( مروج الذهب، ومعادن الجوهر ) المسعودي
صفحة : 603
لكم كُل يوم مشرب من دمائهـم وغُلتها من شربها ليس تَنْـقَـعُ
وما حكم للطـالـبـيين شـرع وفيكم رماح الترك بالقتل شُرع
لكمَ مرتع في دار آل محـمـد وداركُمُ للترك والجيش مرتـع
أخِلتم بأن الله يرعى حقوقـكـم وحَقُّ رسول اللّه فيكم مضيًعُ.
وأضحوا يُرَجُّون الشفاعة عنـده وليس لمن يرميه بالوتر يشفـع
فيغلب مغلوب، ويقتـل قـاتـل ويخفض مرفوع، ويدنى المرفع قال: وكان يحيى دَيِّناً، كثير التعطف والمعروف على عوام الناس، بارّاً بخواصهم، واصِلاً لأهل بيته، مؤثراً لهم على نفسه، مُثْقَل الظهر بالطالبيات، يجهد نفسه ببرهِنً والتحنن عليهم، لم تظهر له زلة، ولا عرفت له خزية.
ولما قتل يحيى جزعت عليه نفوس الناس جزعاً كثيراً، ورثاه القريب والبعيد، وحزن عليه الصغير والكبير، وجزع لقتله المليء والدنيء، وفي ذلك يقول بعض شعراء عصره ومَنْ جزع على فقده:
بكَـت الـخـيل شَـجْـوَهـا بــعـــد يحـــيى وبـكـاهُ الـمـهـنـدُ الــمـــصـــقـــول
وبـكَـتـه الـعـراق شـرقـــاً وغـــربـــاً وبـكـاهُ الـكــتـــاب والـــتـــنـــزيل
والمصلى والبيت والركن والحِجْرُ جميعاً لهم عليه عَوِيل
كيف لم تسقط السماء علينا يوم قـالـوا: أبـو الـحــســـين قـــتـــيل
وبـنـاتُ الـنـبـيَ ينـــدبـــن شَـــجْـــواً مُوجَـعَـات، دمــوعُـــهُـــنّ تـــســـيل
ويُؤَبًـــنَّ لـــلـــــــرزية بـــــــدر فقـده مـفــظـــع عـــزيز جـــلـــيل
قَطـعـت وجـــهـــه ســـيوف الأعـــادي بأبـي وجـهـه الـوســيم الـــجـــمـــيل
ولـيحـيى الـفـتـى بـقـلـبــي غـــلـــيل كيف يؤذي بـالـجـسـم ذاك الـــغـــلـــيل
قَتْـلُـه مـذكـر لــقـــتـــل عـــلـــي وحـــســـين، ويوم أودي الـــرســـــول
فصـلاة الإِلـهِ وقـــفـــا عـــلـــيهـــم ما بـكـى مُـوجَـــسٌ وَحـــنَّ ثـــكُـــول وكان ممن رثاه علي بن محمد بن جعفر العلوي الحماني الشاعر، وكان ينزل بالكوفة في حمان، فأضيف إليهم فقال:
يا بـقـايا الـسـلـف الـصـا لح والـتـجْـر الـربـــيح
نحن للأيام من بينِ قتيل وجريح
خاب وَجْهُ الأرض كم غيَّب مـن وجـه صـبــيح
آه مـن يومـــك مـــا أو داه لـلـقـلـب الـقــريح وفيه يقول:
تَضَوع مسكا جانِبُ القبر إذ ثوى وما كان لولا شِلْوُه يتـضَـوعُ
مصارع فتـيان كـرام أعـزّة أتيح ليس الخير منهنَّ صـرعُ وقوله:
أنّى لقوميَ من أحساب قومـكـم بمسجد الخيف في بحبوحة الخيف
ما علّق السيف منا بابن عاشـرة إلاَّ وهمته أمضى من الـسـيف وقد كان علي بن محمد بن جعفر العلوي هذا- وهو أخو إسماعيل العلوي لأمه- لما دخل الحسن بن إسماعيل الكُوفة- وهو صاحب الجيش الذي لقي يحيى بن عمر- قعد عن سلامه، ولم يمض إليه، ولم يتخلّفْ عن سلامه أحد من آل علي بن أبي طالب الهاشميين، وكان علي بن محمد الحماني نقيبهم بالكوفة وشاعرهم ومفرسهم ولسانهم، ولم يكن أحد بالكوفة من آل علي بن أبي طالب يتقدمه في ذلك الوقت، فتفقده الحسن بن إسماعيل، وسأل عنه، وبعث بجماعة فأحضروه، فأنكر الحسن تخلفه عن سلامه، فأجابه علي بن محمد بجواب مستقل آيس من الحياة، فقال: أردت أن آتيك مهنياً بالفتح، وداعياً بالظفر، وأنشد شعراً لا يقوم على مثله مَنْ يرغب في الحياة، وهو:
قتلت أعز من ركب المطايا وجئتك أسْتَلِينُكَ في الكلام
وعَز عَلَي أن ألـقـاك إلا وفيما بيننا مَدُ الـحـسـام
ولكنً الْجَنَاحَ إذا أهيضـت قَوَادُهُ يَرِفُّ علـى الأكـام فقال له الحسن بن إسماعيل: أنت موتور، فلست أنكر ما كان منك، وخلع عليه، وحمله إلى منزله.
بين الموفق وعلي بن محمد العلوي
قال: وكان أبو أحمد الموفق باللهّ حبس علي بن محمد العلوي لأمر شنع به عليه من أنه يريد الظهور، فكتب إليه من الحبس:
قد كان جدك عبد اللَه خَـيْرَ أب لابْنَيْ علي حُسَيْن الخيرِ وَالْحِسَنِ
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق