إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 يونيو 2014

45 فتوح الشام ( للواقدي )


45

فتوح الشام ( للواقدي )


قال فضحك عن مولهم وقال لهم‏:‏ لأجل ذلك أطمعتم العرب فينا ولو صدقتم في الحرب والصدام لقتلتموهم لأنكم أضعافهم مرارًا‏.‏

فقالوا‏:‏ أيها السيد اكفنا مؤونتهم كيف شئت واعلم أنك إن لم تمنعهم عنا فتحنا لهم الأبواب وصالحناهم‏.‏

فلما سمع توما كلامهم فكر طويلًا وخشي أن يفعل القوم ذلك‏.‏

فقال‏:‏ أنا أصرف عنكم هؤلاء العرب اقتل أميرهم وأريد منكم أن تقاتلوا معي‏.‏

قالوا‏:‏ نحن معك وبين يديك نقاتل حتى نهلك عن آخرنا‏.‏

فقال لهم‏:‏ باكروا القوم بالقتال فانصرفوا عنه وهم له شاكرون ولأمره منتظرون وباتوا بقية ليلتهم على الحصن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضعهم ولهم ضجة بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وخالد بن الوليد عند الدير ومعه النساء والعيال والأموال والغنائم التي غنموها من أعدائهم ورافع بن عميرة على الباب الشرقي في عسكر الزحف وغيرهم ولم يزل الناس في الحرس إلي أن برق الصباح وصلى كل أمير بمن معه من قومه وصلى أبو عبيدة بمن معه‏.‏
ثم أمر أصحابه بالزحف وقال لهم‏:‏ لا تخلوا عن القتال واركبوا الخيل‏.‏

حدثني رفاعة بن قيس قال‏:‏ سألت والذي قيسا وكان ممن حضر فتوح دمشق الشام فقلت له‏:‏ أكنتم تقاتلون في دمشق خيالة أو رجالة يوم حصار المسلمين قال‏:‏ ما كان أحد منا فارسًا إلا زهاء ألفي فارس مع ضرار بن الأزور وهو يطوف بهم حول العسكر وحول المدينة وكلما أتى بابًا من الأبواب وقف عنده وحرض أهله على القتال وهو يقول صبرًا صبرًا لأعداء الله‏.‏

قال وأقبل توما صهر الملك هرقل من بابه الذي يدعى باسمه وكان عندهم عابدًا راهبًا ولم يكن في بلاد الشرك أعبد منه ولا أزهد في دينهم وكان معظمًا عند الروم فخرج ذلك اليوم من قصره والصليب الأعظم على رأسه وعلا به فوق البرج وأوقف البطارقة حوله والإنجيل تحمله ذوو المعرفة قال ونصبوه بالقرب من الصليب ورفع القوم أصواتهم وتقدم توما ووضع يده على أسطر من الإنجيل‏.‏

وقال‏:‏ اللهم إن كنا على الحق فانصرنا ولا تسلمنا لأعدائنا واخذل الظالم منا فإنك به عليم اللهم إننا نتقرب إليك بالصليب ومن صلب على دينه وأظهر الآيات الربانية والأفعال اللاهوتية انصرنا على هؤلاء الظالمين‏.‏

قال وأمن الناس على دعائه‏.‏

قال رفاعة بن قيس‏:‏ هكذا حدثني شرحبيل بن حسنة كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي فسر لنا هذا الكلام روماس صاحب بصرى وكان في جيش شرحبيل بن حسنة يقاتل على باب توما وكلما قال الروم شيئًا بلغتهم فسره لنا‏.‏

قال ونهض شرحبيل وقصد الباب بحملته وقد عظم عليه قول توما اللعين وقال له‏:‏ يا لعين لقد كذبت إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب أحياه متى شاء ورفعه متى شاء‏.‏

ثم إن روماس ناوشه بالقتال فقاتل توما قتالًا شديدًا وهشم الناس بالحجارة ورمى النشاب رميًا متداركًا فجرح رجالًا وكان ممن جرح أبان بن سعيد بن العاص أصابته نشابة وكانت مسمومة فأحس بلهيب السم في بدنه فتأخر وحمله إخوانه إلى أن أتوا به إلى العسكر فأرادوا حل العمامة‏.‏

فقال‏:‏ لا تحلوها فان حللتم جرحي تبعتها روحي أما والله لقد رزقني الله ما كنت أتمناه‏.‏

قال فلم يسمعوا قوله وحلوا عمامته‏.‏

فلما حلوها شخص إلى السماء وصار يشير بإصبعيه أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله هنا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون فما استتمها حتى توفي إلى رحمة الله تعالى‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق