إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 597 صنيع المنتصر بآل أبي طالب



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 597


 صنيع المنتصر بآل أبي طالب
 

  وكان آل أبي طالب قبل خلافته في محنة عظيمة، وخوف على دمائهم، قد مُنعوا زيارة قبر الحسين والغريّ من أرض الكوفة، وكذلك منع غيرهم من شيعتهم حضور هذه المشاهد، وكان الأمر بذلك من المتوكل سنة ست وثلاثين ومائتين وفيها أمر المعروف بالذيريج بالسير إلى قبر الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما وهَدْمِه ومَحْوِ أرضه وإزالة أثره، وأن يعاقب من وجد به، فبذل الرغائب لمن تقدم على هذا القبر، فكل خشي العقوبة، وأحْجَمَ، فتناول الذيريج مِسْحَاة وهدم أعالي قبر الحسين، فحينئذ أقدم الفَعَلَة فيه، وأنهم انتهوا إلى الحفرة وموضع اللحد فلم يروا فيه أثر رمة ولا غيرها، ولم تزل الأمور على ما ذكرنا إلى أن استخلف المنتصر، فأمَّنَ الناس، وتقدم بالكف عن آل أبي طالب، وترك البحث عن أخبارهم، وأن لا يمنع أحد زيارة الحيرة لقبر الحسين رضي الله تعالى عنه، ولا قبر غيره من آل أبي طالب، وأمر برد فدَكَ إلى ولَدِ الحسن والحسين، وأطْلَقَ أوقاف آل أبي طالب، وترك التعرض لشيعتهم ودفع الأذى عنهم، وفي ذلك يقول البحتري من أبيات له:         
  وإن علـياً لأوْلـى بـكـم                      وأزكى يداً عندكم من عمر
  وكل له فَضْلُه، والحـجـو                      ل يوم التراهن دون الغرر وفي ذلك يقول يزيد بن محمد المهلبي- وكان من شيعة آل أبي طالب- وما كان امتحن به الشيعة في ذلك الوقت وأغريت بهم العامة:         
  ولقد بررت الطالبية بعـدمـا                      ذموا زماناً بعدها وزمـانـا
  وَرَعَدْتَ ألفة هاشم، فرأيتهـم                      بعد العداوة بينهـم إخـوانـا
  آنست ليلَهُمُ وجُدْتَ علـيهـمُ                      حتى نَسُوا الأحقاد والأضغانا
  لو يعلم الأسلاف كيف بَرَرْتَهم                      لرأوك أثقل مَنْ بها ميزانـا
 خلع أخويه من ولاية العهد
 وفي سنة ثمان وأربعين ومائتين خلع المنتصر باللّه أخويه المعتز وإبراهيم من ولاية العهد بعده، وقد كان المتوكل على الله أخذ لهم العهد في كتب كتبها وشروط اشترطها، وأفرد لكل واحد منهم جزءاً، من الأعمال رَسَمَه له وجعل ولي عهده والتالي لملكه محمداً المنتصر، وتالي المنتصر وولي عهده المعتز، وتالي المعتز وولي عهده إبراهيم المؤيد، وأخذت البيعة على الناس بما ذكرنا، وفرق فيها أموالاً وعًمّ الناس بالجوائز والصَلَات، وتكلمت في ذلك الخطباء، ونطقت به الشعراء، فمما اختير من قولهم في ذلك قول مروان أبي الجنوب من قصيدة:         
  ثلاثة أمـلاك؛ فـأمـا مـحـمـد                      فنور هُدَى يَهْدِي به اللّه من يهـدي
  وأمـا أبـو عـبـد الإِلـه فـإنـه                      شبيهك في التقوى وُيجْدِي كما تجدي
  وذو الفضل إبراهيم للناس عصـمة                      تَقِي وفِي بالـوعـيد، وبـالـوعـد
  فأولهم نـور، وثـانـيهـمُ هـدى،                      وثالثهم رشد، وكـلـهـم مَـهْـدِي وقوله للمتوكل مما أجاد فيه وأحسن:         
  يا عاشر الخلفاء دمْتَ ممتعـاً                      بالملك تعقد بعدهم للعاشـر
  حتى تكون إمامهم وكأنـهـم                      زُهْرُ النجوم دَنَتْ لبدر زاهر وفي بيعة المتوكل لمن ذكرنا من ولمه الثلاثة بولاية العهد يقول الشاعر المعروف بالسلمي من أبيات له:         
  لقد شَد ركن الدين بالبيعة الرضا                      وطائر سعد جعفر بن محمـد
  بمنتصر بالله أثـبـت ركـنـه                      وأكَّدَ بالمعتز قبـل الـمـؤيد وممن قال في ذلك فأحسن القول، وأجاد النظم، إدريس بن أبي حفصة حيث يقول:         
  إن الـخـلافة مـا لـهـا عـن جـعـفـــر                      نورِ الـهـدى وبـنـيه مـن تـــحـــويل
  فإذا قضـى مـنـهـا الـخـلـيفَةُ جـعـفـر                      وطَـرا، ومَـلَّ ولـيس بـالـمـمــلـــول
  فمحمد بعد الخليفة جعفرللناس لا فقدوه خيرُ بديل
  فبقاء ملكك وانتظار محمد                      خير لـنـا ولـه مـن الـتــعـــجـــيل
 خروج الشاري باليمن
 وقد كان خرج أيام المنتصر بناحية اليمن والبوازيج والموصل أبو العمود الشاري، فحكم واشتد أمره فيمن انضاف إليه من المحكمة من ربيعة وغيرهم من الأكراد، فسرح إليه المنتصر جيشاً عليهم سيما التركي، فكانت له مع الشاري حروب، فأسِرَ الشاري، وأتي به المنتصر، فجاد عليه بالعفو، وأخذ عليه العهد، وخَلّى سبيله.
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق