48
فتوح الشام ( للواقدي )
القتال من فوق الأسوار
ثم أمر رجلًا من أصحابه أن يسير إلى الذي بيده الناقوس ويأمره أن يضربه ضربة خفيفة ثم فتح الباب وتبادر الرجال إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم في غفلة مما دبر القوم لهم إلا أنهم في يقظة فلما سمعوا الصوت أيقظ بعضهم بعضًا وتواثبت الرجال من أماكنهم كالأسود الضارية فلم يصل إليهم العدو إلا وهم على حذر وحملوا عليهم وهم في غير ترتيب فتقاتل القوم في جنح الظلام وعمل السيف وسمع خالد بن الوليد فقام ذاهل العقل مما سمع من الزعقات فصاح: واغوثاه واسلاماه كيد قومي ورب الكعبة اللهم انظر لهم بعينك التي لا تنام وانصرهم يا أرحم الراحمين.
وسار خالد ومن معه وهم أربعمائة فارس من أصحابه وهو بغير درع قد لبس ثوب كتان من عمل الشام مكشوف الرأس.
ثم جد في السير والأربعمائة فارس معه كأنهم الليوث العوابس إلى أن وصلوا إلى الباب الشرقي وإذا بالفرقة التي هناك قد هاجمت أصحاب رافع بن عميرة الطائي.
قال: وأصوات المسلمين عالية بالتهليل والتكبير والقوم من أعلى الأسوار قد أشرفوا وتصايحوا عندما استيقظ لهم المسلمون فحمل خالد بن الوليد على الروم ونادى برفع صوته أبشروا يا معشر المسلمين أتاكم الغوث من رب العالمين أنا الفارس الصنديد أنا خالد بن الوليد وحمل في أوساط الناس بمن معه فجندل أبطالًا وقتل رجالًا وهو مع ذلك مشتغل القلب على أبي عبيدة والمسلمين الذين على الأبواب وهو يسمع أصواتهم وزعقاتهم قال وتصايح الروم والنصارى واليهود.
قال سنان بن عوف: قلت لابن عمي قيس: هل كانت اليهود تقاتلكم قال: نعم يقاتلوننا من أعلى الأسوار ويرمون بالسهام وخشي خالد على شرحبيل بن حسنة مما وصل إليه من عدو الله توما لأنه ملازم الباب.
وقال ولقي شرحبيل بن حسنة من عدو الله توما أمرًا عظيمًا لم يلق أحد مثله وذلك أنه هجم عليه توما في تلك الليلة وكان أول من وصل إلى المسلمين عدو الله توما قال: فصبروا له صبر الكرام وقاتل عدو الله قتالًا شديدًا وهو ينادي: أين أميركم الذميم الذي أصابني أنا ركن الملك الرحيم أنا ناصر الصليب.
قال: فلما سمع شرحبيل صوته قصد جهته وقد جرح رجالًا من المسلمين وقال: ها أنا صاحبك وغريمك أنا مبيد جمعكم وآخذ صليبكم أنا كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطف عليه توما عطفة الأسد ورأى من شرحبيل بن حسنة أمرًا هائلًا ولم يزالوا كذلك إلى أن زال من الليل شطره وكل قرن مع قرنه وكانت زوجة أبان مع شرحبيل وكانت في تلك الليلة أحسن الناس صبرًا ورمت بنبالها وكانت لا تقع نبلة من نبالها إلا في رجل من المشركين إلى أن قتلت من الروم مقتلة عظيمة بالنبال والروم يتحايدون عنها إلى أن لاح رجل من الروم فرمته بنبلة فبقيت معلقة في نحره.
قال فصرخ بالروم فهاجموها وأخذوها أسيرة ومات عدو الله الذي رمته.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق