14
فتوح الشام ( للواقدي )
فقال شرحبيل بن حسنة: اللهم إن هؤلاء الأنجاس يبتهلون بكلمة كفرهم ويدعون معك إلها آخر لا إله إلا أنت ونحن نبتهل إليك بلا إله إلا أنت وأن محمدًا عبدك ورسولك إلا ما نصرت هذا الدين على أعدائك المشركين ثم حملوا حملة واحدة فلم يكن للروم ثبات مع العرب فولى المشركون الأدبار وركنوا إلى الفرار.
فلما حطوا داخل المدينة أغلقوا الأبواب وتحصنوا بالأسوار ورفعوا الصلبان وعولوا أن يكتبوا للملك ليمدهم بالخيل والرجال.
قال عبد الله بن رافع: فلما تحصنوا رجعنا عنهم وافتقدنا أصحابنا فوجدنا قد قتل منا مائة وثلاثون فارسًا وقتل من الأعيان بدريان.
قال: وغنم المسلمون الأموال وصلى خالد على الشهداء وأمر بدفنهم.
فلما كان الليل تولى الحرس عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ومعمر بن راشد ومائة من جيش الزحف.
فبينما هم يدورون حول العسكر وإذا بروماس صاحب بصرى قد أقبل عليهم.
وقال لهم: أين خالد بن الوليد فأخذوه وأتوا به إلى خالد.
فلما رآه رحب به.
فقال: أيها الأمير بعد أن فارقتك طردني قومي وقالوا: الزم قصرك وإلا قتلناك فلزمت قصري وهو ملاصق للسور ولما وقع لهم ما وقع وانهزموا تحصنوا.
فلما جن الليل أمرت غلماني بحفر السور وفتحوا فيه بابًا فأتيتك فأرسل معي من تعتمد عليه من أصحابك تستلمون المدينة.
فلما سمع خالد هذا الكلام أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يأخذ مائة من المسلمين ويسيروا مع روماس.
قال ضرار بن الأزور: وكنت ممن دخل المدينة.
فلما صرنا في قصر روماس فتح لنا خزانة السلاح فلبسنا من سلاحهم وقسمنا أربعة أقسام كل جانب خمسة وعشرون رجلًا.
وقال لنا عبد الرحمن: إذا سمعتم التكبير فكبروا.
فلما سرنا حيث أمرنا أخذنا أنفسنا بالحملة على القوم.
قال الواقدي: بلغني ممن أثق به من الرواة أن عبد الرحمن لما فارق أصحابه لبس سلاحه وسار هو وروماس يطلبون الدرج الذي عليه الديرجان وسار معهم ضرار ورافع وشرحبيل بن حسنة.
فلما قرب عبد الرحمن من الدرج الذي فيه الديرجان قال الديرجان: من أنتم فقال: أنا روماس.
فقال: لا أهلًا ولا مرحبًا بك ومن الذي معك قال: معي صديق لك ومشتاق إلى رؤياك قال: ويحك ومن هو يا روماس.
قال: هذا ابن أبي بكر الصديق.
فلما سمع الديرجان ذلك هم أن يقتله فلم تطاوعه نفسه فحمل عليه عبد الرحمن وهز سيفه في وجهه وضربه على عاتقه فتجندل صريعًا يخور في دمه وعجل الله بروحه إلى النار.
قال: وكثر عبد الرحمن فأجابه روماس وسمع أصحابه التكبير فكبروا من جوانب بصرى.
قال: وأجابتهم الأحجار والأشجار.
قال: وكبر المسلمون من جوانب بصرى ووضعوا السيف في الروم وسمع خالد التكبير فصرخوا وإذا بغلمان روماس وأولاده قد فتحوا لهم الأبواب فعبر خالد ومن معه من المسلمين.
فلما نظر أهل بصرى إلى الأبواب وقد فتحت بالسيف قهرًا ضجوا بأجمعهم يقولون: الأمان الأمان.
فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه: ارفعوا السيف عنهم وأقام خالد إلى الصباح واجتمع إليه أهلها.
وقالوا: يا أيها الأمير لو صالحناك ما جرى شيء من ذلك ولكن نسألك بالذي أيدك ونصرك ما الذي فتح لك أبواب مدينتنا.
فاستحى خالد رضي الله عنه أن يقول فوثب روماس وقال: أنا فعلت ذلك يا أعداء الله وأعداء رسوله وما فعلته إلا ابتغاء مرضاة الله وجهادًا فيكم.
فقالوا: أولست منا فقال: اللهم لا تجعلني منهم رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبالكعبة قبلة وبالقرآن إمامًا وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
قال: ففرح خالد بذلك.
وأما أهل بصرى فغضبوا وأضمروا له شرًا وعلم بذلك روماس.
فقال لخالد: أنا لا أريد المقام عندهم وإني أسير معك حيث سرت.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق