إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 611 بعض ما قيل في المعتز


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 611


 بعض ما قيل في المعتز
 

  وشد كان جماعة من الشعراء قالوا في المعتز- حين استتم له الأمر واستقامت له الخلافة، وخلعها المستعين- أقوالاً كثيرة، فمن ذلك قول مروان بن أبي الجنوب من قصيدة طويلة:         
  إن الأمور إلى المعتز قد رَجَعَتْ                      والمستعينُ إلى حالاته رَجَـعَـا
  قد كان يعلم أن المُلْكَ ليس لـه                      وأنه لك لكن نَفْسَـهُ خـدعـا وفي ذلك يقول رجل من أهل سامرا، وقد قيل إنه البحتري:         
  للَه عَـزُ عـصـابة تـركـية                      رَدوا نوائب دهرهم بالـسـيف
  قتلوا الخليفة أحمد بن مـحـمـد                      وكَسَوا جميع الناس ثوب الخوف
  وطَغَوْا فأصبح ملكنا متقسـمـاً                      وإمامنا فيه شـبـيه الـضـيف وفي المعتز ورجوع الأمر إليه واتفاق الكلمة عليه يقول أبو علي البصير:         
  آبَ أمرُ الإِسلام خَيْرَ مآبه                      وغدا الملك ثابتاً في نِصَابهْ
  مستقراً قراره مطمـئنـاً                      آهلا بعد نأيه واغتـرابـه فاحمد اللّه وَحْلَى والتمس بالعفو عمن هفا جزيل ثوابه

 وزراء المعتز

 وكان على وزارة المعتز جعفر بن محمد، ثم استوزر جماعة، فكانت الكتب تخرج باسم صالح بن وصيف كأنه مرسوم بالوزارة.
 وكانت وفاة أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد في خلافة المعتز باللّه.
 وذلك في يوم الاثنين لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومائتين، وهو ابن أربعين سنة، وقيل: ابن اثنتين وأربعين سنة، وقيل: أكثر من ذلك، وسمع في جنازته جارية تقول: ماذا لقينا في يوم الاثنين قديماً وحديثاً. وصلى عليه أحمد بن المتوكل على اللّه، في شارع أبي أحمد، وفي داره بسامرا، ودفن هناك.

 علي بن محمد الطالبي

 حدثنا ابن الأزهر، قال: حدثني القاسم بن عباد، قال: حدثني يحيى بن هرثمة، قال: وَجَّهني المتوكل إلى المدينة لِإشخاص علي بن محمد بن علي بن موسىِ بن جعفر لشيء بلغه عنه؛ فلما صرت إليها ضجَّ أهلها وعجوا ضجيجاً وعجيجاً ما سمعت مثله، فجعلت أسكنهم وأحلف لهم أني لم أومر فيه بمكروه، وفتشت بيته، فلم أجد فيه إلا مصحفاً ودعاء، وما أشبه ذلك، فأشخصته وتولّيْتُ خدمته وأحسنت عشرته، فبينا أنا نائم يوماً من الأيام، والسماء صاحية، والشمس طالعة؛ إذ ركب وعليه ممطر، وقد عقد ذنب دابته، فعجبت من فعله، فلم يكن بعد ذلك إلا هنيهة حتى جاءت سحابة فأرخت عَزَاليها، ونالنا من المطر أمر عظيم جداً، فالتفت إليَّ، وقال: أنا أعلم أنك أنكرت ما رأيت وتوهمت أني علمت من الأمر ما لا تعلمه، وليس ذلك كما ظننت، ولكن نشأتُ لبادية، فأنا أعرف الرياح التي يكون في عقبها المطر، فلما أصبحت هَبتْ ريح لا تخلف وشممت منها رائحة المطر، فتأهبت لذلك. فلما قدمت مدينة السلام بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري- وكان على بغداد- فقال لي: يا يحيى، إن هذا الرجل قد وَلَدَهُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، والمتوكل منْ تعلم، وإن حرضته على قتله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خَصْمَكَ، فقلت: والله ما وقفت له إلا على كل أمر جميل.

 فصرت إلى سامرا، فبدأت بوصيف التركي، وكنت من أصحابه، فقال: واللّه لئن سَقَطَتْ من رأس هذا الرجل شَعْرَة لا يكون المطالِبً بها غيري، فعجبت من قولهما، وعَرَّفت المتوكل ما وقفت عليه، وما سمعته من الثناء عليه، فأحسن جائزته، وأظهر بره وتكرمته.
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق