إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 يونيو 2014

12 فتوح الشام ( للواقدي )


12

فتوح الشام ( للواقدي )


واعلم يا أخا العرب أن بكر هو صاحبي ورفيقي ولو كان حاضرًا ما قاتلني‏.‏

فقال شرحبيل‏:‏ لو كنت ولده أو ابن عمه لما عفا عنه إلا أن يكون من أهل ملته وليس له من الأمر شيء لأنه مكلف وقد أمره الله أن يجاهدكم ولسنا نبرح عنكم إلا بإحدى ثلاث‏:‏ إما أن تدخلوا في ديننا أو تؤدوا الجزية أو السيف‏.‏

فقال روماس‏:‏ وحق ما أعتقده من ديني‏:‏ لو كان الأمر إلي أقاتلكم لأني أعلم أنكم على حق وهؤلاء طواغية الروم وقوم مجتمعون وإني أريد أن أرجع إليهم وأنظر ما عندهم‏.‏

فقال شرحبيل‏:‏ ارجع إليهم فلا بد لكم بما ذكرت‏.‏

قال‏:‏ فعاد روماس إلى قومه وجمعهم وقال‏:‏ يا أهل دين النصرانية وبني ماء المعمودية الذي كنتم تعتقدونه في كتبكم من الخروج من بلادكم ودياركم ونهب أموالكم قد قرب وهذا وقته وزمانه ولستم بأعظم جيشًا من روبيس سار إلى شرذمة من العرب بأرض فلسطين‏.‏

فقتل وقتل من معه وانهزم الباقون ولقد بلغني أن رجلًا منهم قد خرج أرض السماوة صوب العراق اسمه خالد بن الوليد وقد فتح أركة والسخنة وتدمر وحوران وهو عن قريب يحضر إليكم والصواب أن تؤدوا الجزية عن يد إلى هؤلاء العرب وينصرفون عنكم‏.‏

قال‏:‏ فلما سمع قومه ذلك غضبوا وشوشوا وهموا بقتله‏.‏

فقال روماس‏:‏ يا قوم إنما أردت أن أختبركم وأرى حمية دينكم والآن دونكم والقوم وأنا أولكم‏.‏

قال‏:‏ فرجعت الروم إلى عددها وعديدها وتظاهروا بالدروع البيض وقادوا الجنائب وتهيئوا للحملة‏.‏

فلما رأى شرحبيل بن حسنة ذلك وعظ أصحابه‏.‏

وقال‏:‏ اعلموا رحمكم الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏الجنة تحت ظلال السيوف‏)‏‏.‏ وأحب ما قرب إلى الله قطرة دم في سبيل الله أو دمعة جرت في جوف الليل من خشية الله‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 102‏]‏‏.‏ ثم حمل وحمل المسلمون على جيش بصرى‏.‏

قال عبد الله بن عدي‏:‏ واجتمع علينا العدو وطمعوا فينا وحملوا علينا في اثني عشر ألف فارس من الروم ونحن فيهم كالشامة البيضاء في جلد البعير الأسود وصبرنا لهم صبر الكرام ولم يزل القتال بيننا وبينهم إلى أن توسطت الشمس في قبة الفلك وقد طمع العدو فينا فرأيت شرحبيل بن حسنة قد رفع يده إلى السماء وهو يقول‏:‏ يا حي يا قيوم يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام اللهم انصرنا على القوم الكافرين‏.‏

قال‏:‏ فوالله ما استتم شرحبيل كلامه ودعاءه حتى جاء النصر من عند الله العزيز الحكيم وذلك أن القوم داروا بنا فرأينا غبرة قد أشرفت علينا من صوب حوران‏.‏

فلما قربت لنا رأينا تحتها سوابق الخيل فلاحت لنا الأعلام الإسلامية والرايات المحمدية وقد سبق إلينا فارسان‏:‏ أحدهما ينادي ويزعق‏:‏ يا شرحبيل يا ابن حسنة أبشر بالنصر لدين الله أنا الفارس الصنديد والبطل المجيد أنا خالد بن الوليد والآخر يزعق ويقول‏:‏ أنا عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وأشرفت العساكر من كل جانب‏.‏

قال‏:‏ وأشرفت راية العقاب يحملها رافع بن عميرة الطائي‏.‏

قال‏:‏ حدثنا سالم بن عدي عن ورقاء بن حسان العامري عن مسيرة بن مسروق العبسي‏.‏

قال‏:‏ والله لقد خمدت أصوات الروم عند زعقة خالد رضي الله عنه وأقبل المسلمون يسلم بعضهم على بعض وأقبل شرحبيل بن حسنة إلى خالد بن الوليد وسلم عليه‏.‏

فقال خالد‏:‏ يا شرحبيل أما علمت أن هذه مينا الشام والعراق وفيها عساكر الروم وبطارقتهم‏.‏

فكيف غررت بنفسك وبمن معك من المسلمين‏.‏

قال‏:‏ كله بأمر أبي عبيدة‏.‏

فقال خالد‏:‏ أما أبو عبيدة فإنه رجل خالص النية وليس عنده غائلة الحرب ولا يعلم بمواقعها ثم أمر الناس بالراحة فنزلوا وارتاحوا من أوزارهم‏.‏

فلما كان في اليوم الثاني زحفت جيوش بصرى على المسلمين فقال خالد‏:‏ إن الروم زحفوا لعلمهم بتعبنا وتعب خيولنا فاركبوا بارك الله فيكم واحملوا على بركة الله تعالى‏.‏

قال‏:‏ فركب المسلمون وأخذوا أهبتهم للحرب فجعل في الميمنة رافع بن عمير الطائي وجعل في الميسرة ضرار بن الأزور وكان غلافًا فاتكًا في الحرب وجعل على الدرك عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ثم قسم جيش الزحف فجعل على شطره المسيب بن نجيبة الفزاري وعلى الشطر الآخر مذعور بن غانم الأشعري وأمرهم أن يزفوا الخيل إذا حملت‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق