقهاء والشهود، وأعطى العهود والمواثيق بالسمع والطاعة للمتقي، والتصرف به بين أمره ونهيه، وترك الخلاف عليه، وأنفذ إليه كتب القضاة والشهود بما بذل من الأيمان وأعطى من العهود، وأشار بنو حمدان على المتقي أن لا ينحدر، وخَوَّفوه من توزون، وحَذَّروه أمره، فإنه لا يأمنه على نفسه؛ فأبى إلا مخالفتهم والثقة بما ورد عليه من توزون، وقد كان بنو حمدان أنققوا على المتقي نفقةً واسعة عظيمة طول مقامه عندهم واجتيازه بهم؛ يكثر وصفها ويعسر علينا في التحصيل إيرادها بإكثار المخبرين لنا بتحديدها، وانصرف الإخشيد عن الفُرَات متوجهاً نحو مصر، وانحدر المتقي في الفرات، فتلقاه أبو جعفر بن شيرزاد كاتب توزون بأحسن لقاء، وأقام له الأتراك، ومضى في إنحداره حتى دخل النهر المعروف بنهر عيسى، وسار إلى الضيعة المعروفة بالسندية على شاطئ هذا النهر، فتلقاه توزون هنالك، وتَرجلَ له ومشى بين يديه؛ فأقسم عليه أن يركب ففعل، حتى وافى به إلى المضرب الذي كان ضَرَبَه له عَلى الشط من نهر عيسى، وذلك على شَوْطٍ من مدينة السلام، فأقام هنالك، وأنفذ رسلاً إلى دار طاهر ليحضر المستكفي، فلما حصل 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق