إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي صفحة : 560 محمد بن القاسم، العلوي



( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي

صفحة : 560


 محمد بن القاسم، العلوي
 
  وفي هذه السنة- وهي سنة تسع عشرة ومائتين- أخاف المعتصم محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بِن علي بن أبي طالب رحمهم الله، وكان بالكوفة من العبادة والزهد والورع في نهاية الوصف، فلما خاف على نفسه هرب فصار إلى خراسان، فتنقَلَ من مواضع كثيرة من كُوَرِهَا كمرو وسرخس والطالقان ونَسَا، فكانت له هناك حروب وكوائن، وانقاد إليه وإلى إمامته خلق كثير من الناس، ثم حمله عبد اللّه بن طاهر إلى المعتصم، فحبسه في أزج اتخذه في بستان بسُرَّ مَنْ رأى، وقد تنوزع في محمد بن القاسم، فمن قائل يقول: إنه قتل بالسم، ومنهم من يقول: إن ناساً من شيعته من الطالقان أتوا ذلك البستان فتأتَّوْا للخدمة فيه من غَرْسٍ وزراعة، واتخذوا سلالم من الحبال واللبود والطالقانية ونقبوا الأزج وأخرجوه فذهبوا به، فلم يعرف له خبر إلى هذه الغاية، وقد انقاد إلى إمامته خلق كثير من الزَّيدية إلى هذا الوقت- وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة- ومنهم خلق كثير يزعمون أن محمداً لم يمت، وأنه حي يرزق، وأنه يخرج فيملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، وأنه مهديُّ هذه الأمة، وأكثر هؤلاء بناحية الكوفة وجبال طبرستان والدَّيْلَم وكثير من كُوَرِ خراسان، وقول هؤلاء في محمد بن القاسم نحو قول رافضة الكيسانية في محمد بن الحنفية، ونحو من قول الواقفية في موسى بن موسى بن جعفر، وهم الممطورة، بهذا تعرف هذه الطائفة من بين فرق الشيعة، وقد أتينا على وصف قولهم في كتابنا في المقالات في أصول الديانات ووصف قول غُلاتهم من المعنوية وغيرهم من المحمدية وسائر فرق أهل الباطل ممن قال بتنقل الأرواح في أنواع الأشخاص من بهائم الحيوان وغيره في كتابنا المترجم بكتاب سر الحياة.

 جمع المعتصم للأتراك

 وكان المعتصم يحب جمع الأتراك وشراءهم من أيدي مواليهم، فاجتمع له منهم أربعة آلاف، فألبسهم أنواع الديباج والمناطق المذهبة والحلية المذهبة، وأبانهم بالزي عن سائر جنوده، وقد كان اصطنع قوماً من حوف مصر ومن حوف اليمن وحوف قيس، فسماهم المغاربة، واستعدَّ رجالَ خراسانَ من الفراغنة وغيرهم من الأشروسية، فكثر جيشه، وكانت الأتراك تؤذَي العوامَّ بمدينة السلام بجريها الخيولَ في الأسْوَاق وما ينال الضعفاء والصبيان من ذلك، فكان أهل بغداد ربما ثاروا ببعضهم فقتلوه عند صَدْمِه لامرأةٍ أو شيخٍ كبير أو صبي أو ضرير، فعزم المعتصم على النقلة منهم، وأن ينزل في فضاء من الأرض، فنزل البراذان على أربعة فراسخ من بغداد، فلم يستطب هواءها، ولا اتسع له هواؤها، ففم يزل يتنقل ويتقرَّى الموضع والأماكن إلى دِجْلةً وغيرها حتى انتهى إلى الموضع المعروف بالقاطول، فاستطاب الموضع، وكان هناك قرية يسكنها خلق من الجرامقة وناس من النَّبَطِ على النهر المعروف بالقاطول آخذاً من دجلة، فبنى هناك قصراً وبنى الناسُ وانتقلوا من مدينة السلام، وخلت من السكان إلا اليسير، وكان فيما قاله بعض العَيّارِينَ في ذلك معيراً للمعتصم بانتقاله عنهم:         
  أيا ساكن القَاطُول بين الْجَرَامِقَهْ                      تركْتَ ببغداد الكِباشَ البَطَارِقَهْ ونالت مَنْ مع المعتصم شدة عظيمة لبرد الموضع وصلابة أرضه، وتأذّوْا بالبناء. ففي ذلك يقول بعض من كان في الجيش:         
  قالوا لنا إن بالقاطول مَشْتَانـا                      فنحن نأمل صنع اللّه مولانا
  الناس يأتمرون الرأي بينهـمُ                      واللّه في كل يوم مُحْدِثٌ شانا


 تخطيط سامرا
 



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق