271
تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها
الباب الثاني في أخلاق البدو وعاداتهم وخرافاتهم
الفصل الثالث في عاداتهم
7 – البدوي في مخيمه
يطلب العرب المرعى في أيام القيظ بيتين بيتين أو ثلاثة ثلاثة . فمتى جاء الربيع اجتمعوا أفخاذا في الجهات التي يكثر فيها الكلأ وجعل كل فخذ منهم مخيمه صفا واحدا وفتحوا أبواب خيامهم للشرق وجعلوا أمامها أنعامهم وقد وصف لي أحد مشايخهم معيشته في مخيمه قال :
" نقوم كل يوم عند مطلع الشمس فيذهب الرعاة بالإبل والأغنام إلى المراعي : الشبان لرعي الإبل والشابات والفتيان لرعي الأغنام وتبقى النساء في البيت لتحضير ص 384
الطعام . ويجتمع باقي رجال المخيم في خيمتي يأتون من الصبح ومع كل منهم حفنة من البن فنوقد النار ونصنع قرص الملة ونأكله . ثم نعمل القهوة ونشربها معا ونجلس نتحدث في شؤوننا الخاصة وأكثرها عن الإبل والغزوات السابقة واللاحقة . أو نلعب السيجة المعروفة في مصر وليس عندنا من الألعاب غيرها , أو نغني على الربابة ونشرب الدخان إلى الضحى . فينصرف كل منا إلى خيامه فيجد طعام الظهر قد أعد له فيتغدى ويرجع إلى المجلس فنتحدث أو ننام أو نلعب السيجة إلى العصر فنصنع القهوة ونشربها ونعود إلى التحدث أو اللعب إلى الغروب إذ تعود الإبل والأغنام من مراعيها ويكون طعام العشاء قد أعد فيذهب كل منا إلى خيامه فيشاهد ماله ويتعشى ثم يعود إلى المجلس فيبقى إلى وقت العشا ثم ينصرف كل منا إلى منامه . إلا إذا كان عندنا فرح فنلعب الدحية أو السامر إلى نصف الليل أو أكثر وهكذا . فنحن نأكل ثلاث وجبات في النهار : " الفطور " عند طلوع الشمس . و" الغذاء " عند الظهر . و " العشاء عند الغروب , اما الرعاة فيأكلون وجبتين : " الفطور " قبل قيامهم للمرعى , والعشاء في الغروب بعد رجوعهم بالسائمة , وقد يضطر الراعي في بعض ص 385
الأحايين أن يبيت وحده في الخلا فيأكل قرص الملة ويشرب من لبن الإبل , ومن ذلك قولنا فيه :
" يا واكل قرص الملة . يا شارب لبن أم قردان . يا بايت في الخلا وحده " هذه حالنا في الربيع . وأما في الشتاء فإذا نزل المطر وارتوت الأودية اهتم الناس بالزرع ثم بالحصاد . وبعد حصد الزرع يكون النخيل قد نضج ثمره وآن وقت جمعه فيذهب كل من كان له نخيل إلى الطور أو فيران أو قطية أو العريش فيبقون هناك إلى أن يجمعوا الثمر ثم يتفرقون إلى مصالحهم .
وقد دعاني الشيخ سليمان معيوف شيخ الرميلات إلى مخيمه شرقي الشيخ زويد في ربيع سنة 1906 فقبلت الدعوة لأزداد علما بأحوال البدو فاستقبلني مع جماعة من فرسانه في ظاهر المخيم ثم أخذني إلى خيمة قد فرشت بالبسط وجعلت فيها الغفور كالمسايد وكان الوقت قرب الغروب وقد اجتمع من العربان نحو مئة رجل فيهم 20 فارسا فأخذ الفرسان يتسابقون على الخيل أمام الخيمة والنساء يزغردن لهم نحو نصف ساعة , ثم أوقدوا النار وعملوا القهوة وقدموها للحاضرين .
ثم قدم الطعام في منسفين كبيرين : منسف فيه الأرز مسلوقا يسع 12 شخصا وآخر فيه الخبز وقطع اللحم , فأخذ المضيف يقسم اللحم والخبز على الحضور ويدعوهم إلى منسف الأرز فدعا أولا 12 شخصا من كبارهم فأكلوا ثم قاموا وأتى 12 شخصا غيرهم حتى أكل الكل . فقعد المضيف هو وأولاده وأكلوا مابقي .
وكان بين الحاضرين شاعران من الرميلات وهما : سلام سليمان من السننة وفرج أبو سليمان عبد لعيد بن عبيد الله من البسوم فما انتهوا من الطعام حتى بدأوا الرقص والغناء فلعبوا السامر والمشرقية والدحية وارتجل الشاعران في ذلك أقولا ذكر بعضها في باب الشعر والعناء , وكان كلما سر الجمع قول شاعر رماه واحد منهم بكوفيته وتركها له هبة حسب عادتهم . ص 386
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق