( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي
صفحة : 685
المستكفي في المضرب قبض على المتقي، ونهب جميع ما كان معه، وقبض على وزيره أبي الحسن علي بن محمد بن مُقْلَة، وعلى قاضيه أحمد بن عبد اللّه بن إسحاق، ونهب جميع المسكر، وانصرف القائد الذي كان الإخشيد ضمه إلى المتقي ومن معه إلى صاحبهم، وأحضر المستكفي فبويع له، وكُحِلَ المتقي، فصاح وصاح النساء والخدم لصياحه، فأمر توزون بضرب الدبادب حول المضرب، فخفي صُرَاخ الخدم، وأدخل إلى الحضرة، مسمول العينين، وأخذ منه البردة والقضيب والخاتم، وسُلَمَ إلى المستكفي باللَه، وبلغ ذلك القاهر فقال: قد صرنا اثنين نحتاج إلى ثالث، يُعَرِّض بالمستكفي بالله.في في المضرب قبض على المتقي، ونهب جميع ما كان معه، وقبض على وزيره أبي الحسن علي بن محمد بن مُقْلَة، وعلى قاضيه أحمد بن عبد اللّه بن إسحاق، ونهب جميع المسكر، وانصرف القائد الذي كان الإخشيد ضمه إلى المتقي ومن معه إلى صاحبهم، وأحضر المستكفي فبويع له، وكُحِلَ المتقي، فصاح وصاح النساء والخدم لصياحه، فأمر توزون بضرب الدبادب حول المضرب، فخفي صُرَاخ الخدم، وأدخل إلى الحضرة، مسمول العينين، وأخذ منه البردة والقضيب والخاتم، وسُلَمَ إلى المستكفي باللَه، وبلغ ذلك القاهر فقال: قد صرنا اثنين نحتاج إلى ثالث، يُعَرِّض بالمستكفي بالله.
المتقي يطلب رجلاً إخبارياً يأنس به
وحدث محمد بن عبد اللّه الدمشقي قال: لما نزل المتقي الرقة كنت فيمن يتصرف بين يديه، وأقرب منه في الخدمة، لطول صحبته، فقال لي في بعض الأيام في الرقة وهو جالس في داره مشرفاً على الفرات: اطلب لي رجلاً إخبارياً يحفظ أيام الناس أتفرج إليه في خلواتي وأستريح به في الأوقات، قال: فسألت بالرقة عن رجل بهذا الوصف، فأرشدت إلى رجل بالرقة كهل لازم لمنزله، فصرت إليه، ورَغّبته في الدخول إلى المتقي باللّه، فقام معي كالمكره، وصرنا إلى المتقي فأعلمته إحضاري للرجل الذي طلبه، فلما خلا وجهه دعا به واستدناه، فوجد عنده ما أراد، فكان معه أيام مقَامِه بالرقة، فلما انحدَرَ كان معه في الزورق، فلما صار إلى فم نهر سعيد وذلك بين الرقة والرحبة- أرِقَ المتقي ذات ليلة، فقال للرجل: ما تحفظ من أشعار المبيضة وأخبارها. شمر الرجل في أخبار آل أبي طالب إلى أن صار إلى أخبار الحسن بن زيد وأخيه محمد بن زيد بن الحسن وما كان من أمرهما ببلاد طبرستان، وذكر كثيراً من محاسنهما، وقصْد أكمل العلم والأدب إياهما، وما قالت الشعراء فيهما، فقال له المتقي: أتحفظ شعر أبي المقاتل نصر بن نصير الحلواني في محمد بن زيد الحسني الداعي. قال: لا يا أمير المؤمنين لكن معي غلام لي قد حفظ بحداثة سنه وحدة مزاجه وغلبة الهمة لطلب العلم والأدب عليه ما لم أحفظ من أخبار الناس وأيامهم وأشعارهم، قال: أحضره، ولِمَ أخفيت عني خبر مثل هذا فيكون حضوره زيادة في أنسنا. فأحضر الغلام من زورق آخر، فوقف بين يديه، فقال له صاحبه: أتحفظ قصيدة أبي المقاتل في ابن زيد. قال: نعم، قال المتقي: أنْشِدْنِيهَا، فابتدأ ينشده إياها:
لا تقل بُشْرى وقل لي بُـشْـرَيان غُرَّةُ الداعي ويوم المهـرجـان
خَلِقَـتْ كَـفَّـاهُ مـوتـاً وحـياة وَحَوَتْ أخلاقه كُنْهَ الـجـنـان
فَهْوَ فصـل فـي زمـان بـدوي وابن زيد مالـك رِقَّ الـزمـان
فَهْوَ للكل بـكـل مـسـتـقـل بالعَطَـايا والـمـنـايا والأمـان
أوْحَدٌ قام بتـشـييد الـمـبـانـي فبهِ اسْتُنْبِطَ أجنـاسُ الـمـعـان
مُسْرِف في الجود من غير اعتذارٍ وعظيم البر من غير امـتـنـان
وهو مَنْ أرسى رسول اللّه فـيه وعلياه المعـلـى والـحـسـان
سيد عـرق فـيه الـســـيدان والذي يكبر عن ذكر الحـصـان
مُخْتَفٍ فكرته فـي كـل شـيءٍ فَهْوَ في كل مـحـلٍّ ومـكـان
يعرفُ الدهر على ما غاب عنـه فيرى المضمر في شخص العِيَان
يتناءى لفظنـا عـنـه ولـكـن هو بالأوصاف في الأذهـان دان
أخرجت ألفاظه ما في الخـفـايا وكَفَاهُ الدهر نطق الترجـمـان
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق