إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 592 وصف أيام المتوكل


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 592


 وصف أيام المتوكل
 
  وكانت أيام المتوكل في حسنها ونَضَارتها ورفاهية العيش بها وحمد الخاص والعام لها ورضاهم عنها أيام سراء لا ضراء، كما قال بعضهم: كانت خلافة المتوكل أحسن من أمْن السبيل، ورخص السعر، وأماني الحب، وأيام الشباب. وقد أخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال:         
  قربك أشهى موقعاً عندنـا                      من لين السعر وأمن السبيل
  ومن ليالي الحب موصـولة                      بطيب أيام الشباب الجمـيل قال المسعودي: وقد قيل: إنه لم تكن النفقات في عصر من الأعصار ولا وقت من الأوقات مثلها في أيام المتوكل.
 ويُقال: إنه أنفق على الهاروني والجوسق الجعفري أكْثَرَ من مائة ألْف ألْف درهم، هذا مع كَثرة الموالي والجند والشاكرية ودرور العطاء لهم وجليل ما كانوا يقبضونه في كُل شهر من الجوائز والهبات.
 ويُقال: إنه كان له أربعة آلاف سرية وطئهن كلهن، ومات وفي بيوت الأموال أربعة آلاف ألْف دينار وسبعة آلاف ألْف درهم، ولا يعلم أحد في صناعته في جد ولا هزل إلا وقد حَظِيَ في دولته، وسعد بأيامه، ووصل إليه نصيب وافر من ماله.

 الحسين الخليع بين يدي المتوكل

 وذكر محمد بن أبي عون قال: حضرت مجلس المتوكل على اللّه في يوم نيروز، وعنده محمد بن عبد اللّه بن طاهر، وبين يديه الحسين بن الضحاك الخليع الشاعر، فغمز المتوكل خادماً على رأسه حَسَنَ الصورة أن يسقي الحسين كأساً ويحييه بتفاحة عنبر، ففعل ذلك، ثم التفت إلى الحسين فقال: قل فيه أبياتاً، فأنشأ يقول:         
  وكالدرة البيضاء حَـيا بـعـنـبـر                      من الورد يسعى في قَرَاطِقَ كالورد
  له عَبَـثَـات عـنـد كـل تـحـية                      بعينيه تستدعي الخليَّ إلى الـوجـد
  تمنيت أن أسْقَى بـكـفـيه شـربة                      تذكرني ما قد نسيت من الـعـهـد
  سقى اللّه دهراً لم أبِتْ فـيه سـاعة                      من الليل إلا من حبيب على وعـد قال المتوكل: أحسنت واللّه، يُعْطى لكل بيت مائة دينار، فقال محمد بن عبد الله: ولقد أجاب فأسرع، وذكر فأوجع، ولولا أن يَدَ أمير المؤمنين لا تطاولها يد لأجزلت له العطاء ولو بالطرف والتالد، فقال المتوكل عند ذلك: يعطى لكل بيت ألف دينار.
 قال: ويروى أنه لما أتي بمحمد بن المغيث إلى المتوكل وقد دعا له بالنطع والسيف، قال له: يا محمد ما دعاك إلى المشاقّة. قال: الشقوة يا أمير المؤمنين، وأنت ظل اللّه الممدود بينه وبين خلقه، وإن لي فيك لظنين أسبقهما إلى قلبي أولاهما بك، وهو العفو عن عبدك، وأنشأ يقول:         
  أبى الناس إلا أنك اليوم قاتلـي                      إمامَ الهدى والعَفْوُ بالحر أجمل
  وهل أنا إلاجبلة من خـطـيئة                      وعفوك من نور النبوة يجمـل
  تضاءل ذَنْبِي عند عفوك قـلة                      فمن لي منك والمَنًّ أفـضـل
  لأنك خير السابقين إلى العُـلاَ                      وإنك خَيْرَ الفعلتين ستفـعـل فقال المتوكل: أفعل خيرهما، وأمُنُّ عليك، ارجع إلى منزلك، قال ابن المغيث: يا أمير المؤمنين، اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.

 من رثاء المتوكل

 ولما قتل المتوكل رثته الشعراء؛ فمن رثاه علي بن الجهم، فقال من قصيدة له:         
  عَبِيدُ أمير المؤمنين قـتـلـنـه                      وأعظم آفات الملوك عبـيدهـا
  بني هاشم، صبراً فكل مصـيبة                      سَيَبْلى على وجه الزمان جديدها وفيه يقول يزيد بن محمد المهلبي من قصيدة طويلة:         
  جاءت منيته والعين هاجـعة                      هلا أتته المنايا والْقَنا قِصَـدُ
  عَلَتْكَ أسياف مَنْ لا دونه أحد                      وليس فوقك إلا الواحد الصمد
  خليفة لم ينل ما نـالـه أحـد                      ولم يَضِعْ مثله روح ولا جسد وفيه يقول بعض الشعراء:         
  سرت ليلاً مـنـيتـه إلـيه                      وقد خَلّى منادمه ونـامـا
  فقالت: قم، فقام، وكم أقامت                      أخا مُلْكٍ إلى هُلْك فقامـا وفيه يقول الحسين بن الضحاك الخليع:         
  إن اللياليَ لم تحسـن إلـى أحـد                      إلا أساءت إليه بعـد إحـسـان
  أما رأيت خُطُوبَ الدهر ما فعلت                      بالهاشميِّ وبالفتح بن خـاقـان
 محبوبة جارية المتوكل
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق