إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 675 وصف المعتصم


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 675


 وصف المعتصم
 
  ثم المعتصم، فإنه يا أمير المؤمنين سلك في النحلة رأى أخيه المأمون، وغَلَبَ عليه حب الفروسية، والتشبه بالملوك الأعاجم في الآلة، ولبس القَلاَنس والشاشيات فلبسها الناس اقتداء بفعله، وائتماماً به، فسميت المعتصميات، وعم الناس إفضاله، وأمِنَتِ به السبل في أيامه، وشمل الناس إحسانه.

 وصف الواثق

 ثم هارون بن محمد الواثق، فإنه اتبع ديانة أبيه، وعمه، وعاقب المخالف، وامتحن الناس، وكثر معروفه، وأمر القضاة في سائر الأمصار أن لا يقبلوا شهادة مَنْ خالفه، وكان كثير الأكل، واسع العطاء سهل الانقياد متحبباً إلى رعيته.

 وصف المتوكل

 ثم المتوكل يا أمير المؤمنين، فإنه خالف ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق من الاعتقاد، ونَهَى عن الجدل والمناظرة في الآراء وعاقَبَ عليه، وأمر بالتقليد، وأظهر الرواية للحديث، فحسنت أيامه، وانتظمت دولته، ودام ملكه، وغير ذلك يا أمير المؤمنين مما اشتهر من أخلاقه.

 قال القاهر: قد سمعت كلامك وكأني مشاهد للقوم على ما وصفت؛ معاين لهم فيما ذكرت، ولقد سَرَّنِي ما سمعت منك، ولقد فتحت أبواب السياسة، وأخبرت عن طرق الرياسة، ثم أمر لي بجائزة عجل لي عطاءها في وقتها، ثم قال لي: إذا شئت فقم، فقصت، وقام على أثري بحربته، فخيل واللّه لي أنه يرميني بها من ورائي، ثم عَطفَ نحو دار الخدم، فما مضت إلا أيام يسيرة حتى كان من أمره ما ظهر.

 قال المسعودي: وهذا الرجل الذي أخْبَرْتُ عنه بهذا الحديث له أخبار حسان، وهو حي يرزق إلى هذه الغاية، وهي سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، مداحاً للملوك، معاشراً لأهل الرياسات، حسن الفهم، جيد الرأي.

 وفاة ابن دريد

 وفي خلافة القاهر باللّه- وهي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة- كانت وفاة أبي بكر محمد بن الحسن بن درَيْدٍ ببغداد، وكان ممن قد بَرَعَ في زمننا هذا في الشعر، وانتهى في اللغة، وقام مقام الخليل بن أحمد فيها، وأورد أشياء في اللغة لم تُوجَدْ في كتب المتقدمين، وكان يذهب في الشعر كل مذهَب، فطوراً يجزل، وطوراً يرقُّ، وشعره أكثر من أن نحصيه أو يأتي علًيه كتابنا هذا، فمن جيد شعره قصيدته المقصورة التي مدح بها الشاه ابن ميكال، ويُقال: إنه أحاط فيها بأكثر المقصور وأولها:         
  إمَّا تَرَيْ رأسِيَ حـاكـى لـونُـهُ                      طُرَّةَ صبح تحـت أذيال الـدُّجـى
  واشتعل المبـيضُّ فـي مـسـوده                      مثل اشتعال النار في جَزْل الْغَضَى ومنها:         
  إن الجديدين إذا ما استولَيا                      على جديد أدْنَيَاه للبِلَـى وفيها يقول:         
  لست إذا مَا أبْهَظَتْنِي غَمْـرَةٌ                      ممن يقول: بَلَغَ السيل الزُّبى ومنها:         
  وإن ثَوَتْ بين ضلوعي زَفْرَةٌ                      تملأ ما بين الرجا إلى الرَّجَا وقد عارضه في هذه القصيدة المقصورة جماعة من الشعراء، منهم أبو القاسم علي بن محمد بن داود بن فَهْم التّنُوخي الأنطاكي، وهو في وقتنا هذا- وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، بالبصرة في جملة البريديين، وأول قصيدته المقصورة التي يمدح فيها تَنُوخَ وقومه من قُضَاعة:         
  لولا انـتـهـائي لـم أُطِـعْ نَـهْـيَ الـنـــهـــى                      أيَّ مـدى يطْـلُـبُ مَــنْ جـــاز الـــمَـــدَى
  إن كُنْت أقصرت فما أقصر قلبٌ دامياً تُدْمِيه ألحاظُ الدُّمَى
  وَمُقْلَة إن مقلت أهل الغضا                      أغْـضَـتْ وفـي أجـفـانـهـا جـمـر الـغـضـى وفيها يقول:         
  وكم ظباء رَعْيُهَا ألـحـاظـهـا                      أسرع في الأنفسِ من حَدِّ الظُّبى
  أسْرَعُ من حرف إلى جر ومـن                      حب إلى حَبَةِ قلـب وَحَـشـى
  قضاعة بن مالك بـن حـمـير                      ما بعده لِلْمُرْتقـين مُـرْتَـقَـى وقد سبق إلى المقصورة أبو المقاتل نصر بن نصير الحلواني في محمد بن زيد الداعي الحسني بطبرستان بقوله:         
  قفا خليليً على تـلـك الـرُّبـى                      وسائلاها أين هاتيك الـدُّمَـى.
  أين اللواتي ربعـت ربُـوعـهـا                      عليك. باستنجادها تَسْفِي الْجَوَى. ولابن ورقاء في المقصورة أيضاً:         
  ما شئت قل هي المها هي القنا                      جواهر بكين أعطاف الدمـى 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق