إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 563



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 563


  على ما فاته من سفك دمائهم، غير مستعظم لما يرى من كثرتهم، وذلك يوم الخميس لليلتين خَلَتَا من صفر سنة ثلاث وعشرين ومائتين، ولم ير الناس مثل ذلك اليوم، ولا مثل تلك الزينة، ودخل الأفشين على المعتصم فرفع منزلته، وأعلى مكانه، وأتى ببابك فَطَوَّفَ به بين يديه، فقال له المعتصم: أنت بابك. فلم يجب، وكررها عليه مراراً، وبابك ساكت، فمال بليه الأفشين وقال: الويل لك أمير المؤمنين يخاطبك وأنت ساكت. فقال: نعم أنا بابك، فسجد المعتصم عند ذلك، وأمر بقطع يديه ورجليه. ما فاته من سفك دمائهم، غير مستعظم لما يرى من كثرتهم، وذلك يوم الخميس لليلتين خَلَتَا من صفر سنة ثلاث وعشرين ومائتين، ولم ير الناس مثل ذلك اليوم، ولا مثل تلك الزينة، ودخل الأفشين على المعتصم فرفع منزلته، وأعلى مكانه، وأتى ببابك فَطَوَّفَ به بين يديه، فقال له المعتصم: أنت بابك. فلم يجب، وكررها عليه مراراً، وبابك ساكت، فمال بليه الأفشين وقال: الويل لك أمير المؤمنين يخاطبك وأنت ساكت. فقال: نعم أنا بابك، فسجد المعتصم عند ذلك، وأمر بقطع يديه ورجليه.
 قال المسعودي: ورأيت في كتاب أخبار بغداد أنه لما وقف بابك بين يديه لم يكلمه مَلِيّاً، ثم قال له: أنت بابك. قال: نعم، أنا عبدك وغلامك، وكان اسم بابك الحسن، واسم أخيه عبد اللّه، قال: جَرِّدُوه، فسَلَبَه الخَدامُ ما عليه من الزينة، وقطعت يمينه، وضرب بها وجهه، وفعل مثل ذلك بيساره، وثلث برجليه، وهو يتمرغ في النطع في دمه، وقد كان تكلم بكلام كثير يرغب في أموال عظيمة قبله، فلم يلتفت إلى قوله، وأقبل يضرب بما بقي من زنديه وجهه، وأمر المعتصم السّيَاف أن يدخل السيف بين ضلعين من أضلاعه أسفل من القلب ليكون أطول لعذابه، ففعل، ثم أمر بجز لسانه وصلب أطرافه مع جسده فصلب ثم حمل الرأس إلى مدينة السلام، ونصب على الجسر، لما كان في نفوس الناس من استفحال أمره، وعظم شأنه، وكثرة جنوده، وإشرافه على إزالة مُلكٍ وقلب ملة وتبديلها، وحمل أخوه عبد اللّه مع الرأس إلى مدينة السلام، ففعل به إسحاق بن إبراهيم أميرها ما فعل بأخيه بابك بسامرا، وصلبت جثة بابك على خشبة طويلة في أقاصي سامرا، وموضعه مشهور إلى هذه الغاية يعرف بخشبة بابك، وإن كانت سامرا في هذا الوقت قد خلا منها ساكنها، وبَانَ عنها قاطنها، إلا يسيراً من الناس في بعض المواضع بها.
 ولما قتل بابك وأخوه وكان مرت أمره ما تقدم ذكره قام في مجلس المعتصم الخطباء فتكلموا، وقالت الشعراء: فمن قام في ذلك اليوم إبراهيم بن المهدي فقال شعراً بدلاً من الخطبة، وهو:         
  يا أمين اللّه، إن الحمد للَّـه كـثـيرا
  هكذا النصر فلا زا                      ل لـك الـلَّــه نـــصـــيرا
  وعلى الأعداء أعطيت من اللَّه ظَهِيرَا
  وهنيئاً هَيّأ اللَّه لك الفتح الخطيرا
  فَهْوَ فتح لم ير الناس له فتحاً نظيرا
  وَجَزَى الأفْشِينَ عبدا                      للَّــه خـــيراً وَحُـــبُـــورَا
  فلـقــد لاقَـــى بـــه بَـــا                      بَكُ يومـاً قَـــمْـــطَـــرِيرَا
  ذاك مولاك الذي ألْفَيْتَهُ جَلْداً صَبُـورَا
  لك حَتى ضَرَجَ السيْف له خداً نَضِيرَا
  ضَرْبَةً ألقت عَلَى الدَّهْرِ له في الوَجه نُورَا وتوج الأفشين بتاج من الذهب مرصع بالجوهر، وإكليل ليس فيه من الجوهر إلا الياقوت الأحمر والزمرد الأخضر قد شبك بالذهب، وألبس وشاحين، وزوج المعتصم الحسن بن الأفشين بأترجة بنت أشناس، وزفت إليه، وأقيم لها عُرْسٌ يجاوز المقدار في البهاء والجمال، وكانت توصف بالجمال والكمال، ولما كان من ليلة الزفاف ما عم سروره خواصَ الناس وكثيراً من عوامهم، قال المعتصم أبياتاً يصف حسنهما وجمالهما واجتماعهما، وهي:         
  زفت عَرُوسٌ إلى عَرُوس                      بنـت رئيس إلـى رئيس
  أيهما كان ليت شـعـري                      أجَلَّ في الصدر والنفوس
  أصاحب المُرْ هذه المحلى                      أم ذو الوشاحين وَالشّمُوس


 غزو الروم زبطرة
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق