إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 579


( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 579


  قال: فأشفق كل من حضر على عَلِيٍّ، وظن أن بادرة تبدر منه إليه، قال: واللّه لقد بكى المتوكل بكاءً طويلًا حتى بلت دموعه لحيته، وبكى مَنْ حضره، ثم أمر برفع الشراب، ثم قال له: يا أبا الحسن، أعليك دَيْنٌ. قال: نعم أربعة آلاف دينار، فأمر بدفعها إليه، ورده إلى منزله من ساعته مكرماً.

 وفاة ابن سماعة القاضي الحنفي

 قال: وكانت وفاة محمد بن سماعة القاضي محمد بن الحسن- وصاحب أبي حنيفة في خلافة المتوكل، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وهو ابن مائة سنة، صحيح الجسم والعقل والحواس، يفتض الأبكار، ويركب الخيل التي تقطف وتعنق، لم ينكر من نفسه شيئاً. وحكى ابنه سماعة بن محمد قال: قال لي أبي محمد بن سماعة: وجدت في حياة سَوَار بن عبد اللّه قاضي المنصور كتاباً له بخطه أراه من شعره أو أبيات استحسنها، وهي:         
  سَلَبْتِ عظامي لحمَها فتـركـتِـهـا                      عوارِيَ في أجلادها تـتـكـسـر
  وأخْلَيْتِ منها مُخّـهَـا فـكـأنـهـا                      قوارير في أجوافها الريح تَصْفِـرُ
  إذا سمعت ذكر الفـراق تـرعّـدت                      فرائصها من خوف ما تـتـحـذر
  خذي بيدي، ثم ارفعي الثوب وانظري                      ضَنَى جَسَدي لكنـنـي أتـسـتـر ولمحمد بن سماعة تصنيفات حسان في الفقه، وروايات عر محمد بن الحسن وغيره، منها كتاب نوادر المسائل عن محمد بن الحسن في أُلوف أوراق.

 موت يحيى بن معين وجماعة من الأنباه

 وفي هذه السنة- وهي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين- مات يحيى بن معين، وفي سنة خمس وثلاثين ومائتين مات أبو بكر بن أبي شيب والقواريري، وكانا من عِلْيَةِ أصحاب الحديث وحُفاظهم، وفيها مات إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وكان على بغداد، وولي ابنه مكانه، وله أخبار حسان قد أتينا على غررها في كتابنا أخبار الزمان.

 قصة سجين

 ومن ظريف أخباره والمستحسن مما كان في أيامه وسيره ببغداد ما حدث به عنه موسى بن صالح بن شيخ بن عميرة الأسدي أنه رأى في منامه كأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول له:  أطلق القاتل  ، فارتاع لذلك رَوْعاً عظيماً، ونظم في الكتب الواردة لأصحاب الحبوس فلم يجد فيها ذكر قاتل، فأمر بإحضار السندي وعباس، فسألهما: هل رفع إليهما أحد ادعى عليه بالقتل. فقال له العباس: نعم، وقد كتبنا بخبره، فأعاد النظر، فوجد الكتاب في أضعاف القراطيس، وإذا الرجل قد شهد عليه بالقتل وأقربه، فأمر إسحاق بإحضاره، فلما دخل عليه ورأى ما به من الارتياع قال له: إن صدقتني أطلقتك، فابتدأ يخبره بخبره، وذكر أنه كان هو وعدَّة من أصحاب يرتكبون كل عظيمة، ويستحلُّونَ كل محرم، وأنه كان اجتماعهم في منزل بمدينة أبي جعفر المنصور يعتكفون فيه على كل بلية، فلما كان في هذا اليوم جاءتهم عجوز كانت تختلف إليهم للفساد، ومعها جارية بارعة الجمال، فلما توسطت الجارية الدار صرخت صرخة، فبادرْتُ إليها من بين أصحابي، فأدخلتها بيتاً وسَكَّنْتُ روعها، وسألتها عن قصتها، فقالت: اللهّ اللّه فيَّ، فإن هذه العجوز خدعتني وأعلمتني أن في خزانتها حُقاً لم يُر مثله، فشوقتني إلى النظر إلى ما فيه، فخرجت معها واثقة بقولها، فهجمت بي عليكم، وجَدِّي رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم وأمي فاطمة، وأبي الحسن بن علي، فاحفَظُوهُمْ فيَ، قال الرجل: فضمنت خلاصها، وخرجت إلى أصحابي فعرفتهم بذلك فكأني أغريتهم بها، وقالوا: لمَا قضيت حاجتك منها أردت صرفنا عنها، وبادروا إليها، وقمت دونها أمنع عنها، فتفاقم الأمر بيننا إلى أن نالتني جراح، فعمدت إلى أشدهم كان في أمرها وأكلبهم على هتكها فقتلته، ولم أزل أمنع عنها إلى أن خَلصتها سالمة، وتخلصت الجارية آمنة مما خافته على نفسها، فأخرجتها من الدرا، فسمعتها تقول: سترك اللّه كما سترتني، وكان لك كما كنت لي، وسمع الجيران الضجة فتبادروا إلينا والسكين في يدي والرجل يتشخَطُ في دمه، فرفعتُ على هذه الحالة، فقال له إسحاق: قد عرفت لك ما كان من حفظك للمرأة، ووهبتك للّه ورسوله، قال: فوحقِّ من وهبتني له لا عاودت معصية ولا دخلت في ريبة حتى ألقىِ اللّه، فأخبره إسحاق بالرؤيا التي رآها، وأن الله لم يضيع له ذلك، وعَرَض عليه براً واسِعاً، فأبى قبول شيء من ذلك.

 رضاه عن يحيى بن أكثم
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق